نافيا الشائعات المغرضة عن استقالته من مصبه

ظريف يتحدث عن علاقات ايران مع عمان وقطر والموقف من سوريا

ظريف يتحدث عن علاقات ايران مع عمان وقطر والموقف من سوريا
الإثنين ١٤ يناير ٢٠١٩ - ١١:٠٦ بتوقيت غرينتش

اكد وزير الخارجية 'محمد جواد ظريف' ان ايران ترفض الحرب وتعتمد الحوار و عبرت عن مواقفها هذه تجاه جيرانها العرب و غير العرب، كما عبرت عن رغبتها في اقامة علاقات قائمة على التعان مع الجيران.

العالم- ايران

و بالتزامن مع شائعات روجت عن إستقالة الوزير ظريف الذي نفاها بقوة، اجرت صحيفة الوفاق مقابلة معه حيث تطرق ظريف فيها الى مختلف القضايا بما فيها مواقف ايران تجاه جيرانها وكذلك المواضيع التي يطرحونها الامريكان لأغراض دعائية وقال انهم يقترحون علينا الحوار منذ عهد اوباما.
وإليكم نص المقابلة:
س – كيف ترى آفاق العلاقات بين ايران والعالم العربي على ضوء التحديات القائمة في المنطقة من قبل بعض الدول؟
ج – لقد عبرنا عن مواقفنا تجاه جيراننا العرب وغير العرب بكل صراحة وشفافية، وان رئيس الجمهورية اكد على مبادئها خلال مؤتمر الوحدة الاسلامية الأخير، مؤكدا ان الجمهورية الاسلامية ترغب في إقامة علاقات مبنية علي التعاون مع جيرانها.

ويبدو ان بعض الدول العربية – وبغض النظر عن التوجه السياسي للجمهورية الاسلامية – تفضل ان تبين للرأي العام العالمي بانها على خلاف مع ايران، ومن المؤسف ان هذه الدول وبدلا من ان يكون هدفها استقرار الأمن والهدوء في الداخل، تتطلع الى الخارج دائماً، لانها ترى بأن معارضة ايران ستعزز من مكانتها لدى الدول الكبرى، وهذا هو السبب وراء فشل السياسات التي انتهجوها طوال العقود الاربعة الماضية، وفشلت فيها أكثر من مرة لكنها تصر على تكرار الفشل.
ان سياستنا تجاه العالم العربي قائمة على مصالحنا ومبادئنا وهي ليست انفعالية، فايران اكبر من ان تتخذ سياسات انفعالية تجاه بعض الدول الصغيرة. حيث ان وجود بعض هذه الدول الصغيرة في المنطقة أو بعض الحكام الذين يفضلون إثارة التوتر في المنطقة، لا يدعو ايران الي تغيير سياساتها بصفتها قوة كبرى في المنطقة، نحن الذين نرسمها وان سياستنا مبنية على أساس المصالح الوطنية وليس على أساس ردود افعال الآخرين.
س – ما هو موقفكم مما يردده البعض عن ان ايران تسعى لان تصبح قوة عظمى في المنطقة؟
ج – لقد إنتهى الزمن الذي كانت فيه هناك قوى عظمى متعددة ومسيطرة سواء في المنطقة أو العالم. وهناك بالطبع بعض الدول الكبرى، فالصين دولة كبيرة في العالم ولها تأثيرها وامريكا أيضاً ولكنها قوة هدّامة من وجهة نظرنا لأن سياساتها مخربة، ولكن لا أحد ينكر أن امريكا قوة مؤثرة في العالم، وايران أيضاً قوة كبرى وقوية في المنطقة، ولكن هل هذا يعني ان ايران تسعى الى فرض سيطرتها على المنطقة؟
كلا هذا ليس صحيحاً. هناك في الداخل ممن إختلط الامر عليهم، فنحن حددنا خلال وثيقة الآفاق المستقبلية، القطاعات التي يجب ان نفرض سيطرتنا وقوتنا فيها، ولم نذكر أبداً في الوثيقة بأن علينا ان نتحول الى قوة مهيمنة في المنطقة، فدستورنا الذي يمثل أعظم ميثاق وطني ينفي بشدة أي نوع من فرض الهيمنة أو الخنوع لهيمنة الآخرين، وبمعنى آخر، ونحن نرفض هيمنة امريكا علينا وفي نفس الوقت لا نريد الهيمنة على الآخرين. من الناحية المبدئية نعتقد بان نظام الهيمنة هو نظام غير مستقر، وحتى داخل الاسرة الواحدة فان نظام السيطرة لا يصلح وانما النظام الذي يعتمد الحوار والتفاهم، والله سبحانه وتعالى يقول بالنسبة لنوع العلاقة بين الرجل والمرأة(لتسكنوا إليها) أي ان يكون هناك نظام للحوار والتفاهم داخل الاسرة الصغيرة وليس نظام الهيمنة والسيطرة.
