هل تصلح تغييرات الملك سلمان الزجاج المكسور؟!

هل تصلح تغييرات الملك سلمان الزجاج المكسور؟!
السبت ٢٩ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٤:٥٣ بتوقيت غرينتش

في ظل سلسلة أزمات سياسية كبيرة يواجهها النظام السعودي في المحافل الدولية من أبشع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية كتلك التي ارتكبها في اليمن، الى جرائم بحق المعارضة السعودية في الداخل والخارج أبرزها القتل الوحشي للصحفي المعارض جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز أوامر طالت مفاصل مهمة في الدولة السعودية.

العالم- السعودية

شكلت قرارات الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، التي شملت إقالات وتعيينات جديدة في مجلس وزراء المملكة؛ مفاجأة للمتابعين والمتخصصين، لما حملته من تعديلات كان أبرزها تعيين إبراهيم العساف وزيرا للخارجية، خلفا لعادل الجبير الذي أصبح وزيرا للدولة للشؤون الخارجية.

ويرى المحللون ان هذه التغييرات تستهدف ايجاد مصالحة بين اعضاء الاسرة السعودية ومحاولة تحسين صورة ومكانة السعودية دولياً بعد قتل الصحفي جمال خاشقجي. ومن هؤلاء عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة راي اليوم الذي يعتقد ان هناك اهدافا من هذه التغييرات اولا محاولة تغيير، أو تصحيح، صورة المملكة وهيبة الحكم فيها التي تضررت من عملية اغتيال خاشقجي، ثانيا الإيحاء بإبعاد عناصِر مُهِمَّة في الدائرة المُقرّبة مِن الأمير بن سلمان من مناصبهم كالجبير وتركي ال الشيخ. لكن ما حدث هو بقاؤهم في الواجِهة من خلال توليهم مناصب أُخرى اما الهدف الاخير هو تبني سياسات هادئة لاصلاح العلاقات مع دول عدة كسوريا والعراق وايران.

وعلى العموم يُعتقد ان اقالة عادل الجبير كان له دلالة قوية وترتبط ارتباطا وثيقا بقضية خاشقجي خاصة انه لم يعلّق على قضية مقتله، في قنصلية بلاده بإسطنبول التركية، حتى مرور 18 يوماً من حدوثها، وهو ما أثار تساؤلات كثيرة حول اختفاء رئيس الدبلوماسية السعودية عن أكبر أزمة دبلوماسية وسياسية تشهدها المملكة منذ تولي محمد بن سلمان ولاية عهد أبيه.

واكدت تصريحات وزير الخارجية السعودي الجديد، إبراهيم العساف، امس الجمعة، ما وصل اليه الخبراء حيث قال إن سبب التغييرات التي أجراها الملك سلمان، وجود ضعف في دبلوماسية الرياض، لا سيما مع ما واجهته من مشاكل عديدة مؤخراً، أبرزها اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.

بالطبع لم يكن امام الجبير الذي اصبح الان وزير الدولة للشؤون الخارجية غير ان يشكر قيادة المملكة عن إعفائه من حقيبة وزير الخارجية وتعيينه للمنصب الجديد.

الغريب ان من حل مكان الجبير هو ابراهيم العساف الذي كان من بين الامراء المحتجزين في فندق "ريتز كارلتون"، وسط الرياض، أوائل شهر نوفمبر من العام الماضي؛ بتهمة تلقّيه رشى وأموالاً مقابل منح مناقصات في قضية توسعة الحرم المكي، بالإضافة إلى قضايا فساد مالي أخرى، لكن السلطات في الوقت نفسه لم تعفه من منصبه كوزير للدولة ساعة اعتقاله.

هذا ويعتقد الخبراء ان تعيين العساف سيهدد السعودية بالابتزاز خاصة بعدما كشف رجل الأعمال الكندي الشهير "آلان بندر” صاحب الأصول السعودية، عن فضيحة فساد مدوية لوزير الخارجية السعودي الجديد إبراهيم العساف الذي حل مكان عادل الجبير في حزمة الأوامر الملكية الأخيرة.

وقال بندر في تغريدة له عبر حسابه بتويتر رصدتها (وطن) إن تعيين ابراهيم العساف وزيرا للخارجية سيحوله إلى هدف مفتوح للابتزاز من قبل استخبارات غربية.

