"الخوذ البيضاء".. عملاء أم نشطاء؟

الخميس ١٤ مارس ٢٠١٩ - ٠٩:٥٩ بتوقيت غرينتش

تنكشف يوما بعد يوم ماهية وحقيقة ما يسمى "الخوذ البيضاء"، اصحاب تمثيليات الكيماوي والقتل الجماعي في سوريا وعمالتهم لاطراف اجنبية.

العالم - تقارير

وكانت وكالة "رويترز" قد كشفت خلال تقرير لها قبل عدة اشهر حقيقة الفضيحة التى جرت على أرض سوريا. التقرير كان بعنوان "الخوذ البيضاء فى سوريا تهرب إلى الأردن بمساعدة إسرائيلية غربية" ويتعلق بـنهاية أسطورة الخوذ البيضاء.

وقال التقرير بالحرف الواحد إن "مئات من عمال الإغاثة السوريين الذين عرفوا باسم الخوذ البيضاء وعائلاتهم فروا أمام القوات الحكومية المتقدمة، واتجهوا ناحية الحدود السورية مع الأردن خلال الليل بمساعدة الجنود الإسرائيليين وقوى غربية"!

وقال الخبر أيضا إن رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد في بيان صحفي موجز عبر الفيديو أنه ساعد على إجلاء (أصحاب الخوذ البيضاء وأسرهم) بطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب وغيره من القادة، بعد أن سادت مخاوف من أن حياة هؤلاء في خطر.

وبحسب تقرير "رويترز"، فإن الذين تم إجلاؤهم سيبقون في مكان مغلق في الأردن، قبل أن يعاد توطينهم في دول مثل بريطانيا وألمانيا وكندا في غضون ثلاثة أشهر!.

ونقلت "رويترز" أيضا عن نتنياهو قوله إن ترامب ورئيس الوزراء الكندي ترودو وغيرهما من القادة تحدثوا إليه مؤخرا لمطالبته بالتدخل للمساعدة في إخراج الخوذ البيضاء من سوريا، باعتبار أن أرواح هؤلاء الناس في خطر، حسب تعبيبره، ولهذا، سمح بنقلهم عبر "إسرائيل" إلى دول أخرى.

أما وزير الخارجية البريطاني فوصف عملية نقل الخوذ البيضاء خارج سوريا بأنها أخبار رائعة، بينما رجحت مجلة "بيلد" الأسبوعية الألمانية أن يتم منح الجنسية الألمانية لخمسين منهم.

"الخوذ البيضاء"، يبحثون لهم عن موطن برعاية أميركا وبريطانيا، ومعهما الكيان إلاسرائيلي بشحمها ولحمها، تماما مثلما تم تنفيذ سيناريوهات إجلاء الدواعش، وإخلاء المناطق التي كانت واقعة تحت سيطرتهم، بمساعدة باصات مجهولة وفرتها أميركا.

ورغم الاتهامات التي طالت منظمة "الخوذ البيضاء" من قبل الحكومة السورية، إلا أن الغرب كان يتجاهلها بذريعة "العمل الإنساني الذي كانت تقوم به، لكن ما إن تم تهريبهم عبر فلسطين المحتلة ، حتى انكشفت تبعية المنظمة للأجهزة الاستخبارية.

"المنظمة" عملت تحت ستار المهام الإنسانية والإمكانيات الضخمة التى وفرتها لهم أجهزة استخبارات عالمية، بمهام سرية من بينها قتل واغتيال العلماء وخبراء الصواريخ في سوريا، إضافة إلى تدمير مراكز الأبحاث العلمية.

إضافة إلى دورهم الضخم في تزوير الحقائق على الأرض وبث الشائعات والأكاذيب، وفبركة استخدام الجيش السوري للسلاح الكيمياوي.

ويبدو أن الدور الاستخباري لعناصر "الخوذ البيضاء" من العملاء انكشف تمامًا على الأرض، لا سيما بعد إزاحة روسيا الستار عن ماهية عمل تلك الجماعة، ومع ذلك لم تتوقف الاستخبارات الغربية، لذا كان القرار السوري بملاحقتهم أمر هام للتخلص من سمومهم.