س – يقال ان الاميركيين طالبوا بالحوار مع ايران، وان امين المجلس الأعلى للأمن القومي أشار الى ذلك أيضاً؟
ج – ان الامريكان يطرحون العديد من المواضيع وفقاً لمصالحهم، والعديد منها تطرح لأغراض دعائية، فالامريكان خلال عهد اوباما كانوا يرغبون كثيراً في الحوار معنا حول قضايا المنطقة، ولم يخفوا رغبتهم هذه آنذاك وكانوا يطرحونها بصورة علنية وهكذا كان الأمر في عهد ترامب أيضاً.
كنا دوماً على قناعة بأن الحوار حول قضايا المنطقة ينبغي ان يكون بين دولها وليس مع دول بعيدة عنها، كما نعتقد بأنه لا يمكن للآخرين إتخاذ القرارات حول شؤون المنطقة. ونحمل نفس القناعة بشأن منطقة الشام والعراق وافغانستان أيضاً اذ نرى بأن الشعب الافغاني هو الذي يجب ان يقرّر مستقبله، ولا يمكن لامريكي ان يأتي ليقرّر كيف يكون مستقبل افغانستان، كما لا يمكن لايراني ان يفعل نفس الشيء تجاه افغانستان.
وبالنسبة لسوريا، فان موقفنا منذ البداية كان واضحاً في مشروعنا المؤلف من أربع مواد وطرحناه لتحقيق السلام في سوريا بعد أسابيع من تولي الرئيس روحاني لمنصبه كرئيس للجمهورية. فقد أعلنا في ذلك المشروع انه يجب وقف إطلاق النار، وان يكون هناك حوار بين فئات الشعب السوري، وان النتيجة ستحددها الانتخابات. وعندما طرحنا المشروع، تساءلت مجموعة عما سيئول اليه مصير بشار الأسد؟ فاجبنا، بأن مصير بشار الاسد لا يعنيكم ولا يعنينا وانما الشعب السوري هو يقرر، وبالنسبة للعراق واليمن أيضاً فان موقفنا هو ذاته، فشعبا البلدين هما اللذان يقرران مستقبل بلديهما.
لذلك فعندما يقترح الجانب الامريكي اجراء حوار معنا بشأن قضايا المنطقة، فإننا سنرد عليهم بان هذا الامر لا يعنيكم، لأنكم من خارج المنطقة بينما نحن احدى دول المنطقة.
أننا على استعداد تام ودائم للحوار مع دول المنطقة، وان عرض امريكا لهذه المقترحات ما هو إلا لأهداف دعائية أو في غير صالح المنطقة، فهل رأيتم أحداً في المنطقة قد إستفاد من تعاونه مع امريكا؟ ان الدول العربية تعرف اكثر من غيرها بأن التعاون مع امريكا لم يجلب لها ولا للمنطقة أي نوع من الأمن والاستقرار.
س – هل يمكن ان يتحول التحدي مع امريكا الي حرب أو مواجهة عسكرية؟
ج – نحن لا نبحث عن نزاعات أو اشتباكات أو حرب وتوتر، فالامريكان وبعض دول المنطقة هي التي تنتهج سياسات مثيرة للتوتر في المنطقة. ان الامريكان يبعثون برسائل إلينا يطالبون فيها بالحوار معنا. وهم كانوا في حوار معنا حتي مارس الماضي حيث اجتمعت اللجنة المشتركة للاتفاق النووي بمشاركة ايران وامريكا، وتحدث خلالها مساعدا وزارة خارجية البلدين، واليوم فان الامريكان هم الذين تركوا الحوار وليس نحن، لذلك فاننا لا نبحث عن التوتر أو الصراع أو الحرب؛ وكما قال سماحة قائد الثورة، فان الحرب لن تقع الا اذا حاولت مجموعة ما ان تضع فخاً لنفسها أو لحلفائها في المنطقة.
