فنزويلا.. ملابسات فشل المحاولة الانقلابية المدبّرة أميركياً

فنزويلا.. ملابسات فشل المحاولة الانقلابية المدبّرة أميركياً
الأربعاء ٠١ مايو ٢٠١٩ - ١٠:١٠ بتوقيت غرينتش

اتهم رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو كولومبيا والولايات المتحدة، بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد. وكذّب الرئيس مادورو مزاعم واشنطن بنيته المغادرة الى كوبا، فيما تترقب فنزويلا تنظيم مسيرتين حاشدتين اليوم الاربعاء لكل من أنصار مادورو وزعيم المعارضة المدعوم من الغرب خوان غوايدو.

العالم-تقارير

اتهم رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو كولومبيا والولايات المتحدة، بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد أمس الثلاثاء، مشيرا إلى أن معظم المشاركين في التمرد تم خداعهم.

وفي كلمة متلفزة ألقاها مساء أمس بحضور قيادة الجيش قال مادورو: "أنظار العالم أجمع كانت مشدودة لفنزويلا، التي قاومت اليوم محاولات الاستيلاء عليها من قبل الأوليجارشية الكولومبية والإمبريالية الأمريكية".

وفي وصفه للمحاولة الانقلابية، أشار مادورو إلى أن مجموعة صغيرة من العسكريين توجهت لأحد عقد المواصلات (جسر التاميرا) الذي يحاذي القاعدة العسكرية الجوية "لا كارلوتا"، حيث ادعى المتمردون الاستيلاء عليها، "لكنها كانت كذبة كبيرة، ولم يدخل أحد القاعدة ولم يستولوا عليها ولا على أي قاعدة عسكرية مطلقا".

وقال مادورو إن أكثر من 80% من المشاركين في هذه العملية تم خداعهم بإخبارهم أنهم متوجهون لعملية عسكرية في أحد السجون المتمردة، وأضاف: "عندما رأوا أن الأمر يتعلق بانقلاب عسكري انسحبوا، وكانوا يملكون ثماني عربات عسكرية ولكن نفس أفراد الجيش قادوا هذه العربات وعادوا بها إلى قواعدها الأساسية".

وصرح مادورو بأن مجموعة من العسكريين المشاركين في المحاولة الفاشلة، توجهوا للسفارة البرازيلية، وقال: "عندما رأوا فشلهم، توجهوا مع قيادات المعارضة السياسية للبحث عن سفارات تأويهم"، مضيفا أن التحقيقات فتحت في الأحداث الأخيرة وأن "أحدا لن يفلت من العدالة".

وفند الرئيس الفنزويلي ادعاءات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأنه كان على وشك مغادرة البلاد على متن الطائرة باتجاه كوبا وأن الروس أوقفوه، ووصف هذه المزاعم بأنها "كذب فاضح".

وقال مادورو "لم تشهد الولايات المتحدة من قبل مثل هذه الحكومة المجنونة... بولتون، وبينس، وبومبيو... كم من الحقد والكراهية في نفوسهم... إلى أي مستوى يمكن أن يصل عدم الإحساس، والجنون، والكذب، والتلاعب؟ في المساء قال بومبيو، إن لدى مادورو طائرة جاهزة للانطلاق ولكن الروس منعوه من مغادرة البلاد... من فضلك لا تتمادى في التفاهة يا سنيور!".

وقبل ذلك، زعم بومبيو أن مادورو حاول يوم الثلاثاء الفرار إلى كوبا وكانت تنتظره على المهبط طائرة جاهزة لحمله، ولكن ممثلي روسيا أقنعوه بعد القيام بهذه الخطوة.

هذا وهدد وزير الخارجية الأميركي، بالتدخل عسكريا في فنزويلا، معتبرا أنه لا مجال لبقاء مادورو.

وقال إن كل الخيارات مطروحة في التعامل مع الأزمة الفنزويلية، بما فيها الخيار العسكري، موضحا أن الجيش الأميركي قادر على تلبية رغبة الرئيس في حال اختياره الخيار العسكري للتعامل مع فنزويلا.

واتهمت واشنطن كوبا بتنفيذ عملية عسكرية في فنزويلا أمس الثلاثاء، مما أدى لترجيح كفة مادورو. وهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض حصار "شامل وكامل" على كوبا لدعمها الرئيس مادورو.

وقال ترامب في تغريدة على تويتر "إذا لم توقف القوات المسلحة والمليشيات الكوبية فورا العمليات العسكرية، وتلك التي تسبب موتاً وتدمر دستور فنزويلا، فسيتم فرض حصار كامل وشامل، إلى جانب عقوبات على أعلى مستوى، على جزيرة كوبا.. آمل أن يعود كل الجنود الكوبيين بسرعة وسلام إلى جزيرتهم".

وفي السياق، جدد قائد الجيش الفنزويلي دعمه للرئيس نيكولاس مادورو، وحمّل المعارضة مسؤولية حدوث أي أعمال عنف أو سفك دماء في البلاد.

وكان زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو اعلن الثلاثاء تلقيه دعم مجموعة “جنود شجعان” للاطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو.

