بمرور ربع قرن.. الفصائل ترفض أوسلو وتؤكد على خيار المقاومة

بمرور ربع قرن.. الفصائل ترفض أوسلو وتؤكد على خيار المقاومة
الخميس ١٣ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٠١ بتوقيت غرينتش

شعبنا الفلسطيني ما يزال يدفع فاتورة هذه المصيدة السياسية والجريمة الوطنية التي تخطت في تداعياتها المأساوية على حقوقنا وعد بلفور المشؤوم.. هذا ما قالته حركة حماس، بمناسبة ذكرى مرور ربع قرن على توقيع "اتفاقية اوسلو"، وطالبت السلطة الفلسطينية ورئيسها بالانسحاب من الاتفاق الفاشل والتحلل من ملاحقه الاقتصادية والأمنية وسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني.

العالم - فلسطين 

يصادف اليوم 13 سبتمبر/أيلول، مرور 25 عاماً على توقيع "منظمة التحرير الفلسطينية" مع كيان الاحتلال الإسرائيلي في واشنطن بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، على إعلان مبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي المرحلي، أو ما يُعرف بـ"اتفاقية أوسلو"، نسبة للعاصمة النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وتعتبر اتفاقية أوسلو، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين الكيان الاسرائيلي ممثلا بوزير خارجيته آنذاك شمعون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية محمود عباس.

من أهم ما تنص عليه الاتفاقية

تنبذ منظمة التحرير الفلسطينية "الإرهاب والعنف" (تمنع المقاومة المسلحة ضد إسرائيل) وتحذف البنود التي تتعلق بها في ميثاقها كالعمل المسلح وتدمير "إسرائيل"، وتعترف "إسرائيل" بمنظمة التحرير على أنها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. فيما تعترف المنظمة بدولة "إسرائيل" (على 78% من أراضي فلسطين – أي كل فلسطين ما عدا الضفة الغربية وغزة) وخلال خمس سنين تنسحب "إسرائيل" من أراض في الضفة الغربية وقطاع غزة على مراحل أولها أريحا وغزة اللتين تشكلان 1.5% من أرض فلسطين. وتقر "إسرائيل" بحق الفلسطينين في إقامة حكم ذاتي (أصبح يعرف فيما بعد السلطة الوطنية الفلسطينية) على الأراضي التي تنسحب منها في الضفة الغربية وغزة (حكم ذاتي للفلسطينيين وليس دولة مستقلة ذات سيادة).

وفي حين لم تتضمن "أوسلو" إنهاء الاحتلال، أو إنهاء الاستيطان، أو أي ذكر لقيام دولة فلسطينية، فإن الفترة الانتقالية التي كان يجب أن تستمر خمس سنوات، أي أن تبدأ في 13 سبتمبر 1993، وتنتهي عام 1999، أصبحت برزخا، يقيم فيه الفلسطينيون حتى اليوم، ويلتزمون به من طرف واحد فقط.

وفيما أجّلت الاتفاقية ملفات الحل النهائي، مثل الحدود واللاجئين والاستيطان والقدس والمياه، إلى المفاوضات الأخيرة التي لم تأت بعد، تم تذويب هذه الملفات خلال الـ25 عاما الماضية، عبر تهويد ممنهج للقدس، وتضاعف الاستيطان والمستوطنين مرات عدة، والسيطرة على كل مصادر المياه الجوفية، ببناء جدار الفصل العنصري، أو إقامة مستوطنات جديدة عليها. 

صفقة ترامب.. والاعتراف الامريكي بالقدس عاصمة لـ"اسرائيل"

ووجّهت الإدارة الأمريكية على يد رئيسها دونالد ترامب ضربات قاضية لملفات الحل النهائي، عبر الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة "لإسرائيل" ونقل سفارتها إليها، ومحاولات موجعة لإزاحة ملف اللاجئين عن طاولة المفاوضات، عبر إنهاء عمل وكالة الغوث "أونروا"، وشرعنة الاستيطان باعتباره "مشاريع إسكانية"، ما جعل كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات يردد في مؤتمر صحافي حول استنتاج 25 عاماً من فشل أوسلو، قائلاً "أصبحنا سلطة بلا سلطة واحتلالاً بلا كلفة".

