ماذا يعني فوز الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب الأمريكي؟

ماذا يعني فوز الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب الأمريكي؟
الأربعاء ٠٧ نوفمبر ٢٠١٨ - ١٠:٠٩ بتوقيت غرينتش

مُني الرئيس الامريكي دونالد ترامب وحزبه الجمهوري بهزيمة في الانتخابات النصفية للكونغرس بعد انتزاع الديمقراطيين مجلس النواب من الجمهوريين. فكيف يمكن أن تغير نتيجة الانتخابات النصفية سياسة أمريكا خلال الفترة المقبلة؟ فهل الأمر يتعلق بولاية الرئيس ترامب واحتمال إقالته من عدمها فحسب، أو أن الكثير من الملفات الساخنة على المحك، داخلياً وخارجياً؟

العالم - تقارير

حافظ الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس دونالد ترامب على الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي، فيما انتزع الديمقراطيون الأغلبية في مجلس النواب بعد انتخابات التجديد النصفي لغرفتي الكونغرس، وفقا لما أعلنت شبكات تلفزيونية أمريكية.

وقالت شبكة "إن.بي.سي" الأمريكية إن الديمقراطيين انتزعوا السيطرة على مجلس النواب الأميركي من الجمهوريين بعد أن حصلوا على أكثر من 218 مقعدا.

وأشارت تقديرات الشبكة الأميركية إلى أن الديمقراطيين سيحصلون على 229 مقعدا في مجلس النواب مقابل 206 للجمهوريين.

كما أشارت إلى أن الجمهوريين سيحصلون على 50 مقعدا في مجلس الشيوخ مقابل 39 للديمقراطيين، وأن 11 مقعدا لم تحسم بعد.

اما هذا الانتصار الديموقراطي سيكبل عمل الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة في النصف الثاني من ولايته حتى العام 2021. كما سيصعب مهمة الرئيس دونالد ترامب في العامين المقبلين من ولايته فيما يخص إقرار بعض التشريعات التي يسعى إليها في مجال الهجرة والرعاية الطبية. 

فوز الديمقراطيين بأغلبية النواب وبحسب شبكة "سي،ان،ان" الأمريكية، سيخولهم بفرض رقابة مؤسسية على رئاسة ترامب، وهو الدور الذي اختار الجمهوريون عدم القيام به نظرا لسيطرته الكاملة على اليمين، وهو ما شأنه التأثير على أجندة البيت الأبيض في تمرير عدد من الملفات الأساسية بنظر ترامب.

سيلقي هذا الفوز الضوء على التكتيكات التي اتبعها الرئيس الأمريكي قبيل الانتخابات النصفية والتي استندت على مهاجمة الديمقراطيين واستخدام "لغة عنصرية" عند تناول مسائل مثل الهجرة عوضا عن الارتكاز على مسائل مثل الاقتصاد الأمريكي.

ويعتبر فوز الديمقراطيين بأغلبية مجلس النواب هو الأول منذ 8 سنوات، رغم التوقعات التي استبعدت ذلك نظرا لحاجة الحزب للفوز بولايات صوتت لصالح ترامب والجمهوريين مثل انديانا وفيرجينيا الغربية ومونتانا وداكوتا الشمالية.

الناخبون الأمريكيون منقسمون بشدة حول أداء ترامب

وبعد عامين على فوز رجل الأعمال المفاجئ بالرئاسة من دون أن تكون له أي خبرة سياسية أو دبلوماسية، تهافت الأميركيون بكثافة إلى مراكز الاقتراع.

لكن استطلاعا للرأي أجرته مؤسسة إبسوس ووكالة رويترز، في يوم انتخابات التجديد النصفي للكونغرس أظهر أن الناخبين الأمريكيين منقسمون بشدة بشأن أداء الرئيس دونالد ترامب والاتجاه الذي تسير فيه البلاد وذلك بعد أن أدلوا بأصواتهم.

وأوضحت النتائج الأولية للاستطلاع أن نحو نصف الذين أدلوا بأصواتهم يعتقدون أن الولايات المتحدة تسير في "اتجاه خاطئ" في حين قال أربعة من بين كل عشرة أشخاص إنها تمضي في "الاتجاه الصحيح".

 وكانت الخارطة الانتخابية القائمة هذه السنة لصالح الجمهوريين، إذ أن ثلث مقاعد مجلس الشيوخ المطروحة للتجديد تتعلق بولايات ذات غالبية محافظة.

ولا يمكن الحصول على أرقام دقيقة لنسبة الإقبال لعدم وجود هيئة انتخابية موحدة تجمع المعطيات بصورة مركزية، لكن في ولايات تكساس ونيويورك وماريلاند، أبدى الناخبون والمراقبون دهشتهم لكثافة الإقبال على التصويت.

