"كل عام وانتم بشرّ"

الثلاثاء ١٢ مارس ٢٠١٩ - ٠٦:٤٧ بتوقيت غرينتش

ارتكب ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان الذي احتفل امس الاثنين الموافق 11 مارس بعيد ميلاده الـ58، جرائم وحشية كبرى ضد الشعوب العربية والاسلامية منذ توليه منصب ولي العهد، ليستحق وبجدارة لقب صاحب الملف الاسود نتيجة سياساته الخاطئة التي ينتهجها سواء في الداخل او الخارج.

العالم- الامارات

على المستوى الاقليمي تعاني الشعوب العربية والاسلامية من الويلات والحروب الأهلية والأزمات السياسية بسبب مؤامرات بن زايد فهو متورط في ارتكاب انتهاكات فظيعة في اليمن، ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، دخل في تحالف مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من أجل شن حرب على اليمن، وهو نائب القائد الأعلى للقوات الإماراتية، وهو من أعطى الأوامر للطيران العسكري لبلاده المشارك ضمن قوات تحالف العدوان الذي تقوده السعودية بقصف الأراضي اليمنية، وبالتالي هو مسؤول بشكل مباشر عن قتل مئات المدنيين العزل وتدمير البنى التحتية والمناطق الآهلة بالسكان.

كما أن قوات محمد بن زايد تدير سجونا سرية داخل اليمن، وتمارس الاختطاف القسري والتعذيب ضد الناشطين والحقوقيين الرافضين للوجود الإماراتي في اليمن وتتوسع الانتفاضة الشعبية في مدينة عدن ضده يوما بعد يوم الى ثورة شرارتها السجون السرية والانتهاكات الجسيمة التي صنعها بن زايد ومرتزقته في عدن وحضرموت والمناطق المحتلة.

ورفعت منظمة التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات عام 2018 دعوى قضائية بمحكمة الجنايات بباريس ضد محمد بن زايد، بوصفه نائبا للقائد الأعلى للقوات الإماراتية، والحاكم الفعلي للبلاد، وذلك لتورط قواته في جرائم حرب في اليمن.

وطالت مؤامرات بن زايد ليبيا ففي 5 اغسطس2017 كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، حصولها على رسائل دبلوماسية إماراتية مسرّبة، من ضمنها الدور المحوري لولي عهد ابوظبي في العملية العسكرية التي أطاحت بنظام، معمر القذافي، لكن موقفه تحوّل إلى معرقل لعملية السلام في هذا البلد، مؤكدة أن الإمارات، دعمت الجنرال خليفة حفتر السنوات التي تلت الإطاحة بالقذافي، ماليا وعسكريا، واتهمها -إلى جانب مصر- تقرير للأمم المتحدة بتهريب أسلحة إلى ليبيا، وانتهاك حظر تصدير السلاح إلى ليبيا.

ولم تسلم الدول العربية والاسلامية وزعماءها من جواسيس بن زايد فكشف تحقيق لوكالة "رويترز" في يناير 2019 أن الإمارات سعت من خلال فريق يضم عملاء سابقين في أجهزة الاستخبارات الأمريكية والأمن القومي، إلى التجسس على هواتف أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ووزير الدولة العُماني للشؤون الخارجية، يوسف بن علوي، وأيضاً نائب رئيس الوزراء التركي السابق، محمد شيمشك والناشطة اليمنية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان.

وبحسب العملاء الأمريكيين الذين عملوا في البرنامج التجسّسي للإمارات، فإن "كارما" سمح بجمع الأدلة من عشرات الأهداف؛ من بينهم ناشطون مُنتقدون للحكومة، ومنافسون إقليميون في قطر، والمعارضة الإماراتية، وحركة "الإخوان المسلمين".

