"إس 400".. وزيادة حدة التوتر بين انقرة وواشنطن

السبت ٠٩ مارس ٢٠١٩ - ٠٩:١٥ بتوقيت غرينتش

زادت قضية شراء تركيا منظومة "اس 400" الصاروخيه من روسيا حدة التوتر بين انقرة وواشنطن في الاوانة الاخيرة لاسيما في ظل عضوية تركيا في حلف الناتو وعلاقاتها مع موسكو بشأن سوريا.

العالم - تقارير

بالرغم من ان تركيا اعلنت عزمها شراء منظومة اس 400 منذ اكثر من عامين لكن هذه القضية اخذت منحى آخر خلال الشهر الاخير وسط التصريحات والتهديدات المتبادلة بين مسؤولي البلدين بهذا الشأن.

وحذر مسؤولون أمريكيون من أن شراء تركيا أنظمة "إس-400" الروسية الدفاعية سيعرض صفقة بيع طائرات "إف-35" لتركيا للخطر وربما يؤدي أيضا لفرض عقوبات أمريكية.

وفي المقابل، أعلن رئيس الوزراء التركي مولود تشاووش أوغلو فی 26 فبرایر الماضی عن رفض بلاده الاستجابة للضغوط الأمريكية بشأن إتمام صفقة شراء منظومة صواريخ "إس 400" من روسيا وقال إن "تركيا لن تتراجع عن تعهداتها وموضوع منظومة "إس 400" انتهى ولا يهمنا ما يقوله الآخرون"، مضيفا " نناقش حاليا موضوع موعد تسليم منظومة إس — 400".

وكان إسماعيل دمير، رئيس إدارة الصناعات الدفاعية التركية، صرح بأن بلاده تتوقع بدء تسلم نظام الدفاع الجوي الروسي "إس 400" في يوليو/تموز المقبل.

وأضاف دمير، أنه من المستحيل أن تقبل تركيا عرضا قدمته لها الولايات المتحدة لشراء أنظمة باتريوت الدفاعية بصيغته الحالية، مضيفا أن المحادثات مستمرة بهذا الشأن، حسبما نقلت رويترز.

وفي تصريح مماثل على لسان وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو في 1 مارس اكدت انقره إن بلاده والولايات المتحدة تتفاوضان بشأن عرض واشنطن بيع نظام باتريوت الدفاعي الصاروخي لأنقرة مضيفا أن تركيا رفضت عرضًا أمريكيًا لتزويدها بنظام باتريوت الصاروخي بنهاية العام.

وتقدر قيمة صفقة صواريخ باتريوت بنحو 3.5 مليار دولار.

وفي ظل اصرار انقرة على المضي في مسار انجاز الصفقة مع الروس فان الولايات المتحدة صعدت موقفها تجاة روسيا متوعدة هذا البلد بمزيد من العقوبات حيث قال المتحدث باسم الوزارة روبرت بلادينو تعليقاً على سعي تركيا لشراء المنظومة بموجب اتفاقية وقعها البلدان عام 2017، إن واشنطن لم تغير موقفها الرافض لشراء تركيا للمنظومة الروسية، موضحاً أن سعي أنقرة لإتمام هذه الصفقة يقلق الولايات المتحدة بشكل بالغ.

ولفت بلادينو إلى أنهم اقترحوا العمل مع تركيا بشأن منظومة الدفاع الصاروخي، وأنهم عرضوا منظومة "باتريوت" وأنظمة أخرى على أنقرة لتقييمها بدلاً من المنظومة الروسية.

وتابع: "لقد حذرنا بوضوح من أنه في حال شراء تركيا لمنظومة إس-400 فإن هذا سيكون سبباً في إعادة تقييم مشاركتها في برنامج إنتاج الطائرة إف-35، ويهدد احتمال تسليم أسلحة أخرى في المستقبل لتركيا".

