لماذا ينأى الغربيون بأنفسهم عن السعودية بمقتل خاشجقي؟

لماذا ينأى الغربيون بأنفسهم عن السعودية بمقتل خاشجقي؟
الأربعاء ٣١ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٣:٤٠ بتوقيت غرينتش

أسدت قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي ضربة قوية لمصداقية السعودية على الساحة الدولية بعد تعدد الروايات التي قدمتها بشأن ما حدث له بدءا من نفي الجريمة ومرورا بإعلان موت خاشقجي نتيجة شجار واخيرا الاعتراف بقتله داخل قنصلية بلاده في اسطنبول. وأجبرت الجريمة المروعة بحق خاشقجي الغربيين على النأي ولو مؤقتًا بأنفسهم عن الرياض، وسط تزايد الدعوات الى إجراء تحقيق دولي مستقل ومحايد في القضية.

العالم - تقارير

وحسب تقرير مشترك لمراسلي صحيفة لوموند الدائمين والخاصين في المنامة وتل أبيب وواشنطن وطهران، فإن المشاعر التي أثارها مقتل خاشقجي أجبرت الغربيين على النأي ولو مؤقتًا بأنفسهم عن الرياض.

وقد ظهر هذا جليا في القمة السنوية رفيعة المستوى حول الأمن في منطقة الخليج الفارسي والشرق الأوسط التي نظمها المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية (آي آي أس أس) نهاية هذا الأسبوع.

فالسعوديون الذين يروجون لبلدهم بوصفه، حسب وزير خارجيتهم عادل الجبير، "ركيزة الأمن في الشرق الأوسط" كانوا في هذا المؤتمر في موقف دفاعي، ولم يعد بإمكانهم الظهور "كواجهة للقيم والأخلاق"، على حد تعبير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في معهد الدراسات الدولية إميل حكيم.

ولكي يستعيدوا مصداقيتهم ينبغي لهم، حسب حكيم، "تكريس معظم وقتهم ومواردهم ورأس مالهم السياسي للتغلب على تبعات أزمة خاشقجي".

دعوة أممية لتحقيق مستقل في مقتل خاشقجي

ودعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه إلى إجراء تحقيق مستقل ومحايد في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وطالبت -في بيان- بمشاركة الخبراء الدوليين في هذا التحقيق.

كما حثت باشليه السعودية على كشف مكان جثة خاشقجي دون تأخير أو مماطلة، وقالت إن فحص الطب الشرعي وتشريح الجثة عنصران حاسمان في التحقيق بشأن ما وصفتها بالجريمة السافرة والمثيرة للصدمة التي وقعت في القنصلية السعودية في إسطنبول.

وذكرت باشليه أن الخبراء الدوليين يجب أن يتمكنوا من الوصول بشكل كامل إلى كافة الأدلة والشهود، مضيفة أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة.

من جهته، قال ميشيل فورست مقرر الأمم المتحدة الخاص بشأن وضع المدافعين عن حقوق الإنسان، إن اقتراحا قُدم للسعودية يدعوها للسماح لخمسة مقررين أمميين خاصين بالتحقيق في قضية خاشقجي.

وكان ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال إن الأخير يتطلع لمعرفة نتائج التحقيقات في قضية مقتل جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من الشهر الجاري.

مسرحية في قضية خاشقجي لانقاذ شخص ما

تصريحات جديدة أطلقها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حول قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، أثارت تعليقات واسعة بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.

وصرح أردوغان بأن هناك "مسرحية تلعب" في قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي من أجل إنقاذ شخص ما.

وكشف أردوغان خلال رده على تساؤلات صحفيين عقب لقاء لحزب العدالة والتنمية أنه قام بإبلاغ زعماء روسيا وفرنسا وألمانيا بـ"تفاصيل حول جريمة خاشقجي لم يكونوا يعرفونها من قبل".

تصريح أردوغان بأن هناك "لعبة" أو "مسرحية" تدار من أجل إنقاذ "شخص ما" أثار عاصفة من التعليقات بين النشطاء، التي وجههوها مباشرة إلى ولي العهد السعودي معتبرين إياه الضالع الأساسي في عملية اغتيال خاشقي.

