البشير يقطع الوعود على الشعب.. فهل ستُخمد الاحتجاجات؟

البشير يقطع الوعود على الشعب.. فهل ستُخمد الاحتجاجات؟
الثلاثاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٢٨ بتوقيت غرينتش

تؤكد المعارضة السودانية أنها ستواصل الإحتجاج ولن تنفض يدها من التظاهرات حتى ترى الوعود التي قطعها الرئيس عمر البشير على أرض الواقع.

العالم - تقارير

لا يبدو أن الإحتجاجات الشعبية في السودان ستخمد في المستقبل القريب لأنها أُستؤنفت اليوم الثلاثاء في العاصمة الخرطوم، مما يؤكد أن المحتجين لن ينهوا تظاهراتهم الغاضبة إلا بالحصول على جميع مطالبهم أو يقنعون ببعض منها.

وخرجت اليوم الثلاثاء 25 كانون الأول/ ديسمبر تظاهرة بالعاصمة الخرطوم شارك فيها الآلاف، مطالبين برحيل الرئيس السوداني عمر البشير الذي يتولى السلطة منذ عام 1989.

وتشهد مختلف المدن السودانية منذ الأربعاء الماضي 19 ديسمبر الجاري تظاهرات شعبية إحتجاجًا على أزمات نقص الدقيق وإرتفاع سعر الخبز ثلاثة أضعاف ونقص الوقود وغاز الطهي وتدهور قيمة العملة الوطنية وتدني الأوضاع المعيشية للمواطنين.

وتقول المعارضة ومنها حزب الأمة برئاسة "الصادق المهدي" إن المظاهرات والإحتجاجات تعمّ 28 مدينة على مستوى البلاد.

وأدت الإشتباكات العنيفة بين القوات الأمنية والمتظاهرين والمحتجين إلى مقتل 37 شخصًا بحسب منظمة العفو الدولية ولكن الحكومة السودانية تقول إن عدد الضحايا لا يتجاوز 8 قتلى.

وأُحرقت مكاتب لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ومبانٍ حكومية خلال الإحتجاجات التي تستعين حكومة البشير لإخمادها بـ"قوات مكافحة الشغب" القوات التي أصبحت تُلقّب بقوات مكافحة "الشعب" لإفراطها في التعامل الأمني مع المحتجين.

والسبت الماضي قُتل عسكريان كانا يشاركان في الإحتجاجات وقد إعترفت الحكومة بإنضمامهما إلى صفوف المحتجين.

ومنعًا لتوسع الإحتجاجات الشعبية، قامت الحكومة السودانية بقطع شبكات التواصل الإجتماعي ولكن لم تؤثر هذه الخطوة في إنخفاض شدة الإحتجاجات والغضب الشعبي العارم والتظاهرة التي شارك فيها الآلاف اليوم في الخرطوم خير دليل على ذلك.

واللافت في الأزمة التي يعانيها السودان أن وسائل الإعلام العربية والغربية لا تبدي إهتمامًا كما ينبغي بما يجري في السودان من إحتجاجات مطالبية ولا تغطي أخبار هذا البلد العربي الواقع بشمال القارة الأفريقية أولًا بأول.

والمعارضة لا تزال تصرّ على تنحي الرئيس السوداني عمر البشير عن السلطة وفي هذا السياق طالب الصادق المهدي الذي تولى منصب رئاسة الحكومة السودانية فترتين بين عام 1967 حتى عام 1969 وبين عام 1986 حتى عام 1989، الرئيس السوداني بإجراء تغييرات والإستماع إلى مطالب المحتجين.

- الحكومة: الموساد يدعم الإحتجاجات

وتطالب الحكومة السودانية المحتجين بالإمتناع عن إحراق وتخريب المباني الحكومية والإلتزام بالسلمية في إحتجاجاتهم وتزعم أن هناك دورًا لكيان الإحتلال الإسرائيلي في هذه الإحتجاجات ويتلقى بعض من المحتجين الدعم من الموساد. ولكن المعارضة السودانية تقول إن إتهام المحتجين بالإرتباط بالأجهزة الإستخبارية الإسرائيلية إتهام زائف لا يستند إلى دليل مقنع يهدف نظام الخرطوم من وراءه إلى تبرير تعامله القاسي والعنيف مع من يطالبون بحقوقهم.

- المعارضة تنوي مواصلة وتوسيع الإحتجاجات

وينوي المحتجون توسيع وتطوير الإحتجاجات والتظاهرات عبر تنظيم إعتصامات وإضرابات في مختلف القطاعات للضغط على النظام من أجل الرضوخ لما يطالب به المتظاهرون. وفي هذا الصدد أضرب الأطباء عن العمل يوم الإثنين الماضي وأعلنوا أنهم ماضون في إضرابهم ولكن لن يشمل الإضراب الحالات الطارئة.

وتعتبر المعارضة ومنها حزب المؤتمر الشعبي الإحتجاجات الشعبية نتيجة طبيعية لسوء الإدارة وتقول إن الإضطرابات التي تعمّ العديد من المدن السودانية تعبّر عن إمتعاض الشعب من الأوضاع الإقتصادية المتدهورة للعباد والبلاد وذلك بسبب سوء الإدارة والفساد والتغاضي عن الفاسدين والمحسوبية والحصارالإقتصادي وعدم إلتزام الحكومة بالإصلاحات التي أقرّها مؤتمر الحوار الوطني.

وطلبت منظمات حقوقية ولا سيما منظمة العفو الدولية من حكومة الرئيس عمر البشير الإمتناع عن قمع المحتجين وتجنب إستخدام "القوة المميتة" في التعامل معهم ولكن لا يبدو أن الخرطوم ستصغي إلى هذه الدعوات بكل جد وإهتمام لأن ما يجري في شوارع المدن المضطربة بالسودان من إصابات وإعتقالات بالجملة يؤكد أن التعامل الأمني والعسكري مع الإحتجاجات سيتواصل، ولكن هذا النوع من التعامل مع الإحتجاجات المطالبية ليس في صالح النظام لأنه كلّما إستمر وإشتد قمع المحتجين، إزدادت شرارة الغضب الشعبي إتساعًا وإطّرادًا.

وقد وعد الرئيس السوداني عمر البشير بإجراء إصلاحات حقيقية لتحسين حياة المواطنين وإعادة ثقتهم بالقطاع المصرفي ولكن هل يستطيع الرئيس تنفيذ وعوده التي قطعها على الشعب، في حين يسعى حزبه "المؤتمر الوطني" لتعديل الدستور من أجل زيادة عدد فترات رئاسة الجمهورية أو تمديد فترته الرئاسية الحالية.

ولا يخفى أن الدستور السوداني قد حدد فترات رئاسة الجمهورية بفترتين إثنتين، ولكن يبقى السؤال: هل تعديل الدستور الذي يسعى إليه البشير و حزبه الحاكم يُخمد الإحتجاجات الشعبية أم يؤججها أكثر فأكثر؟!