قمة سوتشي.. ودور ايران في بناء السلام

قمة سوتشي.. ودور ايران في بناء السلام
الجمعة ١٥ فبراير ٢٠١٩ - ١١:٤٣ بتوقيت غرينتش

إنعقدت قمة الدول الضامنة لمحادثات السلام في سوريا يوم أمس الخميس في مدينة سوتشي الروسية، لتؤكد ان الجهود الدبلوماسية متواصلة لحلحلة الأزمة التي تعصف بسوريا منذ اكثر من ثمانية اعوام، وأبرز ما تمخض عنها هو إلتزام كافة الأطراف المعنية بتشكيل لجنة لتنظيم دستور جديد للبلاد على ان يتم عرضه خلال استفتاء عام على الشعب السوري.

العالم - تقارير

فالقمة التي جاءت في نسختها الرابعة يوم أمس كرّست المسار التفاوضي دون إعتماد القوة بين الجماعات والتيارات المتناحرة، وقد جسدت أقوالها على ارض الواقع، من خلال تأمين طرق لإيصال المساعدات الإنسانية في المناطق التي مازالت تشهد توترا في المدن والارياف السورية.

أضف الى ذلك العديد من عمليات تبادل الأسرى والمعتقلين بين الجماعات التي قررت وضع حد للنزاعات المسلحة، والإحتكام الى طاولة المفاوضات.

والجدير بالذكر ان ما كانت تدعو اليه قمة سوتشي هو المحافظة على الحوار والسير التفاوضي بين الجماعات المسلحة والحكومة السورية، والإتفاق وتنفيذ ما يتمخض عن هذه المفاوضات التي تشرف عليها ايران وتركيا وروسيا، وشهدت مباركة من المنظمة العامة للأمم المتحدة.

أما أبرز ما نتج عن اجتماع القمة الرابعة للدول الضامنة للحوار السلمي في سوريا يوم أمس في سوتشي، هو إلتزام كافة الأطراف المعنية بتشكيل لجنة لتنظيم دستور جديد للبلاد على ان يتم عرضه خلال استفتاء عام على الشعب السوري، ليكون الشعب هو الذي يقرر مصيره بنفسه.

أما ايران التي يشهد العدو قبل الصديق بفضلها وحضورها المؤثر لتخليص وانقاذ سوريا وأخواتها في المنطقة من مكائد الجماعات التي إصطنعتها الدول الإستكبارية، وبأموال وعصبيات أصحاب البترودولار، للعبث بأمن وإستقرار دول المنطقة وتمزيقها، تقف اليوم على صخرة صماء، مرفوعة الرأس، تفخر بالدماء التي قدمتها من استشاريين ومساعدين لم يبخلوا بإستشاراتهم ومساعداتهم النصحية، لإخوانم في سوريا والعراق ليتخلصوا من الجماعات التكفيرية الإرهابية.

ولم يقتصر دور ايران في إعادة الأمن والسلام لسوريا والعراق، بل إنها حملت رؤاها وعلى لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف الى المؤتمر الأمني الذي تستضيف مدينة ميونيخ الألمانية اليوم دورته الخامسة والخمسين، لتقدم تجاربها الناجحة وصدقها في محاربة الإرهاب والجماعات التكفيرية الإرهابية، لأكثر من 100 شخصية يشاركون في المؤتمر من مختلف دول العالم، بينهم رؤساء ووزراء خارجية ووزراء دفاع، اضافة الى شخصيات سياسية وأمنية ودولية مؤثرة في مكافحة الإرهاب.

وما ان قررت إيران مشاركتها في مؤتمر ميونيخ الأمني حتى شهد العالم موافقة أعضاء المجلس الإقتصادي الإجتماعي للأمم المتحدة (اكوسوك) على انضمامها للجنة بناء السلام رغم كل المساعي التي بذلتها قوى الغطرسة العالمية بزعامة امريكا لعدم تسجيل مثل هذا النجاح الدولي لإيران وعلى صعيد الإمم المتحدة.

ويرى المراقبون أن من أهم ما يمكن ان تستفيده ايران من هذه العضوية هو التأكيد على أن ايران هي من الدول التي تعمل على مكافحة الإرهاب على ارض الواقع، دون ان تتاجر بالأقوال وتناهضها بالأفعال. لأن لجنة السلام الدولية، هي من اللجان التي تعمل بكل جدية، ورغم الأخطار التي تحيط بأعمالها تحاول ارساء السلام في الدول والمناطق التي تعاني من نزاعات داخلية وفي مختلف ارجاء العالم.

كما يشير المراقبون الى ان إنضمام ايران للجنة السلام الدولية، وإستمرار قمة سوتشي بمحورية ايران الإسلامية، يأتيان في وقت يجتمع فيه ممثلو الدول المؤسسة للجماعات الإرهابية التي أضرت بالشعوب الإسلامية قبل باقي شعوب العالم في مدينة وارسو، يكون بمثابة تغاضيهم عن القضية المحورية لمسلمي وأحرار العالم، أي "القضية الفلسطينية"، ويفتحوا صفحة جديدة مع كيان الإحتلال الإسرائيلي، معلنين اسراعهم في ما تبقى من عملية التطبيع الرسمي مع كيان الإحتلال.

ومن حق المراقبين ان يتساءلوا عن أسباب لهاث الأنظمة الخانعة وراء سراب التطبيع، فهل حصل من سبقهم على ما كانوا يحلمون به، من دعم لأنظمتهم أو أموال تكفل استمرار حضورهم في السلطة؟ أم انهم يُسحبون سحب النعاج لتمويل حروب تشعلها امريكا وحليفها كيان الإحتلال الإسرائيلي، لتكون هذه المرة بلدانهم وشعوبهم وأموالهم حطب هذه الحرب، وبالتالي تتحول مدنهم الى ركام، وحقول نفطهم الى بؤر نيران، وهم مشردون في فلوات الأرض، لامأوى ولاملجأ، كما حدث لشاه ايران المقبور و"ملك ملوك العرب" كما كان يطلق على نفسه، القذافي؟

وفي الختام تشير الشواهد المطروحة على الساحة ان القوات الأمريكية التي دخلت سوريا من دون استئذان حكومتها الشرعية ولا بإذن شعبها الذي يتطلع للحرية، أن لا مجال لاي قوة أخرى لتحاول ان تحل محل القوات الأمريكية التي إحتلت ولا تزال تحتل أقساما واسعة من الأرض السورية فالسوريون انفسهم سيتكفلون بالحفاظ على أمن واستقرار شعبهم ووحدة بلادهم دون الحاجة الى من لا يرغبون دخوله عنوة في بلادهم.

*عبدالهادي الضيغمي / العالم