هجوم علماني مصري تونسي على بيان الأزهر بشأن الميراث...

هجوم علماني مصري تونسي على بيان الأزهر بشأن الميراث...
الثلاثاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٨ - ٠٥:٤١ بتوقيت غرينتش

أثارت تصريحات أستاذ بجامعة الأزهر بشأن حالات الميراث ضعف ما للمرأة حسب تعاليم الاسلام و النص القرآني جدلا واسعا في مصر وتونس، وذلك بعد رفض الأزهر لمقترحات الرئيسين التونسي باجي قائد السبسي و المصري عبدالفتاح السيسي بتعديل بعض احكام الشريعة الاسلامية، ولذلك كثير من المراقبين يصفون مؤيدي هذه الرؤية بالعلمانيين.

العالم-تقارير

وحسمت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية الضجة الاعلامية المثيرة حول المساواة بين الرجال والنساء في الميراث، الذي اندلع على مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية إقرار الحكومة التونسية مؤخرا قانون المساواة في الميراث.

وقالت هيئة كبار العلماء (أعلى هيئة في الأزهر) -في بيان صدر يوم أمس الاثنين- إنها تتصدى لهذه القضية "انطلاقا من المسؤولية الدينية التي اضطلع بها الأزهر الشريف منذُ أكثر مِن ألف عام إزاء قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وحرصا على بيان الحقائق الشرعية ناصعة أمام جماهير المسلمين في العالَم كله".

وأصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر بيانا وصل "عربي21" نسخة منه، استنكرت فيه ما يثار في الآونة الأخيرة حول بعض الثوابت الشَّرعية المُحْكَمةِ، واصفا ما يتم إثارته بـ "الخيالات المناقضة لقطعيَّات القرآن ثبوتا ودلالة".

وأضاف البيان: "من تلك القضايا التي زاد فيها تجاوز المضللين بغير علم في ثوابت قطعية معلومة من الدين بالضرورة، ومن تقسيم القرآن الكريم المُحكَمُ للمواريث، خصوصا فيما يتعلق بنصيب المرأة فيه".

 

تعتيم إعلامي على بيان الازهر

إن الحكومة المصرية صدرت تعليمات أمنية لوسائل الإعلام المصرية بعدم نشر البيان الذي أصدرته هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف مساء الاثنين، بعد اشتعال معركة كلامية بين شخصيات تونسية وجهات مصرية وتونسية من جانب، والأزهر من جانب آخر؛ بسبب رفض الأزهر لمقترحات الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بتعديل القوانين، بما يؤدي للمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، ويسمح بزواج المسلمة من غير المسلم.

وطبقا لمعلومات حصلت عليها "عربي21" من عاملين في عدد من الصحف المصرية، فإن المواقع التي قامت بنشر بيان الهيئة حذفته بعد أربع ساعات من النشر، بعد إبلاغها أن التعليمات صادرة من مؤسسة الرئاسة، وهو ما حدث في بوابة الأهرام ومواقع اليوم السابع والوطن ومصراوي، بينما لم تقم مواقع وصحف أخرى شهيرة بنشر الخبر، مثل الشروق والمصري اليوم.

وفيما يتعلق بالقنوات الفضائية، فقد كانت الأوامر صارمة بعدم التطرق للبيان بالسلب أو الإيجاب، والتركيز على بيان مفتي الديار المصرية شوقي علام، الذي أصدره صباح الاثنين، والكلمة المتلفزة للمفتي السابق علي جمعة ردا على الأستاذ بجامعة الأزهر سعد الهلالي، الذي أكد مشروعية المساواة في الميراث.

وكانت هيئة كبار العلماء في الأزهر أصدرت بيانا شديد اللهجة مساء الاثنين، حسمت فيه الجدل الدائر حول قضية المساواة في الميراث، واعتبرته ضمن الحملة الممنهجة ضد الثوابتِ الشَّرعيةِ المُحْكَمةِ التي يُحاوِلُ البعضُ التحقيرَ مِنها والاستخفافَ بأحكامِها، ويَجتهِدُ آخَرونَ في التقليلِ من قيمتِها.

 

هجوم علماني مصري تونسي

وتعرض الأزهر لهجوم غير مسبوق من الأوساط التونسية العلمانية، بعد أن دخل على الخط في الجدل الدائر حول المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وإباحة زواج المسلمة بغير المسلم، حيث اعتبرت الحكومة التونسية أن هذه القوانين هي شأن داخلي لا علاقة للأزهر بها.

وأعلنت أحزاب تونسية، من بينها "نداء تونس" الحاكم و"حراك تونس الإرادة" المعارض، رفضها لما أسمته إقحام الأزهر نفسه في نقاش داخلي صرف".

وقال مفتي تونس عثمان بطيخ، المؤيد لدعوة السبسي، الأسبوع الماضي، ردا على تدخل الأزهر إن "أهل مكة أدرى بشعابها".

كما دشن نشطاء تونسيون هاشتاج #يا الأزهر خليك_في_العسكر، رفضوا فيه تدخل الأزهر في مسألة تونسية، وتجاهله قمع العسكر في مصر.

وفي مصر، هاجم علمانيون وسياسيون مؤيدون للنظام الأزهر بسبب هذا الموقف، حيث قال الكاتب الشوباشي، عبر "فيسبوك"، إن الأزهر يبعث برسالة ترهيب للشعب المصري ولنظام السيسي، مفادها: نحن هنا، وإياكم أن تفكروا في تطبيق هذه الأفكار في مصر، وإلا سنقوم بتهييج الجماهير عليه باسم الدين".

