السعودية الجديدة: قمع نشطاء.. مواطنون وأجانب.. داخل البلد وخارجه

السعودية الجديدة: قمع نشطاء.. مواطنون وأجانب.. داخل البلد وخارجه
الخميس ٠٩ أغسطس ٢٠١٨ - ١٠:٢٦ بتوقيت غرينتش

أثارت دعوة وزيرة الخارجية الكندية، كريستيا فريلاند، السلطات السعودية، إلى الإفراج عمّن أسمتهم "نشطاء المجتمع المدني" تم توقيفهم في السعودية ضجة كبيرة في الأوساط السياسية والإعلامية وأعادت إلى الأذهان تاريخ محاولات السعودية لتكميم الأفواه داخل البلاد وخارجها.

العالم - تقارير

وتغريدة واحدة للسفارة الكندية في الرياض على حسابها على موقع توييتر كانت كافية لتقض مضاجع حكام آل سعود: تشعر كندا بقلق بالغ إزاء الاعتقالات الإضافية لنشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة في #السعودية، بما في ذلك #سمر_بدوي. نحث السلطات السعودية على الإفراج عنهم فوراً وعن جميع النشطاء السلميين الآخرين في مجال #حقوق_الانسان.

من هي سمر بدوي السعودية التي ذكرتها السفارة الكندية في تغريدتها؟

سمر بدوي، هي ناشطة سعودية في مجال حقوق الإنسان تبلغ من العمر 37 عاما. تم اعتقالها مؤخرًا مع ناشطات سعوديات أخريات. هذا الأمر دفع بالسفارة الكندية في السعودية لإصدار بيان طالبت فيه بالإفراج الفوري عن كل "النشطاء السلميين" وبينهم سمر بدوي. ووفق المعلومات التي تداولتها صحف سعودية، فقد ولدت سمر بدوي في العام 1981 بالمملكة. هناك دعاوى قضائية بينها وبين والدها الذي كان يعنفها جسديًا لمدة 15 عامًا، إذ أن والد سمر اتهمها بالعصيان تحت نظام وصاية ولي الأمر. قاضت سمر والدها بتهمة رفضه تزويجها. وكانت الناشطة سمر بدوي محبوسة في السجن بموجب مذكرة متعلقة بالقضية التي رفعها عليها والدها متهمًا إياها بالعقوق في 4 أبريل 2010. إلا أنه تم الإفراج عن سمر بدوي في 25 أكتوبر 2010 بعد حملات تضامنية محلية وعالمية، تم بعد ذلك نقل وصايتها إلى عمها.

وكانت سمر بدوي زوجة الناشط السعودي وليد أبوالخير، وهو محامٍ وناشط حقوقي ورئيس مرصد حقوق الإنسان في السعودية. إلا أنه كان مسجوناً بتهمة الإرهاب، حيث تم الحكم عليه بـ15 عامًا. هي أيضا شقيقة الناشط السعودي رائف بدوي، الذي تم الحكم عليه بالسجن 10 سنوات، بعدة تهم بينها الإساءة للدين الإسلامي. وسبق لحكومة كندا أنها طلبت من السعودية عام 2015 إطلاق سراح رائف البدوي مؤكدة ان قضية بدوي انتهاك واضح لحقوق الانسان. إلا ان الرياض ردت عليها مطالبة بالتوقف عن انتقاد المملكة.

ولم يقتصر نشاط سمر بدوي على الدفاع عن حقوقها الشخصية فقط. بل رفعت دعوى قضائية في ديوان المظالم ضد وزارة الشؤون البلدية السعودية بسبب رفض تسجيلها في الإنتخابات البلدية عام 2011. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن سمر بدوي أول شخص يقوم برفع دعوى قضائية للمطالبة بحق المرأة في التصويت في المملكة. كما شاركت سمر بدوي في حملة قيادة المرأة للسيارة ما بين عامي 2011-2012. وتم اعتقالها عام 2016 من قبل السلطات السعودية جنبا إلى جنب مع اثنين من الناشطات. ثم تم نقلهما إلى أحد مراكز الشرطة في مدينة جدة حيث تم استجوابهما. وبعد مطالبات حقوقية من منظمات دولية، نفى المتحدث باسم الداخلية السعودية خبر اعتقال بدوي، وأكد أن كل هذا مجرد شائعات. حصلت الناشطة سمر بدوي على جائزة أشجع نساء العالم من قبل وزارة الخارجية الأمريكية في 8 مارس/آذار عام 2012 . ويرجع السبب في ذلك إلى رفعها قضيتي العضل وحق التصويت للمرأة، ولذا اعتبرتها الخارجية رائدة بسبب تشجيعها وإلهامها النساء.

