بين التأييد والتنديد.. مواقع التواصل الإجتماعي مدخل للزواج!!

بين التأييد والتنديد.. مواقع التواصل الإجتماعي مدخل للزواج!!
الثلاثاء ٢٤ يوليو ٢٠١٨ - ٠٥:٢١ بتوقيت غرينتش

إنتشرت في السنوات الأخيرة مواقع المواعدة والزواج عبر الإنترنت، إذ يقبل عليها نسبة غير قليلة من الناس لإيجاد شريك الحياة المناسب. هنا نتساءل هل ينجح الزواج عبر هذه المواقع؟

العالم - تقارير 

أضحى المجتمع العربي في الوقت الحالي أكثر تقبلاً لمثل هذا النوع من العلاقات وخاصة في ظل إنتشار مواقع التواصل الإجتماعي وعلى رأسهم موقع الفيس بوك.

لذا بدأت مجموعة من مراكز البحوث الإجتماعية في إجراء الدراسات التي ترصد مدى نجاح مثل هذا النوع من العلاقات ودرجة إنتشارها في المجتمعات المختلفة.

وتؤكد دراسة أجراها معهد بيو للبحوث أن 11 بالمائة من الأمريكيين البالغين قد أستخدموا مواقع الزواج والتعارف على شبكة الإنترنت وأن 38 بالمائة من غير المتزوجين يبحثون عن الرفيق المناسب عبر إستخدام هذه المواقع.

حيث ينتشر التعارف والزواج عبر مواقع الإنترنت في الفئة العمرية ما بين 25 إلى 45 سنة وينتشر بصورة أكبر بين خريجي الجامعات وسكان الضواحي.

فهل تقبل الزواج عبر مواقع التواصل الإجتماعي؟!!..

هذا السؤال تجده حاضراً في أذهان معظم رواد مواقع التواصل الاجتماعي من الشباب والشابات الذين يقضون ثلثي وقتهم أمام تلك المواقع، باعتبار هذه المواقع المفتوحة تمثل بيئة جيدة للعلاقات والتعارف الذي يبدأ بطرح الهموم والقضايا والمعاناة فيكون التفاعل والحوار الذي ينتهي بعضه بالإعجاب المتبادل تأثراً برومانسية الدراما التركية!.

وتقول طالبة جامعية: "تعرفت على زوجي عبر “الفيس بوك” وكان وقتها طالباً في نفس الجامعة، وفي إحدى المرات كنت أبحث عن بعض المواد الدراسية فوجدته يدرس نفس تخصصي.. فتبادلنا الأفكار وبعد فترة المراسلات كان الإعجاب المتبادل فسأل عن أسرتي وتقدم لخطبتي بعد التفاهم والقبول تزوجنا، ودائماً ما يقول زوجي وجدت الإنسانة التي تناسبني وفي نفس المستوى العلمي وهذا هو الأهم ولا يعنيني كيف كان اللقاء إطلاقاً.

وجهات نظر أخرى...

يقول لدى شاب مهندس، وجهة نظر أخرى وهو يقول: أن الذي يبدأ بكذبة ينتهي كذلك بكذبة، وأي فتاة تصدق كذبة الزواج عبر الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل فهي واهمة، وأضاف قائلاً: لا أقبل الزواج بهذه الطريقة، وأعتقد أن معظم الشباب السعودي يوافقني على ذلك، فمن أراد الزواج من فتاة وكان صادقاً عليه طرق باب أسرتها دون أن يجر قدميها بوعود مزيفة سرعان ما تنكشف في أول اختبار، وأكد أنه  عقب إتمام الزواج تحوم الشكوك والريبة بين الطرفين على خلفية علاقة “الفيس بوك” التي جمعت بينهما.

وفي السياق نفسه يقول شاب يعمل كمدير مالي في شركة : أن ثلاثة من أصدقائي تزوجوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويعيشون حياة يملأها التوافق، ويعتمد هذا الأمر على التفاهم بين الزوجين وتفهم الأسرتين ، أما مسألة الشك فكما يقول المثل الشعبي”كل يرى الناس بعين طبعه”، فإذا تعددت علاقات الرجل وكذلك الفتاة قبل الزواج، فكل طرف ينظر للآخر بنظرة العلاقات السابقة ويسقط أفكاره عليها، ففي مصر مثلا،يتم الزواج عادة إما عبر التواصل الاجتماعي أو بأي وسيلة أخرى ولا توجد هناك شكوك التي أساسها الوسوسة غير المبررة.

