صناعة الرفاهية غطاء جديد للقمع السعودي الممنهج

صناعة الرفاهية غطاء جديد للقمع السعودي الممنهج
الخميس ٢٤ يناير ٢٠١٩ - ١٠:١٠ بتوقيت غرينتش

بالتزامن مع لجوء النظام السعودي الى صناعة الترفيه وقمع كل من لا ينافق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في هذا المجال، شن هذا النظام حملة قمع استهدفت معارضيه، وأيضاً الأصوات التي كانت تنادي سابقاً بضرورة السماح للمرأة بقيادة السيارة، وهو ما طرح كثيراً من التساؤلات بشأن ما إذا كانت فسحة الترفيه التي فتحها محاولةً لإلهاء الشعب السعودي وتحويل الأنظار عن الانتقادات التي تعرض لها، خاصة عقب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بمبنى قنصلية بلاده في إسطنبول، بالثاني من أكتوبر الماضي.

العالم- تقارير

وتخفي مظاهر ما يسمى بـ"الحداثة الجديدة" في السعودية اكثر حملات قسوة على المعارضة السياسية في المملكة منذ عقود بل واكد تقرير سابق للامم المتحدة ان من يمارسون حقهم في حرية التعبير يتعرضون لقمع ممنهج واشار الى تفشي الافلات من العقاب في اوساط المسؤولين المدانين للتعذيب ودعا لجنة تحقيق رسمية لرصد التعذيب و انتهاكات حقوق الانسان.

على اي حال اعتبرت شبكة "بلومبيرغ" الأمريكية إن السعودية قررت اللجوء إلى صناعة الترفيه لتكون بوابة إلى تحسين الوضع الاقتصادي، مشيرة إلى المؤتمر الذي عقده المثير للجدل تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه، اول أمس الثلاثاء، والذي تحدث فيه عن فرص الاستثمار الإقليمي والدولي في بلاده.

وأوضح آل الشيخ، أن المملكة تسعى إلى إنتاج عروض مسرحية كبيرة مثل "فانتوم الأوبرا" و"ليون كينغ"، بالإضافة إلى السيرك الإقليمي والدولي، وذلك خلال عامي 2019- 2020.
كما أعرب عن رغبة بلاده في استمرار المسابقات والبازارات والكوميديا والعروض الترفيهية الأخرى، مبيناً أن الاستثمار في هذا القطاع يمكن أن يخلق عشرات الآلاف من الوظائف للسعوديين، "إن لم يكن مئات الآلاف".

وحديث آل الشيخ يأتي في ظل تناقض واضح في توجهات السعودية دينياً وتشريعياً واجتماعياً، حيث تثير نشاطات الهيئة جدلاً واسعاً بالمجتمع بين مؤيد ومعارض، في حين يطالب أعضاء بـ"الشورى" بإعادة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى العمل، لمواجهة ما يصفه مواطنون بـ"الانحلال الأخلاقي" والآداب التي سببتها هية الترفيه.

وفي سياق متصل، علق خالد الفيصل، مستشار الملك سلمان، وأمير منطقة مكة، على ما تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي عن منع حفلات المطاعم، كما جاءت ردود الفعل السعودية مختلفة على حديث الأمير خالد الفيصل.

وأكدت إمارة منطقة مكة أنه لا صحة لتوجيه خالد الفيصل بمنع الحفلات الموسيقية داخل المطاعم.

وأشارت الإمارة إلى أن ما يتم تداوله بوسائل التواصل الاجتماعي، "كان توجيها سابقا لأمير المنطقة يخص أحد مطاعم جدة".

وتابعت الإمارة أن المطعم تم إغلاقه "بناء على تجاوزات أخلاقية حدثت داخل المطعم واتخذت الإجراءات القانونية حيال ذلك".

وأهابت إمارة مكة بالجميع "عدم الانسياق وراء الأخبار المغلوطة والحرص على أخذ المعلومات من مصادرها الرسمية".

وطالب السعوديون الإمارة وخالد الفيصل على موقع تويتر، بمحاسبة من يبث الشائعات، كما دعا آخرون إلى منع الموسيقى تماما، في الوقت الذي أيد البعض تواجدها في المطاعم باعتبارها "تغذي الروح".

