السودان بعد مليونية السادس من أبريل

السودان بعد مليونية السادس من أبريل
الأحد ٠٧ أبريل ٢٠١٩ - ٠٩:٤١ بتوقيت غرينتش

لعل اختيار تجمع المهنيين السودانيين والقوى المتحالفة معه ليوم السادس من أبريل/ نيسان لاعلان موكب الوطن الموحد او المليونية الكبرى التي توجهت الى مقر القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم، ينطوي على مدلولات كثيرة ورسائل مهمة خص بها الجيش في المقام الاول في محاولة ذكية منه لضم القوات المسلحة الى صف الثوار ضد حكم الرئيس عمر البشير.

العالم - قضية اليوم

فالمناسبة تعيد إلى الاذهان انتفاضة 6 أبريل 1985 حيث وقف الجيش الى جانب المنتفضين ضد نظام الرئيس الاسبق الراحل جعفر نميري واعلنت قيادته في تلك الحقبة موقفًا واضحًا لا لبث فيه ووفت بوعدها من خلال تنظيم انتخابات ديمقراطية اعقبت فترة انتقالية.

الشارع السوداني خرج اليوم في مسيرات ضخمة لم يشهدها من قبل ولجأ الى نفس الجيش لحسم المعركة ضد الرئيس البشير هذه المرة فهل سيتخذ قادة القوات المسلحة السودانية الموقف نفسه ام انهم سيقفون على الحياد؟

الاخبار التي تواترت من ارض النيلين وما عجّت به القنوات الفضائية والاسافير من الاخبار تشي باقتراب ساعة الصفر . وقد تداولت مواقع سودانية انباء متضاربة تقول ان كبار قادة الجيش في اجتماع مغلق لتحديد موقفهم من الحراك الدائر في الشوارع الآن.

تفائل الكثير من المشاركين في المليونية بالمواقف التي ابداها افراد القوات المسلحة وتعاملهم الذي وصفوه بالمحترم والمسؤول ازاء الحراك وقد اوردت مواقع التواصل صورًا للقوات المسلحة وهي تتصدى للشرطة وقوات الامن التي حاولت منع المحتجين من الوصول الى مقر القيادة العامة حيث اظهرت المشاهد طرد قوات الجيش للشرطة وقوات الامن من مكان التجمع وتهديدهم لتلك القوات باستخدام القوة في اشارة استقبلها المحتجون بالهتافات والتصفيق وردّدوا الشعار المحبب لدى جيشهم ، شعار ثورة أبريل "شعب واحد، جيش واحد". اضف الى ذلك تقديمهم الماء والوجبات الخفيفة للمحتجين، اشارات ربما فُسّرت على انها تعاطف ومقدمة لمواقف قد تليها، كما يمكن تفسيرها ايضًا على انها محاولة لامتصاص غضب المحتجين واخماد لهيب ثورتهم، وهذا الامر ستنجلي حقيقته خلال الساعات القادمة من خلال موقف قد يصدر من الجيش بين الحين والآخر.

المهم في الامر ان الاوضاع في السودان بعد مليونية السادس من أبريل لن تكون كما قبلها فقد اوضحت بشكل جلي حجم الشارع ومقدرته على التغيير ،كما انها بينت لأولئك الذين سخروا من تجمع المهنيين ومقدرته على تحشيد الشارع وقيادته وفق برنامج واضح الى اهدافه المنشودة، وهنا لايمكن غضّ النظر عن دور الاحزاب التقليدية لاسيما حزب الامة القومي بقيادة الصادق المهدي ودعوته للمشاركة في المليونية خلال خطبة الجمعة الاخيرة في مسجد الانصار بـ"ود نوباوي" وكذلك حركة الاخوان المسلمين التي دعت بدورها كوادرها والمنضوين تحت لواءها للخروج في المليونية. وكذلك حزب المؤتمر السوداني وكلمة رئيسه الجمعة الماضية ودعوة كوادره للانخراط في الموكب كما كان ايضًا هناك مواقف لمشائخ طرق صوفية دعوا خلالها للمشاركة الفاعلة في السادس من أبريل .

ان قُدّر لهذا الحراك ان ينتصر ويحقق اهدافه فسيكون لنا محطات اخرى نتوقف عندها للاضاءة على مرحلة ما بعد البشير وكيفية الخروج من عنق الزجاجة، وان كان العكس وقُدّر للرئيس البشير الاستمرار في الحكم فعليه ان يعمل بجد لرفع الظلم عن هذا الشعب الأبيّ واغتنام الفرصة لتصحيح مساره بإشراك كافة مكونات شعبه في صنع القرار السياسي والاستماع الى صوت الشباب وابعاد الفاسدين من قيادات حزبه واتاحة الفرصة لاصحاب الكفاءات من ابناء شعبه لقيادة المرحلة القادمة، وقبل هذا وذاك الدعوة لانتخابات مبكرة لاختيار رئيس للجمهورية بإشراف دولي، علها تطفئ غضب الشارع الثائر ضده وتحقن دماء ابناء شعبه.

مليونية السادس من أبريل ألقت مسؤولية كبيرة على عاتق قادة العمل السياسي في السودان بشقيها موالاة ومعارضة، فقد وفى الشارع بعهده وخرج كافة افراد الشعب من كبار وصغار ونساء ورجال وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة، والكل ينشد الحرية والسلام والعدالة، فعلى أولئك القادة الوفاء بما قطعوه على انفسهم تجاه هذا الشعب الصابر الأبيّ والخروج بالبلاد من أزمتها إلى برّ الأمان.

أسامة الشيخ