"حفلة عائلية" بالبحرين تدعى الانتخابات!

السبت ٢٤ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٧:٢٥ بتوقيت غرينتش

انطلقت، صباح اليوم السبت، عملية التصويت في الانتخابات النيابية والبلدية البحرينية هي الخامس منذ عودة الحياة النيابية في عام 2002. ودعت المعارضة التي تعرّضت لتضييق واعتقالات، إلى مقاطعتها.

العالم - البحرين

وذكرت وكالة أنباء البحرين الرسمية أن مراكز الاقتراع فتحت أبوابها، عند الساعة الثامنة صباحاً، حتى الثامنة من مساء اليوم.

ويصل عدد الناخبين الذين يحقّ لهم التصويت في الانتخابات إلى 365 ألفاً و467 ناخباً.

ووصف المعارض البحريني يعقوب آل ناصر، الانتخابات البحرينية بأنها "حفلة عائلية تمت دعوة مقربين لحضورها".

وكتب آل ناصر في موقع "مرآة البحرين"، قائلاً: "حددت العائلة المالكة الأفراد المخلصين الذين يحق لهم اغتنام أحد مقاعد البرلمان الأربعين، والمواطنين المطيعين الذين يجب عليهم الذهاب لصناديق الاقتراع، بينما قامت بعزل الأحزاب المعارضة، وتنحية آخرين جانباً مثل جماعة الإخوان المسلمين إرضاء للإمارات".

وأضاف الكاتب البحريني: "لقد قررت أن مصلحتها تكون بعزل جميع معارضيها: اعتقلت زعماء المعارضة وحاصرت من تبقى منهم ومنعتهم بموجب قانون أصدره الملك حمد بن عيسى آل خليفة من خوض الانتخابات، فيما قامت بإسقاط الآلاف من قوائم المقترعين لإخفاء أثر المقاطعة".

في حين قال مراد الحايكي في الموقع ذاته إن المجلس النيابي القادم "أسوأ من الذي سبقه"، قائلاً: إنه "سيكون بكل جدارة مجرد إدارة حكومية ذات ميزانية مكلفة يمثل فيه النائب الإرادة الحكومية لا الشعبية".

وتابع الحايكي: إن "حرص النظام على عقد الانتخابات ودفع الناس بالتهديد للمشاركة يعود لسببين رئيسيين؛ الأول إعطاء شرعية مزيفة لكل القرارات التي يود النظام اتخاذها في المرحلة المقبلة، والسبب الثاني لتجميل صورة النظام دولياً".ودعا تياران مناوئان للنظام البحريني؛ وهما "تيّار الوفاء الإسلامي" و"حركة الحريّات والديمقراطية (حق)"، إلى مقاطعة وعصيان شعبي للانتخابات الصورية.

وقالت المعارضة: إنهم "يقمعون صوت المواطن الذي يريد المشاركة بتبريرات تتغير وفق الهوى، تارة انتخابات معروفة النتائج، وتارة المشاركة لن تغير شيئاً، وتارة أخرى بالتشكيك في المسألة كلها".

ويرى مراقبون أن البحرين أصبحت تابعة بشكل مطلق للسعودية، خاصة بعد أن استعانت بالرياض لـقمع الاحتجاجات التي طالبت بإقامة ملكية دستورية في البلد.

وبحسب موقع "بي بي سي" البريطاني، فإن برلمانيين بريطانيين يرون أن الانتخابات في البحرين لن تكون حرة؛ في ظل دعوة "جمعية الوفاق" لمقاطعة الانتخابات، وفي ظل إسقاط الحكومة الجنسية البحرينية عن بعض معارضيها البارزين مثل الشيخ عيسى قاسم.

وقال أحمد الوداعي، مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية: "إن وضـع حقوق الإنسان في أسوأ مراحله الآن، وإن الانتخابات الصورية تأتي بأجواء من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وسحق كافة أشكال المعارضة والمراقبة".

وهذه هي خامس انتخابات نيابية وبلدية في البحرين منذ عودة الحياة النيابية في عام 2002.

اعتقالات في أولى ساعات الانتخابات

وعلى الرغم من وصف وكالة الأنباء البحرينية إقبال الناخبين في الساعات الأولى من التصويت بأنه "غير مسبوق"، فإن منظمة العفو الدولية أعربت عن قلق بالغ إزاء التقارير عن اعتقال وترويع معارضين.

وتحدّثت جمعية الوفاق في المملكة، عن عمليات اعتقال وتوقيف في صفوف المعارضة البحرينية.

وقالت عبر حسابها في "تويتر": "تمت مداهمات لمنازل المواطنين فجراً، واعتقال عدد من المواطنين بينهم أطفال".

انتخابات البحرين بلا معارضة

ويشعر المسؤولون في البحرين بالحماسة لذكر الأرقام إذا سألتهم عن الانتخابات حيث يتنافس نحو 350 مرشحا على 40 مقعدا اليوم السبت.

وتشمل قائمة المرشحين 44 من النساء فيما يبلغ عدد أحزاب المعارضة المشاركة "صفر".

