قراءة في ثورة 25 يناير بمصر في ذكراها الثامنة

قراءة في ثورة 25 يناير بمصر في ذكراها الثامنة
الجمعة ٢٥ يناير ٢٠١٩ - ١٢:٥٥ بتوقيت غرينتش

يصادف اليوم الجمعة 25 يناير/كانون الثاني، الذكرى الثامنة للثورة الشعبية بمصر التي أدت إلى إسقاط نظام حسني مبارك بعد 30 عاما من الحكم. وبعد عام من ثورته اختار الشعب المصري في انتخابات الرئاسة التي جرت في يونيو 2012، مرشح الاخوان المسلمين محمد مرسي رئيسا للبلاد والذي لم يبق في سدة الحکم أکثر من عام علی اثر الأحداث التي عصفت بمصر بعد الثورة وانتهت بوصول عبدالفتاح السيسي للسلطة.

العالم- تقارير

تتزامن الذكرى الثامنة لثورة 25 یناير لهذا العام مع الذكرى السابعة والستين لعيد الشرطة، ذلك اليوم الذي جسدت فيه قوات الشرطة المصرية روح المقاومة الشعبية ضد قوات الاحتلال البريطاني.

وبالمناسبة انهالت تهانٍ عدة من شخصيات رسمية ومؤسسات مستقلة وسياسيين على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ذكرى هذه الثورة وعيد الشرطة.

کما وجه السيسي كلمة للمصريين، بقوله: "أوجه التحية للشعب المصري بمناسبة تلك الثورة، التي عبّرت عن تطلع المصريين لبناء مستقبل جديد لهذا الوطن، ينعم فيه جميع أبناء الشعب بالحياة الكريمة".

وتابع: "مصر تنتقل بثبات، بعد سنوات عاصفة ومضطربة من مرحلة تثبيت أركان الدولة وترسيخ الاستقرار إلى مرحلة البناء والتعمير... وتستكمل بجدية واجتهاد مشروعات التنمية الكبرى التي انطلقت في جميع أنحاء البلاد، لتغير الواقع المصري إلى ما نطمح إليه من تنمية شاملة ومستدامة".

وفي الذكرى الثامنة لثورة يناير يسود الصمت شوارع القاهرة وباقي محافظات مصر لکن التهاني تتوالي للسيسي بالمناسبة ما أثار ردودا واسعة في الاعلام المصري وعلی مواقع التواصل الاجتماعي. وتجدّد الجدل المثار بين معارضي السيسي ومؤيديه ودفع الکثيرين للإدلاء بآرائهم عن الثورة عبر شبكات التواصل؛ فالبعض مجّد الثورة وعظّمها، وآخرون وصفوها بـ"الفاشلة" و"النکسة" وفريق اعتبرها "مؤامرة مدبرة".

ثورة 25 يناير 2011 كانت في بدايتها مظاهرات جماهيرية حاشدة وخروجا للميادين للتعبير العلني عن رفض الدکتاتورية والاستبداد وحكم العسكر وکانت تهدف الی احلال دولة جمهورية لا تعرف التوريثَ محلها. وهي بالفعل أکدت الثقة مرة اخری بقدرة الشارع المصري على التأثير والفعل وهيّأت لقناعة مفادها ان سقوط مبارك سيفتح الباب لمزيد من الحريات ليصبح الوطن أفضل.

لکن بمضي الزمن وتدخّل بعض الاطراف الاجنبية والعربية ومخاوف الکيان الصهيوني علی أمنها ومستقبل علاقاته مع مصر، اُفرغت الثورة بالتدريج من محتواها وفقدت زخمها على مستويات عدة إن لم يكن على جميع المستويات. فاستحالت الثورة الشعبية وخاب ظن الشارع المصري فيها کما حاول البعض تحويلها في الوعي المصري العام إلى "نكسة" أو "مؤامرة" دبرت بليل من قبل بعض الأطراف التي لا تريد الخير لمصر. وبالنتيجة اطاحوا بالرئيس المنتخب محمد مرسي وأحكم العسكر قبضته على البلاد.

وفي الذكرى الـ8 للثورة دعت جماعة الإخوان المسلمين، الشعب المصري إلى الاصطفاف الوطني الثوري، واستكمال ثورة يناير، وتصحيح المسار. وذكرت في بيان أن "ثماني سنوات مضت على الملحمة الأولى لثورة يناير، تلك الثورة الشعبية العظيمة، التي هبّ فيها الشعب المصري كله ضد نظام ديكتاتوري مستبد، والتي شهد العالم بنزاهتها ونقائها؛ حيث قدم فيها الشعب صورة مشرقة من اللُّحمة الوطنية وجسّد فها المعنى الحقيقي للتوحد والاصطفاف الثوري حول أهدافه المنشودة".

وشدّدت جماعة الإخوان على أن "مصر صارت على يد الانقلاب حامية الحمى الصهيوني علانية، فضلا عن الغلاء الهائل، والتدني في كل المجالات، الصحية، والتعليمية، والأمنية، والأخلاقية"، بحسب تعبير البيان.

انكسار الثورة أخرج مصر من المعادلات الإقليمية تقريبا بل وألقى بها في كفة "إسرائيل" بشكل منح هذا الكيان وأميركا الجرأة على إعلان القدس عاصمة لـ"إسرائيل".

ويرى المحلل السياسي المختص في شؤون العلاقات المصرية الإسرائيلية سيد أمين أن ثورة يناير وضعت العلاقات المصرية الإسرائيلية في "ورطة كبرى"، وكانت الثورة وحدها كفيلة بتقويض كل مشاريع "الهيمنة الأميركية الصهيونية" في المنطقة.

وعلی الصعيد الاقتصادي فقد بدأت عجلة الاقتصاد المصري في الدوران منذ انتخاب السيسي رئيسا عام 2014، لكن الإصلاحات التي أطلقها في إطار اتفاق لنيل قرض من صندوق النقد الدولي عام 2016 والتي شملت تعويم الجنيه ورفع الدعم تدريجيا عن أسعار الوقود زادت حجم الفقر في مصر وفق الکثيرين، وجعلت مصر أسوأ حالا مما كانت عليه قبل الثورة.

لکن تاريخ مصر حافل بالکثير من المفاجآت والاحداث الکبری التي وقعت بها منها مثلا ثورات 1919 و1952 و2011. ومن يدري؛ فالدهر حبلی ليس یُدرَی ما یلد!

د.نظري