احتجاجات السودان.. مطالب تعدت الاصلاح الاقتصادي

احتجاجات السودان.. مطالب تعدت الاصلاح الاقتصادي
الأحد ٠٦ يناير ٢٠١٩ - ١٠:٥٠ بتوقيت غرينتش

يشهد السودان منذ الـ 19 من ديسمبر/كانون الأول المنصرم، احتجاجات في الخرطوم وعدد من ولايات البلاد منددة بالغلاء وتردي الأوضاع الاقتصادية، ولكنها تطورت إلى المطالبة بإسقاط حكومة الرئيس عمر البشير، وشهدت تلك الاحتجاجات حرق عدد من المقار الحكومية ودور لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، فضلا عن سقوط عدد من القتلى والمصابين.

العالم - تقارير

أعلن تجمع المهنيين السودانيين الذي يضم مدرّسين وأطباء ومهندسين عن تنظيم مسيرتين حاشدتين اليوم الأحد لتسليم مذكرة إلى القصر الرئاسي، ويوم الأربعاء لتسليم مذكرة أخرى إلى البرلمان، وكلتاهما تطالب بتنحي الرئيس عمر البشير. وأجرى التجمع، مظاهرات مماثلة في الأسابيع الأخيرة ولكن قوات الأمن فرقت المتظاهرين سريعا.

الى ذلك حذر رئيس مجلس الوزراء السوداني معتز موسى من أن أي عمل يدخل في إطار ما سماه "التخريب" و"حمل الناس على أفكار معينة بالقوة" مرفوض. ورفض موسى في لقاء تشاوري مع قادة الأجهزة الإعلامية السودانية أمس السبت، "استخدام القوة والعنف ونشر الكراهية في العمل السياسي"، ووصف ذلك بأنه "عمل غير أخلاقي".

وشدد على أن المخرج الوحيد للسودانيين من الأزمة السياسية هو "المضي نحو إجراء انتخابات حرة ونزيهة" عام 2020. كما حذر من أن "إيذاء الوطن خط أحمر"، مؤكدا أن "التعبير مكفول كحق".

وفي مقابلة مع التلفزيون السوداني، قال موسى إن الدولة متماسكة رغم الظروف الراهنة التي تمر بها، وإن هناك عددا من الإجراءات المؤقتة يتم تنفيذها حاليا لاحتواء الضائقة التي يعاني منها المواطن. ووصف موسى الاقتصاد السوداني بأنّه قوي ولا يحتاج إلى أي إعانات.

في غضون ذلك، أعلنت وزارة التربية والتعليم في ولاية الخرطوم عن استئناف الدراسة لكل المراحل في رياض الأطفال والأساسي (الابتدائي) والثانوي الحكومي والخاص والأجنبي، يوم الثلاثاء المقبل.

كما أعلنت حكومة ولاية نهر النيل شمال الخرطوم استئناف الدراسة في مرحلتي الأساسي والثانوي اليوم الأحد. وكانت الوزارة عطلت الدراسة في المدارس والجامعات في العاصمة السودانية وعدد من المدن مع اندلاع المظاهرات الاحتجاجية التي تطالب بإسقاط النظام.

البشير لمطالبيه بالتنحي: استعدوا لانتخابات 2020..

في سياق متصل دعا الرئيس السوداني عمر البشير، من يطالبونه بالتنحي عن السلطة، إلى الاستعداد لخوض الانتخابات المقبلة للوصول إلى الحكم عام 2020.

وأضاف البشير، في مقابلة مع تلفزيون "المستقلة": "نحن لدينا تفويض شعبي وأتينا إلى الحكم عبر انتخابات أشرفت عليها مفوضية معترف بها من كل القوى السياسية.. الدستور الموجود حاليا متفق عليه من قبل جميع القوى السياسية".

وأضاف البشير: "أنا أؤدي عهدي مع الشعب للعمل على توفير سبل العيش الكريم والأمن وأخدم البلاد.. في ظل الاضطراب الدولي والإقليمي والاستهداف، نحن نسعى لتأمين العيش للشعب السوداني وتوفير الأمن".

