وفاة حمدي قنديل.. تكشف الاحقاد العربية

وفاة حمدي قنديل.. تكشف الاحقاد العربية
السبت ٠٣ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:١٥ بتوقيت غرينتش

قبل ايام توفي الصحفي والاعلامي المصري الكبير حمدي قنديل، وانا كشخص ممن تأثروا به واحببت هذه المهنة بسببه وبسبب اعلاميين كثر امثال الراحل حسنين هيكل، والاستاذ عبد الباري عطوان، وغيرهم من الصحفيين الذين تأثرت بهم وكنت اشاهدهم او اقرأ مقالاتهم بانتظام عسى ان اصبح يوما ما مثلهم ولا يزال هذا حلمي.

العالم - مقالات

عندما سمعت خبر وفاة الاستاذ قنديل لا اخفي انني حزنت جدا وعلى الفور قمت بنعي الراحل على صفحتي على احد مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن المفاجئة كانت بالكم الهائل من الهجوم على الاستاذ الراحل من طرفين الاول كان ممن اعتبروا ان الاستاذ قنديل وقف بصفوف "الربيع العربي" ضد الدولة السورية وهاجمها في اوائل الحرب عليها. اما الطرف الاخر فكان ممن اعتبروه خانهم عندما تراجع عن تصريحاته الاولى عندما ايد الحرب في سوريا او "الربيع العربي" وعلى راسهم جماعة الاخوان المسلمين.

الهجوم الكبير على الراحل قنديل جعلني اعود بالذاكرة الى نحو عقد من الزمن، عندما قام الراحل بالوقوف الى جانب المقاومة اللبنانية بوجه الاحتلال الاسرائيلي، ومن ثم وقف مع المقاومة الفلسطينية ايضا، وذلك في بداية ظهور الانشقاق في العالم العربي، وهو ما جعله يخسر عمله في احدى القنوات العربية. ربما يكون الاستاذ الراحل قد اخطأ التقدير بمرحلة ما عندما وقف الى جانب طرف على حساب الاخر في "الربيع العربي" ولكنه تدارك الامر فيما بعد، حاله حال الصحفي الكبير الراحل حسنين هيكل، او الكاتب السوري الراحل جورج طرابيشي، اذا لماذا كل هذا الهجوم الان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تحديدا؟

نحن كشعب عربي فشلنا مرتين مع مواقع التواصل الاجتماعي الاولى كانت في عام 2011 عندما اسأنا استخدامها ودمرنا بلداننا سواء في سوريا او مصر او ليبيا وصولا الى اليمن. والمرة الثانية هي الان عندما تحولت هذه المواقع الى ساحة للسب والشتم على الاخر المختلف عنا، حتى وان كان ضدنا في تشجيع فريق ما بكرة القدم. هذه المواقع بدلا من ان تكون ساحة للتواصل والتفكير بيننا كأمة واحدة او كشعب واحد على اقل تقدير.

هذه المواقع باتت ملعبا للجراثيم الالكترونية والذباب والغربان ايضا، فسعر الشخص فيها "هاشتاغ" واحد ومن ثم قد يصبح في علّيّين او قد يهبط الى اسفل السافلين، قد يصبح فيها المجرم شخص نبيل، والوطني خائن. هذه المواقع التي اختيرت لكي تكون مساحة للتعبير الحر بدون حسيب او رقيب، باتت مسرحا لمن يعمل بدون حسيب او رقيب. هذه المواقع تحولت من منصة للاصلاح والكشف عن مكامن الفساد ومشاركة الافكار، الى مسرح للهجوم والقذف وكل انواع الصراعات بين ابناء الوطن الواحد او الامة الواحدة.

رحم الله الاستاذ الكبير حمدي قنديل، سيبقى صوته حرا قويا امتلك شجاعة المواجهة وشجاعة الاعتذار والتراجع عن اي موقف اعتبره خطأ، وربما اعتزاله الاخير خير دليل على ذلك.

*ابراهيم شير-كاتب واعلامي سوري