هل تنجح السعودية في غسل سمعة بن سلمان من فضيحة خاشقجي؟

هل تنجح السعودية في غسل سمعة بن سلمان من فضيحة خاشقجي؟
الجمعة ٢١ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٣٤ بتوقيت غرينتش

لا تزال قضية الصحفي السعودي المعارض للقيادة السعودية جمال خاشقجي وتصفيته داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، تحتل ربما كل صفحات الاعلام على مستوى العالم والمنطقة منذ لحظة الإعلان عن اختفائه. والنظام السعودي يحاول جاهدا تضليل العالم بشأن قضية خاشقجي وتبرئة ولي العهد محمد بن سلمان الذي أدانه مشروع قرار أمريكي وافق عليه بالإجماع مجلس الشيوخ الأمريكي بشأن الجريمة.

العالم - السعودية

لكن لا تظهر في الأفق أي إضاءات تشير إلى قدرة السعودية على غسل هذه الفضيحة التي لحقت بها.

وتشتكي تركيا، التي وقعت الجريمة على أرضها، من عدم تعاون السعودية معها في مسألة التحقيق. وفي المقابل لم تتخذ الرياض أي خطوات فعلية ضد المتورّطين الذين أعلنت عنهم في الشهر الأول من الجريمة.

وشددت الخارجية الفرنسية على ضرورة فتح تحقيق دولي في جريمة اغتيال خاشقجي، وأكدت على أنها تدعم كل ما من شأنه أن يمنح بعداً دولياً للتحقيقات. كما طالبت بتحديد المسؤوليات بشكل واضح بشأن مقتل خاشقجي، وتقديم المتورطين للمحاكمة.

كما انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، "ازدواجية المعايير" عند الغرب فيما يتعلق بقضية مقتل خاشقجي، وقضية محاولة تسميم الجاسوس الروسي المزدوج السابق، "سيرغي سكريبال" وعدم فرض عقوبات على السعودية.

ويأتي انتقاد بوتين لعدم معاقبة الذين أمروا وقتلوا خاشقجي، في الوقت الذي تستمر به العقوبات على روسيا، إثر محاولة اغتيال سكريبال.

وحتى الآن لم تفرض عقوبات على السعودية أو ولي عهدها، الذي بينت الاستخبارات الأمريكية أنه أمر بقتل الصحفي خاشقجي، لكن طردت دول أوروبية والولايات المتحدة، 100 دبلوماسي روسي بعد الهجوم على سكريبال، في أقوى إجراء للرئيس "دونالد ترامب" ضد روسيا منذ توليه السلطة، فيما نفت موسكو مرارا أي دور لها في الهجوم.

وتتوارد التقارير التي تُثبت تورط ولي عهد السعودية، في قضية قتل خاشقجي، لكن الأمير الثري ما زال محمياً برضا الرئيس الأمريكي، الذي يدافع عنه زحفاً وراء مصالحه.

وتصاعدت مطالبات رسمية وشعبية دولية بمحاكمة بن سلمان كان أبرزها حديث عائلة الصحفي السعودي عن بدء التحرك لرفع دعوى قضائية ضد ولي عهد السعودية.

وفي ظل الغضب المتواصل من جراء مماطلة السعودية وتعاملها مع القضية التي شغلت العالم بأسره، خرج الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، للحديث عن أنه لا محميّ بالحصانة في المملكة.

وجاء في حديث الملك السعودي خلال جلسة إعلان الميزانية العامة للدولة، قبل أيام: "الدولة قامت على العقيدة الإسلامية، قامت على العدل بين جميع رعاياها. لا يوجد أي أحد عنده حصانة ضد الأنظمة وضد الشرع".

لكن مغرّدون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ربطوا بين تصريحات الملك وبين جريمة مقتل خاشقجي، التي تورط فيها 18 سعودياً تحرّكوا بتوجيهات من مسؤولين مقربين من ولي العهد، في حين تساءل آخرون: "ماذا عن ابنه؟".