واعتبر الرئيس السوداني، أن خطوة أحزاب "جبهة التغيير الوطنية"، بتقديم مذكرة تطالبه بتشكيل مجلس سيادة انتقالي لتسيير شؤون البلاد، "جاءت من قيادات حزبية أعفيت من الوزارات".

تشكيل مجلس سيادة انتقالي...

وكانت قد دعت بعض الأحزاب والحركات السياسية أبرزها حزب الأمة برئاسة “مبارك الفاضل” وحركة الإصلاح الآن بزعامة “غازي صلاح الدين” لتشكيل مجلس سيادة انتقالي يقوم بتولي أعمال السيادة وحكومة انتقالية تجمع بين الكفاءات والتمثيل السياسي تضطلع بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وفق برنامج يوقف الانهيار الاقتصادي ويحقق السلام، ويشرف على قيام انتخابات عامة حرة ونزيهة، على أن يقود الحكومة رئيس وزراء متفق عليه، ويضطلع بتشكيل الحكومة بالتشاور مع مجلس السيادة الانتقالي والقوى السياسية.

وطالبت المذكرة بحل المجلس الوطني ومجلس الولايات وتعيين مجلس وطني توافقي من (100) عضو وحل الحكومات الولائية ومجالسها التشريعية وإعادة هيكلة الحكم الولائي والمحلي، وفق مكونات الحوار الوطني، على أن تحدد الحكومة الانتقالية الموعد المناسب للانتخابات بالتشاور مع القوى السياسية، بجانب فتح وثيقة الحوار الوطني للقوى السياسية التي لم توقع عليها لإضافة مساهماتها للوثيقة. اتخاذ إجراءات وتدابير اقتصادية عاجلة تخفف من معاناة المواطنين بسط الحريات العامة واستعادة الديمقراطية. من جانبه وصف المؤتمر الوطني خروج بعض الأحزاب من الحوار وتكوين جبهة بمثابة الانتهازية السياسية .

مكونات الجبهة الوطنية للتغيير..

وتضم الجبهة الوطنية للتغيير كلاً من: حركة الإصلاح الآن، الحزب الاتحادي الديمقراطية ، كتلة قوى التغيير، حزب الشرق للعدالة والتنمية، منبر المجتمع الدارفوري، الحركة الاتحادية، الحزب الاشتراكي المايوي، المؤتمر الديمقراطي لشرق السودان، حزب الأمة الموحد ، حزب الوطن، تيار الأمة الواحدة، منبر النيل الأزرق، حزب الإصلاح القومي، اتحاد قوى الأمة، حزب مستقبل السودان، حزب وحدة وادي النيل، جبهة الشرق، حركة الخلاص، حزب التغيير الديمقراطي، حزب السودان الجديد، حزب الشورى الفيدرالي، الجبهة الثورية لشرق السودان .

السياسيون بدورهم انقسموا حيال تقييمهم لميلاد الجبهة الوطنية للتغيير، التي تم تدشينها بمشاركة (22) حزباً سياسياً أبرزهم حركة الإصلاح الآن بقيادة “غازي صلاح الدين” بجانب اتفاق حزب الأمة بزعامة “مبارك الفاضل” مع طرح هذه الجبهة، وسبب الانقسام اعتبار بعض الأحزاب والحركات المعارضة أن هذا الجسم يضم أحزاباً وقيادات كانت شريكة في الواقع السياسي المأزوم سواءً من خلال مشاركتها في الحوار الوطني أو السلطة التنفيذية والتشريعية كما كان الحال بالنسبة للسيد “مبارك الفاضل” قبل خروجه من تشكيل حكومة الوفاق الوطني الأخير، وأشار بعضهم إلى أن “مبارك” كان وزيراً للاستثمار، ونائب رئيس الوزراء، هذا إلى جانب توليه منصب رئيس القطاع الاقتصادي.وأكد هؤلاء أن “مبارك” كان داعماً للسياسات الاقتصادية والسياسية.

أما حركة الإصلاح الآن التي شاركت على المستوى التشريعي فقد كانت شاهداً على كثير من القضايا التي تم تمريرها من خلال البرلمان انتمت هي الأخرى إلى منابر متعددة بأسماء مختلفة.

