هل سيصبح العراق قاعدة اميركية لضرب سوريا؟

هل سيصبح العراق قاعدة اميركية لضرب سوريا؟
الخميس ٢٧ ديسمبر ٢٠١٨ - ١٠:٢٠ بتوقيت غرينتش

الكثير من التكهنات والتحليلات يتم تداولها عالمياً منذ إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سحب قوات بلاده بشكل مفاجئ من سوريا، يوم الأربعاء (19 ديسمبر 2018)، فما أسباب ودوافع هذه الخطوة؟؛ وما الخطوة التالية التي ستتخذها واشنطن في المنطقة التي عملت على مدار عقدين، على ترسيخ وجودها فيها؟.

العالم - تقارير

في الوقت الذي يدور الجدل داخل الولايات المتحدة الأميركية حول قرار الرئيس، ويراجع الكونغرس الأمر وسط معارضة شديدة، اتسم الموقف الإقليمي والدولي بالتذبذب ما بين ترحيب وانتقاد وترقُّب وحذر، فالقرار أثار تحفُّظ حلفاء واشنطن في الغرب، في حين رحَّبت روسيا بحذر وترقُّب لما سيكون بعد ذلك، وأعربت تركيا عن ترحيب بلا حدود، معتبرةً أنها خطوة في الاتجاه الصحيح، الا ان إيران ومعها العراق، لم يخفيا ريبتهما من القرار.

غير ان ترامب كشف خلال زيارته لقاعدة "عين الأسد" العسكرية في العراق ليلة عيد الميلاد، للقاء العسكريين الأميركيين في زيارة غير معلنة. إن بوسع الولايات المتحدة "استخدام العراق كقاعدة أمامية إذا أردنا القيام بشيء ما في سوريا"، ودافع عن قراره سحب القوات الأميركية من سوريا ، قائلا انه "سيخلص الكثير من الناس إلى نفس منهجي في التفكير".

وأضاف "لقد أوضحت من البداية أن مهمتنا في سوريا كانت تجريد تنظيم داعش من المناطق التي يسيطر عليها" حسب زعمه.

وتابع "قبل ثماني سنوات، ذهبنا إلى هناك في مهمة لمدة ثلاثة أشهر ولم نغادر أبدا. الآن، نحن نقوم بذلك بشكل صحيح وسننهيه (التواجد العسكري)".

لكن الحلفاء المهمين في الداخل والخارج، بما في ذلك كبار السياسيين الجمهوريين من حزبه ودول أجنبية أخرى، رفضوا مزاعم ترامب بهزيمة تنظيم "داعش" في سوريا، ويقولون إن الانسحاب الأميركي قد يؤدي إلى عودته من جديد.

وكان وزير الحرب الاميركي ماتيس من أبرز المنتقدين لقرار ترامب، وقرر الاستقالة وقال في مبرراتها إنه لا يشارك ترامب في آرائه.

كما استقال بريت ماكغورك، أحد كبار الدبلوماسيين الأميركيين. وبحسب ما ورد فقد وصف قرار ترامب بأنه "انقلاب في السياسة" والذي "تسبب في ارتباك الحلفاء وشركاء الحرب".

كما حذر تحالف "قوات سوريا الديمقراطية"، الذي يضم مسلحين من العرب والأكراد، من أن "داعش" يمكن أن يعود قويا من جديد.

وحول الموقف العراقي من الانسحاب الاميركي من سوريا كشف مصدر عسكري عراقي ، سر الريبة التي اتسم بها الموقف العراقي من قرار الانسحاب الأميركي، قائلاً: إن "مجموعة مؤشرات رصدها الجانب العراقي في الأيام الماضية، أوصلت الحكومة إلى قناعة بأن انسحاب القوات الأميركية من سوريا سيكون باتجاه الأراضي العراقية".

وأضاف المصدر من وزارة الدفاع العراقية: إن "جميع المؤشرات تشير إلى أن القوات الأميركية ستتجه إلى قاعدتين: الأولى في مدينة أربيل عاصمة منطقة كردستان بالشمال، والثانية في الغرب ستتجه إلى قاعدة عين الأسد بناحية البغدادي القريبة من الحدود العراقية-السورية غرباً".

وأوضح المصدر، أن "هذا التخمين بُني على رصد أمرين اثنين عقب إعلان الرئيس الأميركي: الأول انتشار القوات الأميركية في صحراء قضاء القائم الحدودي مع سوريا، حيث انتشرت في المنطقة الصحراوية القريبة من الحد الفاصل بين البلدين، منطلقة من قاعدة عين الأسد الواقعة في قضاء البغدادي غربي محافظة الأنبار، دون أن تنسق مع الجانب العراقي، أو وجود سبب لهذه المناورة".

