الكونغرس الاميركي لن يرضى بإغلاق ملف خاشقجي

الكونغرس الاميركي لن يرضى بإغلاق ملف خاشقجي
الثلاثاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٨ - ١٢:٣٥ بتوقيت غرينتش

يسعى الديمقراطيون في الكونغرس الاميركي لارغام ترامب على قبول الواقع في قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي أثار اغتياله بطريقة وحشية في سفارة بلاده باسطنبول جدلا كبيرا في الاوساط العالمية، وعدم التسامح مع ترامب الذي لطالما اتخذ مواقف منحازة تجاه ابن سلمان نظرا لمصالح الولايات المتحدة المشتركة مع السعودية.

العالم - تقارير

بعد ساعات قليلة من صدور بيان البيت الأبيض حول مقتل خاشقجي، أرسل زعيما لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ "بوب كوركر" زعيم الأغلبية الجمهورية باللجنة، و"بوب ميننديز" زعيم الأقلية الديمقراطية فيها، رسالة تطالب الرئيس ترامب ببدء تحقيق حكومي أميركي حول ما إذا كان لولي العهد السعودي دور مباشر أو غير مباشر في قتل خاشقجي.

وتعد خطوة أعضاء مجلس الشيوخ البارزين من الحزبين، خطوة تصعيدية من جانب الكونغرس الذي عبر الكثير من أعضائه بالصدمة من بيان ترامب الأخير.

وبعد صدور البيان تحدث ترامب باقتضاب للصحفيين قبل بدئه عطلة عيد الشكر وقال إن "السي.آي.أي نظرت في الأمر ودرست القضية كثيرا، ولم تتوصل إلى استنتاج مؤكد لا يحمل أي شك.. الحقيقة أنه ربما فعل ذلك، وربما لم يفعل ذلك.. سنقف بجانب المملكة العربية السعودية".

ويتيح تشريع "ماغنيتسكي" أن يطلب الكونغرس من الرئيس الأميركي أن يحدد بصورة قاطعة أسماء منتهكي حقوق الإنسان حول العالم. ويحتم القانون على الرئيس أن يرد على طلب الكونغرس خلال مدة أقصاها 120 يوما من طلب اللجنة بخصوص حاكم معين أو حالة معينة.

وبالفعل قدم الكونغرس -ممثلا في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ- طلبا بهذا الشأن للرئيس ترامب يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن دون السؤال تحديدا عن محمد بن سلمان.

غير أن خطاب كوركر وميننديز الذي أرسل عقب بيان ترامب يحدد بوضوح ويشير إلى دور ولي العهد السعودي، وجاء فيه أنه "في ضوء التطورات الأخيرة بما فيها اعتراف الحكومة السعودية بقتل مسؤولين سعوديين لجمال خاشقجي داخل قنصلية بلادهم في إسطنبول، نطلب منك أن تحدد بدقة هل كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو المسؤول عن مقتل خاشقجي".

وغرد السيناتور كوركر قائلا "إنه بناء على طلبنا الأول بتفعيل قانون ماغنيتسكي تم فرض عقوبات أميركية على 17 مسؤولا سعوديا، وسنستخدم كل ما في حوزة الكونغرس من أدوات ووسائل لمعاقبة المسؤولين عن عملية قتل خاشقجي".

بومبيو وماتيس يقدمان إفادة أمام مجلس الشيوخ حول السعودية الأربعاء

أعلن السناتور الأمريكي "جون كورنين" أن وزيري الخارجية والدفاع مايك بومبيو وجيمس ماتيس سيقدمان إفادة أمام مجلس الشيوخ عن آخر التطورات المتعلقة بالسعودية.

وذكر السناتور "جون كورنين"، وهو ثاني كبار الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي، أن جلسة بهذا الخصوص ستعقد يوم الأربعاء في الساعة الـ 11 صباحا بالتوقيت المحلي (الساعة الـ 16 بتوقيت غرينتش).

ليندسي غراهام : الكونغرس لن يغض الطرف في قضية خاشقجي

أعرب أعضاء بارزون في مجلس الشيوخ الأمريكي، بينهم السيناتور الجمهوري "ليندسي غراهام" والسيناتور "بوب كوكر"، عن رغبتهم في عقد جلسة استماع حول السعودية.

وقال مصدران بالكونغرس، لـCNN، إنه من المتوقع عقد جلسة استماع لوزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين بشان السعودية أمام جميع أعضاء مجلس الشيوخ، الأربعاء، وأضاف المصدران أن الموضوع الرئيسي هو اليمن ولكن من المتوقع أيضا مناقشة قضية مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي وقضايا أخرى خلال الجلسة.

