قمة عربية غابت عنها القضايا العربية

قمة عربية غابت عنها القضايا العربية
الإثنين ٠١ أبريل ٢٠١٩ - ٠٣:٠٥ بتوقيت غرينتش

انجلى الصخب الاعلامي حول عقد القمة العربية في تونس، قمة حملت اسم قمة التناقض العربي، وكيف لا والجميع شمّر عن ساعديه وبدأ بالدفاع عن الجولان " خطابياً "، وانتقد قرار ترامب، لكن صاحبة الارض مغيبة بفعل القرار الامريكي، والتواطئ العربي، نعم، كانت سوريا محورا رئيسياً في هذه القمة، لكن ليس من باب تراجع العرب عن اخطائهم بحق دمشق، بل من باب تزوير التاريخ والجغرافيا والحقائق، واضافة بند استنكار جديد لبيانها الختامي.

العالم - قضية اليوم

قمة الادانة العربية في تونس، جاءت بعد اندفاعات قوية لعودة العلاقات العربية العربية مع دمشق، وفتح بعض السفارات ابوابها، وتدفع الدفء في العلاقات مع البعض، الا أن كل ما حدث، اوقف بفعل النصائح الملزمة امريكياً، ظهرت مفاعيله بخطاباتهم المتناقضة في قمة تونس، فبعد استنكار قرار نقل السفارة الامريكية الى القدس واعتبارها عاصمة الكيان الغاصب، انتقل الجميع بخطابات الاستنكار نحو الجولان السوري، وبقيت اوراق القمة العربية مذيلة تواقيع زعماء لا يملكون الا تنفيذ قرار المحتل الامريكي والصهيوني، وتوثيق الاحتلال عبر عجزهم الذي لم يمر بتاريخ الشعوب والامم.

وبالطبع، نحن نعلم علم اليقين ان الجولان السوري المحتل، لا ينتظر اي موقف من قادة الدول العربية، ولا حتى يحتاج بيانات القمة واستنكار الزعماء، وكل ما يتمناه الشارع العربي والاسلامي ان يعيد العرب النظر بلغة الاستنكار والتنديد، علّهم يخرجون بمصطلحات جديدة، تتوافق مع الرؤية الامريكية الجديدة في المنطقة. فسوريا التي خرجت منتصرة في الحرب التي قادتها الولايات المتحدة الامريكية والكيان الاسرائيلي وبعض الدول العربية، هي من تشكل الفارق الحقيقي في القمم العربية، وبدونها تكاد تخلو الساحة العربية من اصوات تحمل قضايا الشعوب، لذلك كانت القمة في تونس تشبه من نفذ القرار الامريكي، لا لون ولا طعمة ولا رائحة، بل اضافت نسخة جديدة من بيان مكرر، ببند جديد وهو استنكار قرار ترامب الخاص بالجولان، واجترار سخيف للخلافات الشخصية القائمة بين من تسميهم شعوبهم بالزعماء، ما جعلها رقماً جديدا فقط في عداد القمم التي عقدت في السنين الفائتة.

إن القمة العربية التي عقدت ، مازالت تحمل صفة المكابرة السياسية، لعدد من الدول شاركت بشكل مباشر بالحرب على سوريا، وهُزمت فيها، ما يجعل هذه القمة تعقد على انقاض الكرامات لتلك الدول والتي تعتبر الاكثر انتاجا للدمار، فالارهاب فخر الصناعة السعودية، والذي خرج من تحت عباءته داعش والنصرة، وكانت تستهدف فقط دول محور المقاومة، على مساحة 14 مليون كيلو متر مربع، فالقمة هذه مازالت تقايض عروشها بالكرامة والارض والانسان، وتبحث دوما عن رضا السيد الامريكي، ولو على حساب فلسطين والمقدسات، فمن شهد لهم ترامب انهم ساقطون بلا حمايته، لا يملكون حتى حق ادارة الجلسة الافتتاحية، ومرتزقة البلاك ووتر يشهدون على ذلك، فمن لم توقظهم اصوات انتصارات الجيش السوري على ارهابهم الاعمى، لا يمكن ان يملكوا من يوقظهم من سكرات خسارتهم، ولو استعرضوا كثيرا في هذه القمم.

بالمحصلة، فإن سوريا ستبقى، المقياس الحقيقي والاكثر دقة، للشرف العربي والكرامة العربية، وهي وحدها من تحمل المخزون الهائل من التصدي للامريكي والصهيوني، والذي يغطي على معظم من حضروا القمة في تونس، ومن يقف بالخندق المقابل لها لا يمكن الا ان يكون في صف الاحتلال والظلم والاستكبار والاستبداد، ما يدفع الجميع لا يعول على هكذا قمة، هي الاضعف من ناحية التمثيل والقرار، وهي التي تستحضر العداء لايران، تنفيذاً للمشروع الامريكي الجديد في المنطقة، وتحاصر الشعوب، وتفرض اعادة فرز المنطقة بين مناصر للقضايا المحقة، وبين تابع لقوى الاستكبار والاحتلال، بمرتبة لا تتجاوز منفذ للاوامر.

حسين مرتضى