سعوديات معتقلات يتعرضن لانتهاكات وتعذيب..

لماذا تشعر الرياض بالخطر من المرأة؟

لماذا تشعر الرياض بالخطر من المرأة؟
السبت ٢٢ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٣٧ بتوقيت غرينتش

عندما كانت وسائل الإعلام العالمية مهتمة برصد أصداء قرار سلطات الرياض برفع حظر منع المرأة من قيادة السيارة قامت الرياض باستغلال الحدث بممارسة أبشع الأساليب الوحشية لترهيب المجتمع عبر استهداف النشطاء والحقوقيين، ولكن الأكثر إثارة هو استهداف النساء بالاختطاف والاعتقال التعسفي والتعذيب الوحشي والاخفاء القسري الذي كان يعتبر خطا أحمر سابقا ينبغي عدم الاقتراب منه لأنه إنتهاك للعادات وتقاليد المجتمع المحافظ جدا.

العالم - السعودية

وفي 15 مايو/أيار الماضي، اعتقل النظام السعودي عددا من الناشطات الحقوقيات اللواتي طالما طالبن منذ عام 1990 برفع الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات.

وإنطلقت هذه الحملة وكأنه عقاب من السلطة لكل ناشطة وناشط أو حقوقية وحقوقي وبالخصوص في مجال قيادة السيارة، وحرصها على تغييب تلك الشخصيات عن وسائل الإعلام التي تغطي الحدث، لتبقى فقط صورة الحاكم بأن له الفضل بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، ويبقى صوت السلطة وإعلامها الذي يطبل ويمجد السلطة على القرار، في ظل تغييب الشخصيات التي قدمت التضحيات الكبيرة وتحملت تشويه السمعة والسجن وغيرها من نشطاء وناشطات في هذا المجال قيادة المرأة للسيارة.

واتهمت السلطات عددا من المعتقلات بارتكاب جرائم خطيرة، بما فيها “التواصل المشبوه مع أطراف أجنبية” ووسائل الإعلام الموالية للحكومة وجهت لهن اتهامات بالخيانة.

وأدلت السلطات السعودية مرارا ببيانات كاذبة في إنكارها الادعاءات الخطيرة بانتهاكاتها لحقوق الإنسان، كما في قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول في القنصلية السعودية. زعمت السلطات السعودية في البداية مثلا أن خاشقجي غادر القنصلية السعودية حيا، لكن أظهرت أدلة لاحقة أن العناصر السعودية كانت قد خططت مسبقا لمغادرة “بديل” القنصلية، في محاولة لإخفاء حقيقة تصفية العناصر لخاشقجي هناك.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن "سعود القحطاني"، المستشار السابق لولي العهد السعودي يعتقد أنه أشرف على هذا التعذيب بنفسه، وإن إحدى الناشطات المعتقلات قالت إنه هددها بالاغتصاب والقتل ثم إلقاء جثتها في مجاري الصرف الصحي.

وتلقت “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” ووسائل إعلام دولية تقارير تفيد بأن السلطات السعودية قد عذبت ما لا يقل عن أربعة ناشطات محتجزات باستخدام الصدمات الكهربائية والجلد والتعرض للإيحاءات الجنسية. كما ورد أن إحداهن على الأقل حاولت الانتحار عدة مرات.

وقال ناشطون ومستشارون سعوديون إن من بين 18 ناشطة اعتقلن، تعرضت 8 منهن للتعذيب الجسدي، وتم معظم التعذيب في بيوت الضيافة التابعة للحكومة في جدة أثناء الصيف قبل نقلهن إلى السجن المركزي في ذهبان.

وقال مصدر إن المحققين حاولوا ترويع إحدى المحتجزات وترهيبها بالادعاء أنهم قتلوا إحدى زميلاتها المعتقلات.

وأضافت المصادر أنه في أعقاب التحقيقات، شوهدت علامات تدل على التعذيب على أجساد النساء، مثل صعوبة المشي وارتعاش لاإرادي في اليدين وكدمات على الأفخاذ وبقع حمراء وخدوش على وجوههن وأعناقهن.

وطالبت هيومن رايتس من السعودية السماح لمراقبين دوليين مستقلين بالوصول فورا إلى ناشطات حقوق المرأة المعتقلات للتأكد من سلامتهن وعافيتهن والتحقيق فورا وبطريقة موثوقة في ادعاءات سوء المعاملة أثناء الاحتجاز، ومحاسبة أي متورط في التعذيب وإساءة معاملة المحتجزات، وتوفير العدالة للناشطات اللواتي أُسيئت معاملتهن خلال الاحتجاز المطوّل قبل المحاكمة.

وتفاعل العديد من المغردين مع أنباء تعذيب وتهديد المعتقلات السعوديات بالاغتصاب واستجاب المئات منهم، لدعوة أطلقها حساب "معتقلي الرأي"، المعني بشؤون المعتقلين في المملكة، عبر "تويتر"، والذي دعا إلى التغريد، تحت وسم "التحرش بالمعتقلات جريمة".

واحتل الوسم مراتب متقدمة بين قائمة الوسوم الأكثر تداولا في المملكة، وسط انتقادات حادة للسلطات السعودية، واتهامات لمنفذي هذه الانتهاكات بالبعد عن أخلاق الإسلام ومروءة الجاهلية.

وطالب المشاركون في الوسم، ألا تمر هذه الانتهاكات مرور الكرام، متسائلين: "أي دين ذلك الذي يسمح بانتهاك حرمات المسلمين والتحرش بالسجينات؟".

وتوجه سلطات الرياض عبر اعتقالها الناشطات رسالة تهديد وترهيب لجميع فئات المجتمع، أنها مستعدة للقيام بأي عمل تعسفي لإخضاع الجميع لما تريده هي فقط فهي تريد عبيدا، ولا صوت يرتفع لأي جهة مهما كانت. ولتحقق السلطة هدفها بإخضاع المجتمع كعبيد بلا حقوق ولا عزة ولا كرامة، عملت على استهداف المرأة وتحجيمها وجعلها مجرد دمية تطبل وترقص على أنغام السلطة وتمجيد الحاكم ولإنجاب المزيد من العبيد.

فالحكومة تشعر بالخطر من المرأة الواعية ذات النشاط الوطني والحقوقي والإنساني والدفاع عن المظلومين، لأن المرأة الحرة الواعية قادرة على تنشئة مجتمع واع يتحلى بالصبر والصمود، فهي أم المجتمع والمدرسة التي تخرج الأحرار الذين يرفضون الظلم والإستبداد والفساد.

ولكن الحقيقة أن الحكومة ومن خلال هذه الانتهاكات واستهداف المرأة بالاعتقال ستساهم في صناعة جيل كبير من النشطاء الأحرار الذين تغذوا على روح التحدي والمواجهة من معاناة أمهاتهن المعتقلات.