الاتفاق النووي بين التقاعس الاوروبي والتعجرف الاميركي

الاتفاق النووي بين التقاعس الاوروبي والتعجرف الاميركي
الثلاثاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:١٤ بتوقيت غرينتش

وقفت وماتزال تقف بقوة الجمهورية الاسلامية في ايران امام عجرفة الرئيس الاميركي دونالد ترامب وهو يتاجر بالاتفاق النووي، فقد تعودت ان تصمد امام الضغوط الاميركية من كل حدب وصوب.

العالم - تقارير

في المقابل، يبذل الاتحاد الاوروبي جهوداً حثيثة للحفاظ على الاتفاق النووي، كونه يعلم اضراره فيما لو تم نقضه على المستوى الاقليمي والدولي، ويبدو انه بات يتأرجح امام التهديدات والضغوط الاميركية.

فما كان من ايران وعلى لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف انه لا يمكن البقاء على هذا الوضع في حال عدم تلبية الاحتياجات الاقتصادية في إطار الاتفاق النووي. وقال ظريف: ان "دول الاتحاد الأوروبي وباقي الدول الملتزمة بالاتفاق النووي، يعلمون بأن عدم تأمين عوائد ايران الاقتصادية في الاتفاق النووي يجعل من غير الممكن البقاء على هذا الوضع".

ولفت الوزير ظريف الى عدم ارتياحه للاجراءات الاوروبية البطيئة في سياق اعداد آلية مالية تحت عنوان "SPV"؛ مبينا ان الجانب الاهم في ذلك يرتكز على التعهد السياسي الاوروبي حيال ايران لكنها للاسف تتخذ خطوات بطيئة جدا في الجانب العملي.

ومن جانب آخر حذر ظريف في تصريحات لصحيفة "الغاردين" البريطانية عقب اللقاء مع نظيره البريطاني جيرمي هانت في طهران، من ان اميركا لا تفي بوعودها. واكد  ان الحظر الاميركي لن يرغم ايران على التفاوض، وانما يعزز من ارادة البلاد في الصمود.

وبشأن لقائه مع وزير الخارجية البريطاني جرمي هانت، قال ظريف ان الاخير "تعهد اليّ بان بريطانيا تؤمن بالحفاظ على الاتفاق النووي لكن هناك حاجة الى خطوات عملية في هذا الخصوص".

من جانبه أكد هانت سعي أوروبا لإنشاء منظومة مالية أوروبية مستقلة عن واشنطن لحفظ الاتفاق النووي.

فيما قال رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، ان ايران اتخذت قرارات بشأن امكانية العودة الى ما قبل الاتفاق النووي إذا لم تتصد أوروبا للحظر الأميركي. وشدد خلال لقائه هانت على ضرورة أن تقف أوروبا ضد السياسات الأميركية، وقال إن الاتحاد الأوروبي لايتعاون مع إيران بشكلٍ مطلوب بعد خروج أميركا من الاتفاق النووي خاصة وأن أوروبا هي التي استضافت المفاوضات النووية التي انتهت بالاتفاق النووي وبالتالي فإن انتهاك هذا الاتفاق يعني سحق اعتبار ومكانة الاتحاد الأوروبي من قبل الإدارة الأميركية.

نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي بدوره قال إن الاتحاد الأوروبي أخفق في تطبيق آلية لمواجهة العقوبات الأمريكية على بلادهوذكر المسؤول الإيراني أن الولايات المتحدة هددت البلدان التي تفكر في الانتقال إلى نظام "الشركة ذات الأغراض الخاصة" (Special Purpose Vehicle (SPV.

كما اكد المتحدث باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي بان طهران ستتخذ قرارات جديدة ان كان استمرار بقائها في اطار الاتفاق النووي يلحق الضرر بها.

بدوره اكد السفیر الجدید الإیراني لدى إیطالیا حمید بیات خلال حديثه لصحيفة "ايل مساجرو" الايطالية، أن الحظر الأميركي ضد الشعب الإیراني ظالم ویجب إلغاؤه، لافتا الى ان ایران نفذت تعهداتها والان جاء دور اوروبا لتنفذ تعهداتها.

وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد وجّه انتقادات لاذعة للولايات المتحدة، مؤكدا أن "مخططاتها ضد بلاده مآلها الفشل". وقال روحاني إن واشنطن لن تستطيع إيقاف مبيعات النفط الإيرانية، أو التاثير على علاقة إيران بدول الجوار، مشيرا إلى أن الشعب الإيراني قادر على مواجهة واشنطن وهزيمتها. وأضاف أن الأميركيين يعلمون "أنهم لم يحققوا أهدافهم في أفغانستان وسوريا والعراق، وأنهم فشلوا في مواجهة الشعب اليمني، لكن لماذا يريدون الانتقام من الشعب الإيراني؟"، ودعاهم إلى إعادة النظر في أخطائهم وإصلاحها.

على الجانب الاخر، قالت مفوضة الأمن والسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني ان الاتحاد الاوروبي مازال يدعم الاتفاق النووي مع إيران، مشيرة أنهم يواصلون العمل على آلية تجارية خاصة بهدف الإلتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، مؤكدة على أهمية الخطوات التي ستتخذها ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا في هذا الصدد. 

وبدأت واشنطن، في 5 نوفمبر/ تشرين ثاني الجاري، تطبيق الحزمة الثانية من اجرءات الحظر الاقتصادي على طهران، وتشمل قطاعات الطاقة والتمويل والنقل البحري. إلا أن الحظر استثنى ثماني دول خوفاً من تداعيات الحظر الجديد على الاقتصاد الاميركي ومنها صعود اسعار النفط العالمية.

ايران بيّنت للاوروبيين ان رهاب ترامب وحاشيته، ما هو الا فقاعة لتمرير سياسته والتفرد بالاستبداد على الجميع، وهو يعلم ان ايران استطاعت حتى الان بذكاء وبشكل لافت ادارة الحرب الاقتصادية ضدها، ووظفت الحظر الأميركي لخلق جبهة داخلية موحدة على أرضية الدفاع عن إيران، امام العجرفة الترامبية، فهل تتعظ الادارة الاميركية وتسارع الى تلافي مغامرات سيدها الفاشلة؟