بينما يرى شاب آخر:  أن “الفيس بوك” مجرد وسيلة تعارف مثله كمثل أية وسيلة تواصلي أخرى، وعندما يصل التعارف إلى درجة الإرتباط العاطفي المنتهي بالزواج الشرعي، فأراه شخصيا أمراً طبيعياً بغض النظر عن نظرة المجتمع. حيث يجد الشاب صعوبة في الإفصاح لوالد الفتاة عن الوسيلة التي تعرف من خلالها بابنته سواء كانت عبر الأنترنت أو العمل لأن المجتمع لا يتقبل هذا النوع من التعارف سواء كان بنية الزواج أو غيره ويعتبره أكبر المحرمات، وأي تعارف بين الطرفين لا بد أن يكون تحت عين العائلة.

هذا وتوضح إمرأة في دور الأم لفتاة، قائلة : إذا تقدم شاب لابنتي لخطبتها بعد التعارف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فسأقترح عليها أن تطلب منه أن يبعث أسرته إذا كان صادقاً، وبعد التأكد من صدق نواياه لا بد من مفاتحة والدها بالأمر وإبلاغه بأنني تعرفت على والدة الشاب عن طريق العمل أو عبر قريباتي فالأعذار كثيرة ولن أقول هذا عريس مواقع التواصل. ومن هنا أنصح كل أم بالاقتراب من ابنتها في مرحلة المراهقة ونصيحتها ومراقبتها حتى لا تتهور الفتاة في إرسال صورها.

وأما هناك في مصر ...

وأظهرت الدراسات الحديثة واستطلاعات الرأي أن غالبية الفتيات يلجأن لمواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال الحديثة لاختيار الزوج!..هذا وبعد تفشي ظاهرة العنوسة في المجتمع المصري, والتي وصل تعدادها في عام2012 إلى 5 ملايين من الفتيات و8 ملايين من الشباب.

وظهرت الكثير من المواقع الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي للزواج بهذه الطريقة, ويتعدي زوارها الملايين, فقد يصل بعضهم إلي15 مليون زائر يوميا, وتزيد نسبة الذكور على الإناث- حسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ويؤكدالفقهاء على أن هذا النوع من التعارف والتخالط بين الشاب والشابة هو يفتح بابا من الشر والفتنة, وانه لا يجوز أن توضع صور الفتيات علي الإنترنت وأن تجعل صور المسلمات وعناوينهن الإلكترونية عرضا عاما مستباحا لمن يرغب في التمتع بالنظر والتعارف.

آراء تدلنا على ان التعارف والزواج عبر الانترنت،جائز وفق عدد من الضوابط والشروط حسب زعم اصحابها، منها:...

حلال بشروط !

يقول الدكتور محمد الشحات الجندي, عضو مجمع البحوث الإسلامية في مصر:" إذا كان التعارف بين الشاب والفتاة عبر الانترنت يتم بنية جادة, وبقصد توظيف هذا التعارف في إطار الزواج, وإذا توافرت تلك النية لدى الطرفين فلا مانع من ذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم أنما الإعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى".. وهذا ينطبق على أية وسيلة للزواج سواء كانت الكترونية أو غير الكترونية, كوسائل التعارف المباشر مثل الزمالة في العمل أو الجامعة أو النادي فهذه كلها في إطار الوسائل الحديثة للزواج.. فلا تختلف هذه الوسائل عن الانترنت فالحياة المعاصرة قضت وسائل جديدة لم تكن موجودة من قبل لأن الوسيلة من خلال شبكة التواصل الاجتماعي, هي وسيلة حديثة ولابد أن توظف توظيفا جيدا يتفق مع النية الحسنة للتعارف من أجل الخطبة والزواج الشرعي.. والدليل علي ذلك القاعدة الشرعية التي تنص على أن الوسيلة إلي الحرام حرام والوسيلة إلى الواجب واجبة والوسيلة إلى المندوب مندوبة والى المباح مباحة.. فالزواج هنا في حكم المندوب فأن استخدام الانترنت أو الشات من أجل الخطبة فهي حلال شرعا, ما دامت النية جادة حول هذا الزواج من كلا الطرفين, فنحن أمام عالم متغير فلابد أن تتوافر النية السليمة لدي الطرفين بهدف الزواج.