س – في ظل هذه الاوضاع يلعب الصهاينة دوراً كبيراً في اثارة الفتن والنزاعات؟
ج – نعم، ان الكيان الصهيوني بصدد خلق عدو جديد من اجل حرف الرأي العام العربي عن حقائق جرائمه ضد الفلسطينيين، وان بعض الاطراف في العالم العربي اصبحوا أُجراء بالمجان لدى (اسرائيل). والمثير للدهشة، انني وقبل فترة هاجمت في تغريدة امريكا و(اسرائيل) فاذا بوزير خارجية احدى دول الجوار يعلق على التغريدة بجواب غير مهني. فبالله عليكم كيف يمكن إعتبار مثل هذا الشخص وزير خارجية احدي دول المنطقة نفسه كمتحدث رسمي للكيان الصهيوني، أليس هذا الكيان هو نفسه الذي يقتل ويقمع أشقاءكم العرب، أليس أشقاءكم عرباً مثلكم، فلماذا تبدون كل هذا الود والتعاطف مع هذا الكيان وتعتبرون انفسكم متحدثا رسمياً بإسمه؟ حقا ان هذه مأساة كبرى للعالم الاسلامي حيث تسمح مجموعة فيه، للكيان الصهيوني بان يتخذ القرارات ويحدد الاهداف لها. نحن نعتقد ونؤكد دوماً بأن مستقبل المنطقة هو بيد شعوبها وقد فشل الذين يتدخلون في المنطقة ويسعون الى ان يحلّوا مكان هذه الشعوب ويتخذوا القرارات بدلاً عنها وسيفشلون.
إنهم فرضوا حرباً لمدة (7) اعوام على الشعب السوري وادعوا في البداية بأنهم سيصلّون في المسجد الاموي في دمشق نهاية شهر رمضان، واليوم وبعد سبع سنوات من فرض الحرب والدمار وقتل الشعب السوري وتشريده، بدأوا بالعودة اليها الواحد تلو الآخر لافتتاح سفاراتهم في دمشق، واليوم لم يستطيعوا ليس فقط من الاطاحة بالحكومة السورية، وانما يعودون برؤس مطأطئة إليها.
وهذا كله لانهم عقدوا الأمل علي الاجانب وتوهموا بأن امريكا واوروبا اذا أرادتا شيئاً فانهما ستحصلان عليه. الا يقرأوا القرآن الكريم؟ ان الله عزوجل وحده الذي اذا اراد شيئاً فسيقول له كن فيكون! واذا كان هناك من يستطيع التغيير في البلاد،فانه سيكون الشعب فقط وليس امريكا أو اوروبا. لقد تصوروا بأن تحالفهم مع امريكا واوروبا ضد الحكومة السورية سيمكنهم من الاطاحة بهذه الحكومة. لا أعرف كيف تجهل بعض دول الجوار ان (المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين).
س – هل يمكن إيضاح المساعي السياسية لايران في حل ازمة اليمن؟
ج – إن مأساة اليمن كمأساة سورية، فمأساة اليمن بدأت منذ شُنت الحرب على اليمن، قبل اربع سنوات، وعندها طرحنا مشروعا من أربعة بنود لحل الازمة اليمنية وهي، الوقف الفوري لاطلاق النار، ايصال المساعدات الانسانية، والحوار اليمني – اليمني، واقامة حكومة شاملة في اليمن تربطها علاقات طيبة مع دول الجوار.
وكانوا يعلنون إنهم سينتصرون عسكريا على اليمن في غضون ثلاثة اسابيع ورفضوا المشروع الذي تقدمنا به. واليوم تمضي اربع سنوات على ذلك وقد انفقوا مليارات الدولارات علي هذه الحرب، فماذا جنوا من ذلك سوى الحقد واكبر مأساة انسانية. ومن المؤسف ان العالم اما وقف متفرجاً أو استهدف حتى الضحايا من المدنيين وقدم الدعم للمعتدى. ان التطورات الأخيرة والمجزرة التي ارتكبت في القنصلية السعودية في اسطنبول دفعت بالرأي العام في اوروبا وامريكا الى ممارسة الضغوط.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: اين كان الرأي العام عندما كان الشعب اليمني يتعرض للمجازر والمذابح، بالطبع ان ذبح احد الصحفيين في تركيا هو امر مذموم ويجب ان يدان بشدة، ولكن اليوم لماذا لم يهتم الرأي العام العالمي عندما كان يموت مليون يمني من وباء الكوليرا بينما مقتل صحفي واحد نبّه العالم الى مجازر اليمن.
