السعودية وإحياء "أمجاد الديكتاتورية" في تونس

السعودية وإحياء
الثلاثاء ٠٨ يناير ٢٠١٩ - ١١:٥٣ بتوقيت غرينتش

قبل أيام قليلة من احتفال التونسيين بالذكرى الثامنة للثورة التونسية، ظهر الرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي، في مجموعة من الصور توثّق احتفاله وعائلته بعقد قران ابنته نسرين، على مغنّي الراب التونسي "كا دو ريم".

الصور التي نشرها الزوجان، وتداولتها وسائل الإعلام ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، كشفت التأثير الواضح لتقدّم السن على بن علي، كما أعادت إحياء جراح لم تلتئم بعد إلى اليوم، تسبّب بها "نظام السابع من نوفمبر" (ذكرى وصول بن علي إلى الحكم عام 1987)، لملايين التونسيين الذين رفعوا ذات شتاء شعار "خب. وماء وبن علي لا" للتعبير عن رفضهم لاستمرار الأخير في حكم البلاد.

وفي 17 من ديسمبر 2010، أضرم شاب تونسي يُدعى محمد البوعزيزي النار في جسده؛ احتجاجاً على مصادرة جهاز الشرطة عربة الخضر والغلال التي كان يقتات منها، وسط مدينة سيدي بوزيد (وسط)، ما تسبّب في اندلاع احتجاجات شعبية في عدد من مناطق البلاد، سرعان ما وصل لهيبها إلى العاصمة، التي شهدت خروج أكبر مظاهرة رافضة لحكم بن علي، في 14 من يناير 2011، أمام وزارة الداخلية التونسية.

الجميع رفضه والسعوديون استقبلوه

وقبل ساعات من حلول ليل 14 من يناير 2011، ارتأى الرئيس الأسبق الهروب من البلاد برفقة أفراد عائلته، لتمكث طائرته ساعات طوالاً محلّقة في أجواء عدد من الدول العربية التي رفضت استقباله، قبل أن يجد في المملكة العربية السعودية ضالّته، مستقبلة إياه رغم تسبّبه بمقتل وإصابة مئات التونسيين المحتجّين على ديكتاتوريته.

ومنذ ذلك الحين ظلّ بن علي متخفّياً عن الأنظار، بعد أن رفض الوزير الأول في ذلك الوقت، محمد الغنوشي، عودته؛ خوفاً من إسالة مزيد من الدماء، في وقت نظّم عدد كبير من التونسيين وقفات احتجاجية أمام السفارة السعودية بالعاصمة للمطالبة بتسليم بن علي.

ورغم تلك الوقفات الاحتجاجية ومذكّرات الجلب الدولية التي أصدرها القضاء التونسي، بموجب أحكام بالسجن صادرة بحقه، ظلّ بن علي متمتّعاً بحياته العادية في السعودية، وسط حماية ملكية على أعلى مستوى، تمنع أيّاً كان من الاقتراب منه أو إزعاجه هو وعائلته.

ولم تكتفِ المملكة باستضافة بن علي وتوفير الحماية له فحسب، بل بذلت مساعي متواصلة لم تنقطع إلى يومنا هذا لدعم الثورة المضادّة وإفشال الانتقال الديمقراطي في البلاد؛ من خلال دعمها عدداً من الأحزاب المتشوّقة لإعادة أمجاد الديكتاتورية، بقيادة عدد من رموز التجمّع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم في عهد بن علي).

ومنذ 26 يناير 2011، أصدر القضاء التونسي مذكرة توقيف دولية ضد بن علي، و5 أحكام بالسجن المؤبّد، و207 سنوات سجن و6 أشهر، إضافة إلى عقوبات مالية تجاوزت في مجملها 70 مليون دولار، كلها لم تكن كفيلة بتحرّك السلطات السعودية لتسليمه إلى تونس.