ماذا تعني زيارة وفد سعودي اماراتي للخرطوم ولقائه البرهان؟

ماذا تعني زيارة وفد سعودي اماراتي للخرطوم ولقائه البرهان؟
الأربعاء ١٧ أبريل ٢٠١٩ - ١٢:٣٨ بتوقيت غرينتش

منذ ان فشل الرئيس السوداني المخلوع عمر حسن البشير في تحويل كافة الجيش السوداني الى جيش يقتات على فتات البترودولارات السعودية من خلال تجنيد بضعة آلاف للمشاركة في تحالف العدوان على اليمن، بات واضحا أن الرجل لا مستقبل له مع وجود المتاجرين بأرواح الآخرين خدمة لتحقيق اهداف الأسياد.

العالم- تقارير

لم يع الجنرال البشير، الرسائل التي بعثها له تحالف العدوان السعودي الاماراتي على اليمن بدء من سخطهم عليه، مرورا بفرض المقاطعات والحظر الأمريكي على السودان، وإنتهاء بتشغيل الماكنة الإعلامية ضد نظامه ومحاولة ركوب موجة الإحتجاجات والإعتصامات التي عصفت بعرشه، لتلحقه بأقرانه الذين سبقوه الى العزل والتنحي.

ومع تفاقم الأوضاع على الساحة السودانية وقرار المحتجين محاصرة وزارة الدفاع، للضغط على نظام البشير العسكري، للتخلي عن الحكم، بلغت الأمور ذروتها، ما حمل بعض الجنود وضباط الجيش للنزول الى الشارع والوقوف الى جانب الثوار، الأمر الذي أشعر العسكريين بخطر تصدع جبهتهم أمام ثورة شبابية مصرة على التغيير. هذا التغيير حمل وزير الدفاع عوض محمد أحمد بن عوف على تشكيل مجلس عسكري لإدارة شؤون الدولة، لفترة انتقالية مدتها عامان تتبعها انتخابات رئاسية بعد إعلانه ازاحة البشير.

لكن هذا المجلس بدوره لم يصمد لقيادة عوض ابن عوف سوى ليوم واحد، حتى أصبح مجبرا على تسليم رئاسته للفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.

والفريق عبدالفتاح هو الذي أشرف على إستجداء بضعة آلاف (لا تتعدى الخمسة آلاف) جندي سوداني ليرسلهم لمحرقة الحرب المُستعرة ضد اليمن، و هو الذي أشرف شخصيًّا على اختيار الوحَدات الخاصّة، ولهذا لم يكُن من قبيل الصّدفة أن تُعلن القيادة السعوديُة منذ اليوم الأوّل لتولّيه الرئاسة عن إرسال مُساعدات “إنسانيّة” للسودان.

الى ذلك قال المجلس العسكري الانتقالي إن رئيس المجلس الفريق أول عبد الفتاح البرهان التقى وفدا سعوديا إماراتيا مشتركا رفيع المستوى، موضحا في بيان أن الوفد أعرب عن استعداده لدعم ومساندة السودان وشعبه في هذه المرحلة التاريخية المهمة.

ومع وصول الوفد السعوإماراتي للخرطوم ولقائه الفريق البرهان، إنكشفت كل اوراق المجلس العسكري الذي اراد مصادرة الثورة الشعبية العارمة ضد حكم العسكر، وبالرغم من ان صلب محادثات الفريق الثنائي الخليجي للسودان لم يكشف عنها حتى اللحظة كما لم يتم الكشف عن أسماء ولا صفات الشخصيات المكونة للوفد المشترك، إلا أنها باتت أوضح من كل واضح، بحيث التقى الوفد بعد لقاء البرهان، نائبه الفريق اول محمد حمدان دقلو حميدتي وقائد قوات الدعم السريع الذي بحث مع الوفد ما وصفها بالعلاقات المتميزة بين السودان والسعودية والإمارات، ليكون هو الآخر ضمن التيار الذي يريد رسم مستقبل السودان حسب المعطيات التي حملها الوفد الخليجي للخرطوم.

ويرى المراقبون ان إيفاد موفد من قبل المجلس العسكري الجديد للقاء القائم بالأعمال الأمريكي في السودان، بذريعة شرح اهداف المجلس وسياساته الإقليمية والخارجية المستقبلية، هو مؤشر واضح لإستجداء رفع العقوبات التي فرضتها واشنطن على السودان، وبالتالي إزالة اسم السودان من قائمة "الإرهاب" الأمريكية.

وبما ان التحالف السعوإماراتي بات أكثر الدول تبعا للسياسات الامريكية في المنطقة، وان هذا التحالف قد بارك وصول الإنقلابيين العسكريين للسلطة في السودان، فإنهما من المؤكد سيلعبان دورا رئيسيا في تحقيق الأهداف التي يطمح اليه المجلس العسكري بحكم علاقاتهما الوطيدة من بيت السماسرة، وسادة الإستعمار الحديث.

على صعيد آخر يبدو أن الأمم المتحدة هي الأخرى لا حول ولاقوة لها أمام المخطط الأمريكي، فهي الأخرى راحت تغير بعض مواقفها إزاء السودان، كإرسال مبعوث جديد له، ومد جسور للحوار مع المجلس العسكري، وقد تعتبره لاحقا الممثل الشرعي للسلطة في السودان.

هذه التطورات يرى المراقبون يدعمها إعلان رئيس المجلس العسكريّ السودانيّ الفريق الركن عبد الفتاح البرهان، بأنه سيركز على ارسال قوات سودانية للمُشاركة في الحرب على اليمن، حتى يحقق التحالف السعو إماراتي أغراضه كاملة.

وفي مخطط مسبق ومؤامرة مبيتة ضد الحراك السوداني الأخير، رفضت جوبا عاصمة "جنوب السودان" منح تأشيرة الإمارات لزوجة البشير وشقيقه عبدالله حسن البشير يوم الإثنين الماضي، طالبة منهم العودة الى عاصمة بلدهم "الخرطوم"، ليحصلوا على تأشيرة الإمارات منها.

كما ان بوادر الأمور والتحركات التي تشهدها اوغندا، الجارة السابقة للسودان تشير الى أنها تدرس إمكانية منح البشير لجوء سياسيا، كما اعلن وزير الدولة الأوغندي للشؤون الخارجية.

فكيف سيكون رد الشارع السوداني المستمر بإعتصاماته والرافض لعودة إستيلاء العسكر على السلطة حتى كتابة التقرير، وإلى أي مدى سيتمكن المجلس العسكري الحالي التظاهر بالاستجابة لبعض مطالب الشارع السوداني المنتفض، من أجل الحفاظ على النظام السياسي الذي يمثل الجنرالات فيه قطب الرحى؟

تساؤلات تجيب عليها الأيام القادمة، وإمكانية استمرار الشعب السوداني بمطالباته الشرعية.

*عبدالهادي الضيغمي