المثير هنا، مطالبة بريطانيا وكندا وأميركا حليفتهم الكيان إلاسرائيلي بضرورة حماية عملائهم، وهو ما جعل انكشاف خيانتهم أمر مفروغ منه من وجهة نظر الكثيرين.

ويؤكد متابعون أنه عندما يتصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء كندا جاستين ترودو، وزعماء عدة برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ويطالبونه بإنقاذ نحو 800 شخص من عناصر "الخوذ البيضاء"، ويلبي الأخير النداء، فإن ذلك يطرح العديد من علامات الاستفهام حول هذه المنظمة، والدور الذي قامت به في سوريا على مدى السنوات السبع الماضية.

وكانت القيادة الروسية شككت بالدور "المشبوه" لهذه المنظمة، واتهمتها بالوقوف خلف الهجمات المفبركة التي استخدمت فيها أسلحة كيماوية، سواء فى خان شيخون بريف إدلب أو الغوطة الشرقية، بينما اعتبرتها الحكومة السورية جزءًا أصيلا من "هيئة تحرير الشام" الارهابية.

في المقابل، قالت وزارة الخارجية السورية: إن "تهريب إسرائيل للمئات من تنظيم الخوذ البيضاء بالتعاون مع الأردن، وحكومات غربية يكشف الدعم الذى قدمته هذه الدول للمجموعات الإرهابية".

وأكد مصدر مسؤول فى وزارة الخارجية، أن العملية الإجرامية التى قامت بها "إسرائيل" وأدواتها في المنطقة فضحت الطبيعة الحقيقية لتنظيم ما يسمى "الخوذ البيضاء"، الذي قامت سوريا بالتحذير من مخاطره على الأمن والاستقرار فيها وفي المنطقة بسبب طبيعته الإرهابية.

وأوضح المصدر "لطالما ادعت إسرائيل كاذبة أنه لا علاقة لها بالحرب الدائرة على سوريا، إلا أن قيامها بتهريب المئات من تنظيم الخوذ البيضاء الإرهابي ومن قادة التنظيمات الإرهابية المسلحة الأخرى بالتعاون مع حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا والأردن وألمانيا وكندا يكشف الدعم الذي قدمته هذه الدول للمجموعات الإرهابية في عدوانها على السوريين وتدميرها للبنى التحتية في سوريا تحت ذرائع انكشف للعالم زيفها بعد عملية تهريب هؤلاء الإرهابيين إلى إسرائيل ومن ثم إلى أوروبا".

واشار متخصصون إلى أن تأسيس جماعة "الخوذ البيضاء" كان بالأساس عبر ضابط مخابرات بريطاني متقاعد، وهو جيمس لوسيه، ورصدت الحكومة البريطانية 100 مليون جنيه إسترليني للمساعدة في تأسيسها.

ويرجح المتابعون أن المزيد من الحقائق حول هذه الجماعة المشبوهة ستكشف في الأشهر المقبلة الكثير عن تورط بعض الدول في إشعال فتيل الحرب وتمويل الجماعات المسلحة بسوريا، وكذلك دور المنظمة في هذه الحرب، وأسباب تواجدها الدائم في المناطق التي قيل أن أسلحة كيماوية استخدمت فيها.

ويعد الانتصار السوري الحقيقي في حربه هو انفراط عقد هذه المنظمة، والتخلص منها على الأراضي السورية، إذ تنكشف حقيقة أمرهم وخيانتهم بتسارع الدول الغربية لإنقاذ عناصرها وأسرهم، وهو يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن الجيش السوري بعد 7 سنوات من الصمود خرج منتصرًا وبدأ فعليًا في استعادة الأرض السورية موحدة.

وعلى الصعيد ذاته أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف حسام الدين آلا أن الولايات المتحدة وبريطانيا أنشأتا ومولتا منظمة "الخوذ البيضاء" لتكون بمثابة ذراع إنسانية مزعومة للتنظيمات الإرهابية في سوريا وفي مقدمتها تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي ووكيلا ميدانيا لأجهزة استخبارات الدول التي أنشأتها ومولتها لافتا إلى أن واشنطن ولندن جعلتا من هذه المنظمة أداة رئيسية في الحملة الإعلامية ضد سوريا ومصدرا لفبركة الأكاذيب والاتهامات المتصلة بمزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية في مناطق وجود الجماعات الإرهابية المسلحة.

