ما هو مصير بقايا "داعش" في سوريا؟

ما هو مصير بقايا
الثلاثاء ٢٣ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٦:٥٨ بتوقيت غرينتش

أعلن ما يسمى "مجلس دير الزور العسكري"، في الأول من شهر أيار/مايو الماضي عن حملة "عاصفة الجزيرة" لتحرير ريف دير الزور الشرقي من قبضة "داعش"، وهو آخر أماكن تمركز التنظيم الارهابي في الأراضي السورية على الحدود مع العراق، حيث يواصل الحملة في مرحلتها الثانية وأطلق عليها اسم "دحر الإرهاب".

العالم - تقارير

يواصل ما يسمى "مجلس دير الزور العسكري" خوض معاركه ببطء ضد تنظيم "داعش" الارهابي في ريف مدينة دير الزور على الحدود السورية العراقية، نتيجة الضباب والأحوال الجوية، ورغم ذلك تقدّم على ثلاثة محاور وهي الباغوز وهجين والبحرةبالتزامن مع محاولات "مجلس دير الزور العسكري" الذي يقاتل تحت راية "قوات سوريا الديمقراطية" وهي عبارة عن ائتلاف لفصائل كردية وعربية، التمركز في تلك المحاور، يحاول عناصر التنظيم الارهابي من جهتهم الحفاظ على تموضعهم في تلك المناطق.


ويستغل التنظيم الارهابي الأنفاق التي حفرها في غضون العاصفة الرملية التي اجتاحت تلك المنطقة قبل أيام، فيما تمكنت "سوريا الديمقراطية" من تدمير نفقٍ لهم بعدما شنت طائرات التحالف الدولي الّذي تقوده واشنطن ضرباتٍ جوية على مواقعهم.

نفق بطول 8 كلم وقيادات من الصف الأول

وقال ما يسمى المرصد السوري لحقوق الإنسان إن "قوات سوريا الديمقراطية جددت هجومها على آخر جيبٍ للتنظيم بعد تحسن الأحوال الجوية، وتمكنت من السيطرة على أجزاءٍ كبيرة من بلدة السوسة بشكلٍ جزئي".

وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد: "قوات سوريا الديمقراطية تواجه صعوبة في عملية تثبيت سيطرتها ونقاطها في تلك المناطق نتيجة المفخخات والألغام المزروعة بكثافة من قبل التنظيم، وكذلك السيارات المفخخة التي يستخدمها".

وأضاف أن" القوات الفرنسية في تلك المناطق حصلت على معلومات غير متكاملة عن وجود نفق للتنظيم في منطقة هجين يمتد بطول 8 كم تقريباً، ويمكن للآليات والسيارات المرور فيه، بالإضافة إلى وجود قياداتٍ في الصف الأول من التنظيم في تلك المنطقة وغالبيتهم عراقيون ومن جنسيات أجنبية أخرى".

سيارات مفخخة وألغام

من جانبه، قال المركز الإعلامي لقوّات سوريا الديمقراطية، إن "اشتباكاتٍ عنيفة اندلعت بينها وبين مقاتلي التنظيم في تلك المناطق أسفرت عن مقتل عنصرين من قواتها مقابل 14 مقاتلاً من التنظيم".

ويستخدم التنظيم الارهابي السيارات المفخخة في هجماته المضادة لقوات سوريا الديمقراطية، ويزرع الألغام بكثافة في آخر جيوبه التي يسيطر عليها في سوريا، في محاولة منه لإعاقة تقدم قوات سوريا الديمقراطية.

المعارك قد تطول

من جهته، أكد نوري محمود، الناطق الرسمي باسم "وحدات حماية الشعب" الكُردية التي تشكل أبرز مكونات "سوريا الديمقراطية" أن "معاركهم ضد التنظيم الارهابي في ريف دير الزور ستستغرق وقتاً طويلاً".

