مؤتمر باليرمو حول ليبيا.. اهدافه وحيثياته

مؤتمر باليرمو حول ليبيا.. اهدافه وحيثياته
الإثنين ١٢ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:٣٦ بتوقيت غرينتش

تستضيف إيطاليا مؤتمرا بشأن ليبيا يبدأ، اليوم الاثنين. وينعقد المؤتمر يومي 12 و13 نوفمبر الجاري ويهدف إلى دفع خطة الأمم المتحدة الجديدة لتحقيق الاستقرار في البلد المضطرب في شمال أفريقيا بعد فشل مبادرة لإجراء انتخابات الشهر المقبل.

العالم - ليبيا

وفي الأسبوع الماضي، تخلى مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة رسميا عن خطة غربية لإجراء انتخابات عامة، في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول، كسبيل لإنهاء الصراع الذي تدور رحاه في البلد المنتج للنفط منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011.

وبدلا من ذلك، تريد الأمم المتحدة، التي تحاول التوسط منذ سنوات، أن تعقد أولا مؤتمرا وطنيا لتحقيق المصالحة في بلد منقسم بين مئات الجماعات المسلحة والقبائل والبلدات والمناطق المتناحرة.

وتركت القوى الغربية، التي ساعدت في الإطاحة بنظام القذافي، ليبيا تغرق في فوضى عارمة، مما سمح بصعود الجماعات المسلحة.

لكن القلق بشأن تحول ليبيا إلى مصدر لعدم الاستقرار على سواحل أوروبا دفع القوى الأوروبية لزيادة الاهتمام بها في الآونة الأخيرة ويأمل دبلوماسيون أن يحافظ الاجتماع الذي يستمر يومين بمدينة باليرمو في صقلية على هذا الاهتمام.

واستضافت فرنسا قمة، في مايو/ أيار، تعهد خلالها الخصوم الرئيسيون في ليبيا بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في ديسمبر/ كانون الأول.

لكن هذه الخطة باتت غير واقعية بفعل القتال على مدى أسابيع بين الفصائل المسلحة في العاصمة طرابلس، وكذلك الطريق المسدود بين البرلمانين في طرابلس والشرق.

وتأمل إيطاليا أن يساعد المؤتمر في الضغط على الأطراف الليبية لتجاوز الانقسامات.

مؤتمر باليرمو .. أهدافه وأبرز المشاركين

من أبرز الشخصيات التي من المفترض أن تحضر مؤتمر باليرمو الإيطالي، رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري، ووزير دفاع حكومة الوفاق، ورئيس أركانها، ورئيس جهاز الحرس الرئاسي، وقيادات شاركت في مؤتمر داكار، بالإضافة إلى شخصيات أخرى مثل عبد الحكيم بلحاج، وقيادات عسكرية من مصراتة.

أما المشاركة الدولية، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سبق أن أكد عدم مشاركته شخصيا، وكذلك نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في حين أنهما بالإضافة إلى ألمانيا ستشارك على مستوى سفير، أما أمريكا ستشارك بالقائم بأعمال السفير الأمريكي في تونس.

ويشارك كذلك ممثلون عن دول عربية في المؤتمر الذي يستمر الاثنين والثلاثاء في باليرمو، في صقلية.

ودعت روما شخصيات بارزة، بالإضافة الى عدد من أعيان القبائل والمجتمع المدني في ليبيا.

وسبق أن وصل رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي بزيارة سريعة إلى ليبيا، في محاولة أخيرة لدفع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، إلا أن محاولته باءت بالفشل.

وأكدت أنباء متطابقة عدة قرار اللواء حفتر مقاطعة مؤتمر باليرمو، وإبلاغه الحكومة الإيطالية بالقرار رسميا، وذلك عقب عودته من زيارة إلى روسيا، في حين نسب تقرير إلى رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي قوله اليوم الاثنين إنه يتوقع حضور القائد الليبي خليفة حفتر مؤتمر باليرمو.

أهداف إيطالية

أكدت "روما" أنها تسعى من وراء المؤتمر لتحقيق الاستقرار في ليبيا، وأن تكون "إيطاليا" هي البلد الرئيس لحل الأزمة الليبية ورعاية الملف الليبي، وأنها لن تسبعد أحدا من المشاركة في حل الأزمات هناك، في إشارة إلى منافستها "فرنسا".

وتشعر إيطاليا بقلق بالغ إزاء مشكلة المهاجرين الذين يحاول عشرات الآلاف منهم كل عام الوصول إلى شواطئها، انطلاقا من ليبيا، حيث ينشط المهربون للاستفادة من الفوضى.

وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي إن "مؤتمر باليرمو خطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار في ليبيا وأمن حوض البحر المتوسط برمته".

دعم أمريكي

وقال نائب رئيس الوزراء الإيطالي، لويجي دي مايو، إن "مؤتمر "باليرمو" سيمثل فرصة لرسم خارطة طريق مشتركة لتحقيق الاستقرار في ليبيا، مؤكدا أن "الولايات المتحدة الأمريكية أبدت استعدادها لأن تكون إيطاليا البلد الرئيس للعمل على استقرار ليبيا"، مؤكدا "التزام إيطاليا بذلك على أعلى المستويات".

وأشار "دي مايو" إلى أنه "من الضروري جدا لهم إيجاد طريق مشتركة مع جميع المعنيين بالملف الليبي للانتقال إلى الخطوة التالية، وأن بلاده لن تستبعد أحدا من دعم هذه الطريق، وفق وكالة "أنسامد" الإيطالية.

ابرز لقائات على هامش المؤتمر

التقى نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف كالمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا في باليرمو رئيس المجلس الأعلى الليبي خالد المشري، وبحث الجانبان الوضع في ليبيا وسبل التطبيع والتسوية هناك.

هذا وأثيرت تساؤلات عدة حول أجواء مؤتمر "باليرمو" الدولي حول ليبيا، من قبيل: كيف ستظهر أطراف النزاع خلال الاجتماع؟ وما أهم مطالبهم؟ وهل يمكن أن يلتقي المتصارعون على هامش المؤتمر رغم التلاسن فيما بينهم قبيل الاجتماع؟ وماذا لو تأكد غياب "حفتر" فعليا؟

هل يفشل "باليرمو"؟

من جانبه، قال المدون من الشرق الليبي، فرج فركاش، إنه "كي ينجح "باليرمو" لابد من تفادي العوامل التي ساهمت في إفشال مؤتمر "باريس"، والواقع يؤكد تفوق "إيطاليا" على فرنسا في جدية الإعداد للمؤتمر وواقعية الأهداف والتمثيل الدبلوماسي والمشاركات، وهذا لم نراه في اتفاق "باريس".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "التنافس بين روما وباريس واضح جدا، ويبقى التعويل على الموقف الأمريكي في لجم هاتين القوتين المتنافستين ودعم البعثة الأممية، والتعويل أيضا على مدى جدية الأطراف الليبية في تقديم التنازلات اللازمة للتوافق لتوحيد البلاد بمؤسساتها وحكوماتها المنقسمة"، وفق قوله.

وتابع: "السؤال الآن ما مدى قدرة المؤتمر على إقناع الأطراف الليبية الفاعلة بإنهاء الانقسام السياسي، الذي سيترتب عليه إنهاء الانقسام العسكري، والانتقال إلى الاستحقاقات المنتظرة؟".