واخيرا بعد 8 سنوات.. أرغموا على احترام ارادة الشعب السوري

واخيرا بعد 8 سنوات.. أرغموا على احترام ارادة الشعب السوري
الأربعاء ١٩ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٢:٠٩ بتوقيت غرينتش

بعد انتصار سوريا جيشا وشعبا وقيادة على كل المؤامرات الرامية الى تدمير الدولة من خلال الازمة الطاحنة التي عصفت بكل مقدرات الشعب السوري منذ عام 2011، فلم يبق أمام كل الاطراف الدولية والاقليمية ومنها الدول العربية سوى احترام الارادة السورية وإعادة تصحيح الاوضاع التي استغلتها بعض الاطراف.

العالم- سوريا

بدأت الدول العربية التي كانت قطعت علاقتها مع سوريا وبادرتها العداء او على الاقل مواكبة ما يتخذ ضدها من قرارات، بدأت اليوم في تحسين علاقاتها مع سوريا وكانت البداية مع زيارة وفد برلماني أردني لدمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد. وجاءت هذه الزيارة بعد فتح معبر نصيب – جابر الحدودي وسادتها الأجواء الإيجابية وأكد الطرفان على ضرورة الدفع لعلاقات ثنائية جيدة.

كما التقت لجنة الشؤون الخارجية النيابية الأردنية امس الثلاثاء، بالقائم بأعمال السفير السوري في عمان أيمن علوش، حيث جرى بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في المجالات كافة. وفي هذا اللقاء حثت اللجنة برئاسة النائب نضال الطعاني على ضرورة النظر إلى الأمام نحو علاقات أخوية راسخة بين عمان ودمشق تسهم بتحقيق المصالح المشتركة لكلا البلدين والشعبين، مشيرة إلى القواسم المشتركة والعلاقات التاريخية بينهما.

ودعا الطرفان إلى زيادة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين وإطلاق جهود مشتركة لتطوير العلاقات على مختلف الصعد، لافتين إلى أن شمال الأردن وجنوب سوريا كيان واحد وهم واحد.

وبعد ذلك جاء دور السودان حيث سافر عمر البشير الرئيس السوداني الاحد الماضي الى سوريا وتم استقباله بحفاوة في دمشق وكانت هذه الزيارة دليلا جديدا على ان الدول العربية استسلمت لارادة الشعب السوري الذي قاوم تحديات كبيرة لرسو بلاده الى بر الامان.

وفي تعليق سوري على الزيارة قال نائب رئيس مجلس الوزراء السوري وزير الخارجية وليد المعلم، إن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق تشكل خطوة إضافية في إطار كسر الحصار الذي فرض على سوريا.

وأفاد بأن الحصار الذي فرض على بلاده تنفيذ لمخطط أمريكي في ظاهره إسرائيلي في حقيقته، يهدف إلى النيل من سوريا، وإضعاف دورها على الساحة العربية والإقليمية، مشيرا إلى أن ما جرى في العالم العربي وضمنه سوريا، سببه الخلل في العمل العربي الذي لا بد من تصحيحه.

كما قال السفير السوري لدى السودان، حبيب عباس، إن زيارة الرئيس السوداني إلى دمشق، تنبع أهميتها من أنها بحثت إعادة التقارب في العلاقات بين الدول العربية، مشيرا إلى أن قيام رؤساء عرب آخرين بزيارات مماثلة في المستقبل غير مستبعد.

ويرى الكاتب عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة راي اليوم في هذه الزيارة: "ان الزعماء العرب يطرقون أبواب قصر الشعب السوري في قلب دمشق، لكسر عزلتهم وغربتهم وليس لكسر عزلة سوريا وغربتها، بعد سبع سنوات عجاف من التيه لم يحصدوا خلالها غير الابتزاز الأمريكي ونهب أموالهم، وحرفهم عن قيم عروبتهم وإسلامهم الصحيح، سورية لم تتغير بل هم الذين تغيروا وضلوا عن الطريق".

مضيفا: "وتأتي هذه العودة في ذروة محاولات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، ولعلها بداية "صحوة" من وهم "الحماية" الإسرائيلية المزورة والمغشوشة والمدانة التي راجت في الأعوام الأخيرة لتبرير هذا الانحراف المؤسف عن الثوابت، ومد يد الصداقة إلى من يرتكبون جرائم الحرب ضد المرابطين المقاومين الشجعان المدافعين عن الأرض والعرض والمقدسات في كل فلسطين المحتلة".