وفي كلمة خلال ندوة مشتركة عقدت امس لاربعاء في مقر الأمم المتحدة في جنيف بالتعاون بين البعثتين الدائمتين للجمهورية العربية السورية وروسيا الاتحادية لدى الأمم المتحدة في جنيف بحضور مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف غينادي غاتيلوف بعنوان "الوضع الإنساني في سوريا تقارير شهود عيان" أوضح السفير آلا أن تحرير الأحياء الشرقية لمدينة حلب ومناطق الغوطة الشرقية من إرهابيي "جبهة النصرة" والمجموعات الإرهابية المتحالفة معه كشف بالوثائق والمعلومات العلاقة العضوية التي تربط "الخوذ البيضاء" بالمجموعات الإرهابية ودورها في فبركة مزاعم قصف المواقع المدنية واستخدام الأسلحة الكيميائية في مناطق مختلفة من سوريا.

وقال السفير الا: إن طبيعة عمل هذه المنظمة لا تقوم على الاستجابة للبلاغات التي تردها عن الحوادث بل على توقيتات خاصة بها وعلى تنفيذ التعليمات التي تردها للتحرك.

ولفت مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف والمنظمات الدولية الأخرى إلى أن مسارعة الدول المشغلة لمنظمة "الخوذ البيضاء" إلى إجلاء نحو 480 من عناصرها وعائلاتهم بعد انتهاء المهام الموكلة إليهم في المناطق التي حررها الجيش السوري جنوب سورية وتهريبهم تحت جنح الظلام إلى الأردن عبر "إسرائيل" لإعادة توطينهم في دول أخرى جاءت لإخفاء تورطهم في فبركة الكثير من الاتهامات والحوادث المزعومة لاستخدام الأسلحة الكيميائية.

ونوه السفير آلا بأهمية هذه الندوة لفضح دور الدول الغربية في إنشاء هذه المنظمة والتسويق لعناصرها المرتبطين بالتنظيمات الإرهابية كأبطال إنسانيين مزيفين إلى درجة منحهم جائزة الأوسكار تقديرا لنجاحهم في إنجاز المهام الموكلة إليهم في فبركة وتسويق الأكاذيب واستخدامها في اتهامات للحكومة السورية في مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن.

وأوضح السفير آلا أن المثير للسخرية هو عدم سماح الدول المشغلة لمنظمة "الخوذ البيضاء" للكثير من عناصرها الذين تم تهريبهم من سوريا بالدخول إلى أراضيها لمعرفتها بارتباطاتهم بالجماعات الإرهابية.

وأعرب السفير آلا عن الشكر والتقدير لروسيا الاتحادية على المبادرة لتنظيم الندوة ولمدير مؤسسة الدراسات الديمقراطية في الاتحاد الروسي مكسيم غريغورييف على مساهمته القيمة في الندوة والتي شملت عرضا لنتائج التحقيقات التي أجراها استنادا إلى مقابلات أجراها مع عناصر سابقين في "الخوذ البيضاء" وآخرين من عناصر المجموعات المسلحة الذين تمت تسوية أوضاعهم والذين أكدت شهاداتهم على العلاقة العضوية بين "الخوذ البيضاء" والمجموعات الإرهابية وعلى دورها في فبركة وترويج الأكاذيب والاتهامات الموجهة الى سوريا في المحافل الدولية.

بدوره أكد السفير غينادي غاتيلوف المندوب الدائم لروسيا الاتحادية لدى الأمم المتحدة في جنيف على أهمية الندوة في تعرية هذه المنظمة الإنسانية المزعومة والاستمرار في كشف الدور القذر الذي تقوم به محذرا من استمرارها بالقيام بأعمال إجرامية في بعض المناطق السورية.

وأوضح غاتيلوف أن الدول الغربية نكثت بوعودها لإخراج كل عناصر "الخوذ البيضاء" من سوريا لافتا إلى استمرار وجود العشرات منهم في الأردن دون البت في وجهتهم لأن الغرب خائف من استقبال هؤلاء بسبب إمكانية قيامهم بعمليات إرهابية هناك.

