المنطقة الآمنة.. وأحلام اردوغان الوردية

المنطقة الآمنة.. وأحلام اردوغان الوردية
الإثنين ٠٤ فبراير ٢٠١٩ - ٠٤:٠٧ بتوقيت غرينتش

المنطقة الآمنة التي جدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان المطالبة بتحقيقها على الاراضي السورية يوم امس هي محل خلاف بين القوى العظمى وحتى الاقليمية والمحلية. وبرغم تأييد الرئيس الاميركي دونالد ترامب للفكرة الا ان روسيا اعلنت صراحة انه لم يجر التشاور معها بشأنها. ويأتي ذلك في الوقت الذي تم فيه الاعلان عن عقد قمة روسية إيرانية تركية في 14 فبراير بمدينة سوتشي الروسية.

العالم - تقارير

اعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم تشاور روسيا قبل أن تعلن خطة إقامة مناطق آمنة للنازحين في سوريا.

واعتبر بيسكوف هذا الامر بانه سيادي مشيرا الى ان هذه الخطة يجب " ألا تفاقم الخطة الوضع بالنسبة للنازحين وانه يتوجب على الأرجح بحث كل العواقب."

يذكر أن دونالد ترامب قال في وقت إنه "سيقيم بالتأكيد مناطق آمنة في سوريا" للفارين من العنف هناك.

تركيا على اتصال مستمر مع الحكومة السورية

وفي جانب من تصريحاته يوم امس كشف الرئيس التركي عن وجود اتصالات على مستوى المخابرات بين الحكومتين التركية والسورية وقال اردوغان في حديث لقناة TRT: "السياسة الخارجية مع سوريا مستمرة على مستوى منخفض"، مضيفا أن أجهزة المخابرات تعمل بصورة مختلفة عن القادة السياسيين.

وأضاف أردوغان: "الزعماء قد لا يتواصلون مع بعضهم، لكن أجهزة المخابرات يمكنها التواصل حسب مصلحتها، إذا كان لديك عدو فعليك الاحتفاظ بالعلاقات، فربما تحتاجها فيما بعد".

ونقلت قناة TRT عن أردوغان قوله إن سياسة بلاده تجاه الأزمة السورية قائمة على مبدأ الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وأضاف: "نحن لا نبحث عن البترول أو الدخل المادي من تحركنا في شمالي سوريا".

وأكد أردوغان سعيه إلى إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا بعمق 30 كلم وليس منطقة عازلة، مشيرا إلى أن جزءا من الأسلحة التي أدخلت إلى الشمال السوري، وبعضها أمريكي الصنع، وقعت في أيدي "التنظيمات الإرهابية" في المنطقة، وبات بعضها يباع في الأسواق وصار في متناول السكان المحليين.

وأضاف: "وعدنا الأمريكيون منذ عهد أوباما بانسحاب التنظيمات الإرهابية من شرق الفرات خلال تسعين يوما وهذا لم يحصل، واليوم هناك مؤشرات في عهد ترامب لتحقيق ذلك".

وشدد أردوغان على أن بلاده لا يمكن أن تترك إدارة المنطقة الآمنة في شمال سوريا في يد التحالف الأميركي، لأن أنقرة "لا تثق به بناء على تجارب سابقة معه".

وشدد أردوغان على أن بلاده ومن خلال عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون في سوريا "منعت التنظيمات الإرهابية من الوصول إلى البحر المتوسط" واستخدام شمال سوريا منطقة عازلة.

وتحدث الرئيس التركي عن عمليات تطهير عرقي وقعت في شرق الفرات، وقال إن "نحو 90% من سكان منبج الأصليين كانوا من العرب لكن تنظيم YPG الإرهابي (بحسب تعبيره) عمل على تغيير الواقع الديمغرافي فيها".

وعندما يتحدث الرئيس التركي عن درجة من العلاقات حتى وان كانت بمستوى المخابرات بين تركيا وسوريا فهو يمهد الطريق لتنسيق اكبر بين البلدين من اجل تحقيق الامن والاستقرار في تلك المنطقة الملتهبة من العالم.

