ماذا ستجني الادارة الامريكية من "صفقة ترامب"؟

ماذا ستجني الادارة الامريكية من
الخميس ٢٨ فبراير ٢٠١٩ - ٠٧:٤٨ بتوقيت غرينتش

الجولة الاقليمية التي بدأها کل من جاريد كوشنر كبير مستشاري البيت الأبيض، وجيسون غرينبلات ممثل امريكا الخاص للسلام في الشرق الأوسط، توحي بأن الإدارة الامريكية لا تعير اي اهتمام لحقوق الشعب الفلسطيني وانما تهدف إلی تمرير مخططات خطرة في المنطقة بالتعاون مع حلفائها العرب لتصفية القضية الفلسطينية.

العالم- تقارير

مصطلح "صفقة القرن" أصبح شائعا في الأدبيات السياسية منذ تولي ترامب منصب الرئاسة، وبدأت تفاصيلها تتسرب إلى وسائل الإعلام بعد زيارات كوشنر وفريقه إلى عواصم إقليمية تعتبرها واشنطن أهم أدوات الترويج للصفقة، من بينها الرياض والقاهرة وتل أبيب.

وبحسب بعض المصادر فإن الصفقة تتضمن إقامة دولة فلسطينية تشتمل أراضيها على قطاع غزة والمنطقتين "أ" و"ب" وبعض أجزاء من منطقة "ج" في الضفة الغربية، كما تتضمن تأجيل وضع مدينة القدس وعودة اللاجئين إلى مفاوضات لاحقة، والبدء بمحادثات "سلام" إقليمية بين الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية بقيادة السعودية.

وبدأ جاريد كوشنر، كبير مستشاري البيت الأبيض وصهر الرئيس دونالد ترامب جولةً في الشرق الأوسط، تشمل كلاً من الإمارات العربية المتحدة والبحرين وعمان والمملكة العربية السعودية وقطر وترکيا، ولكنه لن يزور الأردن الذي يشترك في حدود مع إسرائيل.

ووفق المصادر فان كوشنر وجيسون غرينبلات، الممثل الخاص للمفاوضات الدولية، ومحامي ترامب الخاص سابقاً، زارا الشرق الاوسط قصد مناقشة خطة "سلام" فيه بالتركيز فيها على الجانب الاقتصادي وتوفير الدعم المالي من حلفائهما في الدول العربية المطلة علی الخليج الفارسي.

وكانت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، قد قالت إن إدارة ترامب ستطلب من دول خليجية استثمار مليار دولار لمساعدة قطاع غزة وسكانه البالغ عددهم مليون نسمة.

وقال كوشنر في مقابلة مع قناة سکاي نيوز عربية أُذيعت الإثنين: «لم نتمكن من إقناع الشعبين بتقديم تنازلات، لذلك لم نركز كثيراً على القضايا رغم تعمقنا فيها».

وقال: إنه من الأهمية أن تبقى تفاصيل خطة السلام «سرية». واکتفی بالقول: «نريد أن تنعم الشعوب بالحرية، حرية الفرص والدين والعبادة بغض النظر عن معتقداتهم، بالإضافة إلى الاحترام»، بحسب وصفه.

ورفض كوشنر الإدلاء بتفاصيل لكنه قال إن الخطة السياسية ترمي إلى حل مسألة الحدود وقضايا الوضع النهائي في النزاع المستمر منذ عقود.

وفي مؤتمر حول الشرق الأوسط قال إنه لن يفصح عن الخطة قبل الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية في أبريل/نيسان المقبل، الامر الذي أثار إحباط الحلفاء العرب الرئيسيين للولايات المتحدة وقلقهم بشكل خاص لافتقارهم لرؤية واضحة بشأن الجوانب غير الاقتصادية في مقترح كوشنر.

وفي حين أن تفاصيل الخطة «شبه مجهولة»، فإنه من المتوقع أن تميل بقوة لصالح "إسرائيل". لهذا أكد صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن الإدارة الأمريكية تسعى من خلال تحركاتها "المشبوهة" في المنطقة إلى إسقاط القيادة الفلسطينية لتمرير "صفقة القرن" الكبرى.