اما احتفاظ الجمهوريين بغالبيتهم في مجلس الشيوخ، أتاح لترامب الإعلان عن "نجاح هائل" بدون أن يأتي على ذكر خسارة حزبه مجلس النواب.

وحرص ترامب، في الايام الأخيرة على الإشارة إلى أن الحملة المكثفة التي خاضها دعما لحزبه اقتصرت على المرشحين لمجلس الشيوخ لعدم توافر الوقت الضروري لدعم المرشحين لمجلس النواب وعددهم كبير.

واتصل ترامب برئيس الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ليهنئه "على التقدم التاريخي" في هذا المجلس حيث عزز الجمهوريون غالبيتهم، بحسب ما أفادت المتحدثة باسمه ساره ساندرز.

بيلوسي: الولايات المتحدة "سئمت الانقسامات"

ووعدت زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي بفرض "ضوابط ومحاسبة" من جديد على إدارة ترامب، مؤكدة في الوقت نفسه أن حزبها لن يشن حربا على الجمهوريين بعدما استعاد السيطرة على مجلس النواب.

    

وأعلنت بيلوسي خلال مؤتمر صحافي عقدته بعد انتقال السيطرة في مجلس النواب إلى الديموقراطيين في الانتخابات التشريعية النصفية، "الأمر اليوم يتخطى الديموقراطيين والجمهوريين. الأمر يتعلق بترميم الضوابط والمحاسبة التي نص عليها الدستور على إدارة ترامب"، متعهدة في المقابل بـ"العمل على حلول تجمعنا، لأننا سئمنا جميعا الانقسامات".

لأول مرة.. امرأتان مسلمتان في الكونغرس

واختار الناخبون الأمريكيون امرأتين مسلمتين تنتميان إلى الحزب الديموقراطي لدخول الكونغرس، في خطوة تاريخية أولى في الولايات المتحدة حيث الخطاب المعادي للمسلمين في تصاعد.

فقد فازت إلهام عمر وهي لاجئة صومالية بمقعد في مجلس النواب عن منطقة ذات غالبية ديموقراطية في ولاية مينيسوتا، حيث ستخلف كيث اليسون الذي كان بدوره أول مسلم تم انتخابه في الكونغرس.

وتمكنت رشيدة طليب العاملة في مجال الحقل الاجتماعي والمولودة في ديترويت لأبوين فلسطينيين مهاجرين من الفوز أيضًا بمقعد في مجلس النواب، دون أن تتواجه مع منافس جمهوري في منطقتها.

وكتبت إلهام عمر، في تغريدة "انتصرنا معا. شكرا!"، قبل أن توجه رسالة إلى رشيدة طليب المولودة في ديترويت "أهنئ شقيقتي رشيدة طليب على انتصارها! أتطلع إلى الجلوس معك في مجلس النواب إن شاء الله".

كما فازت الديموقراطية من كنساس شاريس ديفيدز المحامية المولعة بالفنون القتالية لتصبح أول أميركية من السكان الأصليين تدخل الكونغرس بفوزها في منطقة محافظة.

وشهد العامان الماضيان في ظل حكم ترامب الكثير من العواصف والجدل والأزمات، ما جعل نتائج الانتخابات النصفية للكونغرس تحظى بقدر كبير من الاهتمام، فيما شبه المراقبون الانتخابات التشريعية الامريكية باستفتاء على ترامب الذى تحوم شعبيته حول 40%، وهي نسبة ضئيلة لرئيس لم يكمل عامه الثاني بعد في الحكم.

وتأتي هذه الانتخابات في وقت يترقب الأمريكيون إعلان المحقق الخاص روبرت مولر عن نتائج تحقيقاته بشأن مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016، وما إذا كان هناك تواطؤ من حملة ترامب مع الروس وهل سعى الرئيس لعرقلة سير العدالة، ومن المرجح أن تكون نتائج تلك التحقيق ذات تأثير ملموس على الديمقراطيين الذين ربما يتجهون لبدء إجراءات عزل ترامب، ومع ذلك أشارت بعض وسائل الإعلام الأمريكية مؤخرا إلى أن قادة الحزب الديمقراطي أنفسهم قلقون من اتخاذ خطوة مثل هذه وآثارها على الداخل السياسي.

ويشير المراقبون الى ان ما هو اهم ان استعادة الديمقراطيين لمجلس النواب ستضع الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2019 أمام كونغرس منقسم على غرار مجتمع يشهد شقاقات عميقة حول شخص ترامب.

وغالبا ما تكون انتخابات منتصف الولاية الرئاسية لغير صالح حزب الرئيس، لكن خسارة مجلس النواب على الرغم من المؤشرات الاقتصادية الايجابية تشكل انتكاسة شخصية لترامب بعدما جعل من هذا الاقتراع استفتاء حقيقيا على شخصه وقد يدفع الرئيس لمراجعة سياسته في العامين المقبلين من ولايته الرئاسية.