وجاءت "صفقة ترامب" لتكون الطلقة الاخيرة على اتفاق اوسلو وذكر موقع "ميديل إيست آي" البريطاني، نقلا عن مصدر دبلوماسي غربي ومسؤولين فلسطينيين، أن فريقا أمريكيا بصدد وضع اللمسات الأخيرة على "الاتفاق النهائي" الذي وضعه ترامب للتسوية بين الفلسطينيين والاسرائيليين والذي يعرف بـ"صفقة القرن".

وبعد ربع قرن على اتفاقية اوسلو وما ترتب عليها من خسائر ومصائب للفلسطينيين اعلن القيادي بحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي في المؤتمر الذي عقدته الفصائل الفلسطينية اليوم في غزة رفضا لاتفاق أوسلو عقب مرور 25 عاما عليها تحت عنوان "الوحدة هدفنا والمقاومة خيارنا"، إن المفاوض الفلسطيني دفع الثمن كاملا، نتيجة الاتفاق وأجل القضايا الرئيسية لإرضاء العدو، فقد أصبحت 80% من فلسطين "إسرائيل" بتوقيع المفاوض الفلسطيني وما تبقى أصبح أيضا بيد "إسرائيل" من خلال فرضها لسياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين".

ونوه الهندي أن المخرج الوحيد لمواجهة قضايا الشعب هي المصالحة الفلسطينية القائمة على أساس الشَّراكة، داعيا إلى إلغاء اتفاق أوسلو وانهاء الانقسام وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وإعلان أن المرحلة لا زالت مرحلة تحرير وطني مع ضرورة إطلاق حوار وطني شامل يضم كافة الفصائل.

وأشار الى أن غزة أصبحت رمزا للصمود والتحدي ورفض كافة الاتفاقيات المُذِّلة للشعب الفلسطيني.

وفي ذات السياق دعا القيادي في الجبهة الشعبية هاني الثوابتة خلال المؤتمر الوطني الى المسارعة لبناء استراتيجية لمواجهة اوسلو والعمل على إعادة بناء منظمة التحرير، داعيا لبناء مشروع وطني متكامل للتحلل من اتفاقية أوسلو. وقال ان اتفاقية أوسلو ولدت مشوهة وجرى توقيعها من وراء ظهر الشعب ومن وقع هذا الاتفاق يتحمل نفسه المسؤولية الوطنية والتاريخية.

واعتبر الثوابته ان اتفاقية اوسلو أخطر حلقات تصفية القضية، حيث وجد الشعب الفلسطيني نفسه في ظل أوسلو بين كماشة الاحتلال من جانب وممارسات السلطة واجهزتها الامنية من جانب آخر.ودعا لاطلاق أوسع حملة وطنية لمقاطعة الاحتلال الاسرائيلي والغاء اتفاق أوسلو.

وفي هذا السياق اصدرت حماس بيانا طالبت فيه السلطة ورئيسها بالانسحاب من اتفاق أوسلو الفاشل والتحلل من ملاحقه الاقتصادية والأمنية وسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني.

وقالت حركة حماس في بيان صحفي في ذكرى مرور ربع قرن على توقيع الاتفاق: إن المقاومة حقّ مشروع كفلته الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية، وفي المقدمة منها الكفاح المسلح الذي يمثل خيارًا استراتيجيًّا لحماية القضية الفلسطينية واسترداد الحقوق الوطنية.

ودعت حماس السلطة بقيادة عباس إلى وقف التنسيق الأمني الذي وصفته بالمدنس، والكف عن مطاردة المجاهدين واعتقالهم وسحب سلاحهم، كما دعته إلى رفع العقوبات الظالمة المفروضة على قطاع غزة.

وحيّت حراك مسيرة العودة الكبرى للشعب الفلسطيني الثائر في غزة، مؤكدة دعمها الكامل وافتخارها بالحشود الثائرة والجماهير الزاحفة في غزة لتحقيق عودة اللاجئين وكسر الحصار.

اتفاق كارثي

وأشارت حماس أن شعبنا الفلسطيني ما يزال يدفع فاتورة هذه المصيدة السياسية والجريمة الوطنية التي تخطت في تداعياتها المأساوية على حقوقنا وعد بلفور المشؤوم.

وقالت: إن توقيع الاتفاق مثل سقوطًا مدويًّا في مستنقع التنازلات وبداية منحنى مسار التفريط في الحقوق وهيبة ومكانة فلسطين والفلسطينيين فعليا على الأرض، والذي لم يتوقف حتى اللحظة في ظل استئثار عباس بالقرار الفلسطيني وإقصاء الفصائل والقوى الوطنية.

