ازمة انتقال السلطة في السودان

ازمة انتقال السلطة في السودان
السبت ٠٤ مايو ٢٠١٩ - ٠٧:٢٠ بتوقيت غرينتش

أزمات كثيرة تحيط بملف انتقال السلطة في السودان فما بين مخاوف من تشبث العسكر بالسلطة وانتشار الميليشيات المسلحة وتقاطع مصالح دول اقليمية مع المشهد السياسي، يخشى البعض من أن الطريق للديمقراطية في السودان لن يكون مفروشا بالورود.

العالم - قضية اليوم

طرحت قوى اعلان الحرية والتغيير والتي تقود المشهد الثوري في السودان ما أسمته بالوثيقة الدستورية قدمت فيها رؤيتها لصلاحيات ومهام المؤسسات في الدولة خلال المرحلة الانتقالية وامهلت المجلس العسكري اثنين وسبعين ساعة للرد تنتهي اليوم السبت . ودعت القوى في رؤيتها إلى تشكيل مجلس السيادة بالتوافق مع المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد حاليا. وحدد الإعلان مدة الفترة الانتقالية بأربع سنوات بدءا من تاريخ دخول الدستور الانتقالي حيز التنفيذ. كما أشار الإعلان إلى أن القوات المسلحة تخضع لقرارات السلطتين السيادية والتنفيذية، وأن أعضاء السلطة التشريعية يتم تعيينهم بتوافق الموقعين على إعلان الحرية والتغيير. وشدد إعلان قوى الحرية والتغيير على أن تتم مراعاة تمثيل القوى المشاركة في التغيير في عضوية المجلس التشريعي. وأوصى الإعلان بأن يتولى مجلس الوزراء الانتقالي صلاحية إعلان الطوارئ ووضع السياسة العامة للدولة. وفي مؤتمر صحفي عُقد مساء الخميس، قال ممثلو قوى الحرية والتغيير إن الوثيقة التي قدموها قابلة للمناقشة والتعديل، وإنهم منفتحون على أي مقترحات بشأنها من المجلس العسكري.

ويدور الجدل حالياً بين قوى الثورة والمجلس العسكري الذي يحكم البلاد حول عدة نقاط أهمها طول الفترة الإنتقالية وحجم صلاحيات المجلس الإنتقالي ومن سيكون بيده إدارة الوزارات السيادية إلى جانب حجم التمثيل ما بين مدني وعسكري ورشحت معلومات تفيد بان لجنة وساطة وطنية بقيادة الصحافي فيصل محمد علي ورجل الاعمال اسامة داوود وعدد من النشطاء قد تواصلت مع العسكري وقوى الحرية والتغيير وافادت بانها توصلت الى شبه موافقة من العسكر على تشكيل مجلس سيادة مدني يتألف من عشرة اعضاء سبعة منهم مدنيين وثلاثة عساكر وبالمقابل تشكيل مجلس عسكري امني من عشرة اعضاء ايضا سبعتهم عساكر ويقتصر تمثيل المدنيين على ثلاثة هم رئيس وزراء الفترة الانتقالية ووزير خارجيته وماليته. واشارت المصادر الى احتمالية موافقة الطرفين على ماتم التوصل له من قبل لجنة الوساطة.

ويشير باحثون وخبراء إلى وجود تقاطعات لمصالح إقليمية ودولية في المشهد السياسي السوداني، الامر الذي قد يتسبب في اشتعال الأوضاع في أي وقت ، ويدور حديث متكرر حول دور المحور المصري ـ الإماراتي ـ السعودي في محاربة فكرة تغيير أنظمة الحكم وإقامة دول ديمقراطية من خلال الثورات. التحالف انف الذكر يعمل ليس فقط على محاربة فكرة الديمقراطية وإنما على منع حضور أي تواجد إسلامي في المشهد السياسي لاسيما مصر التي لن تسمح بذلك في جوارها الاستراتيجي. ويخشى التحالف المصري السعودي الاماراتي كذلك من امتداد النفود القطري التركي في السودان خاصة بعد الاتفاقيات الضخمة التي كان قد وقعها الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير مع نظيره التركي طيب اردوغان، كما يخشى التحالف من سحب القوات السودانية التي تساهم بأعداد كبيرة في حرب اليمن، ما يربط القادة الأمنيون والعسكريون في السودان بعلاقات قوية مع القاهرة وابوظبي والرياض . ويساور البعض القلق ألا تتوقف محاولات تكرار النموذج المصري في السودان وليبيا والجزائر ، هو نموذج صعود رجل عسكري قادر على إنفاذ أجندته ورؤيته مهما كلف الأمر ومهما كان الثمن بدعوى حفظ وحدة البلاد، وأن التغيير الحادث تسبب في فوضى وأنه هوالوحيد الذي يملك مفاتيح.

تنتشر في السودان الكثير من الفصائل والميليشيات المسلحة يتهم بعضها في فظاعات وجرائم ضد الإنسانية خصوصا في دارفور. ومع هشاشة المشهد السياسي الحالي في البلاد يخشى من استخدام هذه الميليشيات كورقة يلعب بها البعض لتحقيق أهدافه. وتحسباً لأمر كهذا، أكد قادة قوى الحرية والتغيير أن الإدارة المدنية التي يرغبون في تشكيلها يجب أن تشتمل على ممثلين للجماعات المسلحة التي أمضت سنوات في القتال ضد الخرطوم خلال حكم الرئيس المخلوع البشير وقد قوبلت الخطوة بالترحاب من قبل بعض هذه الجماعات ، حيث اعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال ايفاد القيادي ياسر عرمان في بادرة حسن نوايا.

اسامة الشيخ / العالم