كذلك اعتبر سياسيون وناشطون كثر ظهور هذا الكيان في هذا التوقيت القصد منه إلحاق بموجة الاحتجاجات. التي قام بها الشعب نتيجة للأوضاع الاقتصادية المتدهورة .

فيما قال تجمع المهنيين حسب ما نقل عنه وتداولته مواقع التواصل الاجتماعي إنهم غير معنيين بما يحدث في معسكر النظام من انشقاق أو ائتلاف، ووصفوا طرحهم بالمبهم، كما أعلنوا رفضهم لأية محاولة لإعادة إنتاج النظام وأبدوا عدم ثقتهم في نوايا الأحزاب المنسحبة، لكن قوى نداء السودان أعلنت ترحيبها بخطوة هذه الأحزاب التي انسحبت من الحوار الوطني من خلال انسحاب بعضها من البرلمان والمجالس التشريعية.

وفي السياق قال نائب رئيس حركة الإصلاح الآن “حسن رزق” في المؤتمر الصحفي الذي عقد لإعلان الجبهة :إنهم سيجلسون مع قوى نداء السودان في الداخل بهدف تنسيق الجهود، وبالمقابل رحبت قوى نداء السودان في بيان ممهور بتوقيع الأمين العام “أركو مناوي” بما أقدمت عليه أحزاب الجبهة الوطنية للتغيير من قرارات

تمثلت في انسحاب بعضها من الحكومة...

بالنسبة لحزب الأمة القومي واضح أنه لن ينحاز لهذه الجبهة طالما أن “مبارك الفاضل” من أبرز الداعمين لها نتيجة لاختلاف المواقف السياسية بين “الصادق ومبارك”، لكن حزب الأمة في بيانه أمس انضم إلى ركب المرحبين بخطوة الجبهة، وأكد أنها تصب في عزل النظام وتجرده من اللعب على أوتار حوار الوثبة، وطالب البيان القوى المنسحبة بدفع استحقاقات الموقف الوطني الصحيح ومساندة الشعب في ثورته.

أما حزب المؤتمر الشعبي فيعتبر من الأحزاب التي لم يصدر عنها موقف واضح حتى الآن حيال الاحتجاجات رغم مشاركة بعض شبابه في التظاهرات الأخيرة، لكن يبدو أن قيادة الحزب لازالت متمسكة بوثيقة الحوار الوطني باعتبارها طريقاً ومساراً ومخرجاً لأزمات البلاد كما ظلوا يرددون على الرغم ما شابها من خروقات، وقد يكون ليس هناك خيار للحزب غير التمسك بوثيقة الحوار والضغط على المؤتمر الوطني للالتزام بالبنود،وهذا هو المسار الذي بدأه زعيمهم الراحل “حسن الترابي.

الخاتمة.. السؤال المشروع الآن ماذا يريد “غازي صلاح الدين” و”مبارك الفاضل” من خطوتهم الجديدة؟ على خلفية أن “غازي صلاح الدين” دخل في أكثر من تحالف خلال فترة وجيزة، حيث كان رئيساً لقوى المستقبل للتغيير ومن ثم قوى الاصطفاف الوطني، وبدا متردداً في الانتماء للحوار الوطني دخل وخرج ثم عاد مرة أخرى وقبل أقل من ثلاثة أشهر أعلن عن ميلاد تحالف 2020 م الذي جمد بعض الذين انتموا إليه نشاطهم فيه لأسباب مختلفة ليخرج بالأمس بتنظيم جديد هو الجبهة الوطنية للتغيير ويعلن عن خروج منسوبيه من المجالس التشريعية. وما الجديد الذي يمكن أن يقدمانه على خلفية أن كل من “مبارك وغازي” يتمتعان بكارزيما سياسية لكن ليس لهما عضوية وجماهير تساعدهما على تحقيق ما يصبوان إليه وهل ستصمد أحزاب الجبهة أم أنه سيكون تحالفاً مرحلياً، الأيام كفيلة بالإجابة عن هذه الأسئلة.