البحرين.. إنتخابات "ديمقراطية" في ظل مقاطعة وأجواء قمعية!!

البحرين.. إنتخابات
السبت ٢٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٤:٢٦ بتوقيت غرينتش

تتواصل الإنتخابات النيابية والبلدية بالبحرين، في غياب منافسة حقيقية، بعد منع نظام آل خليفة المعارضين من العملية الإنتخابية، ومقاطعة المعارضة للإنتخابات بإعتبارها مجرد "مسرحية"، مما أثار الشكوك في مصداقية الإنتخابات. ويبلغ عدد المرشحين في الإنتخابات النيابية 293 شخصاً بينهم 41 إمرأة يتنافسون على 40 مقعداً. وتقمع السلطات ثورة شعبية إندلعت عام 2011، رفضاً لنظام الحكم في البلاد.

العالم - تقارير

فتحت مراكز التصويت في البحرين اليوم السبت أبوابها أمام الناخبين في إنتخابات تشريعية وبلدية متزامنة، وسط مقاطعة واسعة من قبل المعارضة.

وتقول حكومة المنامة إن عدد مرشحي إنتخابات البرلمان الذي لا تتجاوز مقاعده 40 مقعداً، هو 293 مرشحاً لا ينتمي أي منهم إلى الأحزاب المعارضة.

وقد منع النظام الحاكم في البحرين جماعات المعارضة من المشاركة في التنافس الإنتخابي، ما يُفقد الإنتخابات قيمتها الحقيقية التي تتمثل في مشاركة جميع الجمعيات والتيارات والفئات السياسية للتعبير عن مطالب من تمثّلهم.

ومن الجمعيات السياسية التي منعها نظام المنامة من المشاركة في الإنتخابات، جمعية "الوفاق الوطني" الإسلامية، أبرز الجمعيات السياسية في البحرين، ثم جمعية "الوعد". وقد أصدر الملك حمد بن عيسى آل خليفة في حزيران/يونيو 2018 أمراً بمنع جمعيات سياسية كـ"الوفاق والوعد" من المشاركة في الإنتخابات التي تصفها المعارضة بشتى أطيافها "مسرحية".

وفي هذا السياق، يقول "أحمد الوداعي" مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية الذي يقع مقره في بريطانيا إن الهيئات التشريعية في البلدان الديمقراطية الرائدة بالعالم تعتبر الإنتخابات البحرينية "فاقدة للشرعية" لأنه لا يمكنك أن "تسحق وتعذّب وتسجن المعارضة" بأكملها ثم تدعو الناس إلى إنتخابات "زائفة".

وقد أشار إلى هذه النقطة "نيل باتريك" الخبير في شؤون دول الخليج الفارسي حيث قال قبل أيام أن الإنتخابات التي يستعدّ بحرين لإجراءها "خسرت كلّ معانيها السياسية والعملية منذ مقاطعتها من قبل جمعية الوفاق والوعد".

والبرلمان الذي لا يتعدى عدد مقاعده أربعين مقعداً، ليست له صلاحيات حقيقية تُذكر لأن مشاريع القوانين التي يناقشها يحيلها بعد ذلك إلى مجلس الشورى "المعيّن" من قبل الملك، والذي يحليها بدوره إلى الملك نفسه للنظر فيها وإقرارها.

وكانت المعارضة السياسية في البحرين التي يبلغ عدد سكانها مليون ونصف مليون نسمة، قد قاطعت الإنتخابات التي جرت عام 2014. وكانت جمعية الوفاق التي أصدر القضاء التابع للنظام الخليفي حكماً بحلّها في تموز/يوليو 2016، تمتلك الأكثرية البرلمانية قبل أن تستقيل كتلتها النيابية في شباط/فبراير 2011 إثر إندلاع الثورة الشعبية كما استقال نواب جمعية الوعد المعارضة في البرلمان.