وقال محمود في تسجيلات صوتية ، "كان من المفترض أن يتم تحرير كامل ريف مدينة دير الزور من مقاتلي التنظيم في المرحلة الأولى من حملتنا العسكرية، لكن دخول تركيا لعفرين، أخرها" حسب قوله.

وأضاف "لقد تأخرت حملتنا العسكرية نتيجة ذلك، بينما استغل التنظيم انشغال مقاتلينا بمعركة عفرين وتحصن بشكلٍ كبير في هذه المناطق من خلال حفر الخنادق وزرع الألغام، كما أن بعض المحاور والتي تقع بالقرب من نهر الفرات هي مناطق وعرة ومنها محور هجين، الأمر الّذي يزيد من تعقيدات المعركة أكثر".

وتابع: "معاركنا مستمرة ضد التنظيم وقوات حماية الشعب والمرأة، هم منذ البدايات يحاربون التنظيم ولديهم تجارب كبيرة في صد إرهابه، وحين هُزمت جماعات عسكرية كثيرة أمام القتال ضد التنظيم في المنطقة، كانت وحدات الحماية هي فقط من تحاربه"، وفق قوله.

محاكمة دولية لعناصر داعش

وعن مصير عناصر التنظيم الارهابي من الأجانب المعتقلين في مناطق سيطرتهم والّذين يبلغ عددهم نحو ألف تقريباً، قال محمود: "نحن نلتزم بالمواثيق الدولية، ولدينا مجالس تشريعية في مناطق سيطرتنا، لذا نتعامل مع معتقلي التنظيم وفق القوانين الدولية ضد الإرهاب وكذلك وفق قوانين مجالسنا التشريعية".
وأضاف "يجب أن يكون هناك محكمة دولية لهؤلاء أمام هذا الإرهاب العابر للحدود، محاكمنا لا تكفي لمحاسبة هؤلاء، لكن المجتمع الدولي لم يتدخل في هذا الأمر إلى الآن، وعبئهم يقع على عاتقنا فقط".

ماذا يفعلون هؤلاء ليحافظوا على وجودهم؟

يقوم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم داعش الارهابي خلال السنوات الأربع الأخيرة بتضييق الخناق على آخر معاقل التنظيم المسلح في شرق سوريا، ويتوقع أن تكون معركة طردهم خارج سوريا صعبة، وذلك وفقاً لما نقلته مجلة Foreign Policy عن ضابط رفيع المستوى مشارك في الحملة.

يتحصن أكثر من 1000 ارهابي من مقاتلي التنظيم في مدينة هجين شرق سوريا بالقرب من الحدود العراقية، من بينهم عدد من المقاتلين الأجانب، بحسب اللواء في الجيش البريطاني "فيليكس غيدني" نائب الشؤون الإستراتيجية والدعم للحملة التي تقودها الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم داعش الارهابي. ويقول غيدني: «ما نتوقع ملاقاته هو النواة الصلبة لمقاتلي تنظيم داعش الذين بدأوا بالفعل في حفر مواقعهم وتجهيز ساحة معركتهم».  

معركة شاقة وعسيرة

وأضاف غيدني قائلاً: «ولأنها واحدة من المناطق الأخيرة التي ما زالت بحوزتهم، نتوقع أن تكون معركة طردهم من تلك المنطقة شاقة وعسيرة». وقال غيدني إن قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف مدعوم من الولايات المتحدة يضم مقاتلين أكراداً وعرباً، قد مكنت بعض قوافل المدنيين من مغادرة هجين. لكن يعتقد أن مقاتلي تنظيم داعش الارهابي يمنعون عدداً آخر من الناس من مغادرة المدينة لاستخدامهم كدروع بشرية.