كما كشفت تفاصيل قضيتين مرفوعتين بالتزامن في كل من المحاكم الإسرائيلية والقبرصية في عام 2018، تنسيقاً أمنياً إماراتياً إسرائيلياً عالي المستوى، مكّن بن زايد من التجسس على المعارضين السياسيين والصحافيين والمثقفين، إضافة إلى قادة دول عدة أخرى، وأبرزهم أمير دولة قطر، تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، وقائد الحرس الوطني السعودي السابق، متعب بن عبد الله، والمفكر العربي عزمي بشارة. واشارت الوثائق حسب "العربي الجديد" إلى شراء أجهزة الأمن الإماراتية لمنظومة "بيغاسوس" للتجسّس على الهواتف المحمولة، والتي تصنعها شركة "إن أو إس" الإسرائيلية.

وعلى المستوى الخليجي، تضررت العلاقات الإماراتية -في ظل بن زايد- مع أكثر من طرف خليجي؛ فاعلنت السلطات العمانية انها بدأت الإثنين الماضي، بتقديم عدد من الضباط الإماراتيين للمحاكمة بتهمة التجسس، إضافة إلى مدنيَّين عُمانيين اثنين كانا يعاونان الخلية، وفق ما ذكره الصحافي العماني المختار الهنائي، عبر حسابه في موقع "تويتر".

ولا تعد هذه الخلية التي أرسلها ولي عهد أبوظبي للتجسس على سلطنة عمان، الأولى في تاريخ العلاقات بين البلدين، إذ في عام 2011 توترت العلاقات الإماراتية العمانية على خلفية كشف سلطنة عمان شبكة تجسس تابعة لجهاز أمن الدولة بدولة الإمارات العربية المتحدة مستهدفة نظام الحكم في سلطنة عمان وآلية العمل الحكومي والعسكري، حسب وكالة الأنباء العمانية الرسمية.

وأشارت المصادر العمانية حينذاك إلى أن تلك الشبكة كانت تستهدف رصد مناطق عسكرية وحكومية، وهو ما نفته الإمارات.

وبن زايد متهم بمحاولة التوغل داخل عدد من المناطق العمانية الحدودية، أبرزها محافظة مسندم التابعة لعمان، والتي تقع شمال الإمارات وتطل على مضيق هرمز، وتحدها من جميع الاتجاهات الأراضي الإماراتية، إذ يرى الإماراتيون أنها أراضٍ تابعة لهم "اغتصبها العُمانيون"، ويحاولون تجنيد القبائل التي تعيش فيها ضد السلطات العمانية، مع القيام بتجنيس عدد كبير من هؤلاء ومنحهم المبالغ المالية نظير تحركاتهم ضد السلطات. كما تُتهم الإمارات بأنها تسعى إلى التدخل في مسألة خلافة السلطان قابوس، في ظلّ عدم وجود خليفة واضح له.

واتهمت قطر الإمارات بتشويه صورتها والتحريض عليها، وهي الاتهامات التي وجدت ما يدعمها في تسريبات البريد الإلكتروني المخترق للسفير الإماراتي بواشنطن يوسف العتيبة، وهو الصديق المقرب من محمد بن زايد.

فقد كشفت الوثائق عن قيام سفارة الإمارات بجهد منسق لتحجيم دور قطر الإقليمي، والتحريض على استهدافها أمنيا وسياسيا، واتهامها -إلى جانب الكويت- بتمويل العمل الإرهابي، بالإضافة لتنسيقها حملات ضد تركيا وجماعة الإخوان المسلمين وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

كما لبن زايد دور في افتعال الازمة الخليجية فكشفت واشنطن بوست وفق النتائج التي توصلت إليها تحقيقات أجهزة الاستخبارات الأمريكية الدور الإماراتي في قرصنة وكالة الأنباء القطرية "قنا"، وافتعال الأزمة الخليجية مع قطر "والتسبب في انشقاقات بين حلفاء واشنطن وإلحاق الضرر بالمصالح الأمريكية، وإجبار البيت الأبيض على القيام بوساطة غير مريحة لإيجاد حل للأزمة بين الحلفاء".

