قراءة في خطاب وزير خارجية ايران بمنتدى الدوحة

قراءة في خطاب وزير خارجية ايران بمنتدى الدوحة
الإثنين ١٧ ديسمبر ٢٠١٨ - ١١:٢٦ بتوقيت غرينتش

انتهت أعمال "منتدى الدوحة الثامن عشر"، الذي عقد في العاصمة القطرية تحت عنوان "صياغة السياسات في عالم متداخل"، حيث توزعت نشاطاته على 25 جلسة خلال يومي انعقاده.

العالم- تقارير

وكان من ابرز الشخصيات المشاركة في المنتدى الأمين العام للأمم المتحدة "غريفيث غوتريش"، ما جعل الأرضية مناسبة لحضور ايران بفاعلية أكبر يتمثل برئيس دبلوماسيتها الدكتور محمد جواد ظريف.

وبما أن حوارات المنتدى توزعت على اربع محاور هي: الأمن، والسلام والوساطة، والتنمية الإقتصادية، والإتجاهات والتحولات (خاصة في فلسطين وسوريا واليمن) فقد وجدت ايران وعبر وزير خارجيتها أن الوقت ملائم للرد على كل الإتهامات والشبهات التي تثار ضدها، وخير ما فعل السيد ظريف في موافقته الرد على تساؤلات قناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية حول ايران ودورها في المنطقة وقدراتها الدفاعية الرادعة.

إن زيارة الدكتور ظريف لدولة قطر التي استمرت ليوم واحد، حظيت بالكثير من الإهتمامات السياسية والإعلامية، وقد تناولها المراقبون والمحللون من عدة جهات، الا اننا سنركز على ثلاث نقاط، كانت محور إهتمامات كل وسائل الإعلام التي تطرقت لزيارة ظريف الى قطر يوم السبت الماضي وهي:

اولا- اكد وزير الخارجية الإيراني إستمرار الجمهورية الاسلامية في إنتهاج سياستها العقلانية التي تعتمد سياسة الحوار والتفاهم بدلا من تبادل الإتهامات وإفتعال الشبهات، مقدما محور الدول الضامنة لحوار استانا حول حلحلة الأزمة السورية، وكذلك مشاورات السويد للتيارات اليمنية التي افضت الى وقف اطلاق نار في حرب ضروس إستمرت لأربع سنوات على اليمن، مؤكدا ان سياسات المملكة العربية السعودية في المنطقة خاطئة وأثبتت فشلها، كما يؤكده المراقبون والرأي العام الإقليمي والعالمي.

وشدد ظريف على ان سياسات السعودية في المنطقة خاصة بعد وصول ولي العهد محمد بن سلمان الى السلطة أظهرت ان الرياض لا تريد خفض حدة التوتر وإزالته من المنطقة وتظن أن زيادته يصب لصالحها.

وهذا ما لمسه العالم من سياساتها الإقليمية بدءا من مقاطعة دولة قطر وفرض الحصار الشامل عليها وتحريض الآخرين على مقاطعتها، مرورا بإحتجاز رئيس وزراء لبنان سعد الحريري وإجباره على تقديم استقالته من الرياض في بيان متلفز، وانتهاء بعدوانها على اليمن.

ثانيا- في لقاءاته مع كبار الشخصيات المرموقة وتصريحاته لوسائل الإعلام المختلفة اكد وزير الخارجية الايراني ان سياسة ايران الدفاعية تعتمد المبادئ والاسس الدولية التي تعطي لكل بلد حقه في تصنيع ما يحتاجه للدفاع عن نفسه، مشددا على ان القدرات الصاروخية الايرانية التي وُلدت وترعرعت في ظل الحظر الشامل والمقاطعات الأمريكية، هي قدرات محلية بحتة، وان طهران اثبتت للعالم اكثر من مرة أنها لن تستخدمها سوى للدفاع عن نفسها.

كما نفى الوزير ظريف أي حق لأمريكا في التطرق الى مزاعم تتحدث عن انتهاك ايران للقرارات الدولية، واكد ان آخر من قد يُسمح له بالحديث عن انتهاك القرارات الدولية، هي امريكا التي ضربت أفضل اتفاق دولي بعرض الجدار أمام الرأي العام، وكررت الكرة اكثر من مرة، إزاء القرارات الدولية الاخرى.

وتساءل ظريف كيف يحق لبلد لايفي بالتزاماته، ان يشكك في التزام بلد آخر بالقرارات الدولية؟ منهيا كلامه بأن ايران وعلى لسان مختلف مسؤوليها اكدت مرارا أن قدراتها الصاروخية الردعية لم ولن تكون محط اي محادثات مع اي طرف آخر لانها شأن داخلي.

وما اثار انتباه وسائل الإعلام في تصريحات وزير الخارجية الايراني تطرقه للحوار المباشر مع واشنطن، شريطة أن تعود الأخيرة لإلتزامها بالقرار الأممي 2231، والعودة الى تنفيذ بنود الإتفاق النووي الذي وقعته في اطار المجموعة السداسية الدولية، مشددا أن لا مؤشرات في الوقت الراهن تدل على عزم امريكا بالرجوع لهذه الحقيقة على المديين القريب والمتوسط على اقل تقدير.

ثالثا- وآخر ما أثار إنتباه المراقبين والمحللين في تصريحات ظريف خلال تصريحاته في الدوحة، إستعداد بلاده لنقل تجاربها للآخرين الذين يعانون من فرض حصار ظالم عليهم، مؤكدا ان واشنطن تهدد طهران بإستئناف الحظر عليها ومقاطعتها !!! لكن طهران عاشت قرابة الأربعين عاما تحت رحمة الحظر والحصار المطبقين من قبل أمريكا عليها، وبإمكانها أن تعيش أربعين عاما آخر، افضل مما كانت عليه حتى الآن، بل وانها على أتم الإستعداد لنقل تجاربها وتدريبها على سبل الإلتفاف على اي حظر أو حصار ظالم.

وهذا ما أفقد ساسة البيت الابيض صوابهم، لأنه وضع طهران في موقع البوصلة التي توجه كل المعارضين لسياسات واشنطن العدوانية.

وختاما يمكن القول ان ما سعت اليه واشنطن وذيولها الخانعة من أنظمة رجعية وعملاء إقليميين لضرب طهران أو مقاطعتها لتصبح معزولة عن العالم، ذهبت ادراج الرياح، وها هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تقف كالجبل الشامخ لتكون نبراسا وأنموذجا لتيار المقاومة المتنامي، ودليلا للإلتفاف على المقاطعات الظالمة لكل متغطرس يحاول فرض هيمنته على الطرف الآخر. فالمنطقة برمتها لاتريد أي خنوع وخضوع للأجنبي، وتتطلع لحوار فيما بين سكانها لتعيش بسلام، بعيدا عن مشاغبات وإثارات اصحاب المصالح المتصيدين في المياه العكرة.

*عبدالهادي الضيغمي