السودان.. اتفاق بين العسكر والمدنيين لتجاوز أكبر نقطة خلافية

السودان.. اتفاق بين العسكر والمدنيين لتجاوز أكبر نقطة خلافية
الأحد ٢٨ أبريل ٢٠١٩ - ١١:١٨ بتوقيت غرينتش

وسط دعوات لاستمرار الاعتصامات والاحتجاجات في السودان حتى تحقيق مطالب الشعب، اتفق قادة الاحتجاجات والجيش على تشكيل مجلس مشترك يضمُ مدنيين وعسكريين، بينما ندد الثوار بما سموه التدخل المصري في الشأن السوداني ومحاولة القاهرة إعاقة المسار الانتقالي.

العالم- تقارير

وجرى الاتفاق على تشكيل المجلس المشترك بعد اجتماع ضم المجلس العسكري ووفدا من قوى الحرية والتغيير (المدنيين)، وجاء استجابة لضغط المعتصمين المطالبين بتسليم السلطة للمدنيين.

ومن المقرر أن تتواصل الاجتماعات اليوم الأحد لتحديد أعضاء المجلس ونسب تمثيل كل طرف. واعتبر عضو الوفد المفاوض عن قوى التغيير عمر الدِقِير أنه تم تجاوز أكبر نقطة خلافية بين الطرفين.

هذا وأمام مقر قيادة الأركان وسط الخرطوم، تستمر المظاهرات والاعتصامات المطالبة باستكمال الثورة وتسليم السلطة للمدنيين.

وقال مصدر في المعارضة السودانية إن قوى التغيير والمجلس العسكري اتفقا على تشكيل مجلس رئاسي سيادي لإدارة الفترة الانتقالية، مضيفا أن المجلس سيتكون من عسكريين ومدنيين، دون تفاصيل إضافية.

وأكدت قوى إعلان الحرية والتغيير -قبل الإعلان عن الإتفاق وقبل جلسة الحوار- ثبات موقفها من تسليم مقاليد الحكم إلى سلطة مدنية انتقالية لمدة أربعة أعوام، وهو واحدة من أبرز نقاط الخلاف مع المجلس العسكري.

كما طالبت بأن تتكون هذه السلطة من مجلس سيادي مدني بتمثيل عسكري محدود، وبرلمان انتقالي يمارِس جميع السلطات التشريعية والرقابية، وحكومة مدنية بصلاحيات تنفيذية كاملة.

وفي وقت سابق، وافق الطرفان على إنشاء لجنة مشتركة لإعداد خارطة طريق للمرحلة المقبلة.

من جانب آخر نظم ناشطون سودانيون وقفة احتجاجية أمام مقر القنصلية المصرية في العاصمة الخرطوم.

ورفع المتظاهرون لافتات تندد بما وصفوه بتدخل السلطات المصرية في الشأن السوداني، وطالبوا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالكف عما اعتبروه تدخلا في شؤون بلادهم.

من جهة أخرى، أصيب خمسون من أعضاء حزب "المؤتمر الشعبي" السوداني، خلال اجتماع هيئة شورى الحزب في الخرطوم، بعد هجوم شنه متظاهرون عليهم.

وحطم المتظاهرون عشرات السيارات الخاصة بالمشاركين في الاجتماع. وتدخلت قوات الدعم السريع لحماية أعضاء المؤتمر المجتمعين، إثر مناشدتهم لفك الحصار الذي فرضه المتظاهرون عليهم داخل القاعة، غير أن قوات الدعم السريع اعتقلت 145 من أعضاء المؤتمر، ونقلتهم إلى السجن المركزي في كوبر دون معرفة السبب.

و"المؤتمر الشعبي" أسسه الراحل حسن الترابي، وهو أكبر الأحزاب التي كانت تشارك في حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، ويعتبره كثير من السودانيين امتدادا للنظام السابق، ويرفضون مشاركته في المرحلة الانتقالية.