وتؤكد المعارضة البحرينية أن لا قيمة لأي إنتخابات مُنع المعارضون من المشاركة فيها ولا تستوفي المعايير والشروط اللازمة لإجراء إنتخابات سليمة ونزيهة وشعبية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

وتدعي سلطات البحرين التي تستضيف الأسطول الأمريكي الخامس وتستعدّ لإستقبال رئيس وزراء كيان الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أطار الزيارات التطبيعية مع الدول الخليجية، أن الإنتخابات "ديمقراطية" وتجري في اجواء من الأمن والأمان، لكن المعارضة التي تم قمعها على ايدي قوات آل خليفة ويقبع انصارها في السجون تؤكد أن الإنتخابات حاضراً و مستقبلاً لن تكون ديمقراطية مادامت تستمر حملات القمع والإعتقال والسجن والتعذيب والمحاكمة والحظر واسقاط الجنسية والطرد من البلاد بحق المعارضين وغيرهم من المواطنين.

ويأتي إدعاء السلطات البحرينية التي تستعين بالقوات السعودية الغازية للمساعدة في قمع المعارضين والمنتفضين، بكون الإنتخابات "ديمقراطية"، مغايراً لما تؤكده ايضا المنظمات الحقوقية المحلية والدولية كمنظمة "هيومن رايتس ووتش" التي تؤكد أن حكومة المنامة لم توفر الظروف اللازمة لإجراء إنتخابات حرة بل إتخذت سياسة "سجن وإسكات الأشخاص الذين يتحدون العائلة المالكة" كما حظرت جميع أحزاب المعارضة.

ومن المنظمات الدولية التي طالبت حكومة البحرين بإعطاء مساحة من حرية الرأي والتعبير للمعارضة هي منظمة العفو الدولية التي أعلنت على لسان الباحث في شؤون البحرين "ديفين كيني" أن السنتين الماضيتين شهدتا قمع وترهيب وإسكات أصوات المعارضين السياسيين ولذا ينبغي للسلطات البحرينية أن تضع حدّاً للقمع المتصاعد بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والنشطاء السياسيين وعلماء الدين والمتظاهرين السلميين والسماح بحرية التعبير.

المعارضة تطالب بإعادة هيكلة البرلمان

وتسعى المعارضة البحرينية إلى إجراء إصلاحات سياسية جذرية وإعادة هيكلة البرلمان الذي يتمتع بسلطات لا تكاد تُذكر وغيره من المؤسسات الهامة ولكن الحكومة الخليفية الملكية لا يروقها ذلك بل تريد أن يكون البرلمان وغيره من المؤسسات تابعاً لها ومنفذاً لأوامرها بحيث لا يحرك ساكناً إلا بأمر أسياده.

وتؤكد المعارضة إن مقاطعة الإنتخابات الحالية والتالية إجماع وطني ولن تنتهي هذه المقاطعة ما لم ترضخ السلطات للمطالب القانونية للشعب، وفي هذا الصدد قال رئيس المركز الإعلامي في جمعية الوفاق طاهر الموسوي، إن جميع جمعيات المعارضة وجميع القوى والتجمعات المهنية قاطعت الإنتخابات وهذه المقاطعة "إجماع وطني".

وتحظى مقاطعة الإنتخابات بدعم المرجع الديني آية الله الشيخ عيسى قاسم وسائر كبار علماء البحرين لأن الإنتخابات إذا جرت في ظروف لا تشبه ظروف إنتخابات حرة وعادية لن تكون إلا إنتخابات فارغة لا تعود على المواطنين بخير وجدوى.

وبناءً على ما تقدّم، كيف تدعي سلطات البحرين بديمقراطية الإنتخابات وهي تقمع المتظاهرين السلميين المطالبين بالديمقراطية وكيف تدعي السلطات بالحرية وهي تحتجز آلاف المدنيين والمعارضين المعتقيلن وسجناء الرأي في زنزاناتها وتحرِمهم أبسط حقوقهم وزيارتهم للمقرّر الأممي لحقوق الإنسان وكيف تدعي بالتنافس الإنتخابي وهي تواصل سياسة حل الجمعيات السياسية ومنعها من المشاركة في الإنتخابات وإسقاط الجنسية عن المواطنين الذين يحق لهم التصويت وتطردهم من البلاد بذريعة الإخلال بـ"الأمن"، وكيف تدعي بوجوب الإقتراع الوطني وهي سمحت بالقوات السعودية بإحتلال الوطن والمشاركة في قمع المعارضة الوطنية والمواطنين المنتفضين في وجه الديكتاتورية.