وكانت صحيفة "واشنطن بوست" قد نقلت عن مصادر تركية مسؤولة أن "أوامر عليا" سعودية وراء مقتل خاشقجي.

وأكدوا النشطاء في تعليقاتهم أن تصريح أردوغان الأخير خطوة متقدمة نحو التصريح باسم صاحب قرار جريمة اغتيال خاشقجي، مؤكدين أنه ابن سلمان، بينما تساءل آخرون عن أسباب عدم ظهور نتائح التحقيق والإعلان عنها رسميًا حتى الآن.

الفريق التركي رفض طلب المدعي العام السعودي

ونشرت وسائل إعلام تركية، تفاصيل جديدة، تتعلق بمجريات المباحثات التي يجريها المدعي العام السعودي سعود بن عبدالله بن مبارك المعجب، مع الفريق التركي في قضية الصحفي جمال خاشقجي.

 وأشارت قناة "A HABER" التركية، إلى أن المدعي العام السعودي، طلب من الفريق التركي، تسجيلات صوتية من داخل القنصلية، مدتها دقيقتين و48 ثانية، بحوزة السلطات التركية.

ولفتت إلى أن هذا الطلب، قوبل بالرفض من الفريق التركي، الذي اجتمع أمس مع المدعي المعجب لمدة 50 دقيقة في عدلية إسطنبول.

أين جثة خاشقجي؟

ووجه المدعي العام التركي، سؤاله لمرات ثلاث خلال اللقاء، إلى المدعي العام السعودي، عن مكان جثة الصحفي خاشقجي، ومن هو المتعهد الذي تم تسليمها له، إلا أن المعجب لم يبد أي تجاوب مع هذه الأسئلة.

وأشارت صحيفة "حرييت" التركية، إلى أن المدعي العام السعودي طلب بإصرار لمرات عدة الهاتف الخاص بالصحفي جمال خاشقجي، لفحصه ومعاينته، إلا أن الفريق التركي رفض ذلك، ولم يرتح لهذا الطلب.

قضية خاشقجي لا مثيل لها على الاطلاق

وعلق وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، على حادثة مقتل الكاتب والصحفي السعودي، جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية، قائلا إن "هذه الحادثة لا مثيل لها على الإطلاق".

وأوضح أن "الرئيس (دونالد ترامب) طلب الوصول إلى أدق تفاصيل عملية القتل هذه، وهذا ما سنفعله"، مشيرًا أن السلطات التركية "دللت حتى الآن على كافة المزاعم التي أطلقتها، ومن الآن فصاعدًا لن تكون هناك دولة لديها حق السيطرة بمفردها على كافة المعلومات".

دعوة لمعاقبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي

ودعت صحيفة واشنطن بوست الكونغرس الأميركي لفرض عقوبات على المسؤولين عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بمن فيهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إذا ثبتت مسؤوليته، قبل إعادة تشكيل العلاقات الأميركية مع السعودية.

وأضافت الصحيفة أنه إذا واصلت إدارة دونالد ترامب حماية ولي العهد السعودي فعلى الكونغرس أن يتدخل.

وطالبت بأن يستدعي الكونغرس مديرة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) جينا هاسبل وكبار المسؤولين الأميركيين، لتحديد ما يعرفونه عن مقتل خاشقجي.

صمت السعودية وشركاؤها في إدارة ترامب 

وأوضحت الصحيفة أن هناك الكثير من المعلومات التي لم يكشف عنها بعد أربعة أسابيع مِن مقتل خاشقجي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بما في ذلك مصير جثته.

وأضافت أن الحكومة السعودية وشركاءها في إدارة ترامب يلوذون بالصمت بدلا من الإجابة على الأسئلة المثارة. كما أن الأخبار المتعلقة بالقضية لم تعد تتصدر الصفحات الأولى بالصحف.

وتطرقت واشطن بوست إلى أن السلطات التركية تمتلك تسجيلات صوتية بخصوص الحادث، وأنها شاركت هذه التسجيلات مع أجهزة الاستخبارات الأميركية.