ابتزاز الهاربين من قمع آل سعود إلى خارج البلاد

ولم تكتف السلطات السعودية باعتقال ومعاقبة النشطاء داخل البلاد بل تعدى ذلك إلى الضغط على السعوديين الهاربين من قمع آل سعود إلى أصقاع الأرض. حيث اتهم المعارض السعودي البارز عمر عبد العزيز الزهراني، سلطات بلاده بـ"ابتزازه". وقال الناشط الشاب الذي حصل على حق اللجوء السياسي في كندا قبل سنوات، إن سلطات بلاده هددته باعتقال إخوته وأصدقائه في حال استمر بالتغريد عن الأزمة مع كندا.

وأضاف: "أحمّل الحكومة السعودية مسؤولية سلامة إخوتي وأصدقائي".

وردا على التغريدات التي شككت في صحة تعرضه لـ"الابتزاز"، قال الزهراني: "يرددون أن الحكومة لا تبتز ولا تفعل ولا تقحم الأهالي؟ أجبني إذن! - من سجن شقيق سلمان العودة؟ - من ابتز زوج لجين الهذلول؟ - من اعتقل 4 من أبناء الشيخ الحوالي؟ - من منع أهالي المعارضين من السفر؟".

ولحكام السجل حافل في قمع النشطاء والناشطات السعوديات داخل البلاد وخارجها وبل مواطني الدول الأخرى الذين يقومون بانتقاد السياسات القمعية والتصلب أمام موجة التغيير في العالم والتباهي بالإصلاحات الشكلية والاعتباطية التي يقوم بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إصلاحات بنكهة القبضة الحديدة واعتقال كافة المواطنين أو المسؤولين أو حتى الأمراء الذين لا ينصاعون لإملاءات بن سلمان.

خدعة السفارة السعودية لإعادة مواطنة معنفة إلى بلادها

يأتي الأزمة الديبلوماسية في العلاقات بين السعودية وكندا بعد أيام بعد أن أعيد إلى الأذهان ملف معنفة سعودية لاجئة إلى السويد. حيث التجأت عائشة المرزوق البالغة من العمر 35 عاماً، وهي أم لثلاثة أطفال، بعد طلاقها من زوجها الإمام في مسجد بالسعودية براً إلى اليمن ومنها إلى السويد بعدما انحاز القاضي لزوجها - بسبب صداقة كانت تجمع الرجلين - ومنحه حضانة طفلها.

إلا أن السفارة السعودية لم تترك عائشة تعيش بمأمن عن القلق في مكان إقامتها السرّي في محافظة سكونة، حيث استطاع السفير السعودي في ستوكهولم عبد العزيز بن حمود الزيد التواصل معها. وقد وعد السفير عائشة بأنها إذا عادت إلى المملكة فلن يمسها سوء، بل ستحصل على حق رعاية أولادها، بحسب ما نقل التقرير عن عائشة.

وفي أحد ايام الخريف من العام الماضي اختارت عائشة العودة إلى وطنها، لكنها اعتُقلت فور وصولها إلى مطار الملك خالد في الرياض. وقد تمكنت من كتابة تغريدتين على حساب مفتوح في موقع تويتر.

سجن النشطاء غير السعوديين لانتقادهم الرياض

يأتي هذه التطورات بعد شهرين من إدانة الناشط الحقوقي البحريني البارز نبيل رجب بالسجن خمسة أعوام لنشره تغريدات ينتقد فيها السعودية لحربها على اليمن، ما أثار استنكارا حقوقيا كبيرا.

وتعود جذور هذه القضية إلى تغريدات كان نشرها الناشط البحريني في حسابه على موقع تويتر انتقد فيها عمليات التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله منذ 2015.

وواجه رجب في سياق هذ القضية تهمتين، تتمثل إحداهما في الإساءة للسعودية، والأخرى في إهانة مؤسسة رسمية في البحرين، وذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ولم يكن نجيب رجب لوحده معاقبا لانتقاده السياسات السعودية حيث أدين في اكتوبر 2016 النائب الكويتي عبد الحميد دشتي بحبس لمدة 10 لانتقاده السعودية والبحرين بسبب العدوان على اليمن والتدخل العسكري في البحرين وقمع المعارضة السلمية فيها.