سؤال المغردين حمل في مضمونه استفهامات حول الإجراءات العقابية ضد مرتبكي الجريمة والمسؤول عن توجيههم، والذين اكتفت المملكة باعتقال 18 شخصاً منهم، وإقالة شخصيتين مقرّبتين من بن سلمان، وما زالا يتحرّكان بحرية داخل المملكة.

وتنص المادة 46 من قانون الحكم في السعودية على أن "القضاء سلطة مستقلّة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية"، وهو ما يراه مراقبون متنافياً مع سياسات بن سلمان ورجاله، والتي برزت خلال السنوات القليلة الماضية.

وأمام كل هذه الإدانات بقي بن سلمان محاطاً بحماية ترامب، والتي يدفع مقابلها الأمير السعودي مبالغ طائلة تصبّ في مصلحة حسابات شخصية للرئيس الأمريكي.

وكان رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو هو الاخر دافع بشكل واضح وجدّي عن ولي العهد السعودي منذ بداية اتهامه بقتل خاشقجي، متجاهلا أيضا موقف وكالة المخابرات الأمريكية بأن بن سلمان هو من يقف فعلا خلف عملية القتل، مبررا الأمر بأهمية السعودية وبن سلمان في محاربة ما يسمى "الخطر والنفوذ الإيراني" المتزايد في المنطقة والعالم.

وفي محاولة لتضليل العالم بشأن قضية خاشقجي وتبرئة بن سلمان أقرّت لجنة وزارية سعودية، يوم الخميس، 4 حلول وصفتها بالـ"عاجلة" لإعادة هيكلة جهاز الاستخبارات العامة؛ من بينها استحداث 3 إدارات جديدة، وذلك بعد شهرين من جريمة قتل خاشقجي، في محاولة منها لإظهار الاهتمام بالقضية.

واقرت لجنة إعادة هيكلة الاستخبارات العامة السعودية، برئاسة بن سلمان نفسه، 4 حلول "عاجلة"؛ أولها "استحداث إدارة عامة للاستراتيجية والتطوير للتأكّد من توافق العمليات مع استراتيجية الرئاسة واستراتيجية الأمن الوطني وربطها برئيس الاستخبارات العامة".

وثاني الحلول "استحداث إدارة عامة للشؤون القانونية لمراجعة العمليات الاستخبارية وفقاً للقوانين والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، وربطها برئيس الاستخبارات العامة".

أما ثالثها فتمثّل في "استحداث إدارة عامة لتقييم الأداء والمراجعة الداخلية لتقييم العمليات والتحقّق من اتباع الإجراءات الموافق عليها، ورفع التقارير لرئيس الاستخبارات العامة".

ورابعاً "تفعيل لجنة النشاط الاستخباري ووضع آلية لمهامها، والتي تهدف إلى المراجعة الأولية واختيار الكفاءات المناسبة للمهمات"، حسبما ذكرت "واس".

وأوصت اللجنة "بحلول تطويرية قصيرة، متوسطة وطويلة المدى ضمن برنامج تطوير رئاسة الاستخبارات العامة"، في الوقت الذي اكتفت فيه بإيقاف 18 متورطاً وإقالة مسؤولين مقرّبين من بن سلمان.

وبالرغم من ان كل الأدلة والقرائن قد أثبتت تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وصلته المباشرة بالفريق الأمني الذي نفذ جريمة قتل خاشقجي إلا أن الحكومة السعودية مازالت تواصل حملتها الممنهجة لإنقاذه من هذه الفضيحة التي لم تشهد لها المملكة مثيل منذ هجمات 11 سبتمبر الإرهابية التي نفذها 19 إرهابيا بينهم 15 سعودياً.

والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هل تستطيع في تلميع صورة بن سلمان وغسل سمعته من الفضيحة التي ستظل تلاحقه مدى الحياة بعد فقدان السعودية لثقة المجتمع الدولي واهتزاز صورتها والعزلة الدولية والإحراج الذي تعرض له بن سلمان في أول ظهور دولي له بعد جريمة قتل خاشقجي في قمة العشرين التي عقدت بالأرجنتين مؤخراً حيث بدى معزولاً ومهزوزاً ومرتبكاً.