لكن رغم كل محاولات السعودية التشويش على القمع الا ان الحقيقة هي ان الجميع يعرف ان الكلام عن الحداثة الجديدة في المملكة لا تتعدى السطحية وتحريف معناها عن مواكبة العالم المتقدم في الحقوق والحريات وهي مجرد اوراق ملونة لتغليف الوحشية والقسوة التي تقمع الحريات هناك.

ومن اخر اشكال القمع في السعودية هي وفاة الداعية السعودي أحمد العماري، هو الآخر، اثر التعذيب بسجون المملكة، لتضاف جريمة أخرى الى سجل السلطات السعودية التي تتخذ من التعذيب والقمع اسلوبا في معاملتها مع المعارضين بينهم الدعاة الذين لاتتماشى رؤاهم مع الاسرة الحاكمة في المملكة. وأثار الخبر دهشة وغضبا بين النشطاء والمعارضين السعوديين الذين يقيمون في المنفى خوفا من تعرضهم لبطش سلطات آل سعود.

واعتقل "العماري" وهو عميد كلية القرآن الكريم في جامعة المدينة المنورة سابقًا، مع أحد أبنائه بعد دهم منزله، في شهر أغسطس/آب الماضي، دون معرفة التهم الموجهة إليه.
وقبل أسبوع تم ابلاغ عائلة العماري بأنه تم الافراج عنه واسقاط التهم ضده وأنهم يستطيعون رؤيته. لكنهم سرعان ما اكتشفوا أن سبب الافراج هو عدم استفاقة العماري من الغيبوبة وأن الاطباء أكدوا لهم أنه في حالة "موت دماغي".

وقبل العماري انتشر خبر وفاة الداعية "سليمان الدويش"، والكاتب "تركي الجاسر" تحت التعذيب، وكلاهما معتقل منذ أكثر من عام.

وفي سياق متصل بالقمع الممنهج الذي بداه النظام السعودي تداولت اخبار عن اول واقعة قمع في المملكة كانت تحت مسمى "حملة على الفساد" رغم ان ولي العهد السعودي الذي قاد الحملة هو نفسه متورطا داخل دائرة الفساد، حيث أطلقت السلطات السعودية سراح رجل الأعمال عمرو الدباغ، ومستشارين إداريين اثنين بعد أكثر من عام على احتجازهم ضمن حملة على الفساد هزت ثقة المستثمرين بالمملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم.

جاء ذلك وفق ما أفادت به سبعة مصادر، لوكالة "رويترز"، أمس الأربعاء.

واحتُجز عشرات من الأمراء وكبار المسؤولين ورجال الأعمال بفندق ريتز كارلتون في العاصمة الرياض بأوامر من ولي العهد، محمد بن سلمان، في نوفمبر 2017، وندد معارضون بالحملة بوصفها ابتزازاً وحيلة لتعزيز النفوذ.

والدباغ هو رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة الدباغ، كما رأس على مدى سنوات، الهيئة العامة للاستثمار التي تستهدف جذب الاستثمار الأجنبي إلى البلاد.

وذكرت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن أسمائها، أن الاثنين الآخرين اللذين أفرجت السلطات عنهما هما هاني خوجة وسامي الذهيبي، مؤسسا شركة "الإكسير"، التي استحوذت عليها في عام 2017 شركة "ماكينزي" الاستشارية، التي تعاقدت معها الحكومة السعودية للمساعدة في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يسعى بن سلمان لتنفيذها لإنهاء اعتماد البلاد على إيرادات النفط.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أول من نشر نبأ الإفراج عنهم، في حين لم تتضح الاتهامات التي واجهوها أو شروط الإفراج عنهم.

ولم يعلن النائب العام أي تطورات جديدة بشأن حملة مكافحة الفساد منذ نحو عام.

وجرى الإفراج عن معظم الذين احتُجزوا خلال الحملة، في غضون بضعة أشهر، بعد توصلهم إلى تسويات، قالت السلطات إنها ستدر أكثر من 100 مليار دولار.

وذكرت تقارير أن بعضهم تعرضوا للتعذيب، وهو ما تنفيه الحكومة.