وحذر غاتيلوف من استمرار منظمة "الخوذ البيضاء" في التحضير لأعمال استفزازية جديدة باستخدام مواد كيميائية في منطقة خفض التصعيد في إدلب بهدف توجيه الاتهامات للحكومة السورية باستخدامها ضد المدنيين ولمنع عملية عسكرية محتملة تطلقها الحكومة السورية لإخراج الإرهابيين من إدلب، مشدداً على أهمية وجدية تلك المعلومات.

وخلال الندوة قدم مدير مؤسسة الدراسات الديمقراطية مكسيم غريغورييف عرضاً لمقابلات أجراها وفريقه في سوريا مع أكثر من مئة من شهود العيان بمن فيهم أربعون من عناصر “الخوذ البيضاء” وخمسون من السكان المحليين وخمسة عشر شخصاً كانوا سابقا في صفوف المجموعات الإرهابية ممن تمت تسوية أوضاعهم أوضحت في مجملها عدم انطباق معايير العمل الإنساني على "الخوذ البيضاء" بما فيها معايير الحياد والطبيعة التطوعية لعمل أعضائها إضافة الى كون مراكزها ومقراتها تابعة للتنظيمات الإرهابية.

وأكد غريغورييف أن نتائج عمله أظهرت كذلك انخراط "الخوذ البيضاء" في فبركة الأخبار والصور الكاذبة وتجارة الأعضاء البشرية وسرقة المواطنين والممتلكات العامة والانخراط بدور تخريبي ممنهج في سورية لافتا إلى جود حسابات فيسبوك لعناصر من "الخوذ البيضاء" مع صور وشعارات تؤكد ارتباطهم بتنظيمي "داعش" والقاعدة الإرهابيين.

وأشار إلى أن "الخوذ البيضاء" تزعم بأن عناصرهم هم مجموعة من المتطوعين لكن الأبحاث تشير إلى حصولهم على رواتب شهرية وإلى مشاركة الكثيرين منهم في الأعمال العسكرية كمقاتلين موضحاً أن تركيبة تنظيم “الخوذ البيضاء” تختلف كلياً عن أي منظمة إنسانية تعمل في المجال الإغاثي وتشبه التنظيم العسكري.

وفيما يتعلق بحادثة دوما المزعومة أوضح غريغورييف أن الاخلاقيات الإعلامية بلغت حدا غير مسبوق من الكذب والتلفيق مشيرا إلى أن أحد أعضاء "الخوذ البيضاء" فضح تلفيق التنظيم لقصف دوما بالكيميائي وأن إحدى الضحايا المزعومين قالت بعد العملية إن تنظيم "الخوذ البيضاء" طلب منها التمدد على الأرض والتمثيل بأنها تعاني رجفة قوية واختناقا في المشفى بينما قال آخر: إنه رأى 10 الى 15 عنصرا من "الخوذ البيضاء"” يعملون على ترتيب الأمور من أجل تمثيلية الضربة الكيميائية في دوما.

وأضاف غريغورييف "إن أعضاء سابقين من الخوذ البيضاء قالوا لنا انهم تدربوا على تمثيل عمليات انقاذ عقب ضربات مزعومة" مشيراً إلى أن عناصر "الخوذ البيضاء" كانوا يسرقون وينهبون من الفئات الضعيفة في المناطق التي تواجدوا فيها كحلب وإدلب ودوما.

وأكد أن عناصر "الخوذ البيضاء" كانوا يأخذون المساعدات الانسانية ويبيعونها بأسعار غالية لافتا إلى أن العديد من هؤلاء العناصر يتحدثون بفخر عن مشاركتهم في المعارك جنباً إلى جنب مع التنظيمات الإرهابية شمال سوريا.

وأوضح غريغورييف أن تحقيقاته أكدت تورط عناصر "الخوذ البيضاء" في فبركة الأخبار الكاذبة حول ضربات كيميائية مزعومة إضافة إلى دعم التنظيمات الإرهابية باللوجيستيات والنقل للأسلحة والمواد الطبية والغذائية كما كانت "الخوذ البيضاء" جزءا مهما من النظام الإجرامي الذي نهب الأعضاء الجسدية في سوريا.