"انتفاضة الخبز" تقود السودان الى مصير مجهول

الإثنين ٢٤ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠١:٤٦ بتوقيت غرينتش

تشهد المدن السودانية موجة احتجاجات شعبية عارمة تندد بتدهور الأوضاع المعيشية التي ضربت ابسط مقومات الحياة وهي الخبز وسط أزمة السيولة. بعض الدول الخليجية التي راهن عليها الرئيس عمر البشير في تجاوز مشاكل بلاده الاقتصادية بالوقوف في خندقها، اكتفت فقط بتوجيه تحذير لرعاياها بتجنب الذهاب إلى مناطق الاحتجاجات رغم مساعي البشير الى كسب ودّها من خلال تغيير مواقفه.

العالم - تقارير

تشهد مدن و ولايات سودانية، منذ خمسة ايام، موجة احتجاجات لم يسبق لها مثيل تندد بالمشاكل المعيشية التي باتت تثقل كاهل المواطن السوداني، الى جانب تردي الاوضاع الاقتصادية. ويشكو المواطن السوداني من قمع الحريات وانتهاك حقوق الانسان وتفشي الفساد في اجهزة الدولة، الامر الذي يضفي طابعا مختلفا لهذه الاحتجاجات عن سابقاتها وهو تطور يضع الحكومة السودانية امام موقف صعب.

ويقول محللون إن الاحتجاجات المناوئة للحكومة تعد أكبر تحد شعبي لحكم الرئيس عمر البشير، الذي تولى السلطة في البلاد قبل 29 عاما.

وأصدرت القوات المسلحة السودانية بيانا تعهدت فيه بتأييدها للرئيس، في وقت من المقرر أن يبدأ فيه إضراب للأطباء، يعقبه إضراب عام الثلاثاء.

واستخدمت قوات الأمن الأحد قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق مشجعين لكرة القدم احتشدوا في أحد الطرق وسدوه، وأخذوا يهتفون بشعارات تطالب بالحرية.

ومنعت قوات الشرطة المتظاهرين الخارجين من الملعب من عبور جسر يؤدي إلى قلب العاصمة الخرطوم وقصر الرئاسة.

واتسعت رقعة الاحتجاجات الى 12 ولاية و شملت 15 مدينة وشهدت بعض الاحتجاجات اعمال عنف وصدامات ما ادى الى سقوط 8 قتلى فيما تحدثت احزاب المعارضة عن سقوط 22 قتيلا.

وأعلن رئيس حزب الأمة القومي السوداني المعارض الصادق المهدي عن سقوط 22 قتيلا واعتقال العشرات منذ الأربعاء جراء الاحتجاجات، ودعا إلى تسيير موكب جامع تشترك فيه كل القوى السياسية والمدنية بأعلى ممثليها لتقديم مذكرة للرئاسة تقدم البديل.

واندلعت احتجاجات في مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان على الرغم من قرار إغلاق المدارس بكل مستوياتها، حيث تحرك مئات المحتجين إلى ميادين المدينة وحاصروا ديوان الزكاة ورفعوا شعارات تطالب بإسقاط النظام، وأحرقوا إطارات السيارات في بعض الشوارع، قبل ان يتجه الوضع إلى الهدوء.

وذكر شهود عيان أن خمسة محتجين في أم روابة تعرضوا لإصابات برصاص قوات أمنية نقلوا على إثرها فورا إلى مستشفى المدينة لتلقي العلاج.

كما تجمع العشرات في منطقة الترتر بولاية جنوب كردفان مرددين هتافات منددة بالغلاء والتردي المعيشي، وطالبوا بإسقاط النظام، لكن قوات أمنية فضت المظاهرة وفقا للشهود.

وفي مدينة القضارف التي شهدت احتجاجاتها سقوط قتلى في اليومين الماضيين عادت المتاجر إلى العمل وسط انتشار جنود من الجيش.

وكانت السلطات قد طبقت عددا من إجراءات الطوارئ، وحظرت التجول في عدد من الولايات.

وهاجم المتظاهرون مكاتب حزب الرئيس البشير، مطالبين بإنهاء حكمه.

والبشير أحد أكثر القادة الأفارقة والعرب بقاء في السلطة، وقد تولى السلطة في انقلاب دعمه الجيش عام 1989.