وأضاف: "كما رُصدت استعدادات في قاعدة عسكرية بمنطقة حرير التابعة لمحافظة أربيل، وهي من أحدث القواعد التي أقامتها الولايات المتحدة على الأراضي العراقية"، مشيراً إلى أن "هذه الاستعدادات بدت كأنها لاستقبال قطعات عسكرية، حيث تم تجهيز مساحات على الأرض لاستقبال آليات ثقيلة".

وأشار المصدر إلى أن منطقة كردستان العراق "اتخذت خلال السنوات الماضية، العديد من الخطوات الانفرادية بعيداً عن المركز، في التعامل مع الملف الأمني والعسكري، وهذه القضية من أهم نقاط الخلاف بين الطرفين، لذلك لا يمكن استبعاد تنسيق الإقليم مع الجانب الأميركي بهذا الخصوص".

وعلى الصعيد ذاته ذكر مصدر أمني عراقي أن القوات الأميركية، بعد قرار الرئيس دونالد ترامب سحبها من سوريا، ستتجه للاستقرار في قاعدتها العسكرية بمحافظة أربيل شمالي العراق.

وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه في حديث لموقع "بغداد اليوم": "هناك حديث عن إنشاء مركز عمليات مشتركة بين القوات الأميركية والبيشمركة العراقية، وبيشمركة (روج أفا) على الحدود العراقية السورية".

وأضاف: "القوات الأميركية خلال هذه الأشهر، ستقرر ما إذا كانت بيشمركة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) قادرة على حماية مناطق شرق الفرات، أم أنها بحاجة إلى مساندة الأميركيين"، مشيرا إلى أن "مركز العمليات سيكون في أربيل، بالإضافة إلى وضع نقطة على الحدود السورية مع إقليم كردستان العراق".

من جهته أشار الخبير العراقي في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، إلى "وجود اتفاق محتمل يقضي بانتشار البيشمركة العراقية في مناطق بسوريا، بعد انسحاب القوات البرية الفرنسية والأميركية، وقوة كبيرة من قوات سوريا الديمقراطيّة من نقاطها".

وعقب قرار ترامب، علقت قوات سوريا الديمقراطية بالقول إن خطر الإرهاب لا يزال قائما وانسحاب القوات الأميركية قد يساعد على عودة تنظيم "داعش" إلى المنطقة من جديد.

وكانت مصادر إعلامية محلية عراقية ذكرت أن قوات البيشمركة الكردية تستعد لإنشاء غرفة عمليات مشتركة مع القوات الأميركية على الحدود السورية، إلا أن سلطات إقليم كردستان سارعت إلى نفي الخبر.

وقال الأمين العام لوزارة البيشمركة، جبار الياور، في مؤتمر صحفي، يوم الأحد (23 ديسمبر 2018): إنه "لا يمكن القبول بدخول القوات الأميركية القتالية المنسحبة من سوريا، نحو القواعد الأميركية في أربيل دون موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد".

وأضاف: إن "ما تداولته وسائل الإعلام حول دخول القوات الأميركية المنسحبة من سوريا، باتجاه القواعد الأميركية في أربيل غير دقيق وعارٍ عن الصحة"، مؤكداً أن "أراضي إقليم كردستان لم تشهد دخول أي قوات أميركية قتالية إطلاقاً".

واللافت أن الخارجية الأميركية بادرت إلى بحث مسألة الانسحاب مع العراق، بعد يومين من إعلان ترامب الانسحاب من سوريا.

وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، يوم السبت (22 ديسمبر 2018): إنه "تلقَّى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، شرح خلاله حيثيات الانسحاب".

وعلى الصعيد الايراني أكد وزير الخارجية محمد جواد ظريف أنّ الوجود الأميركيّ في سوريا لم يكن قانونياً ولا شرعياً منذ البداية.

وأشار ظريف إلى أنّه من المبكّر تقديم تحليل مفصّل عن نيّات واشنطن المستقبلية تجاه سوريا.

وقال "لا نملك المعلومات الكافية حول برامج أميركا في سوريا حتى الآن لنتخذ موقفا لكن التواجد الأميركي في سوريا لم يكن قانونيا منذ البداية ولم يكن في مصلحة الشعب السوري وبمعارضة الحكومة السورية وخلق توترات أيضاً ولم تحارب اميركا داعش مطلقا على عكس اداعاءاتها لكنه اعتقد أنه من المبكر تقديم تحليل مفصل حول نوايا أميركا في سوريا مستقبلاً.

ولدى الولايات المتحدة نحو 2000 جندي أميركي في سوريا معظمهم من قوات العمليات الخاصة التي تعمل عن كثب مع تحالف من المسلحين الأكراد والعرب هو قوات سوريا الديمقراطية.

لكن حتى مع الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من سوريا سيظل هناك وجود عسكري أميركي كبير في المنطقة يتضمن نحو 5200 جندي عبر الحدود في العراق.