في مطاردة أشرف.. الاحتلال يستبيح كل شيء

في مطاردة أشرف.. الاحتلال يستبيح كل شيء
الثلاثاء ٠٤ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٤:٤٦ بتوقيت غرينتش

"أشرف سلّم حالك".. أصبحت هذه العبارة التي يرددها جنود الاحتلال الإسرائيلي مألوفة للأسماع في المناطق الشمالية في الضفة الغربية، وخصوصا بقرية شويكة قرب مدينة طولكرم.

العالم - فلسطين

منذ تنفيذه "عملية بركان" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وقتله مستوطنَين اثنين وإصابة ثالث بجروح ببندقية مصنعة محليا (كارلو) في منطقة صناعية قرب مدينة سلفيت، لم يزل الفلسطيني أشرف نعالوه (23 عاما) طريدا لجنود الاحتلال الذين ما انفكوا يصلون ليلهم بنهارهم بحثا عنه.

من منزله بالجهة الشمالية لقرية شويكة بدأ الاحتلال الملاحقة، فاستهدف عائلة أشرف وأقاربه بالاقتحام والاعتقال، الذي شمل شقيقه الأكبر أمجد ثم والده ووالدته في الخمسينيات من العمر وشقيقاته الثلاث -اللائي أطلق سراحهن لاحقا- وزوج إحداهن.

وفي وقت لاحق أصدر الاحتلال أمرا عسكريا بهدم منزلهم زيادة في الضغط والعقاب معا -كما يقول غسان مهداوي خال أشرف- وسحب تصاريح العمل داخل فلسطين المحتلة عام 1948 الخاصة بأقاربه، وسط مطالبات إسرائيلية بحرمان قرية شويكة كلها من هذه التصاريح.

اتهامات للضغط على العائلة
يصف غسان مهداوي خال أشرف ما جرى فيقول إن الاعتقال كان "عنيفا وقاسيا"، مرورا بالتحقيق ومن ثم العرض على المحكمة، حيث تُحاكم شقيقته وعائلتها بتهمة "المعرفة المسبقة بنية أشرف تنفيذ العملية".

وينقل مهداوي للجزيرة نت أن شقيقته اشتكت للقاضي الإسرائيلي بالمحكمة أن التحقيق معها يفتقر "لأبسط معاني الإنسانية"، وأنها لم تعرض على الطبيب كما طلبت، ويقول إن شقيقته وزوجها يعانيان أمراضا عدة.

جنود الاحتلال يقتحمون منزل عائلة نعالوه

وخارج المنزل اتسعت دائرة العقاب الجماعي لتمتد إلى القرية بأكملها والبلدات والمدن المحيطة، والتي صار الجنود يجتاحونها يوميا خاصة قرى بيت ليد وفرعون ودير الغصون في قضاء طولكرم.

يتوقع مهداوي أن يكون جيش الاحتلال قد اعتقل العشرات إضافة للعائلة أو احتجزهم على خلفية "عملية بركان" ومطاردة أشرف. وقد وزَّع الاحتلال بيانات وأطلق تصريحات تحمل عبارات تهديد ووعيد لكل من يؤوي أشرف بشكل أو بآخر، كما نصب عشرات الحواجز الطيارة (المتحركة)، وشدد من إجراءاته على الحواجز الثابتة بإعاقة مرور المواطنين من خلالها.

تخبط في عملية المطاردة
تحولت قرية شويكة ومحيط منزل عائلة نعالوه لمنطقة عسكرية مغلقة يرقبها الجنود عيانا وعبر طائرات استطلاع وتجسس، أما منزل أشرف فيحظر التجوال بمحيطه ويمنع دخوله، فبعض سكانه معتقلون والآخرون هجروه قسرا وسكنوا لدى أقربائهم.

وأي تحرك بالمنزل ومحيطه يعد "محل اشتباه للجنود"، وبثوان قليلة يحولونه لثكنة عسكرية، فهم يقيمون نقاطا عسكرية على مسافة قريبة منه، كما يقول مهداوي الذي داهم الجنود منزله عشر مرات حتى الآن.

قوات الاحتلال كثفت الحواجز المتحركة بحثا عن أشرف نعالوه

حتى الأموات نالهم نصيب من الاقتحام، إذ داهم الجنود مقبرة شويكة وفتشوها، كما داهموا منازل المواطنين في القرى المحيطة كما جرى ببلدة دير الغصون القريبة حين اقتحم الجنود أكثر من خمسين منزلا في ليلة واحدة.

يقول الناشط والصحفي بمدينة طولكرم سامي الساعي إن الاحتلال يُضيّق الخناق على المدينة منذ بدء مطاردة أشرف، وينصب الحواجز العسكرية ويداهم المنازل ويجري تحقيقات ميدانية مع أصحابها ويهددهم بتحميلهم المسؤولية وتعريض حياتهم للخطر إذا آووا أشرف أو أعانوه.

صور أشرف مع عبارات التهديد
كل هذا يدل على التخبط -يضيف سامي الساعي-، كما أن الاحتلال ينشر صورا لأشرف مع عبارات التهديد والوعيد، وقد وصل الأمر إلى حد إجبار والديه على الخروج بحثا عنه ومناداته بمكبرات الصوت.

ووفق ما يراه الخبير الفلسطيني بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان فإن كل ممارسات الاحتلال ضد عائلة نعالوه هدفها الضغط عليهم لكشف أي معلومة بحوزتهم قد توصل إلى أشرف، وقال إن إسرائيل تتكتم على نشر أي معلومة في هذه القضية.

وقال أبو علان إن الاحتلال الإسرائيلي انتقل -بما يستخدمه من قوة مخابراتية وأمنية ووحدات خاصة وتكنولوجيا- من "مرحلة الفشل إلى الهزيمة" في اعتقال أشرف، الذي قال إنه يبدو أكثر فطنة وذكاء في "تنقله وعدم استخدامه للتكنولوجيا الحديثة".

وأضاف أبو علان أن الاحتلال سيركز في القادم على العامل المخابراتي وعامل الزمن بمطاردة أشرف بشكل أكبر من العمل الميداني الذي سيرتكز أكثر على الحواجز "المتحركة والفجائية".

ثمة "فشل قضائي" -يقول غسان مهداوي خال أشرف- إضافة للفشل العسكري، فرغم اكتمال ملف القضية لم يُفرج عن عائلة أشرف ولو بشروط، وهذا يؤكد أن أي قرار بالإفراج تتخذه المحكمة "سيجابه بردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية الإسرائيلية"، كما يقول مهداوي.