لا يمكن لجريمة كهذه أن تحدث دون أمر ولي العهد

وذكرت الصحيفة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إحدى كلماته كان قد تطرق إلى الحديث عن القضية، ووجه عدة أسئلة للسلطات السعودية بشأنها، مثل من أعطى الأمر بالقتل؟ وأين جثمان خاشقجي.

وأضافت "لا شك أن السلطات السعودية تعرف إجابة هذه الأسئلة، بل ومن المحتمل أن ترامب يعرفها، والخبراء السعوديون يقولون إن جريمة كهذه لا يمكن أن تحدث دون أن يكون هناك أمر من ولي العهد محمد بن سلمان".

عودة الأمير أحمد للسعودية تصعيد ضد بن سلمان

وكتب رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي" ديفد هيرست أن الأخ الأصغر للملك سلمان الأمير أحمد بن عبد العزيز عاد إلى السعودية بعد غياب طويل في لندن لتصعيد التحدي لولي العهد محمد بن سلمان أو إيجاد شخص يستطيع ذلك.

وقال هيرست في تقرير حصري إن الأمير السبعيني، أحد النقاد العلنيين لمحمد بن سلمان، سافر بضمانات أمنية من مسؤولين أميركيين وبريطانيين. وأشار إلى ما قاله مصدر سعودي مقرب من الأمير أحمد للموقع "بأنه وآخرون من الأسرة قد أدركوا أن بن سلمان قد أصبح ساما". وأضاف المصدر أن "الأمير يريد أن يقوم بدور لإحداث هذه التغييرات، مما يعني إما أنه هو نفسه سيلعب دورا رئيسيا في أي ترتيب جديد وإما أنه سيساعد في اختيار بديل لمحمد بن سلمان".

وقال المصدر أيضا إن الأمير عاد "بعد مناقشات مع مسؤولين أميركيين وبريطانيين"، أكدوا له أنهم لن يسمحوا بأن يمسه أذى، وشجعوه على القيام بدور مغتصب السلطة. وعلق هيرست على ذلك بأن الأمير أحمد محمي بحكم منزلته في العائلة المالكة بغض النظر عن الضمانات الغربية.

وأشار الموقع إلى أن الأمير أحمد عقد لقاءات خلال وجوده في لندن مع أعضاء آخرين في الأسرة الحاكمة السعودية الذين يعيشون حاليا خارج المملكة، وأنه استشار أيضا شخصيات داخل المملكة لديهم مخاوف مماثلة، وشجعوه على اغتصاب السلطة من ابن أخيه.

شخصيات هامة بالأسرة الحاكمة تدعم الامير احمد

وأشار الموقع أيضا إلى وجود ثلاثة أمراء كبار يؤيدون تحرك الأمير أحمد لا يمكن تسميتهم خشية تعرض أمنهم للخطر، وجميعهم في مناصب عليا بالجيش وقوات الأمن. وأضاف أن عودة الأمير أحمد ستزيد الضغط على بن سلمان الواقع في قلب المواجهة بين السعودية وتركيا بعد مقتل خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول.

وألمح هيرست إلى أن الأمير أحمد لديه دعم من شخصيات هامة في الأسرة الحاكمة الذين يعتقدون أن ولي العهد بعد قضية خاشقجي أصبح موصوما في الغرب إلى الأبد وأنه سام لسمعة العائلة ككل.

وفي المقابل أشار هيرست إلى وجود اختلاف في الآراء بين المنفيين السعوديين الآخرين في لندن وإسطنبول، حيث يصف البعض الأمير أحمد بأنه شخصية ضعيفة للغاية لإحداث تغيير في المملكة، ويقول آخرون إن لديه دوافع شخصية للتخلص من بن سلمان.

هل تكرر واشنطن خطأها مع صدام بدعم بن سلمان؟

ونشر موقع "فورين بوليسي" مقالا للباحثين ريان كوستيلو وسينا توسي يعيدان فيه تذكير الولايات المتحدة بموقفها من صدام حسين، عندما دعمته في الحرب ضد إيران نهاية القرن الماضي.