وأضاف: "هناك خطر كبير يحيط بفلسطين وقضيتها خاصة من النتائج التي ستترتب على الجولة المكوكية التي يقوم بها المبعوثان الأمريكيان جارد كوشنير مستشار ترامب، وجيسون غرينبلات مبعوثه الخاص للسلام".

واعتبر أن هذه الجولة التي جرت خلال الأيام الماضية، في عدد من دول الشرق الأوسط، "تجاهلت قيادة السلطة، وتحاول إبرام اتفاقات من خلف ظهرها".

وأضاف أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أن "إدارة ترامب ليس هدفها فقط إسقاط القيادة الفلسطينية، بل تمرير مخططات خطرة لفصل غزة عن باقي الوطن من خلال المشاريع الاقتصادية الكبيرة بملايين الدولارات لتغذيه الانقسام".

وأشار إلى أن واشنطن تبحث عن حلول وصفها بـ"الترقيعية" لأزمة اللاجئين، وبذلك تعمل على إنهاء قضيتهم بشكل غير عادل ومخالف للقوانين.

ولفت عريقات إلى أن المرحلة المقبلة في ظل التطورات الحاصلة والجهود الأمريكية والتعنت الإسرائيلي ستكون خطرة للغاية، مشدداً على أن القدس لن ولم تسقط من حسابات القيادة الفلسطينية".

وأكد عريقات الذي يعتبر كبير المفاوضين الفلسطينيين، "أن مصير أي مبادرة أو صفقة دون حلول واضحة وعملية وعادلة سيكون مصيرها الفشل".

من جانبه رفض رئيس السلطة محمود عباس مناقشة أي خطة "سلام" مع الولايات المتحدة منذ اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" في ديسمبر كانون الأول 2017 وانحيازه الفاضح لهذا الكيان.

ويريد الفلسطينيون أن تكون القدس عاصمة لدولتهم المستقبلية.

وقد رجحت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، أن تنتهى جولة جاريد كوشنر فى الشرق الأوسط من أجل إحلال عملية "السلام" بالفشل.

وقالت "نيوزويك"، إنه على الرغم من هذه الجهود، فان إدارة ترامب قد فقدت على ما يبدو أغلب شرعيتها مع الفلسطينيين بعد قرارها بنقل السفارة الأمريكية فى تل ابيب إلى القدس، وهى الخطوة التى أغضبت الفلسطينيين وشعوب الشرق الأوسط.

وأوضحت أماندا كادليك، محللة الشرق الأوسط فى مؤسسة راند الأمريكية، إن مصداقية الولايات المتحدة فى المنطقة لتحقيق "السلام" من أى نوع ليست موجودة. فما تبقى وإن كان هشا، هو دور أمريكا القديم باعتبارها الوسيط الدولى الأول للحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

من ناحية أخرى، قال كريس ميزورل، خبير الشرق الأوسط فى معهد بروكينجز إن خطط إدارة ترامب لتزويد قطاع غزة بالأموال لن تفعل شيئا لحل صراعات المنطقة.

ووفق "رويترز" فإن الخطة التي عرضها كوشنر لم تأخذ في الاعتبار على ما يبدو المطالب العربية التي جرى إقرارها سابقا بشأن وضع القدس وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.

وقال إن كوشنر أراد إبرام اتفاق أولا ومن ثم الاتفاق على التفاصيل. وأضاف المصدر أن الخطة تتضمن مساهمة مالية "كبيرة" من دول الخليج الفارسي، لكنه لم يوضح أي تفاصيل.

وقال مصدر ثان في منطقة الخليج الفارسي: "لا يزال الأميركيون في مرحلة عرض أفكار وسيناريوهات متعددة، لكن لا يبدو أنهم توصلوا حتى الآن إلى عناصر نهائية للخطة."

ومهما يکن الأمر فانه من الواضح ان کوشنر وزميله لم يأتيا للشرق الأوسط الا لتنفيذ مخططات مشؤومة ترمي الى توفير الأمن للكيان الاسرائيلي، عن طريق إخضاع العرب للتطبيع وتصفية القضية الفلسطينية.

د. نظري