وهذا السؤال مطروح على الاعلام نفسه، فأين كان خلال السنوات الاربع الماضية؟ لماذا صمت؟ لماذا كان يصف المجرمين بأنهم المصلحين في المنطقة ويقدمون الدعم لهم؟ بإمكانهم الرجوع الى الافتتاحيات وعبارات الإشادة التي كانوا يكيلونها لهؤلاء المجرمين في وسائل الاعلام، فماذا حدث اليوم؟
ان ايران ومنذ اليوم الاول أدركت انه لاحل عسكرياً في اليمن وسوريا وان الحل يكمن بالحوار. لكنهم كانوا يتصورون بان إثارة الاجواء ضد ايران ستقلب الحقائق في المنطقة، ولكنهم عرفوا اليوم بأنهم كانوا على خطأ.
ان دعم الشعب اليمني كان على رأس أولوياتنا. فالدكتور روحاني وبعد ايام من وقوع المأساة في اليمن واثناء زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى طهران، قدم هذا المشروع الذي يشتمل على أربعة بنود. ومنذ ذلك الحين ونحن نطرح موضوع اليمن في كافة اللقاءات وكذلك والاوضاع الانسانية في هذا البلد وضرورة تقديم الدعم للمدنيين وانهاء الحرب فيه. نحن لم ندفع احداً الى شن الحرب ضد السعودية، وانما طلبنا استخدام قدراتهم السياسية لإنهاء هذه الحرب. وبينما ادعت أمريكا أنه لولا دعمها للسعودية لكان هذا البلد يتحدث بالفارسية، وبالطبع نحن نرفض مثل هذه المزاعم، لاننا لا نسعى الى ارغام الآخرين على التحدث بالفارسية. ولكن اذا كانت هذه قناعتكم حقاً، فيجب ان تعلموا انكم انتم المسؤولون عن المذابح التي ارتكبت طوال اربع سنوات في اليمن، فاذا كنتم قد توقفتم عن دعم العدوان ومارستم الضغوط عليه، لما كان هناك حرب بالأصل في اليمن.
س – هناك مفارقة بالنسبة للعلاقات مع تركيا، ففي الوقت الذي توجد خلافات مع تركيا تجاه بعض الامور، لكن العلاقات السياسية – الاقتصادية بين البلدين لم تتعرض للضرر، فالبعض يعتبر ذلك حنكة سياسية في ايران، والبعض يعتقد بأمور أخرى وراء الكواليس، فما هو الدليل؟
ج – لا توجد هناك أية قضايا وراء الكواليس. فمن الطبيعي ان لا تشترك الدول بنفس الرؤية والافكار والمواقف، ويعود ذلك الى حنكة وحكمة المسؤولين في ادارة هذه الخلافات بصورة ايجابية، ومن المؤكد ان نقاط الاشتراك بيننا أكثر من النقاط الخلافية.
توجد هناك مشاكل مع بعض دول الجوار العربية جنوب الخليج الفارسي، وهناك من يحملون رؤية خاطئة عن حقائق العالم ويتصورون بان امريكا والغرب هما العالم، واذا تمكنوا من استقطاب هؤلاء الى جانبهم فسوف يحققون كل شيء، وهم يعتقدون ان مفتاح استقطاب امريكا والغرب هو في المعارضة لايران، لذلك لايمكنهم التوصل الى اي نتيجة، وان امريكا والغرب سوف يستغلونهم حتى تحترق ورقتهم كما حدث في السابق ولكنهم لا يتعظون.
س – البعض يعتقد ان هناك تحدياً سوف يواجه التحالف الذي يضم ايران وروسيا وتركيا بعد انتهاء الأزمة السورية وخلال إعادة الاعمار والقضايا الأخرى التي سوف تلي ذلك، فما هي نظرتكم تجاه هذا الامر وهل سوف يستمر هذا التعاون الثلاثي بعد انتهاء الازمة؟
ج – من الطبيعي ان تكون هناك خلافات في وجهات النظر بين مختلف الدول ومن المؤكد انه ليست لدينا مواقف أو مصالح متطابقة مائة في المائة، ولكن الاسلوب المتحضر لمعالجة مثل هذه الامور هو الحوار، واذا لم ينجح هذا الاسلوب فلابد ان تكون هناك ادارة صحيحة للخلافات. وباعتقادي ان الدول الأخرى في المنطقة أيضاً يجب ان تتخذ نفس هذا النهج، وبمعنى آخر عليهم ان يقبلوا بان الحل لا يأتي من خارج المنطقة، وعليهم البحث عن الحلول من داخل المنطقة لان ذلك سيوصلهم الى النتيجة بأسرع وقت، يعني نفس الاسلوب الذي اتخذناه تجاه روسيا وتركيا، وبالإمكان تطبيقه أيضاً مع دول جنوب الخليج الفارسي.
