بدء انفتاح عربي علی سوريا بعد سنوات المؤامرة

بدء انفتاح عربي علی سوريا بعد سنوات المؤامرة
الجمعة ٢٨ ديسمبر ٢٠١٨ - ١٠:٥٦ بتوقيت غرينتش

بعد سبعة أعوام من الحرب الطاحنة في سوريا والتي أدت إلی مقتل آلاف من المدنيين الأبرياء وإصابة کثيرين آخرين ونزوح مئات آلاف وتشردهم وبعد ما بات جليا للجميع ما تکبدته سوريا من دمار في البنی التحتية والمراکز والمباني والمنشآت والمرافق، بعد کل هذا تمکن الجيش السوري بمساندة ايرانية وروسية کبيرة من التغلب علی الجماعات الوهابية الارهابية المدعومة من السعودية وأمريکا و"اسرائيل" وحققت انتصارات باهرة علی الصعيدين السياسي والعسکري.

العالم- تقارير

من هنا تتردد هذه الايام مقولات کثيرة هنا وهناك عن بدء عملية اعادة الاعمار في سوريا کما تتردد أنباء عن عودة السفارات العربية الی دمشق واستئناف الرحلات الجوية بين دمشق وبعض البلدان العربية کتونس.

کل هذا وسوريا لم تتخلص بعد تماما من بقايا "داعش" الارهابية في ظل الدعم اللامحدود الذي قدمته وتقدمه لها امريکا والسعودية طوال السنوات الاخيرة؛ لکن البوادر الايجابية بدأت تطفو علی السطح شيئا فشيئا؛ ومن هذه البوادر مثلا إعلان الدستور السوري، وفتح الحدود والمعابر التجارية، وعودة عدد من المهجريين للداخل السوري وانسحاب القوات الأمريكية الموعود، و.... لهذا کله یمکن القول ان سوريا بدأت تستقرسياسياً علی الأقل، ان لم نقل داخليا.

ان سوريا سوق مربحة للغاية وتقليدية، منذ آلاف السنين، نقطة تلاقي العديد من طرق التجارة، وخيار مناسب جدا لمشاريع البنية التحتية المستقبلية، مثل مشاريع الغاز والنقل. کما أنها تستمتع بأهمية خاصة من الناحية السياسية والاستراتيجية في المنطقة.

واستقبلت تونس اليوم الجمعة رحلة جوية مباشرة للخطوط السورية قادمة من مطار دمشق ا لدولي، وهي أول رحلة جوية مباشرة تربط بين تونس وسوريا منذ انقطاع الرحلات الجوية بينهما قبل ثماني سنوات إثر قرار الرئيس التونسي السابق حينها قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري.

وتحل الطائرة بمطار المنستير الدولي، وتقل على متنها نحو 150 سائحا سوريا سيقيمون لمدة أسبوع في تونس للاحتفال برأس السنة الميلادية والقيام برحلات إلى عدد من المواقع السياحية التونسية.

کما كانت الامارات أعلنت أمس الخميس عودة علاقاتها الدبلوماسية وفتح سفارتها بالعاصمة السورية دمشق، بعد ما جمدت علاقاتها مع دمشق منذ بداية الحرب في سوريا عام 2011 استجابة لضغوط سعودية.

كما زار نائب رئيس المجلس الأعلى للأمن الوطني في الإمارات علي محمد بن حماد الشامسي، دمشق مطلع يوليو/تموز الماضي، وفق ما نقلت صحيفة الأخبار اللبنانية.

وأكدت الصحيفة أن السلطات الإماراتية أرسلت في الأشهر الأخيرة أكثر من فريق صيانة للكشف على سفارتها في دمشق، في مؤشر إلى إمكان استئناف "نشاط ما".

وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، قد أكد في مقابلة صحفية أنه كان من الخطأ إقصاء سوريا من الجامعة العربية ، وأن العالم العربي "يجب أن يعمل مع دمشق على الفور".

وتتزامن هذه الخطوة مع مؤشرات حول مساع جارية لإعادة تفعيل العلاقات بين سوريا وبعض الدول العربية، قبل ثلاثة أشهر من قمة عربية تعقد في تونس ، علما بأن الجامعة العربية علقت عضوية سوريا فيها منذ 2011.
وتستضيف تونس نهاية مارس/آذار المقبل دورة جديدة للقمة العربية التي لم يتضح بعد ما إذا كانت ستتم دعوة سوريا إليها. ولکن من الجلي الواضح انه لا يوجد توافق عربي حول مسألة إعادة النظر بشأن قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية.

من جانبها أعلنت وزارة الخارجية البحرينية ليل الجمعة عن استمرار العمل في سفارة مملكة البحرين لدى سورية، مشيرة إلى أنه لم يتم إغلاق السفارة مطلقا.

وقالت إن سفارة سورية لدى مملكة البحرين تقوم بعملها، والرحلات الجوية بين البلدين قائمة دون انقطاع.

وأكدت وزارة الخارجية "حرص مملكة البحرين على استمرار العلاقات مع الجمهورية العربية السورية، وعلى أهمية تعزيز الدور العربي وتفعيله من أجل الحفاظ على إستقلال سورية وسيادتها ووحدة أراضيها ومنع مخاطر التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية، بما يعزز الأمن والاستقرار فيها ويحقق للشعب السوري الشقيق طموحاته في السلام والتنمية والتقدم".

كما أجرى رئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي المملوك نهاية الأسبوع الماضي محادثات في القاهرة، خلال زيارة نادرة لمسؤول أمني بارز إلى مصر بعد اندلاع النزاع.

وتؤشر هذه الخطوات المتلاحقة إلى بدء انفتاح عربي على سوريا بعدما قطعت دول عربية عدة علاقاتها معها أو خفّضت تمثيلها الدبلوماسي فيها.

فمعظَم الزّعماء العرب سلَّموا ببقاء الرئيس الأسد في السلطة، وأنّ المعارضة المسلَّحة التي عملت على مدى سبع سنوات للإطاحة بِه بدعمٍ أمريكيٍّ أوروبيٍّ تركيٍّ خليجيّ في حُكم المُنتَهِية، وجاء إعلان الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب قبل أيّام سَحب جميع قوّاته من سورية ليؤكّد هذه الحقيقة، ويفتح الباب على مصراعيه أمام عودة العرب إليها.

باختصارٍ شديد نقول أن العرب يعودون إلى سورية نادمين، لأنّ جيشها العربيّ انتصر على المؤامرة، وقيادتها صمدت ولم تتراجع رُغم ضخامة المخطَّط الذي كان يريد الإطاحة بها.