وأضاف الدكتور الجندي أن هناك قواعد وضوابط تحكم الزواج عن طريق التعارف من خلال الانترنت بداية بالخطبة حتي الزواج أهمها المكاشفة والمصارحة بين الطرفين والحرص علي الصدق وتقديم الحقائق عن كل منهما.. وهذا ما يتوقف عليه نجاح او فشل الزواج وان يأتي الثمار المرجوة منه, وأن تكون النية جادة بينهما, وان تقوم وسيلة التعارف علي المصارحة والمكاشفة والصدق بين الطرفين بهدف الزواج, وان يعلم الأهل بذلك خاصة أهل الفتاة.. وألا يكون هناك إخفاء من جانب الفتاة على أهلها وتخبرهم أنها سلكت هذا الطريق بهدف إفساح المجال للاقتران بشريك حياتها, وألا تتضمن مثل هذه المحادثات بينهما أي حديث يتضمن إسفافا أو مخالفات شرعية كأن يتم تبادل الصور الشخصية من جانب الفتاة لأنهما طرفان أجنبيان عن بعضهما وألا تتضمن ألفاظا تخرج عن المألوف بينهما.

محظور شرعا...

من جانبه يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس, أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر:"أن محادثات الشات عن طريق التواصل الاجتماعي بين الفتى والفتاة بقصد الزواج لا يجوز شرعا.. وذلك أن العلاقة بين الفتى والفتاه الأجنبية عنه على أصل الحرمة ومن ثم فأن إنشاء علاقة عن طريق الفيس بوك حتى ولو كانت بهدف الزواج فأن هذا حرام شرعا تحكيما لأصل العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه،مضافا إلى هذا أن إنشاء علاقة على هذا النحو لا توصل إلي الغاية المرجوة منها.. وذلك لما ثبت أن التعارف بين الطرفين علي هذا النحو يكون في الغالب تغريرا وغشا بين الطرفين للطرف الأخر منهما, وإذا تم الزواج في ظل الغش والكذب بينهما فإنه لن يدوم طويلا..وإنما سينتهي بمجرد أن يبدأ إذا قدر له البداية, وفي الغالب لا يبدأ هذا الزواج باعتبار أن كل طرف يتشكك في الطرف الأخر كم مرة تحدث مع طرف أخر بهدف الزواج, ومثل هذا أذا بدأ الزواج به فأنه سرعان ما ينتهي ولا يستمر.

وتابع الدكتور عبد الفتاح إدريس قائلا:ان الواقع المشاهد والتجارب المتكررة, تبين أن هذه العلاقات التي تتم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي تسعي إلي تضييع الوقت مع الطرف الآخر مما يؤدي إلي مفاسد كثيرة نعلمها جميعا.. وإذا كان الشارع الحكيم قد سد كل السبل أمام المفاسد فأن من أعظم المفاسد أن يتم إنشاء علاقة بين طرفين بهذه الطريقة حتي لو كانت بهدف الزواج الذي يرغب فيه كلا الطرفين واصدق مثال علي ذلك أننا لم نشاهد حالة زواج واحدة ناجحة تمت بهذا الطريق وحتي إن وجدت فأن هذا لا يكفي للقول بحله فالأمر فيه علي الحظر ولا يباح بأي حال من الأحوال.

ضعف الوازع الديني...

وتشير الدكتورة الهام شاهين, مدرس العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر, إلى أن الإسلام أمرنا بالتعارف بين الناس وانه لابد أن يكون هذا التعارف قائما علي التقوي, وان يعرف الجميع أن الله مراقب لنا في كل أفعالنا لقوله تعالي: يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم. فإذا كان الغرض شريفا وقائما على رضى الله سبحانه وتعالى فأنه يحدث للأسف مع ضعف النفوس وضعف الوازع الديني وتسلط الشيطان على أعمال الناس, فلا يحدث الزواج من أجل التعارف إنما يحدث التعارف من اجل إقامة علاقات محرمة أو بهدف التسلية, ونري أمامنا تجارب كثيرة لفتيات وسيدات وقعن فريسة للرجال خدعوهن بهدف الزواج إنما كان الهدف الأساسي هو إقامة علاقات محرمة لأنها تصدق ما يقال لها وليس لديها أية نوايا سيئة. كما أن هذا التعارف يقوم علي العديد من المعلومات الخاطئة. وفي ظل التدهور الأخلاقي الذي نعيشه, لا يجوز إقامة أية علاقات سواء كانت تعارف أو غيره إلا بغرض المنفعة وتبادل المعرفة ولقضاء المصلحة فقط. ولذلك فأنه من باب سد الذرائع والمفاسد لا يجوز إقامة علاقة بين الرجل والمرأة على صفحات التواصل الاجتماعي طالما كل منهما غريب عن الأخر. وليعلم الجميع أن الزواج عن طريق الانترنت فاشل لما ينطوي عليه من غش وتدليس وفساد ويجعل التعارف بينهما من خلال الانترنت فقط ولا يكفي بأي حال من الأحوال لكشف شخصية الأخر لكي يتم الزواج الناجح وكما قال الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم الشيطان يفتح سبعين بابا من أبواب الخير ليلج منه إلي باب واحد من أبواب الشر.