وكان السيناتور كوركر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ قال، في تصريحات لـCNN، إن وزير الخارجية والدفاع ومديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، يجب أن يطلعوا مجلس الشيوخ على الوضع في اليمن والظروف المحيطة بمقتل خاشقجي، قبل أن يقرر المجلس ما سيتخذه من إجراءات تجاه السعودية.

من جانبه، قال السناتور غراهام: "لا تعتقدوا أن الكونغرس سوف يغض الطرف إذا كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يجعل العالم مكانا أكثر خطورة، لن نعطي زعيما أوتوقراطيا تذكرة مرور". وأضاف: "لا نريد إعطاء الآخرين الضوء الأخضر ليسلكوا هذا الطريق".

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال، في بيانه الذي جاء بعنوان "أمريكا أولا" عن مقتل خاشقجي، إن "وكالاتنا الاستخباراتية تواصل تقييم جميع المعلومات، لكن من المحتمل جدا أن يكون ولي العهد على علم بهذا الحدث المأساوي، ربما كان وربما لم يكن!". وذكر ترامب في تصريحات لاحقة أن الاستخبارات لم تتوصل إلى نتيجة حاسمة بشأن دور ولي العهد.

وجاء نفي ترامب لتوصل الاستخبارات الأمريكية إلى نتيجة حاسمة، بعد تقارير إعلامية نقلت عن مصادر أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية خلصت إلى أن عملية خاشقجي "لم تكن لتحدث دون علم" ولي العهد السعودي.

بينما وصف عضو مجلس النواب الأمريكي "آدام شيف"، الذي من المتوقع أن يرأس لجنة الاستخبارات بالمجلس، الرئيس ترامب بأنه "غير أمين". وقال شيف، إنه جرى اطلاعه من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، مضيفا: "رغم أنه لا يمكنني مناقشة المعلومات التي جرى اطلاعي عليها بأي حال من الأحوال، ولكن أستطيع القول إن الرئيس غير أمين مع الشعب الأمريكي".

من هنا جاء تعهد النائب شيف بفتح تحقيقات حول أي معاملة مالية قد يكون لها أثر في موقف الرئيس دونالد ترامب الرافض حتى الآن لإدانة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتحميله مسؤولية قتل الصحفي جمال خاشقجي كما في تقرير وكالة الاستخبارات المركزية .

ويحق للجنة الاستخبارات في مجلس النواب أن تستدعي في تحقيقاتها أي شخص أو مؤسسة تعتقد أن لها دورا أو علاقة بموضوع التحقيقات، والاستماع لشهاداتهم والتحقيق معهم بعد إلزامهم بقول الحقيقة.

ومع بروز اسم العسيري واتهامه بدور رئيسي في عملية قتل خاشقجي، تكتسب دعوة النائب شيف بضرورة الكشف عن كل تفاصيل علاقات ترامب مع السعودية -والتي قد تكون ساهمت في التأثير على موقفه من مقتل خاشقجي- أهمية مضاعفة، خاصة العلاقات ذات الأبعاد المالية والتجارية.

ضغوط من الجمهوريين في قضية خاشقجي

وجاءت تصريحات أعداد متزايدة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين (حزب الرئيس ترامب) والمعروف عنهم تأييدهم لسياسات ترامب ومواقفه، والتي أشاروا خلالها -وبعد اطلاعهم على تقرير "سي آي أي"- إلى مسؤولية محمد بن سلمان عن مقتل خاشقجي؛ لتزيد من الضغط من داخل حزب الرئيس من أجل أن يتبنى موقف أجهزته الاستخباراتية.

وخلال لقاء له مع برنامج "قابل الصحافة" الذي تبثه محطة "إن بي سي" الأميركية، عبّر السيناتور الجمهوري من ولاية يوتا مايك لي عن "عدم الموافقة على تقدير الرئيس ترامب الذي يتعارض مع تقارير الاستخبارات التي قد اطلعت عليها".

في حين دعت السيناتورة الجمهورية جوني إرنست من ولاية أيوا إلى التشدد تجاه السعودية، قائلة "نحن نحتاج للنظر بدقة في هذا الشأن".

من جانبه وصف السيناتور الجمهوري عن ولاية نبراسكا بن ساسي -خلال لقاء له مع محطة فوكس الإخبارية- الرئيس ترامب بالضعف، قائلا "يختلف الأمر بين أن تكون براغماتيا وأن تصبح ضعيفا لدرجة عدم قول الحقيقية"، وذلك في إشارة لتبني ترامب رواية مخالفة لرواية "سي آي أي".