غير ان المواقف الآحادية التي تتخذها انقرة من اجل تثبيت المنطقة الآمنة في بعض المناطق السورية من دون موافقة دمشق وحليفتها روسيا فهو ليس فقط لايؤدي الى الامن والاستقرار في تلك المناطق بل سيزيد الوضع تشنجا.

قرارات آحادية دفعت تركيا اثمانها غاليا

وقد اكتشفت انقرة في اوقات سابقة ان قراراتها المنفردة وفتح اراضيها للجماعات المسلحة ساهم في زعزعة الاستقرار في سوريا بل وكانت مصدرا للتهديد الامني لتركيا نفسها.

القرارات المرتجلة التي يمكن ان تتبناها تركيا ستزيد الوضع سوءا في سوريا وان المسار الوحيد الذي يمكن ان تتخذه انقرة هو التنسيق مع الحكومة السورية وكذلك مع مجموعة دول آستانا للوصول الى النتائج الحقيقية والمرضية لجميع الاطراف المحلية والاقليمية وحتى الدولية.

وكانت الدول الثلاث الداعمة للعملية السياسية في سوريا وهي روسيا وايران وتركيا قد اجتمعت يوم امس في طهران وبحثت اهم الموضوعات السياسية لحل الازمة السورية بما فيها تشكيل اللجنة الدستورية.

وأعلن الكرملين عن اتفاق الدول الثلاث على عقد قمة بين الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني، والتركي رجب طيب أردوغان في 14 فبراير في مدينة سوتشي الروسية.

ونقلت وكالة انترفاكس عن الناطق باسم الكرملين "دميتري بيسكوف" في معرض رده على سؤال بهذا الصدد قوله: "نعم، هناك خطط لذلك"، مضيفا: "ستعقد قمة روسية تركية إيرانية في هذا اليوم في سوتشي".

وكانت وزارة الخارجية الروسية قد اعلنت أن المباحثات الروسية الإيرانية التي عقدت في طهران أمس تناولت جهود الحل السياسي للأزمة في سوريا ومستجدات الوضع فيها.

وجاء في بيان للوزارة نشر على موقعها إن “المباحثات التي أجراها الوفد الروسي الذي ضم مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا الكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فرشينين مع كل من أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني وكبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية حسين جابري أنصاري تناولت سير التحضيرات لعقد قمة روسية إيرانية تركية جديدة في إطار صيغة أستانا اضافة إلى مجمل القضايا المتعلقة بتطور الأوضاع في سوريا”.

في غضون ذلك أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من بيشكيك عاصمة قرغيزيا، أن العمل على تشكيل اللجنة الدستورية السورية شارف على الانتهاء.

وقال لافروف متحدثا أمام طلاب الجامعة الروسية في بيشكيك: "بالتوازي مع محاربة الإرهاب، هناك مسار سياسي طرحت في إطاره روسيا وتركيا وإيران مبادرة لتشكيل اللجنة الدستورية السورية، بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي عقد العام الماضي في سوتشي، والعمل على تشكيل اللجنة شارف على الانتهاء".

مسار آستانا ومعالجة الانشغالات التركية

وعندما تجد تركيا متسعا للحديث عن آمالها ومخاوفها في اطار قمة آستانا فإنه من غير المناسب ان تنفرد بالقرارات المعارضة للتوجهات الوطنية في سوريا ولمواقف البلدان الاقليمية والقوى العظمى التي تخالف اقامة المنطقة الآمنة وتعتبرها امرا سياديا.

ويجب ان تعرف انقرة انه ليس بامكانها تحقيق احلامها الوردية من خلال التوسع في الاراضي السورية دون ان تدفع الاثمان الكبيرة، فقد دفعت في وقت سابق ثمن تدخلها في الازمة السورية ومساعدتها للجماعات المسلحة المزيد من التفجيرات والعبوات الناسفة التي ضربت العاصمة وغيرها من المدن، ويجب ان تعلم بان السحر الذي تحاول ان تصنعه لسوريا ربما سينقلب ضدها في يوم من الايام.. في ذلك الوقت الذي سيفرض فيه الغرب على تركيا اقامة منطقة آمنة للجماعات الكردية كمقدمة لتفكيكها وتمزيق اراضيها كما حاولت فعله في العراق واليوم في سوريا وغدا في تركيا.

*محمد طاهر