وفي عام 2010، كانت جمعية الوفاق، تسيطر على نصف البرلمان تقريبا. ثم جاء عام 2011، عندما انضم البحرينيون إلى موجة الاحتجاجات، مطالبين بالحريات السياسية ومساواة أكبر من النظام الملكي. وسحقت الحكومة الانتفاضة السلمية بمساعدة قوات من جيرانها في الدول الخليجية حيث قُتل ما يقرب من 50 شخصا.

والآن، تم حظر الوفاق، وتم وضع زعيمها، الشيخ "علي سلمان"، في السجن بتهم ملفقة شملت التجسس لصالح قطر. كما تم حل جمعية العمل الديمقراطي "وعد" وهي جمعية يسارية علمانية.

ولا يُسمح للأعضاء السابقين في الوفاق أو وعد بالتقدم للانتخابات.

ومع تقلص الحريات السياسية، تتفاقم عدم المساواة بسبب الأزمة الاقتصادية. وعلى الرغم من أن القطاع غير النفطي يولد 80% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن النفط يوفر 70% من الإيرادات الحكومية. وعندما انهارت أسعار النفط في وقت سابق من هذا العقد، ارتفع عجز المالية العامة في البحرين ليصل إلى 18.4% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015.

ومنذ ذلك الحين، خفضت الحكومة الإنفاق. وتم تخفيض إعانات الكهرباء والماء للوافدين والأثرياء البحرينيين. ويهدف نظام التقاعد المبكر، الذي تم إطلاقه الشهر الماضي، إلى خفض الرواتب العامة، وتقدم أكثر من 9 آلاف عامل بطلب للحصول على التقاعد وفقا للنظام.

وسوف تزيد ضريبة القيمة المضافة الجديدة المقدرة بنسبة 5%، المقرر تقديمها في يناير/كانون الثاني، من العائدات الحكومية، لكنها ستجهد الأسر التي تكافح بالفعل لدفع فواتيرها، مع الأجور شبه الثابتة، ومتوسط دخل شهري للقطاع الخاص يبلغ 416 دينار (1106 دولارات)، وهو أقل بنسبة 41% من نظيره في القطاع العام. وتميل الوظائف الحكومية الأعلى أجرا إلى الذهاب إلى السنة، ويتم استبعاد الشيعة في الغالب من وحدات الأمن.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، اضطرت السعودية والكويت والإمارات إلى التدخل ومنح البحرين مبلغ 10 مليارات دولار كمساعدات.

ولكن هذه المساعدات تأتي بمقابل أيضا. وتلعب البحرين دورا كمركز مصرفي وسياحي للسعوديين رغم محاولة كل من السعودية وقطر بناء مراكز مالية خاصة بهما. وسمح ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" بفتح دور السينما والحفلات الموسيقية في محاولة لإبقاء السياح السعوديين، وأموالهم، في الداخل.

ولكن حتى الآن، لا يمكن للحياة الليلية الجديدة في السعودية أن تتنافس مع الحياة الليلية في المنامة لكن البحرين تفقد هذه الميزة تدريجيا. ولطالما اعتمدت البحرين على جيرانها الأكثر ثراء للأعمال التجارية، والآن أصبحوا منافسيها.

لكن هناك شيء واحد مؤكد في كل هذا، لن يكون لسكان البحرين رأي يذكر حول كيفية التعامل مع هذه التحديات الاقتصادية.

هل تنقذ الانتخابات البرلمانية نظام البحرين ؟

وتسعى دولة البحرين ساعيةً لتسويق المشهد الانتخابي على أنه عرس ديمقراطي قد يبرئ النظام البحريني من انتهاكاته بحق المعارضة البحرينية، فهل ستنقذ هذه الانتخابات النظام البحريني وتبيض صفحته أم ستكون عبئاً جديداً ونقطة سوداء في تاريخه لكونها تتم دون السماح للمعارضة بالمشاركة في هذه الانتخابات؟.

الانتخابات تجري وسط مقاطعة المعارضة

ولكون المنافسة معدومة أصلاً في هذه الانتخابات لن يكون هناك حل لأزمات البحرين المتفاقمة منذ انطلاقات الاحتجاجات في العام 2011، خاصة وأن آلية القمع لا تزال نفسها حتى عشية الانتخابات البرلمانية التي غايتها وضع البلاد على سكة "الديمقراطية" وتلبية حاجة مواطني البحرين، فعلى سبيل المثال اعتقلت السلطات البحرينية النائب السابق علي العشيري بسبب تغريدة له بشأن مقاطعة الانتخابات، هو أحدث مثال على قمع المعارضة السلمية، ناهيك عن أن وضْع حقوق الإنسان في أسوأ مراحله الآن، ولا تتسامح السلطات حتى مع المعارضين السلميين لها، وقامت بسجن العديد منهم وبينهم الناشط البارز نبيل رجب.