كما قال الباحث في الاعلام السياسي مكرم خوري ان زيارة البشير لسوريا تكسر الجليد من الناحية النفسية ما بين بعض اعضاء في جامعة الدول العربية وان كسر الجمود لن ياتي فقط بزيارات اخرى لمسؤولين عرب الى دمشق بل ستكون هناك مطالبة او قرار جماعي لاعادة سوريا الى مقعدها الشاغر في جامعة الدول العربية.

وبالاضافة الى هذا يرى بعض الخبراء ان الدول والاطراف التي لم تستطع الاطاحة بالرئيس الاسد وترتبط بعلاقة جيدة مع عمر البشير بدء من السعودية والإمارات، مرورا بتركيا وقطر، وانتهاء بجماعة الاخوان المسلمين هي الان حاول عبر بوابة الرئيس السوداني إستئناف علاقاتها مع الحكومة السورية.

ولهذا يقول المحللون ان هناك احتمالا ان تعود العلاقات بين دمشق وعدة دول عربية ولاسيما الخليجية منها، في العام المقبل نتيجة لتسليم هذه الدول بقوة دمشق على صياغة الحضور الفاعل في منظومة التحالفات الدولية والاقليمية التي قوت من قدراتها وثباتها في كل مراحل المواجهة، ولاسيما الأكثر حرجاً منها وخطورة، وانطلاقاً من قناعة باتت راسخة ربما لدى تلك الدول بأن التأثير على صلابة أو خلخلة محور دمشق طهران موسكو هو مضيعة للوقت، وللمال الذي لطالما أنفقته هذه الدول لدعم معارضي الأسد وفشل هؤلاء بتحقيق مانجح الأسد في صياغته على مدى سنوات الحرب.

وبعد السودان نجد ان هناك وسائل إعلام تداولت الاثنين أنباء مفادها بأن رئيس دولة عربية يستعد لتوجيه دعوة إلى الرئيس السوري بشار الأسد من أجل زيارة بلاده.

وقالت الإعلامية التونسية المقيمة بدولة الإمارات، بثينة جبنون، في تديوينة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إنها "علمت نقلا عن مصادر موثوقة بالرئاسة السورية، أن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، سيوجه قريبا الدعوة للرئيس الأسد لزيارة تونس". كما هناك احتمال ان تناقش الدول العربية في اجتماع القمة المقرر انعقاده في تونس موضوع رفع تجميد عضوية سوريا من الجامعة العربية".

وفي سياق تغيير المواقف، نجد ان تركيا ايضا غيرت من لهجتها تجاه سوريا حث قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو مؤخرا عن أن تركيا ستقبل بالتعامل مع الرئيس الأسد اذا مافاز بانتخابات حرة وشفافة على حد تعبيره، بالطبع هذا الموقف الجديد بسبب تخوف انقرة من الدعم الاميركي للاكراد في شمال سوريا كما انها تيقنت ان حلم صلاة رئيس جمهورها رجب طيب اردوغان في الجامع الاموي ذهب ادراج الرياح.

واذا ما غيرت تركيا لهجتها تجاه سوريا فاميركا ايضا الداعم الرئيسي للارهاب الدولي وخاصة الجماعات الارهابية في سوريا، غيرت من سياستها بقصد تدمير احد اطراف محور المقاومة امام ربيبتها "اسرائيل"، عندما قال المبعوث الاميركي الی سوريا جيمس جيفري ان الولايات المتحدة لاتسعی الی التخلص من الرئيس بشار الاسد، لكنها لن تمول اعمار سوريا اذا لم يكن هناك تغيير جوهري.

وبناء على ما يجري فيبدو أن العام المقبل سيحمل ليس فقط نهاية الحرب على سوريا، وإنما سيشهد تغييرا في الخطاب والسلوك العربي وغير العربي تجاه الدولة السورية وستظل سوريا تترفع عن اخطاء اشقائها العرب لانها تعلم ان القوة في وحدتهم قبال التحديات، لكن هل سيدرك الاشقاء انهم اضاعوا الكثير ودمروا الكثير دون ان يحققوا نجاحهم المزعوم وهل سيرفعوا ايديهم عن المغامرات الكارثية في المنطقة؟ هذا ما ستثبته الايام.