وينضم هؤلاء الأعضاء الجمهوريون لزملاء لهم سبق أن انتقدوا بشدة موقف ترامب في قضية مقتل خاشقجي، منهم السيناتور بوب كوركر والسيناتور راند بول والسيناتور ليندسي غراهام.

العقوبات على ابن سلمان
كد السيناتور ليندسي في حديث له مع موقع أكسيوس، "أن  سي آي أي أكدت له أنها تعتقد أن ولي العهد السعودي أمر بقتل جمال خاشقجي"، وأنه سيدفع بقوة لفرض عقوبات على ولي العهد السعودي.

وعاد غراهام للتأكيد على "أهمية دعم أجهزة استخباراتنا، لأننا نعتقد أنهم على صواب".

وتعهد السيناتور الأميركي بتضمين ما يشير لسلوك محمد بن سلمان المضر بالمصالح الأميركية، بسبب حربه في اليمن وحصاره لقطر وحجزه رئيس الوزراء اللبناني؛ دون أي تنسيق مع الولايات المتحدة.

وقال إنه يتبنى مع السيناتور الديمقراطي بوب ميندنيز مشروع قرار سيفرض بمقتضاه عقوبات على السعودية كعقاب على عملية القتل، "وسأدفع باتجاه تضمينها عقوبات على محمد بن سلمان".

ويظهر كل ما سبق أن قضية خاشقجي لن تغيب في أي وقت قريب من ساحة الاهتمام الأميركي، وستدفع باتجاه مزيد من التنسيق بين الجمهوريين والديمقراطيين في مواجهة الرئيس ترامب فيما يتعلق بهذه القضية.

وعلى الرغم من تبني ترامب مقولة "إن العالم مكان خطير"، وأن مصالح بلاده يجب أن تركز على تقوية العلاقات مع الرياض؛ فإن السيناتور غراهام يرد عليه بالقول إن "كل البدائل على الطاولة لفرض عقوبات على السعودية، وستبدأ بفرض حظر على تصدير الأسلحة".

فورين بوليسي: ترامب أضر بالتحالف مع السعودية بدفاعه عن بن سلمان

يقول الكاتب بريم كومار أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يُعرّض التحالف الاستراتيجي المهم بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية للخطر، بسبب دفاعه عن ولي العهد، محمد بن سلمان، المتهم بعملية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول، بالثاني من أكتوبر الماضي.

وكتب كومار في مقال له نُشر بمجلة "فورين بوليسي": إن "ترامب وبدلاً من الوقوف مع السعودية، فإنه ببيانه الغريب، الثلاثاء الماضي، سيكون سبباً في تعقيد العلاقة بين أمريكا والسعودية سنوات قادمة".

واعتبر الكاتب أن تصريح الرئيس الأمريكي بأن محمد بن سلمان ربما كان يعلم -أو لا يعلم- بعملية قتل جمال خاشقجي، هو بمثابة محاولة منه لإغلاق ملف القضية. لكن هذا التصريح من المرجح أن يأتي بنتائج عكسية، فترامب لم يكن مهتماً بقضية اغتيال خاشقجي، لكن كان بوسعه الضغط باتجاه إجراء تحقيق موثوق، للمساعدة في تقديم تقييم لما حدث بالقنصلية السعودية في إسطنبول.

ترامب وبدلاً من ذلك، بحسب الكاتب، دعا حلفاء آخرين للولايات المتحدة لإجراء مثل هذا التحقيق، وكانت إدارة ترامب تبدو راضية عما توصلت إليه السعودية من نتائج، رغم أنها عملت قاضية وهيئة محلّفين، خاصة أن القضية تمس رأس الهرم فيها.

وبعد فشل الضغط لإجراء تحقيق ذي مصداقية، يضيف كومار،  يبدو أن ترامب تجاهل حتى التقديرات الاستخباراتية التي أعدها مسؤولون حول ما حدث ومن هو المسؤول، على الرغم من أن تقييم وكالة الاستخبارات الأمريكية أشار إلى أن ولي العهد السعودي هو من أمر بالجريمة.

ويقول الكاتب أن هذا لا يعني أن العالم لا يعرف شيئاً، حيث يمكن أن تستمر المطالب برؤية التقييم النهائي لوكالة الاستخبارات المركزية، كما أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى ما هو أعمق، حينما سيتعلق الأمر بالعلاقات السعودية - الأمريكية، بالطريقة ذاتها التي جاء بها تقرير من 28 صفحة، غير معلن للاستخبارات الأمريكية، حول التورط السعودي في تفجيرات 11 سبتمبر، قبل أن تُرفع عنه السرية لاحقاً.