وأضافت أن اتفاق أوسلو شكّل جريمة سياسية ونضالية بحق وطننا المحتل واستهانة بدماء الشهداء، وتنازل بجرة قلم عن 78‎%‎ من أرض فلسطين، تاركًا ما تبقى للمساومات في ظل موازين قوى تلعب لصالح العدو، تمكنه من فرض شروطه مستغلاً تأجيل ملف القدس وملف اللاجئين.

وأوضحت حماس أن الاتفاق لم يُلزم الاحتلال بوقف توسيع المستوطنات وبنائها؛ فضاعفها سبعة أضعاف، وقد تحرر العدو بذلك من أي قيود تحظر عليه تغيير الواقع الجيوسياسي في القدس والضفة بما يملك من أدوات قمع وتدمير.

وأردفت لقد قيد اتفاق أوسلو مشروع المقاومة، ومنع الكفاح المسلح وجرّم العمليات الفدائية، ووفر المناخ الآمن للاحتلال والمستوطنين في الضفة والقدس من خلال التنسيق الأمني الذي يشكل طعنة للمقاومة في ظهرها، أثر في مستوى عملياتها ونوعيتها.

وقالت إن الاتفاق مكّن الاحتلال من دخول الضفة والقدس متى شاء دون قيد أو اعتبار لهيبة الفلسطينيين ومصالحهم، وجمّد تطور الاقتصاد الفلسطيني باتفاق باريس، وجعل الاقتصاد الفلسطيني تابعًا وملحقًا لاقتصاد الاحتلال.

وتابعت؛ لقد أضعف اتفاق أوسلو الموقف الفلسطيني سياسيًّا، وقيد العلاقة الخارجية مع العرب والعالم الحر، وعزز مكانة (إسرائيل) دوليًّا، وفتح لها أبواب الدول، وسرع عملية التطبيع والقبول للكيان بعدما كان معزولًا مقرونًا بالعنصرية.

وأشارت إلى أن الاتفاق قسم الشعب الفلسطيني سياسيًّا وجغرافيًّا، وكرس سلطة وهمية، فسخرها وظيفيًّا لحماية الاحتلال، وفي المقابل استمر الكيان في تطوير احتلاله وتعميق إدارته المدنية للضفة الغربية والقدس في ظل تمتعه باحتلال ناعم بجهد التنسيق الأمني.

صفقة ترامب

وجددت حركة حماس رفضها لصفقة ترامب وكل الحلول الإقليمية المقترحة التي ترمي لتصفية الحقوق الوطنية والالتفاف عليها أو الانتقاص منها.

كما جددت رفضها نقل السفارة الأميركية للقدس أو الاعتراف بها عاصمة للكيان الصهيوني، معتبرة قرار ترمب الذي واجهته بالدم في الرابع عشر من مايو باطلاً لا يترتب عليه أي آثار سياسية تلزم الفلسطينيين بشيء.

وأدان البيان كل إجراءات ترمب لتصفية حق عودة اللاجئين وتعويضهم عن تهجيرهم وشتاتهم، معتبرة ذلك حقًّا مقدسًا لا مساومة عليه أو تراجع عنه.

وقالت حركة حماس إن خلق بيئة مناسبة لتحقيق المصالحة يتطلب رفع العقوبات المفروضة على قطاع غزة، وتطبيق اتفاقية القاهرة 2011م، واتفاقية بيروت 2017م بما يشمل الكل الوطني وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ودون ذلك ستبقى السلطة تدور في رحى المصالحة لتضييع الوقت وتبديد جهود الشعب الفلسطيني وطاقاته.

وحيت الحركة شعبنا الفلسطيني العظيم في القدس والضفة وغزة وال48 ومخيمات الشتات على صموده وتمسكه بحقوقه وتصميمه على مواصلة جهاده ونضاله في مواجهة العدو الصهيوني لاستردادها.

ويرى المراقبون انه وبعد ربع قرن من الزمن اتضح جليا بأن اتفاقية أوسلو كانت خطيئة كبرى ارتكبها المفاوض الفلسطيني، فلا دولة فلسطينية أقيمت، ولا القدس تحررت، ولا عودة اللاجئين الفلسطينيين تحققت، وفي المقابل أضحت الأرض الفلسطينية بفِعل الاتفاقية نهبا للاستيطان الصهيوني، وفتحت الاتفاقية باب التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي على مصراعيه، ومنحت كيان الاحتلال هامشا كبيرا في مراكمة قوته على الصعيد الدولي دبلوماسيا واقتصاديا.