ويقول الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الولايات المتحدة تبنت صدام حسين باسم مواجهة إيران، ويجب ألا تكرر الخطأ ذاته مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان".

ويشير الباحثان إلى دهشة ابن سلمان للرد الدولي الغاضب على مقتل صحافي "واشنطن بوست"، جمال خاشقجي، لافتين إلى أن صحيفة "وول ستريت جورنال" أوردت أن مكالمة بينه وبين صهر ومستشار الرئيس دونالد ترامب، جارد كوشنر، تحولت إلى جدل عنيف، عبر فيه ابن سلمان عن شعوره بخيانة الغرب له، وهدد بالبحث عن شركاء جدد.

ويجد الكاتبان أن غضب ابن سلمان وشعوره بالجرأة على فعل ما يريد هو تذكير لما فعله صدام حسين، وغض واشنطن الطرف عن أفعاله،حتى غزوه الكويت عام 1990، مؤكدين أهمية استخلاص الدروس من دعم صدام ومخاطر عدم الرد وبقوة على اغتيال خاشقجي.

ويلفت الباحثان إلى أن الدعم الأمريكي غير المشروط لصدام في الثمانينيات من القرن الماضي ساعد على مهاجمة شعبه وجيرانه، وهدد لاحقا المصالح الأمنية الأمريكية، مشيرين إلى أن علاقة الولايات المتحدة مع صدام بدأت في عام 1963، عندما قام مستشار الأمن القومي السابق روجر موريس والمخابرات الأمريكية في عهد جي أف كي كيندي و"بالتعاون مع صدام" بانقلاب ضد الجنرال عبد الكريم قاسم، الذي قام قبل خمسة أعوام بالإطاحة بالعائلة الملكية المؤيدة للولايات المتحدة.

ويعلق الكاتبان قائلين إن "الولايات المتحدة تردد اللغة ذاتها عندما تناقش العلاقات الأمريكية السعودية، رغم مقتل الصحافي خاشقجي، والهجوم المدمر على اليمن، حيث أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو قبل فترة في شهادة بأن السعودية (حليف استراتيجي مع الولايات المتحدة)، وأن (السعوديين كانوا شركاء مهمين في العمل معنا)".

وينوه الكاتبان إلى أن "إدارة ترامب تقوم باستخدام المبررات ذاتها التي قدمت سابقا لدعم صدام، فقد صادق ترامب على حملة التطهير التي قام بها ولي العهد وملاحقته لمنافسيه المحليين، وأعطاه تفويضا مفتوحا لسحق الحوثيين في اليمن، وتحويل قطر لدويلة، ومعاقبة كندا بسبب تغريدة، وقبل ذلك احتجاز رئيس الوزراء اللبناني. وكان اغتيال خاشقجي الواضح هو التصرف المتهور الأخير لولي العهد الذي فشلت الإدارة في الرد عليها".

ويقول الكاتبان إن "السماح لصعود محمد بن سلمان إلى السلطة دون مواجهة أي تداعيات أو عواقب من واشنطن لسلوكه الفاضح من المحتمل أن يقوم بترويع المنطقة بالطريقة ذاتها التي فعلها صدام من قبل، ولو كان قتل خاشقجي قد تم دون أي احترام للقيم والأعراف الدولية أو ثمن سياسي، فإن ذلك دليل على قواعد سعودية جديدة للعبة التي يواجهها العالم التي ستكون أكثر تهديدا من صدام".

على السعودية أن تقول الحقيقة بشأن خاشقجي

وقال جان إيف لودريان، وزير خارجية فرنسا إن نتاج التحقيقات بشأن مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي "غير مرضية" حتى الآن.

وأشار لودريان في تصريحاته لراديو "آر تي إل" إلى أنه يجب على السعودية أن تقول الحقيقة بشأن مقتل خاشقجي، من أجل الحفاظ على صورتها، بحسب قوله.

وقال وزير الخارجية الفرنسي: "طالما أن المسؤولين عن الجريمة والظروف التي ارتكبت فيها والمحيطة بعملية القتل لم يتم نشرها أو تقييمها فسنطالب دوما بإظهار الحقيقة، حتى الآن لم يظهر لنا ذلك".