بعد رهف.. شقيقتان سعوديتان هاربتان بانتظار الموت

بعد رهف.. شقيقتان سعوديتان هاربتان بانتظار الموت
الثلاثاء ٢٦ فبراير ٢٠١٩ - ٠٥:٠٣ بتوقيت غرينتش

نشرت مجلة "تايم" الأمريكية تقريرا حول مقابلة أجرتها ليجني بارون، وصفت فيها شقيقتان سعوديتان هربتا من عائلتهما أثناء رحلة سياحية في سيريلانكا، المجتمع السعودي المضطهد الذي تركتاه. 

العالم - السعودية

ويشير التقرير نقلا عن "عربي21"، إلى أن فشل حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما عرف بهاشتاع "#إلغاء_الولاية"، هو الذي دفع ريم للهرب مما وصفته نظام استرقاق الرجل للمرأة.

وتنقل المجلة عن ريم، قولها: "كان مثيرا للكآبة معرفة أن لا مستقبل لنا بصفتنا نساء في السعودية، ولا أمل لدينا في التغير، ومن تجرأ على التغير سجن.. عند هذه اللحظة خططت لمغادرة البلد".

ويلفت التقرير إلى أنها أخبرت شقيقتها الأصغر روان بالوضع، وبدأتا طوال العامين والنصف الماضية التخطيط للهرب، وبدأتا من خلال رسائل على "واتساب" بالعمل على خطة هرب.

وتورد الكاتبة نقلا عن روان، قولها: "تعد الحياة للمرأة في السعودية التي تواجه قيودا مشددة مثل انتظار الموت"، مشيرة إلى أن ريم وروان (وهذان اسمان مستعاران) قررتا قبل ستة أشهر التحرك.

وتستدرك المجلة بأنه رغم التخطيط كله، إلا أنهما وقعتا في مرمى جهود الحكومة السعودية إعادة الفتيات الهاربات، لافتة إلى أنهما آخر السعوديات اللاتي تقطعت بهن السبل في مدن غريبة ويناشدن الدعم من المجتمع الدولي وتوفير الملجأ الآمن لهن.

وينوه التقرير إلى أن الغرب رحب في عام 2018 بولي العهد السعودي وقراره رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، وفتح دور السينما، إلا أن الذين طالبوا بها قالوا إن الإجراءات تدريجية، ولم تفعل الكثير من أجل تخفيف وضع المرأة، وطالبوا بالإفراج عن الناشطات اللاتي سجن لمطالبتهن بإنهاء نظام ولاية الرجل على المرأة، الذي يمنع المرأة من اتخاذ القرارات التي تتعلق بحياتهن من مغادرة البيت، أو العمل، أو حتى الحصول على جواز سفر، أو زيارة الطبيب.

وتنقل بارون عن المستشارة لشؤون الشرق الأوسط وشمال آفريقيا في المنظمة غير الحكومية "إيكوالتي ناو/ مساواة الآن" سعاد أبو دية، قولها إن "ما يفعله الأمير ليس صادقا، وهو يحاول إرضاء المجتمع الدولي".

وتعلق المجلة قائلة إنه لهذا سجلت أرقام عالية للنساء السعوديات اللاتي بتن يغامرن بحياتهن والهرب من المجتمع السعودي المتشدد، مشيرة إلى أنه بحسب أرقام الأمم المتحدة فإن العدد ارتفع من 483 حالة منذ منتصف عام 2015 إلى 1308 حالة في عام 2018.

ويستدرك التقرير بأنه رغم أن الأرقام لا تقدم جنس الهاربين، ذكرا أم أنثى، إلا أن الحالات الأخيرة التي لفتت انتباه الرأي العام العالمي، ومحاولة النساء التحرر من المجتمع السعودي، تشير إلى موجة بهذا الاتجاه، ففي الشهر الماضي رفضت الفتاة رهف محمد القنون مغادرة غرفتها في فندق مطار بانكوك، وقامت بحملة على وسائل التواصل الاجتماعي لمنع ترحيلها إلى السعودية، ومنعت من مواصلة سفرها إلى أستراليا، لكنها انتهت في كندا، بعدما منحت اللجوء هناك.

