سوريا تضع تركيا في موقف حرج

سوريا تضع تركيا في موقف حرج
السبت ٢٦ يناير ٢٠١٩ - ٠٧:٣٤ بتوقيت غرينتش

في هذه الايام يتردد اسم "اتفاق اضنة" في جميع المواقع الخبرية التي تتناول الشأن السوري، الاسم الذي عاد الى الواجهة بعد لقاء الرئيسين التركي رجب طيب اردوغان والروسي فلاديمير بوتين في موسكو. ويبدو ان تركيا تواجه موقفا حرجا حال تأكيدها على الالتزام بالاتفاق الامني الموقع بين انقرة ودمشق عام 1998، والذي قالت موسكو إنها قد تعمل على تطبيقه بالتنسيق بين تركيا وسوريا.

العالم- سوريا

تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقائه مع نظيره الروسي رجب طيب اردوغان في الكرملين عن اتفاق اضنة وطرح فكرة ان روسيا قد تعمل على تطبيق هذا الاتفاق لكن بشرط التنسيق بين الجانبين السوري والتركي والذي قد يكون بشكل مباشر، حيث قال بوتين "ان الاتفاق الأمني السوري التركي الموقع عام 1998 (معاهدة أضنة)، سيزيل العديد من العراقيل المتعلقة بتحقيق تركيا لأمنها على الحدود الجنوبية.

من جهته أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده تعتبر اتفاق أضنة المبرم بين تركيا وسوريا لا يزال ساريا، حيث اعتبر "الدولتان المشاركتان في هذا الاتفاق تلتزمان بنفس الرأي".

الحقيقة التي يشهدها الجميع ان سوريا التزمت بجميع بنود هذه الاتفاقية الموقعة في زمن الرئيس الراحل حافظ الأسد وهذا ما اكدته مرة اخرى دمشق في اول تصريح رسمي لها على لسان وزارة الخارجية التزامها بالاتفاق والاتفاقيات الاخرى المتعلقة بمكافحة الارهاب، مضيفة ان تركيا لا تزال تخرق اتفاق اضنة منذ بداية الحرب على سوريا عام 2011 عبر دعم الجماعات الارهابية وتسهيل مرور الارهابيين الى الاراضي السورية اضافة الى احتلال مناطق سورية عبر المنظمات الارهابية التابعة لها.

كذلك اعلنت دمشق، ان اي تفعيل لاتفاق اضنة يجب ان يكون من خلال اعادة الامور على الحدود الى ما كانت عليه قبل العام 2011، ووقف دعم انقرة للارهاب اضافة الى سحب قواتها من المناطق التي تحتلها داخل سوريا.

كما قال عمار الاسد نائب رئيس لجنة الامن والعلاقات الخارجية في مجلس الشعب السوري أن على تركيا عندما تتحدث عن الاتفاقيات ان تلتزم بها أولا. وأكد الأسد خلال اتصال هاتفي مع قناة العالم أن على تركيا ان تثبت بالافعال انها جادة في مكافحة الارهاب، داعيا أنقرة لتفعيل اتفاقية اضنة مع سوريا ووقف خرق الاتفاقية من خلال رعايتها للارهاب وأن تسحب قواتها من عفرين والمناطق التي دخلتها.

ويرى المحللون ان موقف الدولة السورية تجاه تطبيق معاهدة اضنة يضع تركيا في موقف حرج فعلا، حيث يأتي تمسك تركيا بالمعاهدة لتبرير تحركاتها غير الشرعية داخل الاراضي السورية، كما ان فكرة تركيا بإقامة "منطقة آمنة" داخل سوريا بعمق 20 ميلا (32 كيلومترا) لا تنسجم مع بنود المعاهدة التي تقضي بالسماح للجيش التركي بدخول الاراضي في شمال سوريا بعمق 5 كيلومترات فقط، فالموقف السوري بشأن المعاهدة سيجبر تركيا على ضبط نفسها بنفس الاداة التي ترغب بان توسع عبرها نفوذها في اراضي سوريا.

وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، امتلاك بلاده حق مكافحة الفصائل الكردية المسلحة داخل الأراضي السورية، بموجب اتفاقية أضنة المبرمة بين الجانبين عام 1998، لافتاً في مقابلة متلفزة، أن الاتفاقية تُلزم الجانب السوري بمكافحة هذه الفصائل التي تهدد أمن تركيا وحدودها، وتسليم "الإرهابيين" إلى أنقرة.

وأضاف الوزير التركي أن لبلاده الحق في القيام بعمليات داخل الأراضي السورية، في حال لم يقم الجانب السوري بما يقع على عاتقه من واجبات وفق اتفاقية أضنة، مشيراً إلى أن سوريا تدرك جيدا أن تنظيم "ي ب ك / بي ك ك" يسعى إلى تقسيم البلاد.

وتعليقا على هذه التطورات قال الصحفي والمحلل السياسي عبد الباري عطوان: "يمكن القول أن معاهدة أضنة في حال إحيائها، وهذا أمر شبه مُؤكد، ستلغي الحاجة إلى إقامة منطقة حدودية آمنة، التي تواجه خلافات جذرية بين معظم الأطراف، وستعمل مثلما ينص أحد بنودها على إنهاء جميع الخلافات بين البلدين الجارين (سوريا وتركيا)، وإنهاء الأزمة السوريّة، وعودة العلاقات التركية السورية".

ومع نفض الغبار عن اتفاق اضنة بين تركيا وسوريا، تتوالى المواقف بين الاطراف المعنية بالاتفاق حيث يشير بعض المراقبين الى ان العمل بالاتفاق لايمثل مشكلة لدمشق اذا ما نفذت انقرة مطالبها بخروج القوات التركية من الاراضي السورية والتراجع عن دعم الارهاب وتسهيل دخوله الى اراضيها، والعودة لما قبل عام الفين واحد عشر على الحدود، ما يعني امكانية اعادة تفعيل الاتفاق بوساطة روسية هذه المرة.

فيما يرى آخرون ان اردوغان وجد في الكرملين تاكيدا روسيا على لسان بوتين ولافروف على وحدة الاراضي السورية التي يجب ان تعود سيادتها الى الحكومة السورية حال انسحاب قوات الاحتلال الامريكي منها. ومن هنا يرى هؤلاء المراقبون ان تركيا اصبحت وحيدة وان اعلانها الاستعداد لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا لوحدها، هو كلام غير واقعي يأتي في سياق محاولة التغطية على ضعفها.