كما عارضت صحيفة "اليوم السابع" المصرية موقف الأزهر، ووصفت مقترحات السبسي بأنها انتصار لنضال التونسيات".

وفي مواجهة هذا الهجوم على الأزهر، قال البيان إن "رسالةَ الأزهر، وبخاصة ما يتعلَّق بحراسة دين الله، هي رسالة عالمية لا تحدها حدود جغرافية، ولا توجهاتٌ سياسية، مؤكدا أن دور الأزهر لا يقتصر فقط على مصر، لكنه دور عالمي ومسؤولية تاريخية تجاه كافة المسلمين في العالم".

وشدد أن الأزهر يقوم بدوره الديني والوطني الذي ائتمنه عليه المسلمون، ويرفض المساس بعقائد المسلمين وأحكام شريعتهم، أو العبث بها، موضحا أن أحكام المواريث قطعية الثبوت والدلالة، ولا تحتمل الاجتهاد، ولا تقبل الخوض فيها بفكرة جامحة أو أطروحة لا تستند إلى قواعد علم صحيح، وتستفز الجماهير المسلمة المستمسكة بدينها، وتفتح الباب لضرب استقرار المجتمعات المسلمة".

 

المساواة في المواريث مسألة دينية ولاسياسية

من جانبه، قال عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا، سيف رجب، إن تدخل الأزهر في هذه القضية هو أمر طبيعي، بل وواجب على الأزهر الذي يتولى الدفاع عن الدين الإسلامي، على حد قوله، مؤكدا أن الأزهر لم يفعل سوى الدور المنوط به، فهو منارة العالم الإسلامي كله، والمسؤول عن ترسيخ تعاليم الإسلام.

وأوضح رجب، في تصريحات لـ "عربي21"، أن "المقترحات التونسية هي مخالفة صريحة لتعاليم الدين الإسلامي التي أقرها القرآن بوضوح، مشيرا إلى أن المرأة لا يحق لها أن تتساوى في الميراث مع الرجل، لأنها مسؤولة من زوجها أو أبيها أو أخيها، كما أن الإسلام حرم زواج المسلمة من غير المسلم".

وحول ترحيب كثير من أنصار النظام في مصر بالقوانين التونسية الأخيرة، قال الشيخ سيف رجب إن من يؤيدون هذه الأفكار هم مجموعة من العلمانيين البعيدين عن الإسلام الكارهين لتعاليمه، أو من يتربصون بالأزهر؛ للنيل منه في كل مناسبة، حسب قوله.

لكن الباحث السياسي "عمرو هاشم ربيع" رأى أن هذا الأمر لا علاقة له بالسياسة، موضحا أن القضية تتعلق في الأساس بدور الأزهر ورسالته؛ لأن مسألة الميراث أو الزواج هي مسائل دينية، وأن الأزهر يمارس دوره، وكان لزاما عليه أن يدلي بدلوه في توضيح أمور شرعية ينص عليها القرآن الكريم والسنة النبوية.

وحول الانتقادات التي يوجهها أنصار النظام المصري للأزهر؛ بزعم تدخله في الشأن التونسي، قال ربيع لـ "عربي21" إن "مؤيدي السيسي الذين يكرهون الأزهر ينقسمون لقسمين، الأول هم العلمانيون الذين يكرهون المؤسسات الدينية بشكل عام، ويعارضون توجهاتها الأيديولوجية والثقافية".

أما القسم الثاني، بحسب ربيع، فهم "مؤيدو السلطة الذين يعارضون الأزهر؛ تماشيا مع هجوم النظام عليه طوال الشهور الماضية"، مشيرا إلى أن "السيسي غاضب من وقوف الأزهر على الحياد في كثير من القضايا السياسية التي يتبناها، ويريد أن ينافقه الأزهر ويؤيده في كل شيء، وهو ما يرفضه الإمام أحمد الطيب".

 

علمانية نظام السيسي

وقبل انطلاق الانتخابات الرئاسية المصرية كان قد أجرى وزير الدفاع السابق المشير عبدالفتاح السيسي لقاءً مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية.

وقد كشفت المذيعة التي أجرت معه الحوار عن بعض ما جاء فيه, وقالت: "تقابلت مع المشير السيسى والذى وضح لى تمامًا أنه لا مكان للدين فى الحكومة، وأنه يجب أن يكون هناك فصل بين الدين والدولة".

وتابعت المذيعة بحسب مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي: "من الآن يا مصر وإسرائيل وأمريكا: ستبقى مصائرنا متشابكة للأبد".

ويأتي ذلك في وقت قالت صحيفة "ذا تايم أوف إسرائيل"  إن فوز المشير عبدالفتاح السيسي بالرئاسة "خبر ممتاز لإسرائيل".

 وأضافت أنه "خلال لقاءات السيسي الإعلامية التي أجريت على مدى الأسابيع القليلة الماضية، أكد القائد العسكري السابق أن الحفاظ على العلاقات مع إسرائيل هو مصلحة وطنية، وبالتالي متوقع أن يستمر التعاون العسكري بين الجيشين الإسرائيلي والمصري في السنوات القادمة". وأعربت عن توقعها بأن "العلاقة الخاصة بين البلدين سوف تستمر قوية، وطالما سيحافظ السيسي على استقرار البلاد، فسيظل التعاون مع إسرائيل على حاله".