حقوق الإنسان في اوروبا.. قوانين لن تطبق!

حقوق الإنسان في اوروبا.. قوانين لن تطبق!
الأحد ٠١ يوليو ٢٠١٨ - ٠٥:٢٤ بتوقيت غرينتش

يتضمن ميثاق الإعلان العالمي الذي ترجم إلى 360 لغة - ليكون بذلك أكثر الوثائق ترجمة في العالم-، 30 بنداً، التأكيد على الحقوق والحريات الأساسية للإنسان؛ كالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث تعتبر نصوص هذه الإعلان ليست ملزمة من الناحية القانونية، لكنها أضحت في الغالب تدخل ضمن مايعرف بالقانون الدولي العرفي، لكن يظل السؤال الأهم هو عن مدى التزام الحكومات بتطبيق هذه البنود في الواقع العملي؟!

العالم - تقارير 

يقول هاينه بيلفيلد، مدير المعهد الألماني لحقوق الإنسان، في هذا السياق إنه لا تزال "انتهاكات حقوق الإنسان موجودة في العالم كما كان عليه الوضع في السابق، فالعالم لم يصبح أفضل مما كان عليه وكذلك وضع الإنسانية".

لكن الخبير الألماني يستدرك بالقول إن إمكانيات معالجة انتهاكات حقوق الإنسان من الناحية السياسية تحسنت بشكل كبير جدا. وتتوفر هذه الإمكانية من خلال إتفاقات حقوق الإنسان التي أبرمت على ضوء ألإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما أن الكثير من الهيئات والمنظمات قد قامت لهذا الغرض، لاسيما في إطار الأمم المتحدة!

دور مهم لمنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان

كان للمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان دورا مهماَ ً في نجاح تطبيق ميثاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ،وذلك من خلال التوعية بهذه الحقوق وبضرورة وأهمية صيانتها.

وشكل المؤتمر الأممي لحقوق الإنسان الذي عقد، في إطار الأمم المتحدة، في فيينا عام 1993 نقطة انطلاق أساسية إضافية على صعيد إضفاء الجانب المؤسساتي على حقوق الإنسان، حيث أدرجت هذه المهمة ضمن عمل هيئة الأمم المتحدة.

في هذا الصدد يقول موثون كجيروم، مدير الوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية، ومقرها العاصمة لنمساوية، إنه حتى عام عم 1990 "كان لدينا فقط خمس منظمات وطنية تعمل في مجال حقوق الإنسان في العالم، وحالياً لدينا أكثر من 100 منظمة.

وتوجد مقرات معظم هذه المنظمات خارج أوروبا، حسب المسؤول الأوروبي، الذي يقدر أن حوالي عشر من هذه المننظمات لها مقرات في أوروبا، لكنها تمارس عملها في إفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية.

ومع ذلك لا يمكننا الاستهانة بدور مؤسسات المجتمع المدني كمنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش، فهذه المؤسسات تسعى جاهدة لمكافحة الظلم في العالم"لو تلتزمون بما قرروها حقيقة كقانون دولي .

تراجع حقوق الإنسان في ظل "الحرب على الإرهاب"

التعذيب مازال أسلوباً همجيا سائدا

ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة، بدأت الكثير من حقوق الإنسان المعترف بها بالتراجع.

فقد أقدمت مثلا الولايات المتحدة على حرب العراق دون تفويض من مجلس الأمن ورغم إرادة غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

وكذلك تراجعت بعض الدول عن التحريم المطلق للتعذيب، وأخذت أخرى تتجاهل حظر إرسال الأشخاص إلى دول تمارس التعذيب.

علاوة على ذلك فإن التعذيب من خلال قوانين وتشريعات سنت تحت مظلة "الحرب على الإرهاب"، وما رافق من انتهاكات للحقوق الفردية، وطريقة تعامل دول الاتحاد الأوروبي مع النازحين وطالبي اللجوء، وغيرها.

كلها أمور تؤكد على أن العالم أبعد ما يكون عن تحقيق أهداف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

في هذا السياق لا يمكن لأحد أن ينكر ضرورة محاربة الإرهاب، بحكم الواقع الذي نعيشه بعد أحداث الحادي عشر من شهر سبتمبر، ولكن كما قال وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر، إنه لا يمكن لمحاربة الإرهاب أن تكون الفاتورة التي يتوجب دفعها على حساب حقوق الإنسان.

وهكذا هو وضع حقوق الانسان في الاتحاد الأوروبي!!

الاتحاد الأوروبي يصر على التزام أعضاءه بحقوق الإنسان، بينما  هناك تساؤلات تطرح نفسها عن أهم القضايا لدى  القوى المقننة لقوانين حقوق الإنسان ، منها :ماهو أهم قضايا التي يُرصد فيها تجاوزات وخروقات الحقوق الإنسانية فيها؟!وهل هذه القوانين مطبقة في الدول التي صدرتها كقانون دولي ؟!

 _ العنصرية

مضت ست سنوات على انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة العالمي ضد العنصرية في ديربان بجنوب أفريقيا والذي بحث المشاركون فيه قضايا العنصرية والتمييز والاعتداءات ضد الأجانب وعدم التسامح.