وفي فيديو مسجل في قاعدة عسكرية جوية في كراكاس الذي يظهر فيه مجموعة رجال يرتدون بزات عسكرية وبثّ على مواقع التواصل الاجتماعي، قال غوايدو المدعوم من الولايات المتحدة، “استجاب اليوم جنود شجعان، وطنيون شجعان، رجال شجعان، إلى ندائنا”.

ودعت واشنطن الجيش الفنزويلي إلى الوقوف إلى جانب “الشعب” و”المؤسسات الشرعية”، حسب تعبيرها.

كما دعم الرئيس الكولومبي المحاولة الإنقلابية ودعا إلى دعم غوايدو. وطلبت كولومبيا اجتماعا عاجلا لمجموعة ليما حول فنزويلا، وهي مجموعة من دول اميركا اللاتينية إضافة إلى كندا تركز على فنزويلا.

وتصاعدت التوترات في فنزويلا هذا العام بعد أن أعلن غوايدو، رئيس البرلمان، في 23 كانون الثاني/يناير نفسه رئيسا بالوكالة بموجب الدستور. وادعى انه أعيد انتخاب مادورو عن طريق التزوير العام الماضي.

ومن المتوقع أن يخرج أنصار الرئيس مادورو وزعيم المعارضة المدعوم من الغرب خوان غوايدو إلى الشوارع اليوم الأربعاء للمشاركة في مسيرتين حاشدتين وصفها غوايدو بأنها ستكون "الكبرى" في تاريخ البلاد. ويحظى مادورو، الذي تولى السلطة من هوغو شافيز في 2013، بدعم العديد من الدول من بينها كوبا وروسيا والصين.

وزادت واشنطن ضغوطها الاقتصادية وفرضت عقوبات استهدفت حكومة مادورو وخفضت مبيعات النفط الفنزويلي الذي يعتبر مصدر الدخل الرئيسي للبلاد. وحذرت من أية محاولة لاعتقال غوايدو الذي بقي حرا يتجول في البلاد ويعقد التجمعات.

ردود أفعال دولية

وعبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ من التطورات في فنزويلا، ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب العنف، مؤكداً أن الأمم المتحدة على تواصل مع الأطراف المعنية.

بدوره قال رئيس مجلس الأمن الدولي، السفير الألماني كريستوف هويسجن، إن المجلس يتابع الوضع في فنزويلا عن كثب، ولم يتلق حتى اللحظة أي طلب لعقد جلسة طارئة.

ايران قالت بأنه لايمكن للاضطرابات والفوضى أبداً أن تكون طريقاً للحل السياسي في فنزويلا. واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي ان أفضل طريق للحل في فنزويلا إقامة حوار وإنشاء الآليات اللازمة بين كل الاطراف لحل مشاكل الشعب عبر قوى ملتزمة ووفية لتطوير وازدهار البلد تحت إشراف الحكومة. واشار موسوي الى أن ايران تتابع بدقة التطورات التي تجري في فنزويلا.

هذا وعقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جلسة طارئة لمجلس الأمن الروسي بهدف بحث آخر التطورات في فنزويلا عقب محاولة الانقلاب الجارية بهدف إالاطاحة بمادورو.

وقال الناطق الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف إن “بوتين ترأس اليوم اجتماعا لمجلس الأمن الروسي بحضور الأعضاء الدائمين، حيث تم إيلاء الكثير من الاهتمام في الاجتماع للوضع في فنزويلا في ضوء الأنباء الواردة عن محاولة انقلاب في هذا البلد على الحكومة الشرعية المنتخبة”.

كما قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن الحل الوحيد للأزمة في فنزويلا هو عبر الوسائل السياسية والسلمية والديمقراطية، مضيفة أن الاتحاد يرفض جميع أنواع العنف، ويدعو إلى ضبط النفس لتخفيف التوتر وتجنب الخسائر في الأرواح.

من جانبها صرّحت المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية إيزابيل سيلا أمام الصحافة “ندعم عملية دبلوماسية سلمية وطلبت “الدعوة إلى انتخابات فورا”.

من جهتها قالت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند إنه يجب ضمان سلامة زعيما المعارضة ليوبولدو لوبيز و خوان غوايدو.

ولجأ زعيم المعارضة السابق في فنزويلا ليوبولدو لوبيز برفقة عائلته إلى سفارة تشيلي في العاصمة كراكاس. فيما أغلقت السفارة البريطانية أبوابها في العاصمة الفنزويلية كاراكاس الثلاثاء، في ظل محاولة الانقلاب على الحكم.

وبحسب المحللين، فإن محاولة الانقلاب العسكري المدبرة أميركيا في فنزويلا محكومة بالفشل. فلم تدعم أمريكا حركة معارضة مسلحة تتحدّى الشرعية الوطنية طوال العقود الأربعة الماضية إلا ومُنيت بالهزيمة، وإذا وصلت إلى الحكم فلم تُعمّر فيه طويلًا، وإن عمّرت ففوق بركان دولة فاشلة، والقائمة طويلة، والمعارضة الفنزويلية لن تكون استثناء.