على وقع التطورات السورية؛ ما المتوقع من اجتماع آستانا؟

على وقع التطورات السورية؛ ما المتوقع من اجتماع آستانا؟
الإثنين ١٩ نوفمبر ٢٠١٨ - ١١:١٦ بتوقيت غرينتش

أطل وزير خارجية جمهورية كازاخستان "خيرت عبد الرحمانوف" اليوم على وسائل الإعلام ليكشف عن إلاجتماع الحادي عشر للدول الضامنة للمحادثات السورية - السورية في العاصمة الكازاخية آستانا خلال يومي الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.

العالم- تقارير

تأكيد رحمانوف على ان ممثلي الدول الضامنة (روسيا وتركيا وايران) قد اتفقوا على عقد الاجتماع الحادي عشر وعلى مستوى عال، صحبه خبر دعوة ممثلين عن الامم المتحدة والأردن كمراقبين في هذه الجولة من المحادثات السورية السورية.

وبعيدا عن كل الأحاديث والتنبؤات والتحليلات التي ستتصدر مهام وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية، فإن مجرد انعقاد هذا الإجتماع هو سيحمل اكثر من رسالة واكثر من هدف لكل الأطراف المعنية بالأزمة السورية من قريب او بعيد.

وقبل الدخول في الحديث عن إجتماع استانا القادم لابأس بإلقاء نظرة سريعة على تطورات الساحة السورية والتطورات الإقليمية التي استوجبت الرجوع إلى مسيرة محادثات أستانا، ولانذهب بعيدا لتطورات الساحة التي فرضت محادثات استانا كأمر واقع، ونكتفي بالأشهر الأربعة الأخيرة أي الفترة التي أعقبت الاجتماع العاشر لمحادثات استان في الثلاثين من يونيو الماضي.

فمحادثات استانا التي ايدها كل اعضاء مجلس الأمن بالإجماع في التاسع والعشرين من ديسمبر عام 2016، وأصدر المجلس قراره 2336 تأييدا لها واستمرار نشاطها، جاءت لتدعيم وتوثيق مسار جنيف السياسي لحلحلة الازمة السورية التي دعا اليها المجلس بقراره المرقم 2254 الذي إعتمده المجلس في الثامن عشر من ديسمبر/كانون الاول عام 2015.

ومما تجدر الإشارة اليه أن كلا القرارين ينصان ثلاث نقاط اساسية وهي: إحترام سيادة الدولة السورية، وإحترام وحدة الاراضي السورية، والإيمان بأن حلحلة الأزمة السورية لم يكن لها اي حل عسكري، وعليه يجب إعتماد الحوار والتفاوض السلمي وبمشاركة كل من يحترم القرارات الدولية المعنية بالأزمة السورية.

هذان القراران فسحا المجال واسعا أمام الدول الأكثر تأثيرا في الساحة السورية، وهي روسيا وتركيا وايران بحكم نفوذها في الدولة الحليفة وحكم القرب الجغرافي للجمهورية العربية السورية، ماحمل رؤساء الدول المعنية لعقد قمتين في موسكو و اسطنبول وليتوجوا نشاطاتهم بقمة ثالثة في طهران بتاريخ 7-9-2018.

وبالرغم من ان القمة الثالثة أكدت ضرورة الاستمرار في مكافحة الإرهاب وإحترام السيادة السورية، وإخراج كل القوات المتناحرة التي دخلت سوريا قبل وبعيد اندلاع ازمتها، إلا أن نوايا المطابخ السياسية للقوى الغربية تجلت في تسمية الجماعات الإرهابية وظهرت على لسان الرئيس التركي بعيد مغادرتها طهران.