دراسات واحصائيات ...

نسبة نجاح علاقات الزواج عبر مواقع التعارف

وخلصت نفس الدراسة أن نسبة نجاح علاقات الزواج عبر مواقع التعارف إرتفعت مؤخراً عما كانت عليه في عام 2005، ففي عام 2013 على سبيل المثال قالت نسبة 23 بالمائة من الأشخاص الذين تزوجوا بعد تعارفهم عن طريق هذه المواقع أن علاقتهم بأزواجهم ناجحة للغاية، بينما لم تتخطى هذه النسبة 17 بالمائة في عام 2005.

 تضارب الآراء حول علاقات الزواج عبر مواقع التعارف

أضحت المجتمعات في السنوات الأخيرة أكثر تقبلاً لمسألة الزواج عبر مواقع التعارف. في إستقصاء أجراه معهد بيو للبحوث جاءت النتيجة بأن نسبة 59 بالمائة من مستخدمي شبكات الإنترنت لا يعارضون الإرتباط عبر مواقع التعارف وهو ما يزيد عن نسبة المؤيدين لهذا النوع من العلاقات في عام 2005 بحوالي 12 بالمائة.

وأكد 53 بالمائة من المشاركين في التصويت أن الارتباط عبر مواقع التعارف يتيح لهم إيجاد الشريك المناسب لهم بصورة أفضل، حيث أنهم يعرفون الكثير من المعلومات عن الأشخاص الراغبين في الإرتباط بهم قبل الزواج منهم.

في حين اعتبر 21 بالمائة من المشاركين في التصويت أن الأشخاص الذين يلجأون للزواج عبر مواقع التعارف هم أشخاص يائسون ولا يمكنهم التعرف بشركاء حياتهم بالصورة التقليدية وفي الحياة الواقعية، بينما كان من يعتقدون ذلك في عام 2005 يمثلون 29 بالمائة من المصوتين.

ويرى 26 بالمائة من المصوتين المتبقيين أن مواقع التعارف تمنح الناس الثقة والأمل في إيجاد شريك الحياة المناسب، لأنها تتيح لهم العديد من الخيارات وحتى في حالة الفشل في تطوير العلاقة مع أحد الأشخاص يمكنهم البحث بصورة أفضل في المرات القادمة والتعلم من أخطائهم السابقة.

 علاقات أكثر رومانسية أم علاقات وهمية

أتفق 79 بالمائة من مستخدمي مواقع التعارف على أن هذه التجربة هي جيدة للغاية للقاء شريك الحياة المناسب. بينما قال 70 بالمائة منهم أنهم نجحوا أخيراً في إيجاد العلاقة الرومانسية التي كانوا يحلمون بها طوال حياتهم وذلك لأن هذه المواقع أتاحت لهم خيارات ضخمة تمكنوا من خلالها من إيجاد الشخص المناسب بدقة حيث لا يعتبرون أنها وسيلة وهمية بالرغم من أن أغلب العلاقات تكون عن بعد ما دام سيكلل التعارف بلقاء حقيقي في الحياة الواقعية.

 تجارب سلبية لمواقع الزواج والتعارف

على الرغم من وجود نسبة لا يستهان بها من العلاقات الناجحة التي نتجت عن التعارف عبر الإنترنت، إلا أن الكثير من مستخدمي هذه المواقع كانت لهم تجارب سيئة أو مرعبة بحسب وصف البعض. وفي بعض الحالات يريد أحد طرفي العلاقة تطويرها والمضي نحو الزواج بينما يجد الطرف الآخر أنه قد أساء الاختيار ويريد الإعتذار عن إستكمال العلاقة، فيكون رد فعل الطرف الأول عنيف أو يبدأ في مطاردة الطرف الثاني وتهديده والإساءة إليه.

وخير الكلام ماقل ودل!

النساء أكثر عرضة لمثل هذه التجارب السيئة والسلبية للتعارف عبر مواقع الإنترنت المتخصصة، حيث تقول 47 بالمائة من مستخدمات مواقع التعارف أنهن وقعن ضحية للترهيب أو المضايقات مقابل 17 بالمائة من الرجال المستخدمين لهذه المواقع.

* ف. رفيعيان