س – كيف ستكون مشاركة القطاع الخاص الايراني في مرحلة إعادة اعمار سوريا؟
ج – اذا تقرر إعادة الاعمار في سوريا، فان ذلك سيتم عبر الشعب السوري، وان القطاع الخاص الايراني وبقية الدول سوف تشارك أيضاً، واذا كان الشعب السوري يتوقع من الغرب ان يقوم بإعادة الاعمار، فذلك من حقه وان عملية إعادة الاعمار تقع بالاصل علي عاتق الغرب، لانه هو الذي دمر سوريا، انها مسؤولية تلك الدول التي موّلت وقدمت الدعم للارهابيين وعليها دفع التعويضات للشعب السوري، لكنني اتحدث عن تجربة ان الذي يتوقع من الغرب ان يقوم بإعادة الاعمار سوف لن يصل الى أية نتيجة، فهل شاهدتم يوماً الغرب يقوم بالبناء والاعمار؟ ان الغرب يثرثر كثيراً ولكنه لا يفعل شيئاً، يجب علينا الاعتماد على أنفسنا. لذلك باعتقادي ان القطاع الخاص الايراني بإمكانه ان يلعب أفضل دور في المستقبل من أجل إعادة الاعمار وان يكون أفضل شريك للشعب والحكومة في سوريا والعراق.
ان نفقات القطاع الخاص الايراني لإعادة الاعمار ستكون أقل كما انه سيكون على مستوى المنافسة وعلى قدر كبير في المسؤولية، بعكس الغرب الذي يفرض نفقات باهظة على الدول الأخرى من أجل توفير الأمن لأنفسهم. وكما يقول أحد الزملاء فإننا لم نشاهد أي خير يأتي من وراء الغرب.
س – ماهي استراتيجية ايران تجاه دول الجوار وتعزيز العلاقات معها؟ وعلى سبيل المثال فان ايران لديها علاقات جيدة مع دول مثل سلطنة عمان والعراق والكويت.
ج – لقد أعلنا مراراً ان أولويتنا في موضوع العلاقات هي دول الجوار، وقد اقترحنا استراتيجية في هذا المجال وهي سياسة الجوار ونعتقد انه يجب ان يكون جوارنا قويا، وبمعنى آخر ان الأمن في هذه المنطقة لا يتوفر الا بتوفير الأمن للمنطقة باسرها وبعبارة أخرى، ان الأمن لن يتحقق لأي دولة اذا لم يتوفر في المنطقة. فالدول لا يمكنها ان تتقدم اقتصادياً اذا كانت هناك أزمات في المنطقة.
لابد هنا من الإشارة الى ان الامر المهم في مجال سياسة الجوار، هو عامل الجوار بمعنى ان تكون علاقتنا مع دول الجوار أكثر وأقوى من غيرها، وهذا لا يعني ان لا تكون لدينا علاقات مع خارج دول الجوار، لكن المهم ان العلاقات مع دول الجوار يجب ان تكون أمتن وأقوى. ونحن في الجمهورية الاسلامية على اتم الاستعداد لذلك. وبالطبع فان اي علاقة أو رابطة فيها طرفان ويجب ان تكون متبادلة، ونحن قد بسطنا يدنا كاملاً لدول الجوار ولا نستثني أحدا في هذا المجال.
فاليوم لدينا أفضل العلاقات مع بعض دول الجوار، مع سلطنة عمان لدينا علاقات جيدة جداً. لكن هذا لا يعني بأننا نقبل كل مواقف السلطنة، وقد رفضنا زيارة نتنياهو اليها وأبلغنا اصدقاءنا العمانيين بذلك، ولكن ذلك لن يكون دليلاً على تضرر العلاقات الثنائية.