من جهة اخرى تريثت إيران في إطلاق أي تعليق على التصريحات الأردوغانية، ما دفع الرئيس الروسي بتلقي الرسالة، ليلبي طلب نظيره التركي رجب طيب اردوغان في عقد قمة اخرى دون حضور ايران في سوتشي، لوضع حلول أكثر عقلانية – حسب تعبير أردوغان- لتحديد الجماعات الإرهابية والتعامل معها، وذلك من خلال ايجاد مناطقة خفض التوتر، اولا واستبدالها بمناطق منزوعة السلاح ثانيا، ليتسنى للجهات المعنية فرصة ايجاد ممرات آمنة لنقل المساعدات الانسانية، خلال فترتين لاتزيد كل منهما على ثلاثة أشهر وبعد ذلك تكون قرارات قمة طهران جازة للتنفيذ على الارض.

وإنعقدت القمة الروسية التركية بمدينة سوتشي الروسية وبغياب الطرف الإيراني، ولسنا بصدد التطرق الى نجاحها أو تقييم قراراتها، في هذا المقال، وتبعتها قمة اوروبية رباعية (بمشاركة المانية وفرنسا وبريطانيا وتركيا) بمدينة اسطنبول التركية، حول سوريا عسى أن تتمكن من تحقيق مالم تتمكن تحقيقه قمة سوتشي على الارض. 

لكن الواقع الذي استمر حتى كتابة هذه السطور أثبت أن الجانب التركي هو الذي وعى قبل غيره، عدم صدقية الجماعات الدخيلة على سوريا، وعدم التزامها بالقرارات الدولية او الاقليمية. بل وحتى أنها لم تحترم الإلتزامات التي وعد بها زعماء الجماعات المسلحة التي كانت تطلق على نفسها "معارضة معتدلة" في أستانا العاشرة. حيث رفضت بعض الجماعات قرارات قمة سوتشي فور إنتهائها، ورفضت نزع اسلحتها وراحت تكرس الأجهزة والمعدات الحربية في متاريسها والأنفاق التي استحدثتها بين وتحت المدن والأرياف السورية خاصة في الشمال السوري، وبالتحديد منطقة شرق الفرات. ماحمل الجانب التركي للدخول في مواجهة مباشرة مع جماعات كانت تركيا ترعاها، وتصنفها أحيانا بأنها من الجماعات المعتدلة ويجب اشراكها في التفاوض والحوار، حتى أنها أسهمت في تغيير أسمائها كجبهة النصرة والجماعة التي أطلقت على نفسها اسم "حماة الدين"، والى غير ذلك من تسميات الجماعات الارهابية الدخيلة على سوريا، والتي لم ولن تتطابق مع مسمياتها.

أما اليوم وبعد التطورات التي تشهدها الساحة السورية بدءا من اندلاع المواجهات فيما بين الجماعات المسلحة الإرهابية من جهة، ومن جهة اخرى بين القوات التركية وبعض هذه الجماعات التي مازالت تحتمي بمظلة القوات الأميركية الداخل بشكل غير شرعي للأراضي السورية، يجد المراقبون الجيش السوري والقوات الشعبية السورية جاهزة منذ اكثر من شهر لبدء عمليات ضد مواقع الجماعات المسلحلة المتمرسة في إدلب واريافها والتي تتخذ من السكان الأبرياء درعا بشريا تحتمي به.

وإن كل الظروف مؤاتية لأي عمليات سوريا ضد الجماعات الإرهابي لتخليص المدنيين من شجون هذه الجماعات الدخلية عليهم والسالبة لأمنهم واستقرارهم في مدنهم واريافهم.

وفي مثل هذه الظروف أطل وزير الخارجية الكازاخي اليوم على وسائل اعلام بلاده ليعلن إستضافة بلاده لمحادثات استانا في دورتها الحادية عشرة، لأن الواقع يشهد أن لا حل للأزمة السورية سوى إعتماد محادثات استانا التي تمهد الارضية لمحادثات جنيف، وذلك من خلال احترام المبادئ الثلاثة وهي احترام السيادة السورية ووحدة أراضيها، والتواصل عبر الحوار السلمي لحلحلة الأزمة المتواصلة منذ اكثر من سبعة أعوام، شاء من شاء وأبى من أبى، والأيام بيننا.

*عبدالهادي الضيغمي