واليوم، وبرغم وجود قاعدة قانونية متينة في الاتحاد الأوروبي تكفل مقاضاة من يتهم بالعنصرية أو من تنطوي تصرفاته على عدم تسامح أو تحامل، فإن حالات التمييز العنصري أو الاعتداءات العنصرية تتزايد في بعض دول الاتحاد ويمكن رصدها بوضوح ليس فقط ضد الأجانب، بل ضد المثليين أيضا.

 _العداء للأجانب

في أغسطس/آب الماضي، هزت ألمانيا حادثة مطاردة حشد غاضب ثمانية مواطنين هنود عبر شوارع مدينة موجيلن الصغيرة(ولاية ساكسونيا شرق ألمانيا)، والتي انتهت بإصابة الرعايا الهنود بجروح بعضها خطير.

دقت حادثة الاعتداء العنصري هذه ناقوس الخطر، وأظهرت خطورة تفشي الأفكار العنصرية في ألمانيا، كما تسببت في حرج بالغ لألمانيا، فقد دانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الحادث وقتها ووصفته بأنه عمل "مخز"، فيما قال المتحدث باسم الحكومة توماس شتيج إنه أضر بصورة البلاد في الخارج.

تزايد عدد الاعتداءات العنصرية في ألمانيا أصبح ملموسا بعد أن كشف تقرير لمكتب حماية الدستور (جهاز الاستخبارات الداخلية في ألمانيا) عن وقوع 1047 جريمة عنف ارتكبت من قبل متطرفين يمينيين في عام 2006 بزيادة 3ر9 % عن العام السابق له.

وأشار التقرير إلى أن إجمالي الجرائم ذات الدوافع السياسية التي ارتكبها اليمينيون قفز بنسبة 6ر14 % ليصل إلى 17597 جريمة.

وتنتقد جماعات حقوق الإنسان الحكومة الألمانية لعدم اتخاذها تدابير كافية للتصدي للتطرف اليميني. إلا أن وزيرة شئون الأسرة أورسولا فون دير لاين أشارت إلى أن الحكومة أنفقت أكثر من 120 مليون يورو (163 مليون دولار) خلال السنوات الخمس الماضية على برامج يهدف إلى التصدي للنازيين الجدد.

ويذهب معظم هذه الأموال إلى ولايات في الشرق مثل ساكسونيا حيث تحاول الأحزاب اليمينية استقطاب الناخبين لاسيما وأن هذه المنطقة تزداد فيها البطالة مقارنة بالولايات الغربية.

ومن جهته يرى يورجين ميكيش رئيس مجلس الثقافات المتعددة ، وهي منظمة تضم جماعات حقوقية وزعماء دين ونقابات عمالية أن المتطرفين اليمينيين ليسوا هم فقط من يؤجج المشاعر العنصرية.

وأضاف أن الحكومة شاركت عن غير عمد في تزايد مشاعر الخوف من الأجانب والعنصرية من خلال تشديد إجراءات الحصول على الجنسية وجعل استقدام المهاجرين لعائلاتهم إلى ألمانيا أمرا أكثر صعوبة.

نجاحات لمؤيدي حقوق الانسان!!

وقد كشر مؤيدو حقوق الانسان في الاتحاد الاوروبي عن أنيابهم في بعض الحالات وأثناء النقاشات مع ممثلي بعض الحكومات.

ففي عام 2004 أجبر البرلمان الاوروبي الحكومة الايطالية علي سحب اسم روكو بوتيليون كمفوض مقترح للعدالة في الاتحاد الاوروبي بعد أن وصف المثلية الجنسية بأنها " خطيئة". وقال إن دور المرأة المتزوجة هو إنجاب الأطفال وترك مهمة "حمايتها" لزوجها.

وفي العام الماضي، أجبرت ضغوط من جانب مسئولين بالاتحاد الاوروبي لاتفيا على إعادة كلمة " توجه جنسي" إلى قانون يدعمه الاتحاد الاوروبي يحظرالتمييز في أماكن العمل بعد قيام وزراء بالبرلمان مناهضين للمثلية الجنسية بشطبه.

وقالت كازاتشكين إن هذا يثبت أن الاتحاد الأوروبي يستطيع أن يعدل الأمور إذا ما قرر التدخل".

والكلام الأخير ...

 وفي العاشر من كانون الأول / ديسمبر عام 1948م أقرت هيئة الأمم المتحدة وثيقة "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، هذه الوثيقة التي جاءت رداً منطقياً على كابوس التعذيب الذي مارسته بعض الأنظمة الشمولية في القرن العشرين، مثل النظام النازي، فظائع الحرب العالمية الثانية وجرائم الإبادة التي تعرض لها اليهود في أوروبا، وغيرها من الجرائم بحق الإنسانية.

هذه الوثيقة العالمية التي اتفقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وجاء إعلانها في اجتماع المنظمة الدولية في باريس، شكلت نقطة تحول جذرية في حياة البشرية. فهذه هي المرة الأولى التي تتفق فيها جميع الدول على صياغة نظام قيم عالمي موحد ينطبق على جميع البشر دون تميز.

وقد نصت المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على: "يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء".

ولكن قبل ستة عقود تم التوقيع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من قبل المجتمع الدولي، غير أن هذه الوثيقة التي شكلت المصادقة عليها نقطة تحول في تاريخ البشرية، ما زالت الكثير من بنودها حبرا على ورق وانتهاكات حقوق الإنسان مازالت مستمرة وتستمرأكثر من قبل واضعي القوانين !! .