خطاب البشير تراجع ام تصحيح مسار

خطاب البشير تراجع ام تصحيح مسار
الإثنين ٢٥ فبراير ٢٠١٩ - ٠٤:٠٥ بتوقيت غرينتش

طال انتظار الشعب السوداني لاكثر من ثلاثة اشهر سمع خلالها خطابات رنانة من قبل الرئيس عمر البشير في عدة ولايات القاسم المشترك لتلك المخاطبات الجماهيرية كان التحدي وتخوين المتظاهرين وتبرير اعمال العنف بالمصلحة العامة وحفظ الامن .

خطاب الجمعة والذي اعلن خلاله الرئيس السوداني عمر البشير حال الطوارئ لمدة عام في البلاد وحل بموجبه حكومة الوفاق الوطني اتسم بشي من المرونة وكانت النبرة الغالبة فيه نبرة تصالحية ، ليته جاء مبكرا قبل اراقة الدماء وإهدار كرامة الكثير من ابناء الشعب.
اكد البشير ان مخرجات الحوار الوطني ستشكل المرجعية لتجاوز الازمة التي تعصف بالبلاد وما لبث ان حل حكومة الوفاق الوطني التي انبثقت من الحوار الوطني انف الذكر نفسه ، وهنا يتسال المرء عما اذا كانت تلك المخرجات التي افشلت الحكومة قادرة على انجاح حكومات المرحلة المقبلة.
اعلن البشير حالة الطوارئ لمدة عام وحل حكومات الولايات وعين بدلا عنهم قادة عسكريين فهل يا ترى سيصلح العطار ما افسد الدهر وهل يستطيع اؤلئك العسكر تلبية حاجة المواطن وحلحلة مشاكله المزمنة ام ان الخطوة جاءت لاحكام القبضة الامنية من جهة وتطمين رفاق الامس، اقصد هنا العسكر، ان البشير لايزال ابن المؤسسة العسكرية ويدين لها بالولاء.
وقد راى بعض المراقبين ان هذه الخطوة بالتحديد جاءت نتاج ضغوطات من قبل بعض حلفاء البشير وتحديدا الامارتيين والسعوديين لابعاد الاخوان عن منظومة الحكم في السودان وبالتالي الاستئثار بالبشير وابعاده عن معسكر قطر وتركيا.
ويترقب الشارع لتداعيات هذه الخطوة وما سينتج عنها من انشقاقات وربما احتراب في معسكر الاسلاميين الذين ينظرون اليها باعتبارها انسلاخ عن كيانهم الذي دعم البشير طوال فترة حكمه التي امتدت الى ثلاثة عقود وتهميش لهم بعد كل التضحيات التي قدموها. وخطورة هذه الخطوة تكمن في ان هذا المعسكر تدرب طوال الثلاثون عاما على حمل السلاح وشارك في حرب الجنوب واكتسب خبرة طويلة على حرب العصابات فاذا ما قرروا تصيفة حساباتهم مع الرئيس البشير عندها ستخرج الامور عن نصابها.
ولكن ما يطمئن ان قادة حزب المؤتمر الوطني الحاكم كانوا في الصفوف الاولى اثناء القاء الرئيس لخطابه ، ما يشي بان ثمة توافق وترضيات ابرمت خلف الستار.

البشير حاول في خطابه استمالة شريحة الشباب باعتبار الوقود المحرك للتظاهرات المشتعلة منذ قرابة الثلاثة اشهر ووعد باشراكهم في الحوار الوطني باعتبار انهم جزء مهم من مكونات الشعب . وترحم على شهداء الحراك الجماهيري الذين اغتالتهم يد البطش الامنية لنظامه كما وعد بالافراج عن معتقليهم .
تفسير الموقف الشعبي لخطاب البشير كان عمليا فقد انطلقت المسيرات المسائية فور انتهاء الخطاب معلنة رفضها لما جاء فيه جملة وتفصيلا. كما اعلن تجمع المهنيين السودانيين رفضه واكد ذلك بنشر جدول جديد لمواكبه الجماهيرية مشيرا الى ان مطالب الجماهير تتلخص في مبادرة الحرية والتغيير التي تنص على التنحي الفوري للرئيس البشير .
الملاحظ ان حالة الطوارئ لم تؤتي اكلها او بالاحرى ما كان متوقعا من قبل نظام الحكم باخماد التظاهرات وحالة العصيان المدني، ما يعني ان على الرئيس البشير الاسراع في خطواته الاصلاحية الاخرى لاسيما الافراج عن كافة المعتقلين ومعالجة المشاكل الاقتصادية المستفحلة والفساد المستشري في منظومة حكمه وتقديم المتهمين في قضايا قتل المتظاهرين الى المحاكم.

اسامة الشيخ