وأضاف أنه "كما سبق وأن قلنا إن كافة المؤسسات الخاصة، والأشخاص الضالعين في شراء منظومة إس-400، قد يواجهون عقوبات محتملة في إطار قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات".

وأصدر الكونغرس الأميركي في 2018 "قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات" والذي ينص على فرض عقوبات على دول ثالثة وشركات قامت بالتعاون مع مؤسسات وهيئات لها علاقة بوزارة الدفاع الروسية، واستخبارات موسكو.

وفي السياق، وجهت قيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" ايضا تحذيراً شديد اللهجة لتركيا حول منظومة "إس-400".

وحذر قائد قيادة الناتو كريس سكاباروتي حذر تركيا من شراء صواريخ "إس-400" من روسيا وقال إنه ينصح الولايات المتحدة بعدم بيع مقاتلات "إف-35" لتركيا، في حال إصرار أنقرة على الحصول على المنظومة الصاروخية الدفاعية الروسية.

وأشار إلى وجود مشكلتين، الأولى أن "المنظومة الروسية لا يمكن أن تعمل مع المنظومات الموجودة لدى الحلف ولا في منطقة الدفاع الجوي التابعة للناتو".

وقال سكاباروتي إن "المشكلة الثانية تكمن في بيع أميركا إف-35 لتركيا"، مشيراً إلى أن "بيع هذه المقاتلات لحليف يمتلك نظاما دفاعياً روسياً، يعتبر أمراً غير مقبول".

وبالرغم من هذه التهديدات فان نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، قال في 7 من شهر مارس الحالي أن بلاده تخطط لاستلام الدفعة الأولى من منظومة الدفاع الصاروخي "إس 400" الروسية في يوليو / تموز المقبل.

وأوضح أوقطاي أن تركيا تقوم بما تقتضيه مصالحها فيما يتعلق بمنظومة "إس-400"، وقال "هي من تختار وتتخذ القرار".

وأضاف أن شراء تركيا لمنظومة "إس-400" الروسية، لا يعني أنها لن تشتري "باتريوت"، قائلا: "نحن بحاجة لها، وإذا تحققت شروطنا يمكننا التفاوض لشرائها".

وتابع في هذا السياق قائلا: "تركيا تقوم بما يلزم في حال توقيعها اتفاقية ما، ولا تتخذ مواقف متعنتة".

وأردف قائلا: "لن نسمح بأي عمل من شأنه أن يشكل خطرًا أمنيًا ضد تركيا، الولايات المتحدة أرسلت مجانًا 23 ألف شاحنة محملة بالأسلحة الثقيلة، إلى أين تذهب هذه الشاحنات؟ ألا تشكل محتوياتها تهديدًا على تركيا".

وفي سياق موقف البلدين من التطورات في شمال سوريا أشار أوقطاي إلى أن الرئيس التركي ونظيره الأمريكي، اتفقا على أن يكون الانسحاب الأمريكي من الأراضي السورية، بالتنسيق بين أنقرة وواشنطن، وأن ترامب تفهم مخاوف تركيا الأمنية في الشمال السوري.

ولفت إلى أن تركيا تنظر إلى المنطقة الآمنة، على أنها المنطقة التي لا تتمكن عبرها أي قوة أو منظمة إرهابية، من تهديد أمن تركيا وسلامتها.

وأردف قائلاً: "كنا نشعر بخطر حقيقي في المناطق التي تحررت بفضل عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، لذلك قمنا بهاتين العمليتين، وحولنا تلك المساحات إلى مناطق آمنة استفاد منها السوريين".

وبعد مرور يوما من تاكيد أوقطاي على أن تركيا تقوم بما تقتضيه مصالحها فيما يتعلق بمنظومة "إس-400" وهي من تختار وتتخذ القرار" أعلن مدير قسم المعلومات في أسطول البحر الأسود، أليكسي روليف أن سفن أسطول البحر الأسود في روسيا الاتحادية قامت بتدريبات مشتركة مع سفن البحرية التركية.