يقول الخبراء إن معركة هجين قد تمثل انتهاء مهمة التحالف في سوريا، هذا إن لم تمثل نهاية التنظيم الارهابي بشكل كامل. وخسر التنظيم الارهابي 99.5% من أراضيه في سوريا والعراق، التي سيطر  في ذروة تمدده على 34 ألف ميل مربع من الأراضي، وفقاً لويل تودمان الباحث المساعد في برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية.

طريقة عمل بقايا مجموعات داعش

هجين هي آخر معقل لتنظيم داعش شرق نهر الفرات، لكن بعض بقايا المجموعة لا تزال تقع غرب النهر، تطوقها الأراضي التي يسيطر عليها الجيش السوري. ومع ذلك، هناك أدلة على أن التنظيم الارهابي قد تحول للعمل السري ويواصل نشاطه بحرية في الليل، وفقاً لميليسا دالتون، وهي زميلة رئيسية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ونائبة مدير برنامج الأمن الدولي للمجموعة. ويعتقد أن بعض المقاتلين حلقوا لِحاهم وحاولوا الاندماج مع السكان المدنيين.

الولايات المتحدة تدعم "داعش" والعناصر الارهابية

يقول العميد "محمد عيسى"، الخبير العسكري السوري، إن الولايات المتحدة الأمريكية توفر الحماية للعناصر الإرهابية في سوريا ومنها عناصر تنظيم "داعش" الارهابي في بعض الأماكن التي تقع تحت حمايته وتعوق تقدم الجيش السوري لتحريرها من الإرهاب.

ويضيف عيسى، أن التركيز الإعلامي على أن تنظيم "داعش" باعتباره الفصيل الإرهابي الوحيد في سوريا هو أمر خاطئ، لافتا إلى أن "هناك عشرات الجماعات على ذات النهج الإرهابي، ترتكب الجرائم تحت ستار المعارضة المسلحة".

كما ذكر أن "العناصر الإرهابية تنتقل بين الفصيل والآخر بسهولة، وأن المرجعية واحدة، إلا أن الخلافات التي تظهر بينهم تعود لاختلاف المشغلين لهم سواء كانت الولايات المتحدة الأمريكية أو السعودية أو قطر وغيرها من الدول".

تأجيل خروج الدفعة الثانية من مختطفي السويداء

تأجل تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق بين الجيش السوري برعاية روسية وتنظيم داعش الارهابي لتبادل رهائن لدى التنظيم الارهابي مقابل إطلاق سراح معتقلات من نساء التنظيم ومعتقلات "وحدات الحماية الكردية".

ونقلت شبكة "السويداء 24" أنه كان من القرر اليوم الثلاثاء خروج الدفعة الثانية من مختطفي السويداء لدى داعش الارهابي إلا أن ذلك لم يتم، حيث توافد أهالي المختطفين إلى مبنى المحافظة منذ ليلة أمس، بانتظار أن يتم التبادل.

وأفادت وكالة "سبوتنيك اليوم، أن "تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق تم تأجيلها ليوم غد الأربعاء دون معرفة الأسباب".

الارهابيون الأجانب يثقلون كاهل أكراد سوريا

ويقبع مئات الارهابيين الأجانب ممن التحقوا بصفوف تنظيم داعش الارهابي في سجون وحدات حماية الشعب الكردية في شمال شرق سوريا حيث يُشكلون عبئاً كبيراً على الإدارة الذاتية التي ترفض محاكمتهم وتطالب الدول المعنية بتسلم مواطنيها.

ويكرر عناصر التنظيم خلال مقابلات تجريها معم وسائل إعلام مناشدة دولهم بأن تطالب بهم، لكن الأمر يبدو بعيد المنال مع رغبة غالبية الحكومات المعنية بعدم عودتهم إليها.

900 عنصر أجنبي من 44 دولة

تعتقل الوحدات الكردية في سجونها نحو 900 عنصر أجنبي من 44 دولة، وفق ما أفاد المتحدث باسمها نوري محمود وكالة فرانس برس، مؤكداً أنه حتى الآن "لا نزال نلقي القبض على إرهابيي" التنظيم مع استمرار المعارك ضده في آخر جيب يسيطر عليه في شرق سوريا.

