جولة بومبيو الشرق أوسطية وطموحات الادارة الاميركية

جولة بومبيو الشرق أوسطية وطموحات الادارة الاميركية
الثلاثاء ٠٨ يناير ٢٠١٩ - ٠١:١٣ بتوقيت غرينتش

يبدأ وزير الخارجية الاميركي، مايك بومبيو، الثلاثاء، جولة شرق أوسطية تشمل كلا من الاردن ومصر والبحرين والإمارات وقطر والسعودية وعُمان والكويت. ولم يخف بومبيو الهدف الأساسي لرحلته إلى الشرق الأوسط وهو الاستمرار في تشكيل تحالف ضد ايران يضم حلفاء واشنطن الاقليميين وعلى رأسهم السعودية التي حُشرت في الزاوية إثر زيادة الضغوط الدولية عليها في قتل الصحفي جمال خاشقجي.

العالم - تقارير

تحدث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن أهداف جولته في الشرق الأوسط قبل ساعات من انطلاقتها، وأكد في تصريحاته أن قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي كان عملا شنيعا وغير مقبول، لكنه شدد في الوقت نفسه على علاقة "عميقة ومستمرة" مع السعودية.

وقبيل مغادرته الولايات المتحدة، أمس الاثنين، قال بومبيو في مقابلة مع قناة "سي.أن.بي.سي" الأميركية إن الهدف الأساسي لرحلته إلى الشرق الأوسط هو الاستمرار في تشكيل تحالف يضم الدول الخليجية و"إسرائيل" ودولا أخرى لمواجهة إيران.

ومع ذلك، يُعتقد أن قضية مقتل خاشقجي، وقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قواته من سوريا؛ سيشغلان حيزا كبيرا من هذه الجولة التي تبدأ اليوم الثلاثاء وتستمر أسبوعا.

ويستهل بومبيو جولته بزيارة العاصمة الأردنية عمان، ثم يسافر إلى القاهرة والمنامة وأبو ظبي والدوحة فالرياض، ثم العاصمة العمانية مسقط، وأخيرا الكويت.

وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية إن بومبيو سيضغط في جولته على السعودية للكشف عن جريمة قتل خاشقجي، مجددين التأكيد على عدم اقتناع واشنطن بالرواية السعودية ولا بالعملية القضائية، بحسب المسؤولين.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين في الخارجية الأميركية أن الدافع وراء خطوة بومبيو المرتقبة في الجولة التي تنطلق اليوم هو قناعة الوسط الدبلوماسي الأميركي بأن الرياض لم تقدم ما يكفي من إجابات بشأن جريمة قتل خاشقجي داخل قنصليتها بإسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقال مسؤول بارز في الخارجية الاميركية إن بلاده لم تتلق من السعودية رواية موثوقة عن مقتل خاشقجي حتى الآن، مضيفا أن واشنطن لا تعتقد أن الرواية التي يقدمها السعوديون أو العملية القضائية ترقى إلى مستوى المصداقية وتحقيق المساءلة.

وأضاف أن بومبيو سيثير القضية مع المسؤولين السعوديين خلال زيارته إلى الرياض، معتبرا أن من مصلحة السعودية التصدي لهذه المشكلة بحزم للتخلص من العبء وطي صفحة هذه الحادثة التي أثارت هذه الضجة.

وسبق أن أصدرت الخارجية الأميركية بيانا أكدت فيه على أهمية مساءلة من خطط ونفذ عملية قتل خاشقجي، مضيفة أن بومبيو سيبحث هذه القضية في الرياض إلى جانب جملة من الملفات، بينها الأزمة السورية وحرب اليمن والازمة الخليجية.

بومبيو: الانسحاب من سوريا تغيير تكتيكي

وأشار بومبيو في مقابلته مع قناة "سي.أن.بي.سي" إلى أن واشنطن حاسبت مواطنين سعوديين على مقتل خاشقجي، وقال إنها ستواصل القيام بذلك عند ظهور حقائق جديدة في القضية.

لكنه قال في الوقت نفسه إن إدارة ترامب "ستواصل القيام بما يصب في صالح الشعب الأميركي"، وأضاف أن ذلك "يتضمن علاقة عميقة ومستمرة مع السعودية".

وتأتي جولة بومبيو بعد أيام من انعقاد أول جلسة في السعودية لمحاكمة المتهمين بقتل جمال خاشقجي، في ظل ضغوط دولية على الرياض لكشف الحقائق وراء هذه الجريمة.

وفي مسألة الانسحاب الأميركي من سوريا، أكد بومبيو أن بلاده ستسحب قواتها التي يبلغ عددها نحو ألفي جندي، لكنه قال إن أهداف الولايات المتحدة ومهمتها لم يطرأ عليهما أي تغيير.

وذكر الوزير الأميركي أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تعهد للرئيس دونالد ترامب بمواصلة الحملة ضد تنظيم "داعش" بعد انسحاب القوات الأميركية، وبحماية الذين حاربوا إلى جانب الولايات المتحدة.

وقال وزير الخارجية الأميركي، إن الانسحاب من سوريا هو "تغيير في التكتيكات"، وليس تغييراً في الالتزام الأميركي "بهزيمة داعش على مستوى العالم"، على حد قوله.

في ما يتعلق بإيران، قال بومبيو إنه لم يطرأ تغيير على سياسة بلاده بشأن محاربة طهران، وإنما هناك تغيير في التكتيك. وأضاف أن واشنطن تريد أن ترى مزيدا من الدعم الدولي في تصديها لإيران، حسب زعمه.



كيف يفسر كل هذا التناقض؟

وبعد ثلاثة أشهر من قتل خاشقجي يأتي بومبيو ليقول قبيل جولته بالمنطقة، إن أسعار النفط لم ولن تؤثر على رد الإدارة الاميركية على قتل خاشقجي. هذا التصريح يأتي مقابل اعلان الرئيس دونالد ترامب الذي كان قد أكد وقوف بلاده إلى جانب السعودية في قضية خاشقجي، معتبرا أنها لم تحصل على الادلة الكافية على ضلوع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقتل خاشقجي، على الرغم من أن وكالة المخابرات المركزية قد خلصت إلى أن بن سلمان لعب دوراً في القتل.

يمكننا تفسير هذا التناقض، وفي الوقت الراهن خصوصا، بهذه الفكرة، وهي أن الولايات المتحدة تدعم السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان من أجل مصالحها الكبيرة في المملكة، ومن المستحيل وقوفها الى جانب الحق في قضية خاشقجي، لأن ذلك سيضر بسياساتها بشكل عام وبعلاقتها مع اكبر مستورد للأسلحة الاميركية في الشرق الاوسط بشكل خاص.

اذن لماذا يصرح بومبيو بهذه التصريحات قبل بدء جولته ويبدي وكأنما هو رسول من ادارة اميركية متلهفة لكشف الحقيقة عن مقتل خاشقجي ومتجاهلا تصريحات ترامب؟ والجواب هو ربما لإسكات المنتقدين لسياسات ترامب ولخداع الرأي العام العالمي الذي لا يزال ينتقد التحيز الاميركي تجاه السعودية وولي عهدها المتورط الاول بفضيحة خاشقجي.