كما ان علاقتنا مع دولة قطر جيدة أيضاً، بالرغم من اننا عارضنا سياسات قطر في سوريا، ولكن يمكن ان تكون لدينا علاقات ثنائية جيدة. نحن نرفض ان تنتهج احدي دول المنطقة سياسة الغطرسة أو تفرض الحصار على احدى دول المنطقة، ولذلك فاننا انتهجنا سياسة التعاون مع قطر. ومع الكويت والعراق أيضاً حيث لدينا تبادل اقتصادي كبير وعلاقات سياسية رفيعة المستوي مع هذا البلد، كما ان علاقاتنا مع افغانستان جيدة للغاية بحيث يمكن إتخاذها انموذجا للتعاون مع كافة الدول. وحتى المباحثات التي جرت مع جماعة طالبان، فان الحكومة الافغانية كانت على اطلاع بها سواء قبلها أو بعدها، لاننا على قناعة بان الحكومة الافغانية هي المسؤولة عن مشروع السلام في افغانستان وهذه هي سياستنا الثابتة. في حين ان بعض الدول الأخرى متخلفة عنّا في هذا المجال.
كما توجد لدينا علاقات جيدة مع روسيا وتركيا وباكستان وهذه العلاقات المتينة مع هذه الدول قد لا يكون لها مثيل في التأريخ منذ عقود طويلة.
س – لقد فشلت السياسة الامريكية التي تحاول ايصال صادراتنا النفطية الى الصفر، حيث هناك العديد من الشركات الاجنبية الجديدة قد أعربت عن استعدادها للمشاركة في مشاريع النفط الايرانية واستيراد النفط من ايران، فما هي دلالات ذلك؟
ج – انه دليل على ان امريكا لا تستطيع عمل أي شيء، وكنا نعرف هذا منذ البداية، وعلى بعض دول الجوار ان تعرف أيضاً بأن ارادة امريكا لن تتحقق، هذه هي حقائق العالم الذي نعيشه، لان العالم قد تغير، يجب علينا ان نخرج من القفص الذي بقينا فيه لأكثر من نصف قرن وان نتقبل الظروف الراهنة. لقد كان من الواضح لنا فشل السياسة الامريكية في هذا المجال وحتي الرئيس روحاني قال: إن امريكا لا يمكنها تصغير صادرات النفط الايراني، لاننا نرى الحقائق الراهنة في عالم اليوم ومن المستحسن ان يرى الجميع هذه الحقائق.
س – كم هي جدية الاوروبيين تجاه العلاقات الاقتصادية مع ايران؟
ج – ان الاوروبيين يحبذون اتخاذ خطواتهم بلا دفع اي ثمن، وعلى اوروبا ان تقرر هل تريد ان تدفع ثمناً لتحقيق الامن لها؟والاهم من ذلك هل يرغبون في دفع الثمن من اجل مستقبلهم واستقلالهم؟ وهل ان اوروبا مستعدة للقبول بأن يأتيها غداً امريكي ويسألها لماذا تشترون الغاز من روسيا؟ أو لماذا علاقاتكم التجارية مع الصين بهذا المستوى؟ فاذا لم يكن لديهم الاستعداد لتقبل كل ذلك فإن عليهم ان يدفعوا الثمن.
لقد شاهدنا بان الدول الاوروبية قد اتخذت موقفا سياسيا جيدا، ولكن عندما تشعّب الامر وشاهدوا ان عليهم دفع ثمن ازاء مواقفهم السياسية هذه اخذوا بالمماطلة والتسويف.
على الاوروبيين ان يعلموا ان الآخرين لن يدفعوا ثمن توفير الامن لهم. وربما لم يشاهد أو لم يهتم الاوروبيون بالمواقف السياسية الحكيمة لايران تجاه الآخرين، ولكن عليهم ان يدركوا انه ليس على ايران ان تدفع كافة النفقات في القطاعات المختلفة وان قضية الاتفاق النووي هي أحدى هذه القضايا، وهناك قطاعات أخرى أيضاً يجب على اوروبا ان تصل فيها الى القناعة بأن عليها ان تتحمل هي ايضاً النفقات.
س – ما مدى جدية الخلافات بين ترامب والكونغرس؟
ج – ان الخلافات في الداخل الامريكي جادة للغاية، والخلاف بين ترامب والكونغرس جاد أيضاً، لان السيد ترامب ينتهج سياسة جديدة في إدارة امريكا. ولكن لا يجب ان نعقد الأمل على مثل هذه الخلافات الداخلية وبتصور انها تساعد على حل مشاكلنا. ينبغي ان تتغير نظرتنا للأمور. ولقد أعلنا مراراً ان النظرتين(الانبهار بالغرب) و (العداء للغرب) لهما عامل مشترك وهو ان الغرب أو امريكا هما كل العالم.
س – وكلمة أخيرة...؟
ج – ليس لدى دول المنطقة صديق أفضل من دولها وان ايران صديقة جيدة لدول المنطقة.