اللجوء عنوان السنة التاسعة من الحرب على سورية..

اللجوء عنوان السنة التاسعة من الحرب على سورية..
الجمعة ١٥ مارس ٢٠١٩ - ٠١:٤٦ بتوقيت غرينتش

اليوم تدخل الحرب السورية عامها التاسع، بعد أن بدأت في 15-3-2011 شهدت البلاد فيها أحداثا ما كان يتخيل المواطن السوري أن تحصل في بلده أو أن يكون جزءا منها، لكن يبقى أصعبها قضية اللجوء، فهذا الملف أرهق الجميع وإن تمت المبالغة فيه بشكل كبير وفوق المعقول، حتى وصل لدرجة تشويه سمعة شعب كامل وبلد كاملة في الإعلام بسبب هذا الملف.

العالم - مقالات وتحليلات

لنتحدث عن الشعب السوري بشكل عام قبل الحرب أي في سنة 2010، فعدد السكان كان قد وصل الى 23 مليون نسمة بينهم نحو 5 ملايين مغترب، وقبل بداية الحرب بنحو عامين كانت مخيمات اللجوء قد باتت جاهزة للاستخدام في دول الجوار، هذا ما أكدته تسريبات صحفية ومخابراتية أيضا، وما ان بدأت الاشهر الاولى من الحرب بدأنا نسمع بأعداد كبيرة من السوريين وضعت عليهم صفة "لاجئ" في دول الجوار واستخدم هذا الملف في أولى سنوات الحرب للضغط على الدولة السورية وتشويه سمعتها عالميا أيضا.

اللاجيء السوري بات سبب البطالة والغلاء والدعارة، وهناك بعض ممن يسمون انفسهم بالمحللين يرون أن اللاجئ السوري يرفض العودة إلى بلده لأنه مستفيد مما تقدمه له الأمم المتحدة من أموال طائلة تبلغ 350 دولار شهريا لكل عائلة، أي 10 دولارات لهذه العائلة في اليوم، وطبعا هذا المبلغ الكبير والذي يكون ثروة هائلة للاجيء السوري يجبره على عدم العودة إلى وطنه، وهو من هذا المبلغ يدخر المال حتى يشتري الذهب وهو ما أدى لارتفاع أسعار الذهب أيضا، وصدقا هذه ليست دعابة بل كلام محلل سياسي واقتصادي استراتيجي على إحدى القنوات التلفزيونية. بالإضافة إلى أن معظم البرامج تتحدث عن خصوبة اللاجئ السوري وأن تكاثر اللاجئين وكثرة الولادات تؤدي إلى كارثة للبلاد! أين حقوق الإنسان التي يتغنون بها بعد هذه الدعوات؟

في دولة أخرى تم استغلال اللاجئين بطريقة قذرة جدا ووضيعة فقد تحولت مخيمات اللجوء إلى سوق نخاسة، يتم فيها بيع السوريات لأثرياء العرب، وتم استغلالهم بأمور أخرى مثل الدعارة والاتجار بالمخدرات، بالإضافة إلى العمل في المهن الوضيعة، وكل فترة يتم إصدار قرارات عليهم بمنع التجول ودخول المدن مثلا أو يمنع خروجهم من المخيمات عند ساعات معينة وكأنهم حيوانات.

أما في تركيا فقد استخدم اللاجئون السوريون كمخرز في خاصرة دولتهم، أولا تمت المتاجرة فيهم "إنسانيا" ومن ثم باتوا خزانا مهما للجماعات الارهابية حيث أكدت التقارير الواردة من هناك أن معظم الجماعات الارهابية تستقطب الشباب من مخيمات اللجوء خصوصا مخيم أونجو بينار والمخيمات المتواجدة في غازي عينتاب، إضافة إلى أن المسلحين يقتتلون فيما بينهم من سوف يسيطر على المخيم هذا او ذاك، وبعد سنوات تحول ملف اللجوء إلى فزاعة بيد تركيا لإرهاب الاتحاد الأوروبي فيه، وكأن السوريين همج قادمون مما وراء التاريخ يريدون غزو القارة العجوز ونهبها.

وفي النهاية باتت تركيا تزيد أطماعها في الأراضي السورية لإيجاد منطقة آمنة ومن ثم تعيد إليها هؤلاء اللاجئين الذين أعطت الجنسية لعدد كبير منهم، وبعد سنوات قد يتم الضغط لإحداث استفتاء وتقسيم الاراضي السورية.

لو نظرنا إلى دول أخرى مثل إيران فهي تستقبل السوريين من جميع مذاهبهم وعرقياتهم ودياناتهم وأفكارهم سواء مؤيدة أو معارضة، لا تفرض عليهم فيزا أو حجز فندق، ولا تجبرهم على اعتناق مذهب ما أو تأييد الدولة السورية، ورغم الحظر الأميركي عليها وضغطها اقتصاديا بشكل كبير، إلا أنها لم تتاجر بقضية الشعب السوري وكرامته ولم تعطيهم صفة لاجئ أو تجبرهم على تمزيق جوازات سفرهم. الأمر ذاته ينطبق على فنزويلا التي تعيش أزمة اقتصادية كبيرة ورغم ذلك استقطبت أعدادا كبيرة من السوريين ليعيشوا لديها ولم تعطيهم صفة لاجئ. وحتى الآن وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن عدد اللاجئين السوريين في العالم يصل الى نحو 5 ملايين ونصف المليون لاجئ، أي أن التهويل الإعلامي الكبير للاجئين أكبر من عددهم.

قضية اللجوء هي قضية انسانية لا يجب المتاجرة بها بهذه الطريقة، حلها لا يكون إلا مع دمشق حصرا لأنها المسؤولة الأولى والأخيرة عن الشعب السوري سواء في الداخل أو في الخارج.

ابراهيم شير - كاتب واعلامي سوري