ومن بين أشهر المعتقلين لدى الأكراد، "ألكسندر امون كوتي" و"الشافعي الشيخ"، الناجيان الوحيدان من وحدة ضمت أربعة مقاتلين مارست التعذيب بحق صحافيين وآخرين إضافة إلى قطع الرؤوس. وأطلقت عليهم تسمية "البيتلز" كونهم بريطانيين.

وبعد طرد التنظيم الارهابي من الرقة، تم اعتقال العديد من الفرنسيين بينهم "أدريان غيهال" و"اميلي كونيغ" و"توماس بارنوان".

وتخصص الوحدات الكردية مخيمات خاصة لأكثر من 500 امرأة ونحو 1200 طفل من عائلاتهم، وفق مسؤولين محليين.

ولا يمتلك غالبية هؤلاء الارهابيين وثائق شخصية، بحسب ما يقول مسؤول هيئة الخارجية في الإدارة الذاتية عبد الكريم عمر، لفرانس برس، مشيراً إلى وجود "نساء لديهن أربعة أطفال، وكل طفل من أب، وكل أب من دولة".

لا محاكمات

استلمت أربع دول فقط بضعة أفراد من عائلات الارهابيين. ويوضح عمر أنه تم تسليم نساء مع أطفالهن إلى روسيا وإندونيسيا والسودان، إضافة إلى تسليم سيدة مع أطفالها الأربعة وارهابي قاتل في صفوف التنظيم إلى الولايات المتحدة.

ومع تلكؤ الدول المعنية في تسلم رعاياها ومحاكمتهم، يبقى مصير مئات المعتقلين الأجانب مجهولاً مع رفض الإدارة الكردية محاكمتهم لديها لأسباب عدة.

ويوضح عمر لفرانس برس "نحن نحاكم الدواعش المرتزقة المحليين السوريين. أما بالنسبة للأجانب فلن نحاكمهم"، مضيفاً "أعدادهم كبيرة جداً، وهذا عبء ثقيل لا نستطيع أن نتحمله لوحدنا".

ويتساءل "ليست لدينا قوانين إعدام، فإذا حكمناهم وانتهت مدة عقوبتهم إلى أين سيذهبون؟"

في العراق المجاور، لا تطرح محاكمة الارهابيين إشكالية. فمنذ مطلع العام الحالي، أصدرت محاكم عراقية أحكاماً بحق أكثر من 300 ارهابي، بينهم مئة أجنبي بالإعدام أو السجن المؤبد.

معاملة خاصة

حتى الآن، باءت كل محاولات الأكراد بالفشل مع تهرب غالبية الدول المعنية "من المسؤولية ورميها كرة النار بين يدينا"، وفق عمر.

ووافقت روسيا وإندونيسيا والسودان على استعادة بعض مواطنيها، لا سيما منهم نساء وأطفال.

وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جو دانفورد الشهر الحالي إن "إعادة هؤلاء المقاتلين إلى بلدانهم لمحاكمتهم تأجلت لاعتبارات سياسية وعدم توافق النظم القانونية"على حد قوله.

وعبرت باريس بدورها عن تأييدها لمحاكمة مواطنيها الارهابيين المعتقلين في كل من العراق وسوريا، مشيرة إلى أنها ستتدخل في حال إنزال عقوبة الإعدام بحقهم، رغم مطالبة عائلات الموقوفين والمحامين بمحاكمتهم في فرنسا.

ورفضت بريطانيا استلام اثنين من مواطنيها من مجموعة البيتلز. ورجح وزير الأمن بن والاس في تموز/يوليو عدم محاكمتهما في بريطانيا بعد تجريدهما من جنسيتهما، في إجراء غير معتاد. ورجح أن يحاكما في الولايات المتحدة.