وأدانت قوى "إعلان الحرية والتغيير" الاعتداء الذي تعرض له "المؤتمر الشعبي" بالخرطوم، داعية كل "صاحب مظلمة" ضد النظام القديم وحلفائه إلى اللجوء للقانون لا العنف.

في سياق متصل، نفى حميدتي، نائب رئيس المجلس العسكري وجود أي تفكير أو اتجاه لحل جهاز الأمن الوطني في البلاد.

وقال حميدتي، إن المطلوب حاليا هو إعادة هيكلته وترتيبه كجهاز قومي ووطني تحتاجه الدولة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخها.

ودعا إلى مصالحة وطنية عامة وشاملة يحتكم فيها الجميع للقانون، مشيرا إلى أن المجلس يستهدف ملاحقة الفاسدين والمفسدين.

وبعد أن عزل الجيش السوداني الرئيس عمر البشير يوم 11 أبريل/نيسان الجاري على وقع احتجاجات استمرت أربعة أشهر، دخل السودان مرحلة جديدة من الأزمة.

وشكل الجيش مجلسا عسكريا لإدارة المرحلة الانتقالية، لكن قوى الثورة تصر على تسليم السلطة للمدنيين وتطالب العسكر بالتفرغ لحماية الحدود والابتعاد عن الشأن السياسي.

وخلال الأسابيع الماضية، قدم الجنرالات بعض التنازلات وطردوا بعض المسؤولين وأعلنوا عن اعتقال آخرين، بمن فيهم اثنان من إخوة البشير، وأمروا بخطوات لمواجهة الفساد لكنهم رغم استعدادهم لقبول حكومة انتقالية مدنية، أصروا على أن تبقى السلطة النهائية في أيديهم حتى يتم إجراء الانتخابات بعد مدة تصل إلى عامين من الآن.

ويقبع البشير الآن في سجن كوبر شديد الحراسة حيث حبس الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة المعارض في السودان قبل 30 عاماً مع آلاف المعتقلين السياسيين.

وكان المهدي آخر رئيس حكومة منتخب قبل أن يطيح به البشير بانقلاب عسكري عام 1989.

وأكد "تجمع المهنيين السودانيين"، الجهة الرئيسية التي تنظم الاحتجاجات، عدة مرات، استمرار الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش إلى حين تسليم السلطة للمدنيين.

وفي سياق متصل، وزع مشرعون أميركيون ورقة حول تطورات الأوضاع في السودان على عدد من زملائهم بالكونغرس لجمع توقيعاتهم عليها تمهيدا لإرسالها لوزيري الخارجية والخزانة تنتقد الدول التي أيدت المجلس العسكري بالسودان، ويخص بالذكر السعودية والإمارات وتطالب بعدم الاعتراف بالمجلس العسكري، والضغط عليه للإسراع في تسليم السلطة لحكومة مدنية تمثل جميع السودانيين.

وحذرت صحيفة "فاينانشال تايمز" في تقرير إن الحلفاء الخليجيين للبشير يهددون بالحيلولة دون العودة للحكم المدني، وذلك بتقديم الدعم الاقتصادي للمجلس العسكري، الذي ينظر إليه المتظاهرون على أنه جزء من النظام السابق.

وقالت روزاليند مارسدن، سفيرة بريطانيا السابقة لدى السودان، للصحيفة إن الدعم الخليجي للمجلس العسكري "يُعتقد أنه يهدف في المقام الأول إلى بقاء القوات السودانية في الحرب في اليمن، وهو ما أكده المجلس العسكري سريعا".

ويقول التقرير إن المساعدات الخليجية الجديدة أغضبت المتظاهرين المدنيين الذين يرفضون حصول الحكومة العسكرية المؤقتة على دعم مادي أجنبي.

ورفض الاتحاد الأوروبي الاعتراف بالمجلس العسكري الانتقالي السوداني، ولكن الاتحاد الأفريقي، الذي يرأسه حاليا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مدد المهلة للمجلس العسكري المؤقت لتسليم السلطة لحكام مدنيين إلى ثلاثة أشهر.