مستقبل "منبج" في ضوء تدخل الجيش السوري والهجوم الترکي الموعود

مستقبل
الأحد ٣٠ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٦:٢٨ بتوقيت غرينتش

 تشهد سوريا هذه الايام تحولات جذرية أوجدتها الظروف السياسية والميدانية، أحدثها ما حصل في منبج قبل يومين عندما دخل الجيش السوري بطلب من الاکراد منطقة منبج الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية في شمال البلاد ورفع العلم السوري، ما دل بوضوح على ان من راهن على سقوط سوريا، كان رهانه فاشلا.

العالم- تقارير

وجاء دخول الجيش السوري منبج بعد أن طلب الأكراد المساعدة لمواجهة التهديدات التركية، وبالتزامن مع تطورات دبلوماسية متسارعة لصالح دمشق من بينها إعادة الإمارات افتتاح سفارتها فيها وإعلان البحرين "استمرار العمل" في سفارتها.

وأورد الجيش السوري في بيان:"استجابة لنداء الأهالي في منطقة منبج، تعلن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة عن دخول وحدات من الجيش العربي السوري إلى منبج ورفع علم الجمهورية العربية السورية فيها".

وقال اللواء محمد عباس، الخبير العسكري والاستراتيجي السوري، إن "تركيا لم تتوقع دخول الجيش السوري إلى منبج، أملًا في أن تظل هذه المنطقة نقطة خلاف بين المجموعات الكردية السورية وحكومة دمشق، ولكن يبدو أن الوعي قد دخل إلى نفوس السوريين الأكراد، وتنازلوا عن خيارهم الأمريكي، وطالبوا الجيش السوري الذي لم يتخل يومًا عن مسئولياته الوطنية، بالدخول إلى منبج".

لکن نفى الرئيس التركي اردوغان ذلك واعتبره حربا نفسية من جانب دمشق کما صرح بان وحدات حماية الشعب الكردية السورية ليس لها الحق في دعوة أطراف أخرى لدخول منبج السورية. وطالبت الوزارة كل الأطراف بالامتناع عن اتخاذ أي إجراءات تزعزع استقرار المنطقة. وجاءت التصريحات بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش السوري دخول منبج.

ولطالما أثار مصير منبج في محافظة "حلب" توترا بين أنقرة التي هددت باقتحامها، وواشنطن الداعمة لقوات سوريا الديموقراطية، قبل أن يعلن الرئيس ترامب الأسبوع الماضي قراره سحب قواته من سوريا.

وتحدث مدير ما يسمى المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن عن انتشار أكثر من 300 عنصر من قوات الجيش السوري والقوات الموالية لها على خطوط التماس بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية والقوات التركية مع الفصائل السورية الموالية لها. وقال إنهم فرضوا "ما يشبه طوقا عازلا بين الطرفين على تخوم منطقة منبج من جهتي الغرب والشمال".

وصعّدت تركيا التي تصنف الوحدات الكردية بـ"الإرهابية" مؤخرا تهديداتها بشن هجوم جديد على مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، انطلاقا من مدينة منبج وصولا إلى مناطق أخرى في شمال شرق البلاد.

بدوره اعتبر المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن "توسيع منطقة سيطرة القوات الحكومية السورية هو بالتأكيد توجه ايجابي.

کما أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في برقية تهنئة بمناسبة رأس السنة القادمة للرئيس السوري بشار الأسد، أن روسيا تعتزم مواصلة دعم سوريا في محاربة الإرهاب، وحماية وحدة أراضيها.

تقع منبج في شمال شرق محافظة حلب شمالي سوريا، وتعد قاعدة مهمة لاستقبال وتصدير "داعش"، حيث دخل غالبیتهم عبر هذه المدينة القريبة الی الحدود الشمالية لسوريا.

وتكمن أهمية هذه المدينة بأنها طريق استراتيجية تربط بين معقل داعش في الرقة وقلب أوروبا، وتعتبر قاعدة لاستقبال المقاتلين الأجانب للتنظيم وتدريبهم وتصديرهم للخارج.

من جانبه قال المتحدث الرسمي لما يسمى "قوات سوريا الديمقراطية" أمجد عثمان، إن "مجلس سوريا الديمقراطية" دائما يؤكد على أن حل الأزمة في سوريا يجب أن يكون بين السوريين، وأن تكون هناك رعاية دولية لأي حل يتم التوصل إليه بشأن سوريا.

واستكمل عثمان أن "قسد" في شمال وشمال شرقي سوريا كانت تنسق مع قوات ما يسمى "التحالف الدولي" في شرق الفرات لمحاربة الإرهاب، وفي غرب الفرات كانت تنسق مع الجانب الروسي لمحاربة الإرهاب أيضا، "والآن "قوات سوريا الديمقراطية" بدأت تنسق مع قوات الجيش السوري لحماية الحدود السورية، وكان هناك تحرك بدأ في مدينة منبج والاتصالات لازالت مستمرة على كافة المستويات في أكثر من صعيد من أجل حماية الحدود السورية من أي تدخل تركي".

وتتوقع مصادر محلية أن يعلن خلال الساعات المقبلة عن تفاصيل اتفاق لتنسيق العمليات في المنطقة الشمالية بين الجيش السوري والمقاتلين الاكراد، كانت ثمرته تسليم مدينة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي وسد تشرين الاستراتيجي على نهر الفرات الى الجيش السوري.

ان اتفاق منبج لن يكون اتفاقا عاديا حيث يرى فيه محللون بانه سيكون مقدمة لتعاون مشترك بين دمشق والأكراد يفضي ببسط القوات السورية سيطرتها على كل مناطق الأكراد وحلفائهم التي تقدر مساحتها بنحو ثلث مساحة سوريا.

وبالتأكيد فإن التعاون مع الاكراد جعل من دمشق تقترب اليوم أكثر من أي وقت مضى من إحكام قبضتها على الصعيد الميداني، وذلك مع بدء كسر جليد عزلتها مع عودة السفارات العربية إليها تباعا بعد نحو ثماني سنوات من الحرب المدمرة.