موقف ترامب من جريمة خاشقجي سيجلب العار لأمريكا

موقف ترامب من جريمة خاشقجي سيجلب العار لأمريكا
الجمعة ٢٣ نوفمبر ٢٠١٨ - ١٢:٥٤ بتوقيت غرينتش

لا يمكن وصف موقف الرئيس الامريكي من جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الوحشية، وإصراره على دعم السعودية، حتى بعد ان تأكد له ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هو من أمر بقتل خاشقجي وتقطيع وإذابة جسده، الا بالمخزي والمشين، ليس لترامب فقط، بل لامريكا، كدولة، وهذه الوصمة لن تزول عن جبين امريكا بسهولة.

العالم - مقالات 

ترامب قال في تصريحات صحيفة يوم الثلاثاء، وبالحرف الواحد، “انه لن يدمر الإقتصاد العالمي بالتشدد تجاه السعودية في قضية خاشقجي، لأن السعودية ساعدت في إبقاء أسعار النفط منخفضة، وتعادي ايران، وتحافظ على أمن “إسرائيل”، لن يلغي عقود الأسلحة، وان الولايات المتحدة تعتزم أن تبقى شريكا راسخا للسعودية”.

رغم ان هذه التصريحات تضع امريكا، الدولة التي تدخلت في شؤون دول العالم اجمع، عسكريا وامنيا واقتصاديا، تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الإنسان، في خانة اكبر دول العالم نفاقا وذلة وخسة، الا انها تضمنت ما هو أبشع من ذلك، وذلك عندما “اكد” ترامب انه: “ربما لن نعرف أبدا الحقائق المحيطة بجريمة قتل جمال خاشقجي”، وهو ما يكشف تورط ادارة ترامب في جريمة القتل، عبر محاولة إخفاء معالم الجريمة بهدف انقاذ المجرم.

بعد اليوم على ادارة ترامب ان تخرس، ولا تتحدث عن حقوق الإنسان، التي حولتها الى ذريعة للتدخل في شؤون الدول الاخرى، فعندما يقول ترامب: “إن العلاقة الأميركية السعودية أكثر أهمية من مسألة احتمال تورط ولي العهد في جريمة قتل خاشقجي”، فإنه يعري بذلك، ليس ادارته فقط، بل يعري تاريخ امريكا، فإذا به تاريخ حافل بالكذب والنفاق، جلب الويلات لشعوب العالم.

ان موقف ترامب من جريمة خاشقجي، سيساهم في ايقاظ الحالمين بالديمقراطية الامريكية في ديارنا، ليشاهدوا بأم العين حقيقة النظام السياسي القائم في هذا البلد، الذي لم يظهر بهذا العري الفاضح، الا في زمن الابناء البررة لهذا النظام، من امثال ترامب وبولتون وبومبيو وكيلي.

ما قاله ترامب في تصريحاته، اثارت حفيظة الامريكيين الذين ما زالوا يروجون ل”ديمقراطية” امريكا، فظهروا وهم يشعرون بالعار، فهذا الدبلوماسي السابق نيكولاس بيرنز يقول في تغريدات على تويتر، ان بيان ترامب كان أكثر من مسبب للحرج، انه مخز، فترامب يستشهد بالافتراءات التي قالها محمد بن سلمان، حول عدم استطاعت امريكا أن تكون على خلاف مع الرياض بسبب أسعار النفط وايران.

يبدو ان امريكا تستحق ان يحكمها شخص مثل ترامب، فهذا البلد القائم اقتصاده على دماء الابرياء، باعتراف ترامب نفسه، يفرض الحظر على ايران على خلفية دعمها لليمنيين، بينما الذي يقتل ويحاصر ويجوع ملايين اليمنيين هو السعودية، يفرض الحظر على ايران على خلفية دعما للفلسطينيين، بينما الذي يقتل ويحاصر ويجوع ملايين الفلسطينيين هو “اسرائيل”، يفرض الحظر على ايران على خلفية محاربتها ل”داعش” والقاعدة والجماعات الارهاربية التكفيرية، بينما تدعم وتقف الى جانب السعودية و“اسرائيل”، اكبر داعمي “داعش” والقاعدة والجماعات الارهاربية التكفيرية.

مثل هذه الحالة المزرية التي تعيشها امريكا اليوم، بسبب سياسات ترامب، ستجلب لا محالة الخزي والعار لامريكا، وهي حالة تستحقها امريكا، التي طالما دست الخلافات المصطنعة في العديد من بلدان العالم، لزرع الفوضى فيها واضعافها، فاليوم تدور الدوائر، وسينشب الخلاف بين أركان النظام الامريكي، الذي سينشر ثيابه القذرة امام العالم، على خلفية الخلاف بين من يريد اظهار امريكا على حقيقتها، وبين من يحاول التغطية على هذه الحقيقة .. اللهم اشغل الظالمين بالظالمين.

  • فيروز بغدادي - شفقنا