وذهب بعض اخر من المحللين ان قرار تعيين العساف يكشف نوعاً من التضادّ في القرارات بين الملك ومحمد بن سلمان الذي أمر باعتقال العساف بتهم فساد، والأكثر وضوحاً هو صدور أمر ملكي من الملك سلمان بتعيين الوزير المعتقل سابقاً بمنصب "رئيس الدبلوماسية" السعودية؛ كوزير للخارجية.

ولاقى تغيير حقيبة الخارجية سخرية العشرات المغرّدين السعوديين على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" فعلى سبيل المثال: قال أحمد عبد الباسط في تغريدة على تويتر: "شالوا عادل الجبير من وزارة الخارجية وجابوا إبراهيم العساف كان وزيراً للمالية 20 عاماً؛ 96 إلى 2016، كان بن سلمان محتجزه بالريتز بتهم فساد، وطلعه وعمله وزير. العرب دولا حاجة مسخرة والله".


ومن بين الذين شملتهم التغييرات ايضا تركي آل الشيخ من منصبه رئيس الهيئة العامة للرياضة حيث احتفى ناشطون سعوديون بقرار إعفائه مؤكدين انه تسبب بخسائر كبيرة للكرة السعودية.

رد فعل الوزراء الجدد يشعل مواقع التواصل

وفي سياق متصل، تفاجأ مغردون سعوديون، بعدم وجود أي تغريدة في حسابات وزراء جدد، عينهم الملك سلمان في تغييره الوزاري، الخميس.

وفور صدور القرار، سارع ناشطون للدخول إلى حسابات الوزراء الجدد لمشاهدة صفحاتهم الشخصية، وأرشيف تغريداتهم، إلا أن بعضهم كان قد استبق القرار الملكي بحذف جميع تغريدات حسابه.

فعند الدخول إلى حساب وزير الإعلام الجديد تركي الشبانة، نجد تغريدة واحدة هي شكره ثقة الملك سلمان في تعيينه.

وقام الشبانة بحذف جميع تغريداته السابقة، علما أنه أنشأ حسابه في موقع "تويتر" عام 2009، ويتابعه أكثر من 42 ألف ناشط.

وزير التربية المكلف، حمد آل الشيخ، وبالرغم من أنه يحظى بمتابعة 98 ألف مغرد، منذ دخوله عالم "تويتر" عام 2011، إلا أنه ضحى بجميع تغريداته السابقة، وفضل حذفها كاملة.

وفسر ناشطون ما قام به الشبانة وآل الشيخ، بأنه استباق للإحراج، والضجة التي قد تحدثها تغريداتهما السابقة.

ودأب السعوديون عبر "تويتر" إلى إعادة نشر التغريدات المثيرة لأي مسؤول فور تعيينه، وهو ما دفع الوزراء الجدد إلى حذف جميع تغريداتهم السابقة عند علمهم بتكليفهم بحقبة وزارية.

وعلى العموم لن تستطيع التغييرات ترميم ما دمره بن سلمان خلال توليه ملفات عديدة، ففي مقالة مارتن شولوف الصحفي في صحيفة “الغارديان” البريطانية جاء إن الحرب في اليمن ومقتل جمال خاشقجي زادا من الضغوط على المملكة ولا يوجد ما يشير إلى أن الضغط سيخف عنها في عام 2019.

وقال: "كان عام 2018 هو زمن محمد بن سلمان ولكن العام المقبل سيكون أي شيء ولكن ليس وقته. وبدأ العام واعدا لوارث العهد السعودي الشاب، حيث أقنع المواطنين في بلاده بحزمة الإصلاحات وحصل على دعم من الخارج لأجندته المحاربة في المنطقة وعلاقة صداقة حميمة مع جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس دونالد ترامب والذي جعل السعودية مركز القوة في الشرق الأوسط. إلا أن زخم النجاح انهار في سبع دقائق-وهو الوقت الذي احتاجه قتل الصحافي في قنصلية بلاده في إسطنبول بتشرين الأول (أكتوبر)".

وفي النهاية لايبدو ان التغييرات حقيقية فهي ظاهرية فقط لتكريس قوة ولي العهد محمد بن سلمان وهي لاتستطيع ان تصلح كل العبث والفساد الذي تسبب به على الصعيدين الداخلي والخارجي.