وقال روليف "قام طاقم مؤلف من سفينتين من قاعدة نوفوروسيسك العسكرية التابعة لأسطول البحر الأسود وسفينة دورية فاسيلي بيتكوف و كاسحة ألغام البحر فالنتين بيكول بتدريبات مشتركة تركية روسية تحت عنوان باسيكس مع طاقم السفن. أكشاي وبورجازادا كاسحة الألغام".

وأشار روليف إلى أنه تم التدريب على المرور بمناطق ملغمة وعبر الاسلاك الشائكة.

ورست فرقاطة "بورجازادا" وكاسحة الألغام " أكشاي" التركيتين في ميناء نوفوروسيسك الروسي في 6 من الشهر الجاري وذلك ضمن مناورات "الوطن الأزرق 2019" التركية في البحر الأسود.

وكانت سفينتان تابعتان للقوات البحرية التركية - الحراقة " كورفيت" "بورغا زاده" وكاسحة الألغام "أكتشاي" وصلتا ميناء نوفوروسيسك الروسي وذلك في إطار مشاركتهما في تدريبات تجريها قيادة القوات البحرية التركية تحت عنوان " الوطن الأزرق - 2019".

وفي ظل اصرارها على موقفها بشان شراء اس 400 من روسيا وتمسكها بشراء مقاتلات إف-35 ومنظومة باتريوت من الولايات المتحدة قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في 8 من شهر مارس الحالي على إن مسؤولين أمريكيين أبلغوا بلاده بأنه سيكون من "المستحيل" موافقة الكونغرس على صفقة مقاتلات إف-35؛ بسبب شراء أنقرة لأنظمة الدفاع إس-400 من روسيا لكن تركيا تعمل على حل المسألة.

وذكر أكار أن تركيا تحاول تهيئة ظروف لا يؤثر فيها شراؤها لأنظمة الدفاع الصاروخي إس-400 من روسيا على مشترياتها من طائرات إف-35، ".

وقال إن المحادثات مستمرة مع الولايات المتحدة لشراء أنظمة الدفاع باتريوت التي تنتجها شركة رايثيون، مضيفا أنه سيتم البدء في تركيب أنظمة إس-400 في أكتوبر/ تشرين الأول.

وأكد مضي تركيا قدما في صفقة شراء منظومة إس 400 الروسية مضيفا أن "شراؤنا لمنظومة (إس-400) الدفاعية الروسية ليس خيارا وإنما ضرورة فنحن مضطرون لحماية 82 مليون مواطن (تركي) والدفاع عنهم".

وكان أكار، قد جدد مطالبة واشنطن بسحب الأسلحة من تنظيم "وحدات حماية الشعب" و"حزب العمال الكردستاني"، وإخراج عناصرهما من منطقة منبج تمهيدا لتسليم إدارتها لأهلها.

وفي المقابل ردت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" على هذه التصريحات بشدة في 9 شهر مارس الحالي وحذّرت من أنه "في حال اشترت تركيا منظومة "إس-400" الصاروخية من روسيا، فإنها لن تحصل مقاتلات "إف-35" ومنظومة "باتريوت"، مشيرةً إلى أنه ""إذا اشترت تركيا إس-400، فسيكون لذلك عواقب وخيمة على مستوى علاقاتنا العسكرية".

ولفتت إلى ان "حصول تركيا على مقاتلات إف-35، ومنظومة باتريوت، لن يتحقق في حال إصرارها على شراء المنظومة الروسية".

وفي ظل هذه التهديدات والتصريحات المتبادلة بين تركيا والولايات المتحدة بشان صفقة اس 400 وشراء مقاتلات اف 35 ومنظومة باتريوت وموقف البلدين من التطورات في شمال سوريا فمن المتوقع بان تشهد الاسابيع والاشهر القادمة زيادة التوتر وتاجيج الازمة بين البلدين على وتر العلاقة بين انقرة وروسيا وتعاونها بشان سوريا.