إذن عن ماذا تبحث البحرين؟

السلطات البحرينية تعلم في قرارة نفسها أن الانتخابات البرلمانية صورية وليس لها فعالية حقيقية على الأرض، لكنها تريد إيصال رسالة للعالم أجمع بأنها تتبنى فكرة الديمقراطية وتعمل عليها وها نحن نقيم "انتخابات برلمانية" والشعب يأتي إلى صناديق الاقتراع، التفاصيل بالنسبة لهم غير مهمة، المهم "شكل الديمقراطية"، فكيف سيكون لمثل هذه الانتخابات معنى بعد إبعاد أحزاب ومنظمات دينية وعلمانية تضم أشخاصاً من مختلف مكونات الشعب.

المنظمات الدولية والإنسانية

بالرغم من التقارير الدائمة عمّا يجري في البحرين إلا أن المجتمع الدولي لا يحرّك ساكناً حيال ما يجري هنا، فقد أعربت منظمة العفو الدولية الجمعة عن "قلقها الشديد" من قمع السلطات البحرينية للمعارضة السياسية، قبل يوم من إجراء الانتخابات التشريعية.

وقال ديفين كيني، وهو باحث في المنظمة في بيان: إنه خلال العامين الماضيين تم "احتجاز وتخويف وإسكات المعارضة السياسية".

وأكد البيان "ندعو السلطات لوقف هذا القمع المستمر والمتصاعد والسماح بحرية التعبير للأصوات المعارضة، بما ذلك أولئك الذين يعارضون النظام الملكي".

وتابع كيني: إنه "لا يمكن لشركاء وحلفاء البحرين الدوليين البقاء صامتين، وعليهم استخدام نفوذهم للضغط على السلطات البحرينية للالتزام بالمعايير الدولية".

أما منظمة هيومن رايتس ووتش فقد قالت إن الانتخابات البرلمانية في البحرين ستجري في بيئة سياسية قمعية لن تفضي إلى انتخابات حرة، وحثّت المنظمة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني الثلاثاء الماضي، حلفاء البحرين على "تشجيع الحكومة البحرينية على اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لإصلاح القوانين التي تقوّض حرية التعبير والتجمع، وللإفراج عن رموز المعارضة المعتقلين".

الانتخابات في البحرين ليست الا مهزلة

من جانبه قال عالم الدين البحريني، 'الشيخ عبد الله الدقاق'، ان الانتخابات التشريعية والبلدية التي تجري اليوم في البحرين ليست الا مهزلة؛ موكدا على مقاطعتها من قبل الشعب البحريني.

وعلى هامش الدورة الـ 32 للموتمر الدولي للوحدة الاسلامية المقام حاليا بطهران، قال الشيخ الدقاق 'ان هذه الانتخابات هي انتخابات السلطة والمجلس القادم هو مجلس السلطة مئة بالمئة وان هذا المجلس لايمثل ارادة الشعب البحريني وان شاء الله سيفتضح هذا النظام بمرور الايام بانه يمشي في مقابل تطلعات شعبنا في البحرين'.

وبشان وجود تقارير حول نية رئيس وزراء كيان الاحتلال 'الاسرائيلي' لزيارة البحرين، اكد الشيخ الدقاق 'ان زيارته غير مرحب بها من قبل ابناء الشعب البحريني واذا فرضت السلطة هذه الزيارة على الناس فسيكون لها تداعيات ان شاء الله'.

العريضة الشعبية أفشلت انتخابات النظام

وفي السياق قال القياديّ في المعارضة البحرانيّة وفي ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير "ضياء البحراني"، إنّ العريضة الشعبيّة التي تنظمها الهيئة الوطنية برئاسة الأستاذة مروة حميد، حققت نجاحًا كبيرًا على المستوى الميداني والإعلامي والسياسي، ووضعت النظام الحاكم في البحرين في زاوية لا يُحسد عليها.

ولفت البحراني في تصريح خاص لقناة العالم، إلى أنّ الجماهير في البحرين توافدت بكثافة وشجاعة على مواقع جمع التواقيع على العريضة الشعبيّة، وهو ما أثبتته الصور والمقاطع المرئية، على الرغم من كلّ الضغوطات الأمنية والاستنفار العسكري الواسع في كافة الشوارع والمناطق، فيما لم تشهد المقرات الانتخابيّة التي افتتحها النظام سوى حضور خجول من قبل بعض المجنسين وبعض المواطنين ممن تلقوا تهديدات مباشرة بقطع لقمة عيشهم وحقوقهم الأساسيّة.

وأشاد القياديّ في المعارضة البحرانية بالدور الكبير الذي يبذله أعضاء الهيئة الوطنية في جمع تواقيع المواطنين في كافة مناطق البحرين، ونجاحهم في كسر حالة الخوف والحاجز الأمني الذي يسيطر على المشهد العام، مجددًا وقوف الائتلاف ومساندته الكاملة لكافة الخطوات التي أقدمت عليها الهيئة الوطنية في مشروعها الكبير والاستراتيجي المتمثل في العريضة الشعبيّة المنادية بانتخاب مجلس تأسيسي يصوغ دستورًا جديدًا للبحرين.