وفي الشأن الفلسطيني تفوق ولي عهد ابوظبي خليجيا بالهرولة نحو التطبيع مع الكيان الاسرائيلي لؤاد القضية الفلسطينية فاجرى عام 2015 سلسلة من المحادثات الهاتفية السرية مع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تناولت التنسيق بين الطرفين بشأن الملف الإيراني، وذلك في أعقاب توقيع الاتفاق النووي مع طهران، كما بحثا محاولة "دفع عملية سياسية إقليمية في المنطقة".

وفي السياق، قال دبلوماسيون غربيون وعرب إن محادثات سرية جرت بين ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل نحو 3 سنوات في محاولة لدفع العملية السياسية الإقليمية وتشكيل حكومة وحدة وطنية في "إسرائيل".

كما كشفت هيئة البث الإسرائيلية "مكان"، أن رئيس أركان جيش الاحتلال، الجنرال غادي آزينكوت، زار الإمارات سرّا ولمرتين خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2018، والتقى ولي عهد أبو ظبي.

كما أجرت وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغيف، يوم 29 تشرين اول 2018 ، زيارة رسمية لمسجد "الشيخ زايد بن سلطان" في أبوظبي، وذلك بدعوة رسمية من محمد بن زايد، بحسب ما أكده موقع "والاه" الإسرائيلي.

وعلى المستوى الداخلي يتورط ولي عهد ابوظبي بانتهاكات لحقوق الإنسان، وآخر الإدانات كانت عبر منظمة هيومن رايتس ووتش التي أصدرت بياناً نهاية أكتوبر 2018 ضد انتهاكات إنسانية في الإمارات، إذ قالت إنّ الإمارات تستثمر كثيراً من الوقت والمال لتصوير نفسها دولة تقدمية ومتسامحة، لكنها في الحقيقة “استبدادية تفتقر إلى الاحترام الأساسي لحكم القانون”، فيما أشارت إلى تصاعد القمع الحكومي الإماراتي منذ العام 2011، حيث ارتكبت سلطاتها اعتداءات مستمرة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، واحتجاز ومقاضاة المنتقدين السلميين والمعارضين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان والأكاديميين بشكل تعسفي. في حين أطلقت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان في أكتوبر الفائت نداءً عربياً ودولياً للإفراج عن المعتقلات في سجون الإمارات والسعودية. ولفتت إلى اعتقال السلطات الإماراتية كلاً من: أمينة العبدولي، وعلياء عبد النور، ومريم البلوشي، في ظل تقارير موثوقة عن تعرضهن لانتهاكات وممارسات تعذيب ممنهج بما في ذلك عزلهن عن العالم الخارجي ومنع تواصلهن مع عائلاتهن.

وخلال الدورة التاسعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 24 سبتمبر، أثارت منظمات حقوقية الى الانتباه إلى حالات حرية التعبير وحقوق المهاجرين والتعذيب، إذ لا يزال التعذيب في مراكز الاحتجاز منتشراً على نطاق واسع، حيث يروي السجناء عن التعرض للضرب؛ السجن الانفرادي لفترات طويلة؛ الحرمان من النوم والصلاة ومرافق المراحيض؛ والصدمات الكهربائية. وقد أبلغ سجناء أمثال مريم البلوشي وأمينة عبد الله وعلية عبد النور عن التعذيب والتهديد بالاغتصاب داخل سجن الوثبة في أبو ظبي.

وعلى هذا الاساس ان أقل ما يمكن أن يوصف به محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية هو لقب مجرم بالنظر إلى أن سياساته أسهمت في تحويل بلاده إلى دولة بوليسية تقمع مواطنيها في الداخل، وتثير التوترات وتشعل الصراعات في الخارج. فكما قال الشاعر كل عام و أنتم بشرّ يا قلوباً أقسى من الحجر.