وتفيد الكاتبة بأن ريم وروان كشفتا في مقابلة معهما يوم الاثنين عن حياة خانقة عشاتها منذ الطفولة، ما أدى إلى زيادة غضبهما على الإهانة اليومية والعزلة الاجتماعية.

وتورد المجلة نقلا عن الشقيقتين، قولهما إن إخوتهما ووالدهما كانوا يضربونهما "بسبب أو دون سبب"، وتتذكر ريم كيف رمى والدها صحنا عليها وجرح يدها، وكان يشارك في الضرب شقيقهما البالغ من العمر 10 أعوام.

ويشير التقرير إلى أن الفتاتين وجدتا الفرصة للهرب عندما كانت العائلة في إجازة في سيرلانكا، وتزامن هذا مع عيد ميلاد روان الـ 18 عاما، الذي سمح لها بتقديم طلب تأشيرة لأستراليا دون موافقة من والديها، وفي اليوم الأخير مع عائلتها استمعتا للحديث عن كيفية السير في العاصمة كولومبو، وفي اليوم الثاني وبعد الغداء حيث كان كل شيء عاديا قامت روان بأخذ جوازات سفرهما من غرفة والديهما، وطلبتا سيارة، وتقول: "لم أشعر بالدم في داخلي"، واصفة حالة الخوف التي اعترتها.

وتقول المجلة إن رحلتهما نحو الحرية توقفت في هونغ كونغ، فما كان توقفا لساعتين تحول لإقامة ستة أشهر، حيث أوقفهما المسؤولون السعودية في المطار لمنعهما من مواصلة الرحلة إلى أستراليا.

وشاهدت مجلة "تايم" الوثائق التي أصدرتها القنصلية السعودية لمنعهما من مواصلة السفر، مشيرة إلى أنه نظرا لخوفهما من الترحيل فإنهما حملتا جوازي السفر وامتعتهما ودخلتا المدينة، وسمح لهما سائق تاكسي تعاطف معهما باستخدام هاتفه، وحجزتا غرفة في فندق، لكنهما ظلتا ملاحقتين من عائلتهما والقنصلية، وغيرتا مكان إقامتهما 13 مرة.

وبحسب التقرير، فإنه بعدما ألغت القنصلية جوازيهما، فإنهما منحتهما فرصة لتدبير أمورهما حتى 28 شباط/ فبراير، بحسب رسالة اطلعت عليها المجلة، لافتا إلى أنهما تبحثان عن طريقة للخروج، حيث لم يتبق أمامهما وقت، ولهذا فإنهما تعولان على تأشيرة سفر عاجلة إلى بلد ثالث.

وتلفت الكاتبة إلى أن روان وريم تحاولان الحديث عن مشكلتهما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سواء باللغة العربية أو الإنجليزية، وتشرحا عبرها معاناتهما ومخاوفهما من الاختطاف والترحيل.

وتقول المجلة إن مخاوفهما زادت بعدما شاهدتا ما حدث لجمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، فتقول روان: "لقد شعرت بالرعب من الطريقة التي تصرفت فيها الحكومة السعودية أمام العالم، وشعرت بالخيبة بعد ذلك، ولن يتغير شيء أو يعاقب أحد.. فكرت ماذا لو حصل الأمر ذاته لي؟".

ويستدرك التقرير بأنه رغم الخوف، إلا أنهما ليستا نادمتين على هروبهما، وأخبرتا عائلتهما في آخر مكالمة معها في تشرين الثاني/ نوفمبر أن لا تراجع عن القرار، وعبرتا عن أملهما بأن تتم معاملة أخواتهما الآخريات بطريقة أفضل، وقالت روان: "نأمل أن يعشن حياة أفضل من حياتنا".

وتختم "تايم" تقريرها بالإشارة إلى أن ريم، التي تدرس الأدب الإنجليزي في الجامعة، تأمل بكتابة كتاب عن تجربة شقيقاتها، وتقول: "لدي حلم عندما كنت في الطائرة أن أذهب لبلد أشعر فيه بالأمان، لكن كل شيء تحطم وها نحن عالقتان هنا.. لا أرى نهاية لهذا الأمر، وعلينا أن نتمسك بالأمل ونأمل أن يحدث الأفضل، وأن ينتهي الوضع نهاية سعيدة".