"أب" السنة بلبنان يتنصل عن دور الابوة لابنائه

الأربعاء ١٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٣١ بتوقيت غرينتش

رغم مضي خمسة اشهر على تكليف سعد الحريري بتأليف الحكومة في لبنان نرى ان الرئيس المكلف وبدل تشكيل الحكومة لا عمل له سوى تحميل هذا الفريق او تلك الجهة مسؤولية التعطيل.

العالم –  قضية اليوم

آخر ما خرج لنا به الحريري هو مؤتمره الصحفي الذي عقده يوم امس، حيث انه وبدل الكلام عن تشكيل الحكومة والمستجدات في هذا المجال هاجم حزب الله وحمله مسؤولية تعليق التأليف زاعما انه لن يشكل اي حكومة تحت الضغط.

الحريري ومن خلال تصريحاته هذه لم يغلق الطريق امام تشكيل الحكومة ولكنه في نفس الوقت لم يحدد اي معايير لها. تصريحات الحريري امس تضم في طياتها عدة نقاط حول مستقبل الحكومة في هذا البلد نسردها سردا.

النقطة الاولى هي ان الحريري ومن خلال تجاهله او تغافله عن التلميح الى العقبات التي وضعتها السعودية والتشبث بمسألة التوزير التي يطالب بها كل من جعجع وجنبلاط، وتحميل حزب الله مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة، حاول ابعاد مسؤولية فشل تشكيل الحكومة عن نفسه وسائر الجهات التي لعبت دورا اساسيا في هذا التعليق وتحميلها للجهة المنتصرة في الانتخابات. هذا في حين ان الحريري يعرف اكثر من غيره خواء هذه الادعاءات ومدى بعدها عن الواقع.

النقطة الثانية هي ان اصرار الحريري على عدم توزير النواب السنة المستقلين الذين لا ينضوون تحت راية ائتلاف 18 اذار يأتي في حين ان هؤلاء حازوا على اصوات 35 بالمائة من اهل السنة ولا يمكن حرمانهم من حقهم الشرعي والقانوني بسبب انتمائهم المذهبي او اختلاف توجهاتهم السياسية. هذا في حين كان الامين العام لحزب الله قد صرح سابقا انه حتى لو افترضنا ان الانتماء المذهبي متقدم على التوجه السياسي بناء على ادعاءات الحريري، فانه انطلاقا من المبادئ القانونية والديمقراطية يجب احترام النواب السنة المستقلين وطلب راي هذه الجماعة التي حصلت على 35 بالمائة من اصوات اهل السنة من قبل الحريري في تقسيم الوزارات والاعلان عنه رسميا.

ثالثا، ان الحريري فضل بالامس ان يتحدث عن مشاكل البلد، هذا في حين انه كان يتجاهلها خلال الاشهر الخمسة الماضية. لا شك ان التاكيد على هذا الامر يهدف الى ممارسة الضغط على حزب الله للتنازل عن الحق القانوني لحلفائه السنة. هذا في حين ان حزب الله ليس وحيدا في رؤيته المحقة هذه بل ان السنة المتحالفين مع الحزب وحركة امل يدافعون بقوة عن هذا التوجه وطبعا الحريري يعرف جيدا انه بدون حضور امل وحزب الله لا يمكنه تشكيل اي حكومة في لبنان.

رابعا، يبدو ان الحريري ليس على عجلة من امره في تشكيل الحكومة. فهو في هذه الايام يرى من جهة ان سفينة السعودية بدات تنجو من دوامة مسألة خاشقجي، وبان ايران وحزب الله منشغلان بالحظر الاميركي من جهة اخرى، ويعرف جيدا مدى رزانة حزب الله والمقاومة من جهة ثالثة، وبالتالي فانه يرى افاق تشكيل الحكومة مشرقة في ضوء الجهود التي تبذلها شخصيات مثل جبراب باسيل – لقاؤه السابق مع السيد نصر الله وامس مع نبيه بري- .

على اي حال ورغم هذا التفاؤل السائد فان السؤال الاساسي الذي يطرح نفسه هو، هل إن تمثيل شخصية سنية غير متحالفة مع الحريري في الحكومة مهمة له الى درجة انه يتذرع بها للتنصل عن تأليف الحكومة واستمرار المتاهات التي تواجهها البلاد. يبدو انه يجب البحث عن جواب هذا السؤال خارج الحدود اللبنانية كما هو الحال دائما، وان شمس الحقيقة ستشرق قريبا وتسلط الضوء على النقاط القاتمة لهذه القضية.

ابو رضا صالح – العالم