واقترح نواب هذا الشهر تعديلا دستوريا لرفع القيود على فترات الرئاسة التي كانت ستلزمه بترك السلطة في 2020.

وقال فيصل حسن إبراهيم مساعد الرئيس السوداني في هذا السياق إن لجنة الأمن القومي كلفت الجيش بحماية الأماكن الإستراتيجية والممتلكات العامة والخاصة، مؤكدا أن قوات الشرطة والأمن ستتولى "التعامل مع المظاهرات"، مضيفا أن تجاوز الأزمات الاقتصادية الماثلة يتطلب وقتا.

وقالت حركة "تحرير السودان" في دارفور ردا على اتهام مدير جهاز الأمن والمخابرات صلاح قوش بوقوف حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد أحمد النور خلف اعمال التخريب والعنف في الانتفاضة التي عمت المدن، ان هذه التصريحات هي دليل عجز وقلة حيلة ومحاولة يائسة لتبرير الفشل الذي لازم نظامه، حسب تعبيرها.

وأضافت الحركة في بيان أنها ستواصل "مواجهة النظام" في مختلف الميادين السياسية والعسكرية والجماهيرية حتى تلحق به الهزيمة، بحسب البيان.

واتهمت الحركة جهاز الأمن بالوقوف وراء "القتل وحرق الممتلكات العامة ونهب الثروات" لإجهاض ما سمتها ثورة الجياع، معتبرة أن تردي أوضاع السودان لا يمكن معالجته إلا "برحيل النظام".

وفي تطور اخر اعتقلت الاجهزة الامنية السودانية مسعود محمد الحسن مسؤول الحزب الشيوعي في الخرطوم.

وقال الحزب في، بيان أن قوة أمنية كبيرة اقتحمت مقره، واعتقلت سكرتيره في العاصمة الخرطوم، مسعود محمد الحسن.

على وقع الاضطرابات التي يعيشها السودان أوصت السفارة السعودية في العاصمة السودانية الخرطوم، رعاياها بتجنب الذهاب إلى مناطق الاحتجاجات في السودان والاحتكاك بالمتظاهرين.

ودعت السفارة السعودية في الخرطوم، بتغريدة عبر حسابها الرسمي على "تويتر"، المواطنين السعوديين الزائرين والمقيمين في السودان إلى تجنب الذهاب إلى مناطق الاحتجاجات أو الاحتكاك بالمتظاهرين، وطالبت السفارة من السعوديين التواصل معها في الحالات الطارئة.

وتأتي تحذيرات الرياض بعد تحذيرات مشابهة أطلقتها البحرين لرعاياها، بالإضافة إلى مطالبة الكويت رعاياها بمغادرة السودان والامتناع عن السفر إليه، مما أدى إلى استدعاء وزارة الخارجية السودانية، للسفير الكويتي لدى الخرطوم بسام محمد مبارك القنبدي، على خلفية إصدار السفارة الكويتية تحذيرا للمواطنين الكويتيين يتعلق بالأحداث في السودان.

كما قام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بإجراء اتصال هاتفي مع الرئيس السوداني عمر البشير، للاطمئنان على الأوضاع في البلاد، مع اتساع رقعة الاحتجاجات.

وأعلن الشيخ تميم خلال الاتصال وقوف قطر مع السودان وجاهزيتها لتقديم كل ما هو مطلوب لمساعدة السودان علي تجاوز هذه المحنة، مؤكدا حرصه على استقرار السودان وأمنه. من جهته شكر البشير أمير قطر على اتصاله واهتمامه بما يجري في السودان وحرصه على استقرار السودان.

​الرئيس عمر البشير غير بوصلته من محور المقاومة، باتجاه المحور الذي تقوده السعودية وانضم الى تحالف العدوان على اليمن وكل ذلك بهدف رفع الحصار الاميركي الاقتصادي والسياسي الناجم عن وضع بلاده على قائمة الارهاب وجلب استثمارات ومنح ومساعدات من السعودية ودول خليجة اخرى ليخرج السودان من ازمته الاقتصادية ووصوله الى بر الامان ولكن تعثرت اهدافه واصطدمت طموحاته بواقع مرير تمخضت عنه انتفاضة الخبز.